عرض: د. إيمان أحمد عبد الحليم، وصباح عبد الصبور، وحنان نبيل

نشر موقع مؤسسة "ستراتفور" تقريراً بعنوان "توقعات الربع الثالث من عام 2023″، في 20 يونيو 2023. واستعرض التقرير أبرز الاتجاهات المتوقعة خلال الربع الثالث من عام 2023، سواء ما يتعلق بالاتجاهات العالمية المحتمل حدوثها، أو التوقعات المتعلقة ببعض أقاليم العالم المختلفة.

توقعات عالمية

قدم التقرير رؤية عامة لمستقبل الأوضاع في العالم، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي، خلال الربع الثالث من 2023، ويتضح ذلك عبر ما يلي:

1- تراجع الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو: ستصل أسعار الفائدة الأمريكية إلى ذروتها خلال الربع الثالث من العام الجاري، وستظل مخاطر عدم الاستقرار المالي مرتفعة نتيجة ارتفاع معدلات التضخم الأساسي، وهو الأمر الذي سيكون له تبعات اقتصادية سلبية. ومن ناحية أخرى، سيواجه البنك المركزي الأوروبي معضلة مماثلة فيما يتعلق باستمرار ارتفاع معدلات التضخم الأساسي.

2- تصاعد حدة المخاطر المالية على اقتصادات الدول النامية: ستظل العديد من الاقتصادات المتوسطة الدخل ضمن الشرائح المنخفضة، مثل الأرجنتين وباكستان، معرضة لخطر كبير للغاية، يتمثل في حدوث اضطرابات اقتصادية بسبب ضعف الأساسيات الائتمانية لهذه الدول، وعدم كفاءة السياسات الاقتصادية، وتزايد مخاطر الاضطرابات السياسية. وستظل الاقتصادات النامية، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء، هي الأكثر عرضةً لمخاطر التخلف عن سداد الديون.

3- صعوبة الموازنة بين سباق الذكاء الاصطناعي وجهود تنظيمه: ستدفع المخاوف بشأن خصوصية البيانات والتحديات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي الحكومات نحو تكثيف جهودها لتنظيم هذا القطاع، ووضع المزيد من القيود للسيطرة على مخاطر الذكاء الاصطناعي؛ الأمر الذي قد يُبطئ من وتيرة الابتكار في السباق الخاص بتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

4– سعي بكين لإنشاء نماذج ذكاء اصطناعي مماثلة لنماذج الغرب: تهيمن شركات التكنولوجيا الأمريكية المتخصصة في إنشاء أنظمة الذكاء الاصطناعي على هذا المجال. وفي ظل مخاطر التداعيات الاجتماعية وخصوصية البيانات، ستسعى الشركات الصينية إلى اللحاق بنظيراتها الغربية في إنشاء نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة مماثلة لـ ChatGP. وخلال هذا الربع من العام، ستلتزم الشركات الصينية عن كثب بالمعايير الجديدة أثناء طرح برامج الدردشة الخاصة بها.

5- اكتساب القمة المقبلة لمجموعة البريكس زخماً عالمياً واسعاً: قد تكون قمة بريكس التي ستُعقد بين يومي 22 و24 أغسطس القادم هي الأكثر أهمية بالنسبة إلى المجموعة منذ سنوات؛ حيث تهدف الصين وروسيا ودول أخرى إلى توسيع عضوية المجموعة، والدفع نحو اعتماد عملة احتياطية موحدة للمجموعة، ويستهدف كلا الأمرين بالأساس الحد من الهيمنة الطويلة المدى للدولار والمؤسسات المالية الغربية على النظام المالي العالمي.

منطقة أوراسيا

يمكن تناول توقعات منطقة أوراسيا خلال الربع الثالث من عام 2023؛ وذلك على النحو التالي:

1- تواصل هجمات القوات الأوكرانية دون القدرة على حسم الصراع: من المتوقع أن تواصل كييف هجماتها خلال الصيف، محافظةً على الزخم الهجومي الذي بدأته في الربع الثاني من العام، ومن المرجح أن تستعيد خلال ذلك بعض الأراضي في جنوب أوكرانيا، لكن مكاسبها على الأرض لن تكون كافية لتغيير المسار الاستراتيجي للحرب أو الدفع نحو مفاوضات سلام واقعية. ويأتي ذلك في ضوء أن هذه الجهود لن تؤدي، على الأغلب، إلى هزيمة ساحقة للجيش الروسي أو الاستيلاء على مساحات أراضٍ كافية لزعزعة استقرار روسيا.

2- تأخر انضمام كييف إلى حلف الناتو نتيجة الانقسامات بين الأعضاء: من غير المتوقع أن تحقق كييف تقدماً ملموساً بشأن طموحاتها للانضمام إلى الناتو خلال قمة الحلف المقررة في منتصف يوليو الجاري بسبب الانقسامات بين الأعضاء، وبدلاً من ذلك من المرجح أن تتلقى كييف وعوداً بترتيبات دعم أمني وبما يشمل تقديم المزيد من المعدات العسكرية. وسيجعل تأخر حصول كييف على عضوية في حلف الناتو الجيش الأوكراني أكثر حذراً من أجل الحفاظ على قواته وإمداداته على المدى الطويل في إطار مواجهاته ضد القوات الروسية.

3- حفاظ روسيا على استقرارها الداخلي رغم محاولة تمرد "فاجنر": على الرغم من استمرار الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي على روسيا نتيجة ما قامت به مجموعة "فاجنر"، يُتوقع أن تحافظ روسيا على استقرارها الداخلي مع الاستعداد لتوسيع جهودها الحربية، خاصةً أن جهود القضاء على المجموعة باعتبارها مركز قوة سيعزز الوضع السياسي للرئيس "فلاديمير بوتين" من خلال دفع بعض الجماهير المتشككة، التي كانت متعاطفة مع "فاجنر" سابقاً، للتراجع عن موقفها.

4- تطلع أرمينيا وأذربيجان للتوصل إلى اتفاق سلام برغم المعوقات: قد تكتسب محادثات السلام بين أرمينيا وأذربيجان زخماً خلال الربع الثالث من العام، لكن تفاصيل اندماج ناجورنو كاراباخ في أذربيجان وترسيم الحدود وشروط ممرات العبور الإقليمية ستظل معوقات رئيسية في سبيل إبرام تسوية سلمية، ليعتمد التقدم نحو اتفاق سلام على مدى استعداد يريفان للتنازل عن مطالب باكو فيما يتعلق بوضع ناجورنو كاراباخ وممرات العبور الإقليمية.

5– سعي جورجيا لتحقيق التوزان في علاقاتها مع موسكو والغرب: مع تراجع آفاق حصول جورجيا على عضوية الاتحاد الأوروبي وسط قرارات سياسية داخلية مثيرة للجدل، من غير المتوقع أن تكترث الحكومة الجورجية بردود الفعل المحلية وانحراف آفاق التكامل الأوروبي الأطلسي عن مسارها من خلال الحفاظ على ما تسمى سياسة "الصبر الاستراتيجي"، وتحقيق التوازن بين روسيا والغرب.

6– حصول مولدوفا على دعم لمسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي: ستتلقى مولدوفا – التي حصلت على وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي العام الماضي – مواقف أكثر إيجابية من الاتحاد فيما يتعلق بمسار انضمامها، لكن دون وضوح الخطوات العملية لذلك. وحتى مع تعزز شعبية رئيسة مولدوفا "مايا ساندو"، وحزبها "العمل والتضامن"، فإن ذلك لن يكون كافياً لمنع استمرار أو حتى نمو حركة الاحتجاج المؤيدة لروسيا داخل البلاد.

قارة أوروبا

يمكن تناول أبرز التوقعات المرتبطة بالقارة الأوروبية خلال الربع الثالث من عام 2023؛ وذلك على النحو التالي:

1- حدوث تحسن ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية بالقارة: من المتوقع أن يُسفر موسم الصيف عن زيادة كبيرة في النشاط الاقتصادي بالبلدان المعتمدة على السياحة في جنوب أوروبا، وأن يؤدي انخفاض أسعار الطاقة إلى تحسين ظروف التشغيل في قطاع التصنيع بجميع أنحاء القارة.

2– استمرار الدعم الأوروبي لأوكرانيا على مختلف الأصعدة: من المتوقع أن يستمر الدعم الأوروبي لأوكرانيا، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً خلال الربع الثالث من العام الجاري؛ إذ ستشارك العديد من الدول الأوروبية في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات "إف- 16" وغيرها من المقاتلات؛ وذلك رغم أن طول الجدول الزمني لهذه التدريبات سيحد من فاعليتها بالنسبة إلى كييف.

3– نجاح محدود لتدابير الاتحاد الأوروبي الصارمة ضد روسيا: سيفرض الاتحاد الأوروبي تدابير أكثر صرامة ضد روسيا، في محاولة لتقويض قدرة الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خاصةً في آسيا الوسطى، على الالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا. ومع ذلك، فمن المستبعد أن يحقق الاتحاد الأوروبي نجاحاً كبيراً في جهود تنفيذ مثل هذه التدابير.

4– إحراز الاتحاد الأوروبي تقدم في مختلف مفاوضاته التجارية: من المتوقع أن يحرز الاتحاد الأوروبي تقدماً لافتاً في مفاوضات التجارة الحرة مع كل من أستراليا وكينيا. ومن المرجح أيضاً أن تعتمد بروكسل اتفاقية توريد المعادن الحيوية والاستراتيجية الموقعة مع تشيلي في نهاية عام 2022، وأن تُوقع مذكرة تفاهم مماثلة مع الأرجنتين.

5– تأثيرات سلبية للجفاف على الاستقرار والأمن في أوروبا: من المرجح أن تواجه أجزاء كبيرة من أوروبا جفافاً متزايداً وندرة في موارد المياه خلال الربع الثالث من العام الجاري، وسط ارتفاع درجات الحرارة، وعدم كفاية معدلات هطول الأمطار. ومن المتوقع أن تؤدي ظروف الجفاف والضغوط المتزايدة على إمدادات المياه إلى نقص حجم المحاصيل الزراعية، ومن ثم مفاقمة الضغط على أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء أوروبا.

6- إضرار الانتخابات في إسبانيا بفاعلية رئاستها للاتحاد الأوروبي: من شأن تزامن موسم الانتخابات المزمع في إسبانيا مع توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع يوليو الجاري، أن يجعل قدرتها على الوفاء بمسؤولياتها الكاملة في رئاسة الاتحاد أكثر محدودية. ونتيجة لذلك، قد تتأخر المفاوضات بشأن عدد من الإصلاحات الهيكلية المهمة، لما بعد الربع الثالث من العام الجاري.

7– تقدم طفيف في محادثات قانون المعاشات التقاعدية بفرنسا: ستدخل الإصلاحات المثيرة للجدل بشأن المعاشات التقاعدية في فرنسا حيز التنفيذ في 1 سبتمبر المقبل. وقبيل هذا التاريخ، من المقرر أن تدخل الحكومة الفرنسية في محادثات مع النقابات وممثلي الأعمال في البلاد؛ لمناقشة قضايا حيوية، مثل تحسين ظروف العمل، والتدريب الإضافي للعمال الشباب، وإصلاح نظام الهجرة. ومع ذلك، فإن العطلة البرلمانية الصيفية ستجعل العديد من هذه المحادثات معلقة حتى الربع الرابع من العام الجاري.

8– سعي بريطانيا لتعزيز تعاونها مع الغرب وانفتاحها على العالم: من المتوقع أن تواصل الحكومة البريطانية جهودها لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما في مجالات مثل الطاقة، والبحث العلمي، والمناخ. كما قد تسعى المملكة المتحدة إلى تعميق التعاون والشراكة مع الولايات المتحدة في مواجهة الصين، من خلال فرض قيود جديدة على تصدير تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة.

منطقة آسيا والمحيط الهادئ

تتمثل أبرز التوقعات الخاصة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال الربع الثالث من عام 2023 فيما يلي:

1- اتجاه الصين لفرض عقوبات انتقامية ضد الشركات الغربية: مع توسع القيود الاقتصادية المفروضة على الصين، من المرجح أن تتبنى بكين هي الأخرى المزيد من الإجراءات الانتقامية ضد الشركات الأجنبية، بفرض المزيد من القيود عليها، وتنفيذ عدد من المداهمات ضد الشركات العاملة بالبلاد، وتشديد مراجعات الأمن السيبراني، وفرض الغرامات الكبيرة، وتعقيد التدابير الروتينية الخاصة بالعمليات التجارية، مع العمل على الحد من تدفق بيانات الشركات.

2- تعميق سيول وطوكيو تعاونهما الأمني ضد تهديدات بيونج يانج: ستعمل كوريا الجنوبية واليابان على أن تعمق كلتاهما تعميق التعاون الأمني مع الأخرى ومع الولايات المتحدة، وبما قد يشمل تنفيذ آلية ثلاثية لتبادل البيانات وافق عليها من حيث المبدأ وزراء دفاع الدول الثلاث في 3 يونيو الماضي لتتبع إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية.

3– محادثات أمريكية–صينية محتملة حول شبه الجزيرة الكورية: قد تساعد التوترات بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة من ناحية وكوريا الشمالية من ناحية أخرى في تشجيع واشنطن وبكين لإجراء محادثات دفاعية رفيعة المستوى؛ حيث تسعى الدولتان للحد من عدم الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.

4– دفاع حازم من الفلبين عن مطالبها البحرية في مواجهة الصين: ستمثل العلاقات الدفاعية العميقة بين الولايات المتحدة والفلبين حافزاً لمانيلا للدفاع عن مطالبها البحرية بشكل أكثر حزماً، من خلال مضاعفة جهودها لأجل ترسيم الحدود بحكم الواقع في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وزيادة الدوريات على طول خط الترسيم، مدعومةً في ذلك بتوسيع اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز بين الولايات المتحدة والفلبين لعام 2014 في فبراير الماضي.

5– تأثير سلبي للتوترات في بحر الصين الجنوبي على مضيق تايوان: يمنح تعميق العلاقات الأمنية مع شركاء إقليميين آخرين مثل اليابان وأستراليا مانيلا مزيداً من الثقة لاستعراض قوتها المعززة ضد المطالبات الصينية المضادة؛ الأمر الذي يثير المخاوف من زيادة وتيرة المواجهات في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، خاصةً أن تأكيدات الولايات المتحدة بالدفاع عن الفلبين تعني أيضاً أن الصراع المحتمل يمكن أن يمتد بسهولة لمضيق تايوان.

6– تضرر علاقات تايلاند بدول الغرب حال عدم تشكيل الحكومة: بالرغم من فوز حزب "التحرك إلى الإمام" (Move Forward) بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات 14 مايو الماضي في تايلاند، فإن الحزب يكافح لتشكيل الحكومة بسبب مواجهته لبعض العقبات القانونية. وفي حال تقويض المؤسسة العسكرية العملية الديمقراطية للبقاء بالسلطة، سيكون من شأن ذلك تجديد خطر الاضطرابات الاجتماعية الجماهيرية واحتجاجات الشوارع بما يؤثر سلباً على الاقتصاد، فضلاً عن التداعيات الدبلوماسية السلبية المتوقعة مع الشركاء الغربيين.

7– تدهور متوقع في العلاقات بين كمبوديا ودول الغرب واليابان: من شبه المؤكد أن رئيس الوزراء "هون سين" وحزبه الشعبي الحاكم سيكتسح انتخابات 23 يوليو الجاري في كمبوديا، بعد حملة تطهير شاملة استمرت لسنوات ضد المعارضة. وقد انتقدت الديمقراطيات الغربية واليابان باستمرار رئيس الوزراء الكمبودي وخططه الانتخابية، ليكون من المرجح أيضاً أن تتدهور علاقات كمبوديا مع هذه الدول، بما قد يؤدي إلى فرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات الكمبودية.

منطقة جنوب آسيا

يمكن استعراض توقعات منطقة جنوب آسيا خلال الربع الثالث من عام 2023، وذلك على النحو التالي:

1– تحقيق الهند نجاحاً محدوداً في قضايا المناخ خلال قمة العشرين: ستستغل الهند قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها في سبتمبر لتسليط الضوء على النقاشات الخاصة بقضايا الجنوب العالمي، وفي مقدمتها قضايا المناخ. ومع ذلك فإن نجاح هذه الجهود سيكون محدوداً؛ نظراً إلى أن المفاوضين الغربيين سيرفضون إدراج مثل هذه البنود في البيان الختامي للقمة، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تقاعس مستهلكي الفحم الرئيسيين (الصين والهند) عن تحقيق طموحاتهم المناخية.

2– تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء بدول المنطقة خلال فصل الصيف: من المرجح أن تعاني بنجلاديش والهند وباكستان من ضغوط متزايدة على شبكات الكهرباء خلال فصل الصيف؛ وذلك رغم مساعي البلدان الثلاث لشراء إمدادات الطاقة الروسية الرخيصة، مما قد يفاقم أزمات انقطاع التيار الكهربائي في هذه الدول، ويجعلها أوسع نطاقاً، مع احتمالية حدوث انقطاع كامل بالشبكة.

3– تراجع هجمات تنظيم "داعش خراسان" داخل أفغانستان: في ضوء المرونة التاريخية التي يحظى بها تنظيم داعش (فرع ولاية خراسان)، من المرجح أن يستأنف التنظيم هجماته المتفرقة بشكل أكثر تواتراً خلال الربع الثالث من العام، خاصةً تلك التي تستهدف الدول المجاورة، أو الرعايا الأجانب في أفغانستان. ومع ذلك، فإن جهود حركة طالبان في مكافحة الإرهاب قد تسمح لها بإبطاء عودة ظهور "داعش"، والمساعدة في الحفاظ على قدر من الأمن والاستقرار في البلاد.

4- تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في باكستان: من المرجح أن يؤدي الاستعداد للانتخابات العامة والمحلية في باكستان، المقرر إجراؤها في أكتوبر، إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، جنباً إلى جنب مع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية، وتصاعد التهديدات المسلحة؛ حيث من المحتمل أن تؤدي الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها رئيس الوزراء السابق "عمران خان" إلى مزيد من المحاولات العسكرية لتهميشه هو وحزبه "حركة الإنصاف الباكستانية" (PTI)، بما في ذلك محاولة إعادة اعتقاله أو حظر حزبه.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تتمثل أبرز التوقعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الثالث من عام 2023 فيما يلي:

1- تفاقم الأزمات في شمال أفريقيا جراء استمرار موجة الجفاف: من المرجح أن يستمر الجفاف التاريخي في المغرب وتونس والجزائر خلال موسم حصاد الحبوب الصيفي، حيث سيؤدي فشل المحاصيل إلى زيادة اعتماد شمال أفريقيا على الغذاء المستورد، وتفاقم الأزمات الاقتصادية الحالية، وفرض ضغوط إضافية على الحكومات الهشة بالفعل.

2- استمرار المضايقات البحرية الإيرانية في منطقة الخليج العربي: من المستبعد أن تقوم طهران بتخفيف حملة المضايقات البحرية في منطقة الخليج العربي. وعلى الرغم من أن الحملة الإيرانية تستهدف المصالح الإسرائيلية والأمريكية بشكل أساسي، إلا أنها قد تسبب في أضرار جانبية لدول المنطقة وتشكل مخاطر على الأعمال التجارية.

3– تبني تركيا سياسة اقتصادية تتفق مع التكنوقراط والشعبوية: من المرجح أن تتبنى تركيا استراتيجية اقتصادية تتناسب مع التكنوقراط المعينين حديثاً، في الوقت الذي ستحتفظ فيه ببعض الخصائص الشعبوية في سياساتها الاقتصادية والخارجية. والجدير بالذكر أنه في يونيو الماضي، عيَّن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مجلس وزراء جديداً يضم تكنوقراطاً قدامى مثل "محمد شيمشك" لقيادة اقتصاد البلاد.

4- تقلص الممانعة التركية بشأن انضمام السويد إلى حلف الناتو: في ظل عدم وجود انتخابات تتطلب من أنقرة التغلب على القوميين، سيكون لدى الحكومة التركية حافز أقل لمنع انضمام السويد إلى الناتو، ويتوازى ذلك مع وجود ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة على أنقرة للسماح للسويد بالمضي في محاولتها الانضمام إلى الحلف، كما أن أنقرة يمكن لها أن تصدق على طلب ستوكهولم بحلول موعد قمة الناتو المقبلة في يوليو الجاري.

5– اتباع أنقرة سياسة خارجية متشددة لتأكيد وضعها الإقليمي: قد تعود تركيا إلى تبني سياستها الخارجية المتشددة بقوة، مثل اتجاهها إلى التنقيب العدواني عن النفط في شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى تعزيز عملياتها العسكرية في سوريا والعراق، كما أن الحكومة التركية تهدف إلى تأكيد وضعها الإقليمي؛ لأنها لا تواجه حالياً مخاطر انتخابية في الداخل.

6– تمكن الجانب الصيني من تعزيز علاقاته مع دول المنطقة: من المتوقع أن يظهر النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي للصين في الشرق الأوسط خلال قمتي البريكس ومنظمة شنجهاي للتعاون خلال الربع الثالث من 2023. وستحاول الولايات المتحدة تعويض هذا النفوذ الاقتصادي من خلال تعزيز الهياكل الأمنية المدعومة أمريكياً.

قارة أمريكا اللاتينية

يمكن تناول أبرز التوقعات في قارة أمريكا اللاتينية خلال الربع الثالث من عام 2023؛ وذلك على النحو التالي:

1– تزايد المخاطر الاقتصادية بالأرجنتين نتيجة الانتخابات التمهيدية: ستقدم الانتخابات الرئاسية التمهيدية في الأرجنتين في 13 أغسطس المقبل مؤشراً قوياً عن الأحزاب التي من المرجح أن تفوز بالرئاسة خلال الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر. وفي حال ما تقدم في الانتخابات التمهيدية "الائتلاف الشعبوي الحاكم" أو المرشح الليبرالي "خافيير ميلي"، فقد يؤدي ذلك إلى إثارة الذعر بين المستثمرين.

2– تواصل ضغوط الكونجرس البرازيلي ضد سياسات الرئيس البيئية: من المتوقع أن تواصل الحكومة البرازيلية جهودها الرامية لمكافحة إزالة الغابات، مع تنفيذ الرئيس "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا" خطة عمل حكومته لمنع ومكافحة إزالة الغابات في منطقة الأمازون. ومن المرجح أن يواصل الوسطيون في الكونجرس ضغوطهم ضد إجراءات الرئيس من خلال العمل على وضع تشريعات هادفة للحد من سلطة الوزارات المشاركة في إجراءات الحكومة لمكافحة إزالة الغابات، ولإجبار الرئيس على الدخول في مفاوضات للتوصل إلى حلول وسط.

3– صوغ دستور جديد في تشيلي داعم للأنشطة الصناعية والتعدينية: سينتهي المجلس الدستوري التشيلي ذو الميول اليمينية خلال الربع الثالث من العام من مشروع دستور جديد يكرس المبادئ المؤيدة للأعمال التجارية التي ستخفف من مخاوف المستثمرين، خاصةً في قطاع التعدين.

4– إضرار فوز الشعبويين المتوقع بالانتخابات في الإكوادور ببيئة الأعمال: فيما يُنتظر أن تشهد الانتخابات المبكرة في الإكوادور منافسة رئيسية على منصب الرئاسة ومقاعد المجلس التشريعي بين "الاتحاد الاشتراكي من أجل الأمل"، وأحزاب "باتشاكوتيك" التي يقودها السكان الأصليون، فمن المرجح أن تؤدي الانتخابات العامة في الإكوادور في أغسطس إلى حكومة قومية، وهو ما سيؤدي إلى تدهور مناخ الأعمال في البلاد.

منطقة أفريقيا جنوب الصحراء

هناك العديد من الاتجاهات المتوقعة في أفريقيا جنوب الصحراء خلال الربع الثالث لعام 2023؛ وذلك على النحو التالي:

1– استمرار الاضطرابات وحالة الحرب القائمة في السودان: رغم استمرار مبادرات الوساطة من جانب القوى العالمية والإقليمية، فإن من المرجح استمرار الصراع في السودان خلال الربع الثالث من العام الحالي؛ إذ أنه من المُستبعد أن يكون هناك تفاهم بين قائد القوات المسلحة السودانية "عبد الفتاح البرهان" وقائد قوات الدعم السريع "محمد حمدان دقلو" (حميدتي). ويأتي ذلك لكون طرفي الصراع ينظرون إليه باعتباره "أفضل فرصة لضمان استمرار وجودهم في السلطة بالسودان".

2– تزايد مخاطر اندلاع صراعات في دول الجوار السوداني: من المتوقع أيضاً تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة؛ حيث يُرجح استمرار فرار المدنيين إلى البلدان المجاورة، مثل مصر، وتشاد، وجنوب السودان، وتجاوز أعداد اللاجئين عتبة "المليون" خلال الربع الثالث من العام الجاري، وما يستتبعه ذلك بالضرورة من تصاعد حدة الجوع والفقر والأزمات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، ومن ثم تزايد مخاطر اندلاع النزاعات والصراعات في الدول المجاورة.

3– تصاعد الاضطرابات السياسية والاجتماعية في نيجيريا: من المتوقع أن يسعى الرئيس النيجيري "بولا تينوبو" إلى استرضاء المناطق الاستراتيجية والحيوية بالبلاد، بما في ذلك منح التعيينات في المناصب السياسية البارزة لأبناء هذه المناطق. وعلى هذا النحو، من المرجح بشكل كبير تزايد المقاومة الاجتماعية لـ"تينوبو" في المناطق المحرومة والمهمشة، وأن تكون أكثر عرضةً للاضطرابات خلال الربع الثالث من العام الجاري؛ نظراً إلى التصور السائد بأن التوزيع الوطني للموارد يتبع إلى حد كبير التوزيع الإقليمي للسلطة.

4– تعمق الاستياء الشعبي من الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا: يعاني حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا من مستويات منخفضة قياسية من الدعم، ومن المرجح تزايد عمق الاستياء الشعبي من الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، بالنظر إلى استمرار أزمات انقطاع التيار الكهربائي في البلاد، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي، وتزايد الضغوط على النشاط التجاري، وتدهور بيئة الأعمال في البلاد.

5– إعادة انتخاب الرئيس "إيمرسون منانجاجوا" في زيمبابوي: من المرجح أن تكون الانتخابات في زيمبابوي مشوبة بممارسات غير نزيهة، وأن تشهد مخالفات واسعة أثناء عملية التصويت، وكذلك أعمال عنف؛ نظراً إلى رغبة الرئيس "إيمرسون منانجاجوا" في توظيف جميع الصلاحيات المتاحة له للفوز بولاية ثانية. وعلى هذا النحو، من المقرر أن يُعاد انتخاب "منانجاجوا" في 23 أغسطس المقبل، في مقابل خسارة "نيلسون تشاميسا" عضو البرلمان السابق والزعيم الشعبي لـ"تحالف المواطنين المعارضين من أجل التغيير" للسباق الانتخابي.

6– توظيف روسيا القمة الأفريقية لتعزيز نفوذها بالساحل الأفريقي: ستستخدم روسيا قمتها المرتقبة مع الدول الأفريقية التي ستستضيفها في سان بطرسبرج بنهاية يوليو 2023، للتفاوض بشأن صفقات متنوعة مع دول منطقة الساحل الأفريقي، سيتركز معظمها على مشروعات البنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة. وفي ضوء ذلك، من المتوقع أن يكون الدعم الغذائي الروسي مفيداً للغاية من الناحية السياسية للقادة العسكريين في مالي وبوركينا فاسو على وجه الخصوص.

7– محاولة القوى الغربية مزاحمة النفوذ الروسي بداخل أفريقيا: من المتوقع أن يثير النفوذ الروسي المتزايد في أفريقيا مخاوف القوى الغربية على خلفية المنافسة الجيوسياسية الأوسع بينها وبين موسكو وبكين داخل القارة. ومن المرجح أن تحاول الولايات المتحدة وفرنسا، على وجه الخصوص، عكس تأثير القمة من خلال الإعلان عن صفقات أمنية واستثمارية جديدة في تشاد والنيجر، حتى في الوقت الذي تنتقد فيه الدول الغربية الأنظمة السياسية بهذه الدول.

المصدر:

2023 Third-Quarter Forecast, Stratfor, June 20, 2023.

الاتجاهات المحتملة في أقاليم العالم خلال الربع الثالث من 2023