القوى المحركة:

عقد "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية"، حلقة نقاشية بعنوان "القوى المحركة: كيف يمكن فهم الانقلابات العسكرية الأخيرة في أفريقيا؟"، وهي الحلقة التي استضاف المركز خلالها د. صامويل راماني محاضر العلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد والزميل المشارك بمؤسسة الخدمات الملكية المتحدة في بريطانيا.

سمات مشتركة

استعرض المتحدث الرئيسي بعض السمات المشتركة للانقلابات الأخيرة في بعض البلدان الأفريقية، وذلك على النحو التالي:

1- استهداف الانقلابات كافة نُظُم الحكم في أفريقيا: أوضح المتحدث الرئيسي أنه بشأن الانقلابات التي وقعت منذ عام 2019، فإنها تتماثل في بعض الجوانب وتختلف في جوانب أخرى، كما شاهدنا في الانقلابات التي وقعت في الجابون ضد علي بونجو الذي فاز مؤخراً في الانتخابات الرئاسية هناك، ولكن عائلته حكمت الجابون لقرابة نصف قرن مقارنة بالرئيس المنتخب ديمقراطياً في النيجر محمد بازوم. وبغض النظر عن طبيعة الحكم، فإن هذه الانقلابات العسكرية تستهدف جميع أنماط الحكم، سواء كان حكومة منتخبة ديمقراطياً أو رئيساً استبدادياً أو رئيساً منتخباً انتخاباً ديمقراطياً. وأضاف: "شهدنا في مالي هذه الانقلابات في الفترة بين عامي 2020 و2021 وفي بوركينافاسو شهدنا انقلاباً أيضاً بقيادة القائد إبراهيم تراوري البالغ من العمر آنذاك 43 عاماً، وفي النيجر شهدنا الإطاحة بمحمد بازوم وتقلد قائد الحرس الرئاسي الحكم بعد ذلك؛ حيث تشترك هذه الانقلابات جميعاً في أنها لا تفرق بين نظام حكم وآخر".

2تعدُّد المحفزات الداخلية للانقلابات في أفريقيا: ذكر المتحدث الرئيسي أن أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة قال إن الأسباب الرئيسية للانقلابات في أفريقيا متعددة، ومنها الفقر والبطالة وسوء التوزيع الجغرافي والديموغرافي وبعض الأسباب الداخلية والأسعار الاقتصادية، وأيضاً عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانقلابات؛ لأن عدم وجود رادع للانقلابات يسهل على العسكر في الدول المجاورة القيام بانقلابات مماثلة، ومن ثم فإن الانقلابات تحدث بسبب تضافر عدة عناصر بعضها مع بعض؛ ففي السودان توجد بعض العناصر الداخلية؛ أولها نسبة الفقر والبطالة، وفي النيجر مئات العوامل تؤدي إلى حدوث انقلابات؛ فهي ثالث أفقر دولة في العالم ونسبة البطالة فيها عالية جداً، كما أن نحو 40% من الميزانية تعتمد على المساعدات الخارجية".

وأضاف أن "النيجر لديها كل هذه العوامل مقارنة ببعض الدول الأخرى، ولكن هناك نوعاً من المفارقة المثيرة للاهتمام؛ أنه دائماً ما تكون فترات الانقلابات هي فترات بها نوع من الاستقرار والنمو الاقتصادي، ثم يلي الانقلاب سوء في الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وينتشر العنف السياسي. ولعل مالي الذي ازداد فيها عدد الضحايا المدنيين وازدادت أيضاً عمليات التطهير العرقي في بعض هذه المناطق خير مثال على ذلك، كما أن الانفجار الديموغرافي ومشكلات التعليم والصحة وتقدم سن الرؤساء أدت الى انتشار الانقلابات ومن ثن فإن كل هذه الأمور تشكل وتصنع معاً مشهد الانقلابات".

3تحوُّل سياسات مكافحة الإرهاب بالتزامن مع الانقلابات: أوضح المتحدث الرئيسي أن الانقلابات ستسبب تحولاً في سياسات مكافحة الإرهاب، وأن هناك تحديات سيواجهها القادة الجدد في النيجر على سبيل المثال، منها كيفية حصولهم على المعلومات الاستخباراتية وكيفية حصولهم على الأسلحة؛ لذا قد تشهد الدولة حالة من الفراغ الأمني وغياب الدعم الأمني من دول أخرى، خاصة أن روسيا تحاول تخصيص مواردها للحرب في أوكرانيا، كما أن قوات فاجنر لن تتدخل كذلك، وفرنسا تحاول الخروج ومن ثم ستضطر الولايات المتحدة إلى وقف دعمها في الاستطلاع للقوات الفرنسية، وستجد النيجر نفسها ضعيفة للغاية في مواجهة الهجمات الإرهابية المتدفقة من دول مجاورة، كما سيحاول جيش النيجر التوسع، استجابةً لتلك التطورات وتوسيع عدد قواته، لكن على الأرجح ليس بالشكل المطلوب لمواجهة الأخطار التي ستواجهه.

وأضاف: "أما أنظمة الانقلاب الأخرى، فهي ما زالت تصارع مع النشاط المتزايد للجماعات الإرهابية، وفي مالي حتى مع الدعم الروسي؛ فقد واجهت هجمات إرهابية عديدة منها هجوم على إحدى قواعد فاجنر، والنيجر هي الأكثر عرضة الآن للهجمات الإرهابية؛ لذا أعتقد أنه ربما ستعقد مباحثات مع ممثلي هذه الجماعات، وهو الأمر الذي تدعمه منظمات المجتمع المدني هناك؛ حيث إن التوصل إلى تسوية مع تلك الجماعات هو السبيل الوحيد للنجير في ظل غياب الدعم الأمني الخارجي، وإن لم يحدث ذلك فربما نشهد انقلاباً على الانقلاب الحالي".

 4- ظهور حركات اجتماعية ضد الحكومات في القارة: كشف المتحدث الرئيسي أن هناك عوامل أخرى لقيام الانقلابات، مثل ظهور حركات اجتماعية ضد الحكومات كما حدث في النيجر بعد شهر أبريل 2022؛ عندما قام بازوم بالتعديل الدستوري لتمديد فترة رئاسته وهو يبلغ من العمر 62 عاماً. وبالرغم من أنه كان يقدم نفسه على أنه يحارب الإرهاب، فإنه لم يكن جاداً في الأمر، ومن ثم لم يحدث أي تقدم في ملف محاربة الإرهاب في النيجر؛ ما زاد نقمة الحركات الاجتماعية ضده وضد الفرنسيين على حد سواء. لم يكن محمد بازوم هو من يتحكم في الانتخابات، ولكن الجنرالات العسكريين هم من كانوا يقررون النتائج، ومن ثم كان هناك الكثير من التدخلات في هذا الأمر من فرنسا وعلاقات النيجر بالدول الخارجية.

5تعدُّد محاولات الانقلاب غير الناجحة في القارة: ذكر المتحدث الرئيسي أنه من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار وقوع عدة محاولات قبل هذه الفترة، ولكنها لم تنجح في الجابون؛ إذ كانت هناك عدة محاولات للانقلاب على الرئيس بونجو. ومن المفارقة أن رئيس الحرس الرئاسي الجنرال نجيما هو من أحبط هذه المحاولة، كما كانت هناك عدة محاولات انقلاب على علي بونجو في 2019، ولكنها أحبطت جميعاً، كما أعلنت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو عن إحباط محاولة انقلابية، في سبتمبر 2023 ضد النقيب "إبراهيم تراوري". ولقد سيطر العسكر على السلطة من الحكومة المدنية في نحو 214 انقلاباً منذ عام 1950 حتى 2022، نجحت منها 106 محاولات وفشل منها 108 وكانت هذه أعلى نسبة من نجاحات الانقلابات على الإطلاق.

6صعوبة إحباط الانقلابات الأفريقية بشكل كبير: بحسب المتحدث الرئيسي فإنه من المثير للاهتمام فيما يتعلق بالقدرة على الصمود ضد الانقلابات في أفريقيا، أن الانقلابات التي تحدث في أفريقيا يصعب إيقافها أو إحباطها؛ فلديها القدرة على النجاح والصمود كما شاهدنا في مالي وبوركينا فاسو، حتى ما حدث في مالي وقيل إنها كانت فترة انتقالية لمدة خمس سنوات أو ثلاث سنوات. والسودان تحاول أن تصل الى اتفاق دستوري، ولكن هذا الانقلاب قد يأخذ صورة أخرى؛ فمن الممكن أن ينجح وتفشل التجربة في السودان.

7عدم استبعاد استمرار موجة الانقلابات في القارة: بحسب المتحدث الرئيسي فإن العديد من الدول التي كانت عُرضة للانقلابات قد شهدت انقلابات بالفعل، "وقد تحدثنا عن معظمها وعلينا التفكير في خطورة تكرار الانقلابات، مثل بوركينا فاسو مالي والسودان، أو أن يحدث انقلاب على الانقلاب في النيجر وندخل في سلسلة من الانقلابات. قد يؤدي هذا الأمر إلى عنف سياسي في النيجر، خاصة أننا نشهد بالفعل بعض المناوشات على حدود النيجر وهي المناوشات التي أسفرت عن مقتل عدة أشخاص، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب العقوبات المفروضة على النيجر والحرب الجارية في أوكرانيا.

مركزية موسكو

ركزت الحلقة النقاشية على مركزية الدور الروسي في موجة الانقلابات في أفريقيا، وذلك على النحو التالي:

1تباين استجابة روسيا للانقلابات في أفريقيا: وفق المتحدث الرئيسي فإن هناك تبايناً في تعامل روسيا مع الانقلابات؛ ففي السودان، شعرت مجموعة فاجنر بالإحباط تجاه الانقلاب الذي وقع عام 2019، وأضاف: "في مالي، حاولت مجموعة فاجنر أيضاً السيطرة على مناجم الذهب هناك، لكنها لم تستطع تحقيق ذلك؛ فالمشكلة الأكبر التي تواجه فاجنر حالياً في مالي بعد الانقلاب هي أن الموارد الروسية يجب أن يتم توجيهها إلى أوكرانيا؛ لذا لم تحصل على ذخائر أو معدات لفترة طويلة أو أي أسلحة ثقيلة، لكن تغير الوضع الآن بعودة وزارة الدفاع الروسية للتحكم في الأمر، وربما قد يتحسن الوضع هناك". أما في النيجر فتجد قوات فاجنر صعوبة للسيطرة عليها أمنياً؛ وذلك لعدة أسباب، منها أن سجل محاربتهم للإرهاب في مالي، الذي تجاور النيجر، سيئ للغاية، علاوةً على أن الجيش هناك ليس على دراية باستخدام التقنيات الروسية.

2تصاعد الانخراط الروسي على حساب فرنسا في القارة: وفق المتحدث الرئيسي، فقد شاهدنا في السنوات الأخيرة انتشار الحرب بالوكالة بين روسيا وفرنسا في أفريقيا؛ ما أدى الى انتشار الانقلابات في هذه المنطقة، وفي الوقت الذي تضعف فيه فرنسا وحلفاؤها، يحل محلهم روسيا وحلفاؤها، وقد حدث ذلك في مالي والجابون. وقد شاهدنا مؤخراً إصرار السفير الفرنسي على عدم الاعتراف بالحكومة المالية الجديدة، فيما استغل الروس ذلك وأسسوا علاقات قوية مع السلطات المالية الجديدة، وأبرموا عقوداً جديدة معها. وبالإضافة إلى ذلك، تصدِّر روسيا الحبوب والغاز إلى مالي.

3- تزايد القوة الناعمة الروسية داخل البلدان الأفريقية: أضاف المتحدث الرئيسي أن "ثالث الأماكن التي حلت فيها روسيا محل فرنسا هي بوركينا فاسو؛ إذ رأينا الأعلام الروسية تظهر بعد السيطرة على الحكم، وشاهدنا ذلك أيضاً في دول أخرى، فضلاً عن تصريحات بوركينا فاسو التي قالت فيها إنها تفضل وجود قوات روسية على القوات الغربية، كما أن هناك وسائل إعلام روسية تنشر برامج ضد الاستعمار وتنشر أخبار دخول قوات فاجنر إلى بوركينا فاسو خلال انتخابات ديسمبر 2022، كما شاهدنا ذهاب إبراهيم تراوري إلى القمة في جوهانسبرج ووقوفه بجانب رئيس الوزراء الروسي. وقد حدث انقلاب آخر في النيجر؛ حيث استولى الجنرال تشياني على السلطة من محمد بازوم، وتبع ذلك ظهور كثيف للأعلام الروسية في الشوارع، وقد رحب القادة الروس بهذا الانقلاب".

وذكر أن روسيا "استثمرت كثيراً في وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفرنسية، ولديها مكاتب إعلامية تتحدث الفرنسية في تونس وتحاول توصيل وسائل الإعلام حتى جوهانسبرج. كما أن لدى روسيا قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية التي تنافس الجزيرة والعربية وأحياناً تقدم بعض البرامج أفضل منهما؛ لأنها مرحب بها في مثل هذه المناطق". وأكد أنه "ليس من قبيل المصادفة أن نشهد عدم ترحيب بوجود فرنسا وترحيباً بالوجود الروسي في إفريقيا. وخير مثال على ذلك صورة قائد مجموعة فاجنر التي كانت تُرفع عالياً من قبل المتظاهرين في الشوارع. ومن جهة أخرى، هناك الكثير من التظاهرات التي قامت ضد بازوم لأنه ينتمي إلى قوى الحقبة الاستعمارية ومن ثم فهو لعبة في يد الفرنسيين؛ لذلك، كان التدخل الفرنسي في غرب أفريقيا مرفوضاً بأي شكل. كل هذه الأمور يجب أن ندركها وندرك أيضاً أن وسائل الإعلام الروسية تروج لها".

4- استعراض للقوة العسكرية لمجموعة "فاجنر" الروسية: كشف المتحدث الرئيسي أن "مجموعة فاجنر ورئيسها السابق يفجيني بريجوجين استعرضوا قوتهم في أفريقيا، وأن ما تفعله الحكومة الروسية هي أنها تركز على الفساد في أفريقيا مثلما فعلت مع حكومة علي بونجو وبعض الحكومات الأخرى. وقد شاهدنا ذلك في المناطق التي حدث فيها الانقلابات، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، كما اتُّهم الروس بأنهم يهربون أسلحة إلى الصومال". كما أضاف أن "روسيا تحفز الحرب في أفريقيا وتسرِّع الانقلابات في هذه المناطق. وقد وجدنا أدلة على تدريب القوات الروسية لبعض القوات والضباط الأفارقة، وهو أمر يجب أن نضعه في الاعتبار: أن لدى الروس وجوداً عسكرياً فيما يزيد عن عشرين دولة أفريقية على شكل مذكرات تفاهم أو قوات تدريب. وهذا الأمر يرتبط أيضاً بالوجود الروسي في هذه المنطقة. وقد أعرب رؤساء بعض الدول الأفريقية وبعض المسؤولين في الكونجرس الأمريكي عن قلقهم إزاء هذا الأمر".

ارتباك غربي

استعرض المتحدث الرئيسي طبيعة التعاطي الغربي مع الانقلابات في القارة الأفريقية، وذلك على النحو التالي:

1تعامل الغرب بحذر من الانقلابات في القارة: وفق المتحدث الرئيسي، يتعامل الأوروبيون والأمريكيون مع الانقلاب بحذر حرصاً على مصالحهم الاقتصادية، ولكن الروس يتدخلون ويفرضون وجودهم بشكل واضح. عندما ننظر إلى الجابون، فإن الأمريكيين لا يريدون التدخل حفاظاً على العلاقات الثنائية. أما العلاقات الفرنسية فقد تأثرت وطلبوا من السفير مغادرة البلاد. وفي بوركينا فاسو لا تزال الشركات الفرنسية تواصل أعمالها هناك لأنها في المقام الأول شركات تجارية وتريد أن تحقق الأرباح وتحافظ على مصالحها الاقتصادية، ومن ثم فإن رفض الانقلاب قد لا يكون مجمعاً عليه من قبل الكل، ولكن قد يقبل البعض الانقلاب حفاظاً على مصالحهم؛ فالولايات المتحدة أدانت الانقلاب في النيجر، فيما تعاملت معه بحذر في الجابون ولم تُدِنْه بوجه عام. ومن ثم علينا أن نضع ذلك في الاعتبار. لقد تحدثنا كثيراً عن التدخل في النيجر وبعض القادة النيجريين والرئيس النيجري وإن كان مجلس النواب يريده أو لا، ولكن هناك نوع من عدم الإجماع حوله".

2تركيز أمريكي على حماية الاستثمارات في القارة: بحسب المتحدث الرئيسي: "سيطرت على الولايات المتحدة فكرة واحدة وهي الاستثمار. كيف يمكن منع حدوث الانقلاب لحماية استثماراتها؟ هناك كثير من المراكز البحثية التي تهتم بالتركيز على ذلك ودراسة هذه الانقلابات واستخلاص الدروس المستفادة، حتى يتم منع تكرار هذه الانقلابات في دولة أو أخرى وكيف يمكن الحيلولة دون وقوعها بعد ذلك. كما تركز الولايات المتحدة على أنه يجب على مستثمريها ضخ الاستثمارات في هذه الدول".

3خلافات بين واشنطن والغرب حول التعامل مع الانقلابات: أشار المتحدث الرئيسي إلى أن الخلافات بين الولايات المتحدة والغرب، لا سيما فرنسا، حول التعامل مع الانقلابات ليست جديدة من نوعها؛ فهي تعود إلى الحرب الباردة. خلال تلك الفترة كان هناك العديد من الانقلابات في بعض الدول بسبب تمكين قائد عاصمة الدولة من الحكم ومساعدة فرنسا وأمريكا بعض الانقلابات بذريعة منع الشيوعية من التحكم في السلطة وانتشارها؛ فقد كان هناك توافق بين فرنسا وواشنطن في تلك الفترة، وبدأت الاختلافات بينهما في مطلع الألفينيات؛ حين رأت الولايات المتحدة أن السبيل الأمثل لمحاربة الانقلابات هي تعزيز الديمقراطية وتنمية المجتمع ودعم حقوق الإنسان، بينما مال الفرنسيون إلى دعم بعض الأنظمة الدكتاتورية، واتضح ذلك في دعم فرنسا عدة دكتاتوريين على غرار مالي.

وأضاف أنه "لا تعتبر فرنسا وأمريكا على خلافات طوال الوقت؛ لأنه في النيجر على سبيل المثال سنجد أن لديهما دوافع مشتركة، وهناك تنسيق مشترك حول أدوارهما إلى حد كبير؛ حيث يقوم الفرنسيون بالتدرب بجانب الأمريكيين، كما أن الفرنسيين منخرطون إلى حد كبير في استهداف القادة الإرهابيين، بينما تقوم الولايات المتحدة بمهام أخرى داعمة مثل الاستطلاع والمراقبة؛ لذا على الرغم من وجود بعض الخلافات بين فرنسا وأمريكا تعود إلى الحرب الباردة فإنه في الوقت نفسه هناك أيضاً تعاون وثيق بين الجانبين".

4- اعتقاد متزايد برفض التدخل العسكري لمنع الانقلابات: وفق المتحدث الرئيسي فإن هناك اعتقاداً سائداً في النيجر بأن المجتمع الدولي لن يتدخل لتغيير وضع هذه الانقلابات، وبحد أقصى ربما يتم فرض بعض العقوبات عليهم مثلما فعلت الولايات المتحدة مع مالي حيث فرضوا عقوبات على كبار قادة الانقلاب لتعاونهم مع مجموعة فاجنر أو مثلما فعلت نيجريا عندما قطعت الكهرباء عن النيجر، ولم يرد أحد على تلك التصرفات ولم نواجه أي رد فعل كبير من الدول الغربية، هذا ما يراهن عليه قادة الانقلاب، وهذا الأمر برجماتي بعض الشيء؛ الدول المجاورة للنيجر مثل الجزائر وتشاد ضد الانقلاب، لكنها لم تتخذ موقفاً حاسماً تجاه بازوم كما أن فرنسا لا تريد الانخراط في أي عمل عسكري.  وأضاف: "على الرغم من أن ماكرون أعلن استعداده لإنهاء عملية برخان، وأن القادة المحليين أصبحوا أكثر سيطرة على الوضع الأمني في البلاد، فإنه سيكون من الصعب عليه تبرير تدخل فرنسا عسكرياً مرة أخرى في القارة".

وختاماً، أكد المتحدث الرئيسي أنه في أفريقيا، من الواضح أن الانقلابات تستهدف جميع أنواع الأنظمة الهجينة والدكتاتورية والديمقراطية، وهذا يفرض تحديات وتهديدات كبيرة لكن هناك آمالاً لتحقيق الديمقراطية في بعض الدول الأفريقية، مثل نيجيريا وكينيا؛ حيث شاهدنا انتقالات سلمية للسلطة. إذن هناك رغبة في تحقيق الديمقراطية، لكن تلك الجهود لا تحظى بدعم دولي، كما شهدنا في الجابون حيث تخلى الغرب عن دعم زعيم المعارضة؛ فالجهود الديمقراطية غير موحدة وتواجه صعوبات في ذلك لكنها موجودة، خاصة أن المؤسسة العسكرية تتحكم بشكل كبير في الرأي العام، بينما لا تتمتع القوى الديمقراطية بالإمكانات نفسها.