جوناثان أسكونا

رينيه ديريستا


        
<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية</span></strong></p>



<p><strong>كشفت حادثة "تسريبات ديسكورد" عن أنه كلما زاد التقدم التكنولوجي، فإن قدرة أجهزة الاستخبارات على الحفاظ على سرية عملها والوثائق الهامة لديها ستكون صعبة، كما أن التسريبات كشفت عن عمق تأثير الأبعاد الاجتماعية التي تنشأ عبر الإنترنت على العمل الاستخباراتي. وفي هذا الإطار،</strong> <strong></strong><strong>نشر موقع "فورين بوليسي" مقالاً بعنوان "في عصر التحول الرقمي: كيف طغى اللاعبون على الجواسيس كتهديد للاستخبارات؟"</strong><strong>،</strong><strong> </strong><strong>في 15 أبريل 2023.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">عشوائية التسريب</span></strong></p>



<p><strong>وفقاً للمقال، يمكن استعراض أبرز المؤشرات المعبرة عن</strong> <strong>تفوق التهديد الاستخباراتي لمحترفي الألعاب الإلكترونية على الجواسيس؛ وذلك على </strong><strong>النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– انزعاج مسؤولي الاستخبارات من طريقة انتشار الوثائق المسربة:</strong> أوضح المقال أن المدعين الأمريكيين اتهموا، يوم 14 أبريل الجاري "جاك تيكسيرا" البالغ من العمر 21 عاماً – وهو طيار من الدرجة الأولى يعمل في جناح المخابرات في الحرس الوطني الجوي لماساتشوستس – بانتهاك قانون التجسس؛ حيث سرَّب وثائق عسكرية أمريكية مُصنفة على أنها سرية للغاية، ترتبط بالحرب الروسية الأوكرانية. وأشار المقال إلى أنه على الرغم من أن التسريبات الأخيرة تعتبر من أسوأ إخفاقات المخابرات الغربية في التاريخ الحديث، فإن مسؤولي المخابرات الكبار مصدومون لسبب مختلف، وهو الطريقة الخاصة لانتشار الوثائق البالغة السرية، والدافع الواضح للمسرب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– استهداف مُسرب الوثائق تحقيق الشهرة في منتدى إنترنت غامض:</strong> وفقاً للمقال، لم يتم الكشف عن المعلومات لوكالة استخبارات أجنبية، أو منصة إعلامية متعاطفة، بل تم نشرها على خادم دردشة عبر الإنترنت مخصص للميمز وألعاب الفيديو وبرامج الصداقة عبر الإنترنت، وبذلك لم يكن للتسريب أي علاقة بالتجسس التقليدي أو القرصنة الإلكترونية، وإنما يبدو أنه كان مدفوعاً بالبحث عن الشهرة في منتدى إنترنت غامض، وفق ما ذكر المقال. وبحسب المقال، وبناءً عليه فإن من المستحيل فهم الدوافع المحتملة للمسرب دون الغوص في أعمق طبقات ثقافة الإنترنت.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تنقُّل الوثائق المسربة عبر خوادم متخصصة بمنصة "ديسكورد":</strong> طبقاً للمقال، تنقلت الوثائق المسربة – التي تحتوي من بين أشياء أخرى، على تقييمات عالية التصنيف للخسائر الروسية والأوكرانية، ومعلومات عن قوات العمليات الخاصة الغربية المنتشرة في أوكرانيا، ومعلومات عن صفقات الأسلحة بين الدول الأجنبية – عبر عدد من الخوادم المتخصصة على منصة "ديسكورد" (Discord)، وهي منصة تواصل اجتماعي مجانية صُممت خصيصاً لمجتمع الألعاب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ونوه المقال أن التسريب بدأ من خادم "ديسكورد" (Thug Shaker Central)، الذي يديره "تيكسيرا"، والمخصص لألعاب الفيديو ذات الطابع العسكري. ولفت المقال إلى أن الوثائق انتقلت من هناك إلى منتدى محبي اليوتيوبر (wow_mao)، وإلى منتدى آخر عبر الإنترنت يُسمى (Minecraft Earth Map)؛ حيث استخدمها مستخدم مجهول لكسب جدال عبر الإنترنت حول الحرب في أوكرانيا. وأكد المقال أن مستخدمين آخرين أخرجوا بعد ذلك الوثائق من عالم Discord، ونشروها على مواقع أخرى عبر الإنترنت.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– استغراق الكشف عن حدوث "تسريبات ديسكورد" ثلاثة أشهر:</strong> شدد المقال على أن الزحف البطيء للتسريبات استغرق عدة أشهر، على عكس أي تسريب استخباراتي آخر موجه؛ حيث يبدو أن "تيكسيرا" – واسم المستخدم الخاص به "OG" (اختصاراً لـ"رجل العصابات الأصلي" "Original Gangster) – قد أسقط المستندات في "Thug Shaker Central" بمقطع ثابت. ولكن بعد ثلاثة أشهر تقريباً وفقاً للمقال، لفتت الوثائق انتباه وسائل الإعلام الغربية ووكالات الاستخبارات. وأوضح المقال أنه في الأيام الأولى لنشر "تيكسيرا" للوثائق، احتفظ رفاقه في الدردشة على (Thug Shaker Central) بأسراره فيما بينهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– شيوع ظاهرة نشر تسريبات عبر الإنترنت في السنوات الماضية:</strong> أشار المقال إلى أنه في حين أن مسار الوثائق قد يبدو جديداً، فإن نظرة فاحصة تكشف أن العديد من التسريبات الاستخباراتية المهمة على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، تمت إلى حد كبير عبر الإنترنت؛ فلم تكن هذه التسريبات نتاج تجسس أو تحقيقات إعلامية أو نشاط سياسي، بل هي نتاج الثقافة الرقمية للقرن الحادي والعشرين، لا سيما الرغبة في اكتساب مكانة بين الأصدقاء عبر الإنترنت، وفق ما ذكر المقال.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبحسب المقال، تم نشر معلومات سرية مطلع عام 2021 حول تصميم أنظمة الأسلحة وأدائها بشكل متكرر في المنتديات المتعلقة بلعبة "ور ثندر" (War Thunder)، وهي لعبة فيديو قتالية متعددة اللاعبين، ويشعر من يلعبها بأنه يستخدم أسلحة واقعية. وعلى أمل الفوز في جدال حول تفاصيل مثل سرعة دوران برج الدبابة، أو مطوري البرامج من أجل تحسين واقعية الأسلحة الافتراضية، نشر اللاعبون – طبقاً للمقال – مخططات دروع مصنفة على أنها سرية، وأدلة مقيدة لطائرات مقاتلة من طراز إف–16، ومواصفات دبابات صينية. ولفت المقال إلى أن مطوري لعبة (War Thunder) اضطروا إلى مناشدة المستخدمين التوقف عن نشر المواد المصنفة السرية في منتديات اللعبة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– وجود شروط صارمة لمنح شخص حق الوصول إلى وثائق سرية:</strong> أكد المقال أن الوصول إلى الوثائق المصنفة، مثل تلك التي شاركها "تيكسيرا"، يتطلب تصريحاً حكومياً. ونظراً إلى احتمال تعرض الإنسان للضعف، وفقاً للمقال، تضمنت عملية الحصول على هذا التصريح منذ فترة طويلة، تقييمات مصممة لقياس إذا ما كان شخص ما عُرضة لبيع الأسرار، أو لديه سر قابل للاستغلال مثل مشكلة مخدرات مخفية، أو التورط في علاقة رومانسية. ولذلك يحذر متخصصو الاستخبارات المضادة – بحسب المقال – من مخاطر التلاعب النفسي من قبل العملاء الأجانب الذين يتطلعون إلى خداع الأهداف من أجل إفشاء المعلومات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>7– كشف "تسريبات ديسكورد" عن عمق تأثير الروابط الاجتماعية: </strong>شدد المقال على أن الدافع وراء هذا النوع الجديد من التسريب، هو نوع مختلف من الروابط الاجتماعية، مضيفاً أنه بحكم وظائفهم ومهامهم، قد يجد عشرات الآلاف من الشباب الموهوبين تقنياً تماماً مثل "تيكسيرا"، أنفسهم معزولين اجتماعياً، أو يتنقلون أو ينتشرون في الخارج، أو يعملون لساعات طويلة، ولا يمكنهم التحدث عن عملهم مع الأصدقاء أو العائلة، كما أنهم قد يجدون أنفسهم – طبقاً للمقال – غير مرتاحين لثقافة العمل داخل وكالاتهم. وبدلاً من ذلك، ربما يجدون العزاء والتواصل الحقيقي، حسبما يفعل الكثير من الآخرين من جيلهم، في لعب ألعاب الفيديو أو الدردشة مع الآخرين على الإنترنت، الذين يشاركونهم اهتماماتهم أو أفكارهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ولفت المقال إلى أن هناك دافعاً إضافياً يقود هذا النوع الجديد من التسريبات؛ حيث تعمل مجتمعات الإنترنت كاقتصادات الهبة‏، وهي وسيلة للتبادل لا يتم فيها تداول السلع الثمينة أو بيعها، بل منحها دون اتفاق صريح للحصول على مكافآت فورية أو مستقبلية، فيتم تحديد حالة الفرد إلى حد كبير من خلال المحتوى القيم الذي يجلبه إلى المجتمع، أو الميمز اللافتة أو مقاطع الفيديو الغامضة، أو الروابط المثيرة، أو الأسرار. وأضاف المقال أن هذا الأمر يُكسب المسرب قدراً من الإعجاب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>8– إظهار التسريبات وجود ترابط كبير داخل مجتمعات الإنترنت:</strong> أوضح المقال أن الأعضاء الأصغر سناً لم يستوعبوا الأسرار التي نقلها "تيكسيرا" فحسب، بل تبنوا أيضاً آراء "OG"، التي تضمنت نظريات المؤامرة. ويبدو أن هناك درجة عالية من الثقة والترابط داخل تلك المساحة الصغيرة المجهولة، وفق ما ذكر المقال. ولذلك وصف أحد الأعضاء "تيكسيرا" – بحسب المقال – بأنه أفضل صديق له، وعلق قائلاً إن "رؤية الوثائق وهي تخرج من الـ(Thug Shaker Central)، كان بمنزلة مفاجأة وخيانة". ولعل الأمر الأكثر إثارةً للدهشة – طبقاً للمقال – هو أن التقارير التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" تشير إلى أن "تيكسيرا" كان متفاجئاً ومذعوراً وخائفاً من تسريب الوثائق، كأنه لم يفكر أبداً في العواقب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وأضاف المقال أن الإنترنت يوفر اليوم فرصة لبناء هوية جديدة، ورفع المستوى الاجتماعي، وبناء حياة أكثر إثارةً من العالم المادي. ومن ثم، فإنه فعندما يكون اللاعبون متخصصين في الأمن القومي، وتكون وظائفهم اليومية مملة أكثر من الأسرار التي يحصلون عليها، فإن إغراء تسريب المعلومات يمكن – وفقاً للمقال – أن يكون قوياً لإجراء نقاش عبر الإنترنت أو كسب النفوذ أو إقناع الأصدقاء.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>9– حاجة مسؤولي الاستخبارات إلى استيعاب التغير بمشهد التجسس:</strong> أشار المقال إلى أن هناك بعض السياسات المتبعة للتصدي للأنواع الجديدة من التسريب، وتشمل طباعة أكثر تعقيداً للمستندات المصنفة، وقيوداً أكثر معايرةً على من يمكنه الوصول إلى التقارير السرية. ولكن مسؤولي الاستخبارات يحتاجون – وفقاً للمقال – إلى أن يتصالحوا مع الكيفية الدراماتيكية التي تغير بها مشهد التجسس المضاد، ولقد تم بالفعل القبض على الوكلاء المرتبطين بمجموعة "فاجنر" الروسية التي تقاتل في أوكرانيا وهم يحاولون التسلل إلى خوادم للعبة الفيديو Minecraft.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وأكد المقال أن وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن" أعلن، يوم 13 أبريل الجاري، عن مراجعة لإجراءات الوزارة للإفصاح عن جهودها في منع حدوث هذا النوع من الحوادث مرة أخرى. ولكن تكييف جهود التجسس المضاد الأمريكية مع ثقافة التسريب الجديدة، سوف يتطلب – بحسب المقال – أكثر بكثير من بعض التعديلات الإجرائية؛ حيث أصبح اندماج العمليات الاستخباراتية وثقافة الإنترنت حقيقة واقعة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مكافحة رقمية</span></strong></p>



<p><strong>وختاماً، شدد المقال على أنه في عالم تُستخدِم فيه ألعاب الفيديو اللاعبين كمخبرين، ووكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي يجوبون خوادم Discord بحثاً عن المسربين المحتملين، بينما تستهدف وكالات الاستخبارات الأجنبية المحللين؛ سيكون مستقبل مكافحة التجسس رقمياً. ونوه المقال أنه بحسب ما ذكر "إليوت هيجينز" مؤسس موقع بيلنجكات (Bellingcat) – وهو موقع صحافة استقصائية متخصصة في تدقيق الحقائق – فإنه "في بعض الأحيان، يتطلب الأمر الاتصال اللامحدود بالإنترنت، لملاحقة الاتصال اللامحدود بالإنترنت".</strong></p>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">المصدر:</span></strong></p>



<p>Jonathan Askona and Renée Diresta, How Gamers Eclipsed Spies as an Intelligence Threat, <strong>Foreign Policy,</strong> April 15, 2023.</p>

      

كيف يتفوق التهديد الاستخباراتي لمحترفي الألعاب الإلكترونية على الجواسيس؟