في إطار التحول الرقمي السريع والاهتمام الصاعد بالاقتصاد الرقمي في جميع أنحاء العالم، وتزامناً مع تراجع الطلب على النقود الورقية الصادرة عن البنك المركزي والعملات المعدنية بصورة سريعة، فإن إصدار العملات الرقمية للبنوك المركزية أضحى ضرورة من أجل زيادة القدرة على الوصول إلى الأموال العامة. وعلى الرغم من قلة عدد الدول التي أطلقت العملات الرقمية للبنوك المركزية الخاصة بها حتى الوقت الراهن، فإن ثمة تقدماً سريعاً في المناقشات الدائرة حالياً حول فوائد ومخاطر هذه العملات. وفي هذا الصدد، تقوم العشرات من الدول – التي تمثل مجتمعة أكثر من 90% من الاقتصاد العالمي – باستكشاف العملات الرقمية للبنوك المركزية، فيما أطلقت إحدى عشرة دولة عملات رقمية للبنوك المركزية بالكامل، جميعها من ذات الدخل المنخفض، عشرة منها في منطقة البحر الكاريبي. أما الحادية عشرة فهي نيجيريا.
جدير بالذكر أن العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) هي أداة دفع مقومة بوحدة الحساب الوطنية، وتصدرها السلطة النقدية في الدولة، وتظل تحت مسؤولية مباشرة من قبل البنك المركزي، وتنقسم إلى عملات رقمية للبنوك المركزية للبيع بالتجزئة، وهي العملات التي يشار إليها أحياناً باسم "العملات الرقمية للبنوك المركزية للأغراض العامة"، وهي مصممة للاستخدام من قبل الاقتصاد الأوسع في المدفوعات اليومية ومعاملات التحويل، و"العملات الرقمية للبنوك المركزية بالجملة" للاستخدام بين الوسطاء الماليين، وهي مماثلة لاحتياطيات البنوك التجارية لدى البنوك المركزية.
اتجاهات رئيسية
تتطلع العديد من الدول حول العالم حالياً لتبني العملات الرقمية للبنك المركزي على اعتبارها الحل المستقبلي لأنظمة الدفع في إطار الفوائد السريعة التي تَعِد بها هذه العملات. وفيما يأتي يمكن استعراض أبرز الاتجاهات الصاعدة في تبني العملات الرقمية للعملات المركزية:
1- تدشين جامايكا أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم: في يوليو 2022، أطلقت جامايكا JAM-DEX، باعتبارها أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم يتم التصديق عليها رسمياً عملة قانونية، بهدف استخدامها في تسديد المدفوعات الحكومية للعمال الموسميين في منطقتين بالجزيرة الكاريبية، كما تم الاستفادة منها في المدفوعات التي تجرى من خلال برنامج توليد فرص العمل، وهو أول برنامج من بين البرامج الحكومية يستخدم Jam-Dex وسيلة دفع رقمية آمنة ومريحة؛ وذلك لإدراج شرائح السكان التي لم تكن لتمثل في النظام المالي.
2- طرح نيجيريا أول عملة رقمية للبنك المركزي في أفريقيا: تعد نيجيريا أول دولة أفريقية تطرح عملات رقمية للبنك المركزي؛ وذلك في أكتوبر 2021، وأُطلق على الخدمة اسم eNaira. وقد جاءت تلك الخطوة في إطار محاولات الحكومة النيجيرية لدفع التحول نحو الاقتصاد غير النقدي، وزيادة التحويلات المالية، وتعزيز التجارة عبر الحدود، وتحسين الشمول المالي، وتمكين الحكومة من تقديم مدفوعات الرعاية الاجتماعية بسهولة أكبر، وجعل السياسة النقدية أكثر فاعلية.
بيد أن القيود المفروضة على استخدام النقد من جراء تنفيذ العملة الرقمية للبنك المركزي، قد أسفرت عن احتجاجات عامة تطالب باستعادة النقود الورقية. ورغم جهود الحكومة لتعزيز اعتماد العملات الرقمية للبنوك المركزية، فإن إزالة قيود الوصول وتقديم خصومات على الدفع، أثبتت عدم جدواها؛ إذ إنه مع حدود السحب النقدي، تفاقم نقص النقد وتصاعد الاستياء العام. ونتيجة لذلك، لا يزال اعتماد العملات الرقمية للبنوك المركزية في نيجيريا منخفضاً للغاية؛ حيث يستخدمه أقل من 0.5% من السكان، في حين أن أكثر من 50% يعتمدون العملات المشفرة.
3- تطبيق الإمارات استراتيجية "الدرهم الرقمي": في الثالث من مارس 2023، أعلن مصرف الإمارات المركزي عن بدء تطبيق استراتيجية الدرهم الرقمي، وهي الخطوة التي استُهدف من خلالها تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في الدولة عبر توفير قنوات إضافية، وتعزيز الشمول المالي، ومعالجة "نقاط الضعف" المتعلقة بالمدفوعات المحلية والعابرة للحدود، والتحرك نحو مجتمع غير نقدي.
وتعد هذه المبادرة إحدى المبادرات التسع لتحويل البنية التحتية المالية لبنك الإمارات المركزي. وفي إطار تنفيذ العملة الرقمية للبنك المركزي، تم التعاون بين المصرف المركزي وشركة G42 Cloud ومزود خدمات التمويل الرقمي R3 في أبوظبي، ليكونا مزودي البنية التحتية والتكنولوجيا.
4- إطلاق "اليوان الرقمي" في الصين: على خلفية تكثف الاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، أطلقت الصين في عام 2022 اليوان الرقمي المعروف أيضاً باسم E-CNY؛ وذلك بعد دخول الحكومة الصينية، من خلال بنكها المركزي (بنك الشعب الصيني)، في شراكة مع البنوك التجارية الكبرى وشركات التكنولوجيا مثل "علي بابا" و"تينسنت" من أجل تطوير واختبار اليوان الرقمي.
وقد نتج عن ذلك التعاون، دمج اليوان الرقمي مع تطبيقات الدفع الشهيرة والمألوفة فعلياً لدى الشعب الصيني مثل Alipay وWeChat Pay؛ ما جعل الأشخاص بغير حاجة إلى تنزيل تطبيقات جديدة أو إنشاء حسابات جديدة لاستخدام اليوان الرقمي. وقد استهدفت بكين من وراء ذلك دعمها في تحقيق مزيد من السيطرة على اقتصادها، ومن ثم تهديد مكانة الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية الدولية المفضلة، وكذلك تحقيق قدر من المركزية في نظام الدفع الذي تهيمن عليه شركتا التكنولوجيا علي بابا وتينسنت.
ووفقاً للبنك المركزي الصيني، فإن اليوان الرقمي يعد بديلاً خالياً من المخاطر مقارنة بالمنصات التجارية، وبديلاً للنقد المادي الذي عفا عليه الزمن. وفي إطار مساعي الحكومة الصينية للترويج لعملتها الرقمية الجديدة، عرضت الصين عملة اليوان الصيني الإلكتروني خلال دورة الألعاب الأولمبية 2022 في بكين، بحيث يتمكن الزوار والرياضيون من استخدام العملة لإجراء عمليات شراء داخل القرية الأولمبية.
جدير بالذكر أنه قد تعرض أكثر من 200 مليون مستخدم لتجربة اليوان الرقمي، فيما تطمح الصين إلى التوعية في برنامجها التجريبي للعملات الرقمية للبنوك المركزية ليشمل سكانها الذين يزيد عددهم عن مليار نسمة بحلول نهاية عام 2023، وكذلك المضي قدماً في خططها لاستخدام اليوان الصيني الرقمي خارج حدودها للتجارة الدولية.
5- تحرك البنك المركزي الأوروبي في مشروع اليورو الرقمي: أدى إعلان فيسبوك في عام 2019 عن اعتزامه إصدار عملة افتراضية خاصة به، إلى إثارة مخاوف صناع السياسة في أوروبا من أن يسفر ذلك عن تقويض البنك المركزي الأوروبي؛ ما دفعهم إلى إطلاق استشارة عامة في عام 2020، حول إنشاء يورو رقمي، ومنذ يوليو 2021، شرعوا في البحث عن خيارات التصميم ومتطلبات العملاء المختلفة؛ بحيث يمكن استخدامه لجميع المدفوعات الرقمية في جميع أنحاء منطقة اليورو، كي يكون متاحاً ومجانياً على نطاق واسع، سواء في حالة الاتصال بالإنترنت أو عدم الاتصال.
وفي الأول من نوفمبر 2023، من المقرر أن تبدأ المرحلة التالية من مشروع اليورو الرقمي، وهي المرحلة التي تتضمن الاختبار والتجريب لتطوير اليورو الرقمي، بما يلبي متطلبات النظام الأوروبي واحتياجات المستخدمين. ويفترض أن يقرر مجلس المحافظين بعد عامين إذا ما كان اليورو الرقمي سينتقل إلى المرحلة التالية من الاستعدادات، لتمهيد الطريق لإصدار محتمل لليورو الرقمي في عام 2028.
6- تدشين الولايات المتحدة مشروع الدولار الرقمي: أطلقت الإدارة الأمريكية في عام 2022 مشروع الدولار الرقمي عملة رقمية مركزية للدولار الأمريكي، وهي العملة التي تعتزم الولايات المتحدة إصدارها؛ وذلك بغية المساعدة في حماية العملة الأمريكية مستقبلاً، والسماح للأفراد والمؤسسات العالمية بتسديد المدفوعات بالدولار بغض النظر عن المكان والزمان، وكذلك تحفيز العملة الأمريكية الرقمية التي من شأنها أن تتعايش مع التزامات الاحتياطي الفيدرالي الأخرى؛ ما يجعلها بمنزلة وسيلة تسوية لتلبية متطلبات العالم الرقمي الجديد وخلق نظام مالي عالمي أرخص وأسرع وأكثر شمولاً.
7- خطط متنامية داخل الاقتصادات الناشئة: في السنوات الأخيرة، شاركت البنوك المركزية في اقتصادات الأسواق الناشئة (EME) بشكل متزايد في المشاريع المتعلقة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs). وتختلف مرحلة مشاركة هذه البنوك بين البحث أو التجربة أو الإطلاق، وفقاً لاختلاف ظروف البلاد، بما في ذلك مدى توافر البنية التحتية الرقمية، وتركيزها على أهداف السياسة المختلفة، والدوافع والمخاوف المصاحبة. ففي الهند على سبيل المثال، تم تسجيل نمو سريع بنسبة 170% في مؤشر الدفع الرقمي خلال الفترة بين عامي 2018-2021. وفي إطار ذلك الاهتمام الرقمي داخل الهند، فإن العملة الرقمية للبنك المركزي في الهند تخضع لتطويرات جادة، لتتناسب مع التحولات الرقمية السريعة. كذلك تسير البرازيل بخطوات جادة في هذا المضمار، عندما أعلن البنك المركزي عن آخر التطورات المتعلقة بعملته الرقمية المعروفة باسم Drex ويتم تقديم الميزة الجديدة بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من إصدار Pix، وهي طريقة الدفع الفوري في البرازيل، ومن المقرر إطلاقها في عام 2024.
دوافع التوسع
يرجع الاهتمام العالمي الصاعد بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، إلى عدد من الدوافع، يمكن استعراضها فيما يأتي:
1- درء التهديدات المتعلقة بالقدرة على طباعة الأموال: يأتي الدفع العالمي للعملات الرقمية للبنوك المركزية تزامناً مع انخفاض الاستخدام الفعلي للنقود الورقية، في إطار تطلع العديد من السلطات النقدية حول العالم إلى درء التهديد الذي تتعرض له فيما يتعلق بقدرتها على طباعة الأموال.
2- توفير مستوى أمان عالٍ للمعاملات: توفر العملة الرقمية للبنك المركزي مستوى أمان عالياً للمعاملات، وكفاءة في عملية الدفع، وكذلك تتمتع بقدر من الشفافية، والاستقرار في القيمة، والانخفاض في تكاليف المعاملات دون وسطاء، وسهولة التكامل مع الخدمات الحكومية وغيرها من ابتكارات التكنولوجيا المالية.
3- منح الحكومات طرقاً قوية لإدارة الاقتصاد: يعد من إحدى طرق تنفيذ العملات الرقمية للبنوك المركزية أن يكون لدى المواطنين حسابات مباشرة مع البنك المركزي، وهو ما من شأنه أن يمنح الحكومات طرقاً جديدة قوية لإدارة الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، يمكن إيداع مدفوعات التحفيز للناس مباشرة في تلك الحسابات المتاحة لدى البنوك المركزية، كما من شأن قبول البنك المركزي بذلك النوع من العملات، أن يجعلها أصلاً رقمياً آمناً يمكن الاحتفاظ به.
4- الاستخدام لأغراض البيع بالتجزئة والجملة: للعملات الرقمية للبنوك المركزية غرض مزدوج، تماماً مثل معادلها المادي؛ إذ تستخدم لأغراض البيع بالتجزئة من قبل المستهلكين والشركات الصغيرة لإجراء مدفوعات يومية، وهو ما يمثل جزءاً صغيراً من إجمالي المدفوعات؛ وكذلك لأغراض البيع بالجملة من قبل البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، سواء محلياً أو عبر الحدود.
5- تعزيز الشمول المالي: تهدف بعض الدول، لا سيما تلك التي لديها عملات رقمية للبنوك المركزية عاملة بالفعل لأغراض البيع بالتجزئة، إلى تعزيز الشمول المالي الذي يعني أن يكون للأفراد والشركات إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار ميسورة تلبي احتياجاتهم؛ حيث تتمتع العملات الرقمية للبنوك المركزية بالقدرة على إنشاء معيار عالمي للمدفوعات الدولية يتسم بالكفاءة والقبول عالمياً؛ ما يجعل لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة تسوية المدفوعات بين أي كيانين في أي مكان في العالم.
وتتميز العملات الرقمية للبنوك المركزية بقيمة مضافة؛ حيث تسهل الوصول إلى المدفوعات للعديد من الأشخاص، بيد أن ذلك لا يحدث على القدر نفسه في جميع البلدان؛ إذ إن ثمة دولاً تعاني من مستويات عالية من الاستبعاد المالي، ونقص في أنظمة الدفع الرقمية الحديثة والموثوقة، وهو الوضع الذي يختلف تماماً عندما تتمتع الدولة بوفرة في حلول الدفع.
6- تقليل فرص الاحتيال: إن نشر عملة رقمية منظمة يمكن الوصول إليها عبر الأجهزة المحمولة، يمكن أن يعزز أمن الدفع من خلال ضمان إتمام المعاملة وعدم قابليتها للتغيير – حتى بدون حساب مصرفي رسمي – ما يقلل فرص الاحتيال، كما أن من الممكن أن يتيح للمستخدمين "التوقيع" على المعاملات رقمياً؛ ما يقلل وقت الانتظار حتى تصبح المعاملة نهائية بشكل لا رجعة فيه، وبما يمنح الأطراف قدراً من الطمأنينة خلال التعامل.
تحديات رئيسية
بينما تستكشف البنوك المركزية حول العالم بحماس إمكانات العملة الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، فإن هناك التحديات يجب أخذها في الاعتبار، ويمكن تناول أبرز هذه التحديات فيما يأتي:
1- عوائق الاستقرار التكنولوجي: يتطلب التوسع في استخدام العملات الرقمية قدرات تكنولوجية واسعة، وتمتع الدولة بدرجة واضحة من الاستقرار التكنولوجي. وهذا الأمر يبدو أنه يشكل تحدياً بالنسبة إلى العديد من الدول، وخاصة الدول النامية التي لا تحظى بقدرات تكنولوجية كبيرة.
2- آثار سلبية على السياسة النقدية: يمكن للعملات الرقمية للبنوك المركزية إحداث تغييرات في مدفوعات التجزئة والجملة والمدفوعات عبر الحدود التي لها آثار سلبية غير مباشرة على السياسة النقدية، من خلال آثارها على سرعة الأموال، وعدم وساطة الودائع المصرفية، وتقلب احتياطيات البنوك، واستبدال العملات، وتدفقات رأس المال.
3- إمكانية التأثير على إدارة السيولة: بإمكان ترميز العملات الرقمية للبنوك المركزية تقسيم الأسواق المالية مع ترك عواقب سلبية على إدارة السيولة وأسعار الفائدة. كما من الممكن أن يؤدي استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية في المدفوعات عبر الحدود إلى زيادة خطر استبدال العملة في البلدان المتلقية. وفي فترات الأزمات، يمكن أن يزيد هذا الأمر من سرعة تدفق رأس المال، فتضعف قدرة السلطات النقدية المحلية على السيطرة على السياسات النقدية وسياسات سعر الصرف.
4- التقلبات في احتياطيات البنوك: تعد من أكبر المخاطر المباشرة التي تشكلها العملات الرقمية للبنوك المركزية على السياسة النقدية هي انتفاء الوساطة في الودائع (deposit disintermediation) والتقلبات ذات الصلة باحتياطيات البنوك التجارية. ولعل الدول الأكثر عرضةً لانتفاء الوساطة في الودائع هي تلك التي تهيمن على أنظمتها المصرفية ودائع التجزئة الصغيرة وحصة كبيرة من الودائع تحت الطلب التي لا تحمل فوائد.
5- معضلة استخدام العملات الرقمية في المعاملات التجارية: ثمة مخاوف بشأن مدى قدرة العملات الرقمية للبنوك المركزية على الصمود عند استخدامها في المعاملات التجارية الكبيرة؛ إذ قد يتطلب الأمر من البنوك المركزية جهداً أكبر في تطوير البنية التحتية للعملات الرقمية، خاصة أن هذا النوع من العملات قد لا يمنح السرعة المتوقعة في المعاملات؛ حيث تقوم العديد من البلدان المتقدمة حالياً بتنشيط المدفوعات الفورية باستخدام البنية التحتية القديمة.
إجمالاً، في الوقت الراهن، تحظى العملات الرقمية للبنوك المركزية باهتمام واسع من قبل عديد من السلطات النقدية حول العالم، فرغم محدودية عدد المُطبقين لهذا النوع من العملات، فإن من المتوقع خلال السنوات المقبلة أن تشهد حضوراً أوضح وأكثر قوة للعملات الرقمية، في ظل فوائدها الواسعة، بيد أن العملات الرقمية للبنوك المركزية يشوبها بعض العيوب ويقف أمامها بعض التحديات؛ ما يجعل ضرورة معالجة تلك التحديات ضرورة حاسمة.
ولعل تثقيف الجمهور يعد حجر الزاوية في تنفيذ العملات الرقمية للبنوك المركزية؛ إذ إنه لضمان قبول هذه العملات، يجب على الجمهور فهم المفاهيم الأساسية للعملة الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، ومزاياها، ومخاطرها المحتملة. كذلك تلعب البنية التحتية الأساسية دوراً محورياً في تنفيذ العملات الرقمية للبنوك المركزية؛ حيث يعد الوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع ومستقر، بجانب توافر الأجهزة الرقمية كالهواتف الذكية، من المتطلبات الأساسية لإنجاح العملات الرقمية للبنوك المركزية. أضف إلى ذلك، فإن وجود نظام قوي للأمن السيبراني يعد متطلباً ضرورياً لحماية معاملات المستخدم وبياناته؛ إذ يجب أن تكون شبكات التوزيع والخدمات التعليمية واللوائح التي تحمي حقوق المستخدم متاحة ومباشرة.