شارك "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية" في تحقيقٍ لمجلة «الأهرام العربي» المصرية حول مستقبل القواعد العسكرية في أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث استعانت المجلة بتصريحات للباحثة أسماء الصفتي الباحثة غير المقيمة في مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، بشأن الآفاق المستقبلية للقواعد العسكرية. وأكدت الباحثة أن الوجود العسكري متباين في طبيعته بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وأن هذا الوجود العسكري ينتمي إلى أكثر من 15 قوى إقليمية ودولية؛ من أجل تأمين أنشطتها الاقتصادية في القارة الأفريقية ككل – وذلك على غرار الصين – أو لتقديم خدمات أمنية، أو لتأمين مصالحها السياسية وموازنة وجود القوى المنافسة لها في هذه المنطقة، ومحاربة الأنشطة الإرهابية.
وأوضحت أسماء الصفتي حجم وطبيعة الوجود العسكري لهذه الدول بالمنطقة وآفاقها المستقبلية؛ حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة دائمة في جيبوتي، ومنشأة للقوات الجوية في النيجر، وقوات عسكرية في كينيا والصومال، بما في ذلك النيجر وتشاد والسنغال وبوركينا فاسو وغانا وجنوب السودان، والكاميرون، والجابون، وأوغندا، وقد قدمت واشنطن الدعم اللوجستي لعمليات مكافحة الإرهاب الفرنسية في مالي.
وحول اعتماد روسيا بشكل كبير على مجموعة «فاجنر» لتعزيز مصالحها العسكرية والأمنية في القارة؛ أكدت الباحثة في مركز إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، أن هذه المجموعة تشارك في تدريبات العناصر الشرطية والعسكرية المحلية ببعض دول القارة، كما أنها تقوم على رعاية وتأمين عدد من الأنشطة الاقتصادية القائمة بهذه الدول، بتنسيق وتعاون مع النظم الحاكمة، خصوصاً الأنشطة المرتبطة باستخراج الطاقة والتعدين، ومن المحتمل أن تسعى موسكو إلى تدشين المزيد من القواعد في عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن انشغالها في الحرب الأوكرانية قد يدفع الحكومة الروسية إلى تأجيل بعض هذه الخطط.
وأشارت إلى أنه برغم عدم امتلاك الصين سوى قاعدة واحدة في جيبوتي، فإن وسائل الإعلام الأمريكية أكدت في تقارير سابقة لها، أن الصين تسعى إلى تدشين قواعد أخرى في عدة دول أفريقية، بما في ذلك أنجولا وغينيا الاستوائية وكينيا وناميبيا وسيشيل وتنزانيا. وفيما يتعلق بفرنسا إحدى أكبر الدول المنخرطة عسكرياً في القارة الأفريقية، فإنه مع مغادرة قواتها من مالي في أغسطس 2022، وجمهورية أفريقيا الوسطى في ديسمبر 2022 وبوركينا فاسو في فبراير 2023، فإن وجود باريس العسكري في أفريقيا جنوب الصحراء اقتصر على قواعدها الدائمة في الجابون والسنغال وكوت ديفوار، ومع ذلك يرجح الإعلام الفرنسي إقدام الحكومة على تقليص هذا الوجود، خصوصاً مع تصاعد حدة الانتقادات، ورفض المجتمعات الغربية الوجود الفرنسي في القارة بأي شكل كان.
وأكدت الباحثة في مركز إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، أن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى – وعلى رأسها ألمانيا وإيطاليا، بجانب إسبانيا وبلجيكا – عملت بشكل محدود، على تعزيز وجودها العسكري في القارة الأفريقية، خصوصاً دول أفريقيا جنوب الصحراء؛ وذلك تحت شعار محاربة الإرهاب. ويرجع ذلك إلى تصاعد الاهتمام الأوروبي بهذه المنطقة؛ نظراً إلى حالة المنافسة القائمة فيما بين دول الاتحاد بعضها وبعض، خصوصاً فرنسا وألمانيا، بجانب تخوف هذه الدول من النفوذ الروسي المتصاعد في المنطقة؛ هذا بجانب مشاركة ألمانيا في العملية العسكرية الأوروبية التي قادتها فرنسا في مالي، مع إعلان برلين عن رغبتها في إنهاء وجودها العسكري بمالي بحلول عام 2024، ونقل قواتها إلى دول الجوار، على غرار النيجر التي تحتضن عاصمتها قاعدة ألمانية للنقل الجوي لجأت إليها برلين لتوفير الدعم للقوات الدولية في مالي.
المصدر:
محمد الطماوي، في ظل صراع دولي محتدم.. مستقبل القواعد العسكرية في أفريقيا جنوب الصحراء، مجلة الأهرام العربي، في 29 سبتمبر 2023.