أجرى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في 13 نوفمبر 2023، تعديلاً وزارياً مثيراً؛ حيث أقال وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، وحل محلها وزير الخارجية جيمس كليفرلي، كما قام بتعيين رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في منصب وزير الخارجية، بعد غيابه نحو سبع سنوات عن المجال السياسي، بجانب إجرائه بعض التعديلات الوزارية المحدودة، وهي الخطوة التي وصفها منتقدو سوناك بـ"اليائسة"، بينما اعتبرها البعض الآخر من داعميه "جريئة"؛ وذلك على اعتبار أن هذا التعديل الوزاري بمنزلة إصلاح شامل لمجلس الوزراء، ناهيك عن كونه محاولة لإنقاذ شعبية حزب المحافظين، الذي يتخلف كثيراً عن منافسه التقليدي (حزب العمال) في استطلاعات الرأي، بعد استمراره في السلطة منذ أكثر من 13 عاماً في السلطة. وقد أثارت العودة غير المتوقعة لديفيد كاميرون إلى السياسة البريطانية تساؤلات عديدة حول الآثار المترتبة على سياسات المملكة المتحدة تجاه العالم الخارجي، خاصة في ظل البيئة الدولية المشحونة بالعديد من الأزمات.
أبعاد التغيير
ثمة أبعاد متعددة كشفت عنها التعديلات الوزارية التي أجراها سوناك على حكومته مؤخراً، ومن أبرزها:
1- الجدل حول شخصية وزيرة الداخلية: كانت برافرمان منذ فترة طويلة شخصية مثيرة للجدل داخل حزب المحافظين؛ حيث حاولت إثارة القواعد الشعبية اليمينية من خلال رسائلها الشعبوية، وأصبحت وجهاً لموقف بريطانيا المتشدد ضد طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، لكن خطابها وفترة عملها المليئة بالجدل في الحكومة أثارا مخاوف العديد من الأعضاء المعتدلين في الحزب، خاصة أن فترة ولايتها قد شهدت فضائح وتصريحات مثيرة للانقسام، وهو ما تسبب منذ فترة طويلة في حدوث انقسامات في حكومة سوناك.
وفي مقال افتتاحي نُشر في صحيفة التايمز، وفي هجوم غير معتاد على الشرطة الأسبوع الماضي، اتهمت برافرمان قوات شرطة لندن بأنها تتجاهل خرق القانون من قبل "الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين"، ووصفت المتظاهرين المطالبين بوقف إطلاق النار في غزة بأنهم "مسيرات كراهية"، بينما اتهمت الشرطة بأنها كانت "أكثر صرامة في التعامل مع المتظاهرين اليمينيين"، وهو ما قد أثار انتقادات واسعة النطاق، بما في ذلك الانتقادات من داخل حزبها، وهي مواقف رفضت برافرمان التراجع عنها أو التخفيف من حدتها، على الرغم من مطالبات سوناك لها بذلك.
2- إعادة "ديفيد كاميرون" إلى الحكومة وزيراً للخارجية: أعلن سوناك عن عودة كاميرون إلى الواجهة السياسية وزيراً للخارجية، في خطوة مذهلة ليس لها مثيل في التاريخ السياسي البريطاني الحديث؛ إذ رجع رئيس وزراء أسبق إلى إحدى الحقائب الوزارية بعد سنوات من مغادرته السلطة؛ حيث استقال كاميرون من منصبه رئيساً للوزراء عام 2016؛ وذلك بعد أن صوتت بلاده لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء كان قد دعا إليه؛ الأمر الذي دفع حزبه إلى سنوات من عدم الاستقرار الذي لا يزال يكافح للخروج منه. ومن اللافت للنظر أن سوناك يراهن على أن إعادة كاميرون إلى الحكومة من شأنها تحقيق الاستقرار الذي كان مفقوداً، لكنه – في الوقت ذاته – يخاطر بتعميق وجهة النظر بين قطاعات كبيرة من الجمهور بأن أفكار الحزب قد استنفدت.
3- إجراء تغييرات في بعض الحقائب الوزارية: أدى التعديل الوزاري أيضاً إلى حدوث تغييرات في عدة حقائب وزارية، ومن أهمها حصول "ستيف باركلي" على حقيبة البيئة محل حليفة ليز تراس "تيريز كوفي"، وهو الأمر الذي يعتبر تخفيضاً لرتبته السابقة؛ حيث كان يعمل وزيراً للصحة. ونقل أيضاً "جيمس كليفرلي" من وزارة الخارجية إلى وزارة الداخلية.
وفي تعديل آخر، أصبحت "لورا تروت" وزيرة الخزانة البريطانية، في حين انتقل "جون جلين" ليصبح المسؤول العام عن الرواتب؛ وذلك بعدما كان حليفاً رئيسياً لسوناك ووزيراً مخضرماً نسبياً للخزانة، وكان في وقت من الأوقات مرشحاً ليكون بديلاً لوزير الدفاع "بين والاس"، في حين سيبقى "جيريمي هانت" في منصب المستشار، وهو أعلى منصب في وزارة المالية في السياسة البريطانية. وتولى وزير النقل السابق ريتشارد هولدن، منصب رئيس حزب المحافظين خلفاً لـ"جريج هاندز"، الذي تولى منصب وزير التجارة للمرة الرابعة، وهي ما تعد فرصة كبيرة لـ"ريتشارد هولدن" لحشد حزب المحافظين للمعركة الانتخابية الصعبة المتوقعة العام المقبل.
4- محاولة "سوناك" إحداث "ثورة للتغيير": تأتي التعديلات الوزارية في الوقت الذي يواجه فيه حزب سوناك تراجعاً في الشعبية بين الناخبين؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن المحافظين ينجرفون نحو هزيمة انتخابية محتملة العام المقبل، خاصة بعدما تولوا بالفعل رئاسة خمس حكومات خلال سبع سنوات، وهو ما يثير مزيداً من السخط في صفوف الشعب البريطاني من عدم قدرة سوناك على تعزيز حظوظ المحافظين.
ونتيجة لذلك، وقبل شهر تقريباً، خاطب سوناك أعضاء حزب المحافظين في مؤتمرهم السنوي، واصفاً نفسه بأنه "مرشح التغيير"، وهاجم بشكل مباشر عدة جوانب من السنوات الـ13 الماضية التي قضاها حزبه في السلطة؛ لذلك اعتبر العديد من المحللين التعديلات الوزارية خطوةً غير متوقعة، ومحاولة من رئيس الوزراء البريطاني لإعادة رسم تصورات حزب المحافظين الذي يتخلف عن حزب العمال المعارض بأكثر من 20 نقطة في استطلاعات الرأي، خاصة بعد الهزيمة التي مني بها المحافظون في الانتخابات المحلية الأخيرة أمام حزب العمال.
5- مساعٍ لتعزيز مكانة تيار الوسط: عقب هذه التعديلات بات يُنظر إلى رئيس الوزراء ريشي سوناك على أنه يميل لدعم مكانة تيار الوسط داخل حزب المحافظين قبل انتخابات العام المقبل؛ وذلك بعدما كان مؤيداً قوياً لجانب اليمين المتطرف في الحزب، الذي تتلخص أفكاره في دعم الخروج من الاتحاد الأوروبي، واتخاذ مواقف رافضة بشأن حقوق المتحولين جنسياً، ومنحه تأييداً قوياً لخطط برافرمان لترحيل اللاجئين إلى رواندا، وهو أمر غير قانوني منعته المحاكم البريطانية.
تداعيات محتملة
مما لا شك فيه أن التعديلات الوزارية الأخيرة ستتبعها مجموعة من التداعيات المحتملة، خاصة في ظل عودة كاميرون وزيراً للخارجية، ولا سيما تمتعه بقدر كبير من الفهم العميق للشؤون الدولية والتحديات التي تواجه المملكة المتحدة، فضلاً عن شبكة اتصالاته مع زعماء وحكومات العالم، بصفته رئيساً للوزراء ووزيراً سابقاً للخارجية، وهو ما سيعطيه ميزة كبيرة في المفاوضات والدبلوماسية في إدارة الملفات والقضايا الدولية الراهنة. ومن أبرز هذه التداعيات ما يلي:
1- منح مزيد من الدعم لصورة حزب المحافظين: يأمل المطلعون على الحكومة أن يكون من شأن إعادة كاميرون إلى مجلس الوزراء، وترك "جيريمي هانت" في وزارة الخزانة، ونقل "جيمس كليفرلي" إلى وزارة الداخلية، أن يمنح سوناك الدعم الذي يحتاجه لإعادة تصحيح صورة حزبه المنهارة خلال السنوات الماضية. أما من جانبه، فقد كتب كاميرون عقب توليه الحقيبة الوزارية يوم الاثنين الماضي أنه "قبِل بكل سرور" عرض سوناك ليصبح وزيراً للخارجية، قائلاً: "لقد قررت الانضمام إلى هذا الفريق لأنني أعتقد أن ريشي سوناك رئيس وزراء جيد يقوم بعمل صعب في وقت صعب.. وأريد أن أدعمه".
يأتي هذا الدعم من قبل كاميرون على الرغم من الانتقادات التي سبق أن وجهها إلى رئيس الوزراء الحالي، ولعل أبرزها إلغاء الأخير مشروع السكك الحديدية العالية السرعة – الذي كان يدافع عنه كاميرون – بالإضافة إلى أن كاميرون كان مدافعاً عن احتفاظ المملكة المتحدة بالتزامها بإنفاق 0.7% من الدخل القومي الإجمالي على المساعدات الدولية، وهو الالتزام الذي تخلى عنه سوناك؛ حيث أوضح كاميرون في بيانه أنه "على الرغم من أنني ربما اختلف مع بعض القرارات الفردية، فمن الواضح بالنسبة إلي أن ريشي سوناك رئيس وزراء قوي ومقتدر، ويُظهر قيادة مثالية في وقت صعب".
2- احتمالية تزايد الخلافات داخل حزب المحافظين: يمكن القول إن قرار سوناك بتعيين كاميرون وإقالة برافرمان من المرجح أن يثير غضب الجناح اليميني في حزب المحافظين، ويؤجج التوترات داخل الحزب الذي سعى سوناك إلى تهدئته، لكنه يمكن أن يستعيد الناخبين الوسطيين الذين شعروا بالفزع من ميل الحزب إلى اليمين. أما بالنسبة إلى منتقدي سوناك، فإن تعيين كاميرون الذي انتقد سياساته – والذي رفض في المقابل قيادته – كان عملاً يائساً لإحياء حكومته المتعثرة. ولكن قد يبدو سحب حكومته إلى الوسط أمراً معقولاً؛ لأن أرقام استطلاعات الرأي لحزب المحافظين لا تزال سيئة للغاية، ويبدو أن عامة الناس قد سئموا من السياسة المضطربة.
3- تحسن نسبي للأوضاع الأمنية داخلياً: ربما سيتبنى وزير الداخلية الجديد نهجاً مختلفاً في التعامل مع الهجرة والجريمة والشرطة عما اتبعته برافرمان؛ فعلى النقيض من سياساتها، من غير المرجح أن يخرج كليفرلي أو كاميرون عن النص ويهاجموا الشرطة أو المتظاهرين، بل قد يسمح هذا التعديل لـ"كليفرلي" بفرصة للدفاع عن موقف بلاده إزاء حقوق الإنسان؛ ففي وقت سابق من هذا العام، تحدى كليفرلي يمين حزب المحافظين بالقول: "إن المملكة المتحدة يجب أن تظل من الدول الموقعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
4- البحث عن آليات جديدة للتعامل مع ملف الهجرة: سيكون على وزير الداخلية الجديد في حكومة سوناك "جيمس كليفرلي"، التعاطي مع ملف الهجرة باعتباره من القضايا الرئيسية على أجندة الحكومة؛ حيث سيطالب بطرح آليات جديدة للتعامل مع هذا الملف، وخاصةً مع قرار المحكمة العليا في المملكة المتحدة، يوم 15 نوفمبر 2023، برفض خطة الحكومة المتعلقة بإرسال المهاجرين إلى رواندا.
وفي هذا الصدد، سيؤدي قرار المحكمة إلى تصاعد الضغوط على وزير الداخلية الجديد، لا سيما أن التيار اليميني داخل حزب المحافظين قد يستخدم القرار في توجيه المزيد من الانتقادات لرئيس الحكومة سوناك، ويطالبه مثلاً بالانسحاب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ نظراً إلى كون هذه العضوية تُستخدَم سنداً قانونياً لرفض خطة الحكومة لإرسال المهاجرين إلى دول ثالثة. ويُلاحَظ هنا أن وزيرة الداخلية المُقالَة "سويلا برافرمان" وجَّهت انتقادات حادة إلى رئيس الوزراء عقب خروجها من الحكومة، واتهمته "بالخيانة في ملف الهجرة"، وذكرت أنه "لا يرغب في القيام بما يلزم فيما يتعلق بمواجهة المهاجرين".
5- احتمالية تهدئة الخلافات مع بكين: كان كاميرون من أبرز المؤيدين في الغرب لعلاقات جيدة مع الصين طوال فترة رئاسته للحكومة؛ حيث كان يسعى إلى جذب الاستثمارات الصينية في البنية التحتية البريطانية؛ إذ أشار إلى أن العلاقات مع بكين كانت في "عصر ذهبي" في عام 2015، عندما قام الرئيس شي جين بينج بزيارة إلى بريطانيا، لكن العلاقات توترت بشكل كبير وسط تصاعد التوترات الأمنية والجيوسياسية بين بكين والغرب، حتى وصل الأمر إلى أن سوناك قد أوضح العام الماضي أن "العصر الذهبي قد انتهى"؛ وذلك على خلفية تقييد لندن الاستثمارات الصينية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وخلال فترة عمله رئيساً للوزراء، تعاون كاميرون مع الصين في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة، بل سمح أيضاً للصين بالمشاركة في الصناعات البريطانية الحساسة، بما في ذلك بناء المطارات ومشاريع الطاقة النووية، وعلى رأسها مشاركة شركة هواوي في مشروع شبكة 5G البريطانية. وفي سبتمبر الماضي، روج كاميرون لمشروع بورت سيتي كولومبو في سريلانكا باعتباره جزءاً من برنامج الحزام والطريق الصيني؛ وذلك خلال تحدثه في أحد المنتديات الاستثمارية المتعلقة بالمبادرة الصينية، في إشارة إلى قناعته بأهمية أدوار المشروعات الصينية في الاقتصاد العالمي.
وفي السياق ذاته، في يوليو من هذا العام، استشهدت لجنة الاستخبارات والأمن (ISC) التابعة لبرلمان المملكة المتحدة بأدلة سرية تشير إلى أن كاميرون كان له دور تنسيقي في إنشاء الصندوق الاستثماري البريطاني–الصيني؛ حيث استخدمت اللجنة هذا الدليل لدعم الادعاء بأن الصين تسللت إلى اقتصاد المملكة المتحدة، منتقدة الحكومة البريطانية لفشلها في الرد على التهديد الصيني.
6- تأكيد الموقف المضاد لموسكو: حينما كان اللورد كاميرون رئيساً للوزراء، ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم، وسلح المتمردين الانفصاليين في دونباس، وعندما دعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامةً لمعاقبة بوتين بسبب عملية الضم، اصطدم بالمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، التي قاومت دعوته، لكن بريطانيا أصرت على فرض حظر على صادرات الأسلحة إلى روسيا، وطالبت أيضاً بطرد موسكو من اجتماعات مجموعة الثماني للقوى العالمية؛ لذلك فإن من غير المرجح أن يتخذ كاميرون نهجاً دبلوماسياً هادئاً إزاء موسكو في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وقد ظهرت مؤشرات هذا التوجه مع الزيارة التي أجراها وزير الخارجية "ديفيد كاميرون" إلى أوكرانيا يوم 16 نوفمبر الجاري، ولقائه الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي". وأشار وزير الخارجية البريطاني خلال اللقاء إلى أنه "سنواصل تقديم الدعم المعنوي والدبلوماسي والاقتصادي، لكن قبل كل شيء، الدعم العسكري الذي تحتاجون إليه.. مهما طال الوقت"، كما ذكر "زيلينسكي" في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: "أسلحة لجبهات القتال، وتعزيز منظومات الدفاع الجوي، وحماية شعبنا والبنى التحتية الحيوية. أنا ممنون للمملكة المتحدة على دعمها".
7- تعزيز العلاقات مع واشنطن: يتمتع كاميرون بعلاقات وثيقة مع المؤسسة الأمريكية، ومن المرجح أن يعمل على تعميق العلاقة الخاصة بين لندن وواشنطن، التي وصلت إلى حد انتقاد البعض سياسته الخارجية باعتبارها "أطلسية للغاية". وعقب توليه الحقيبة الوزارية حديثاً، تلقى أول اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لمناقشة الأوضاع الدولية والتنسيق بشأنها، وعلى رأسها الصراع بين إسرائيل وحماس، ولا سيما تأكيدهما قوة وعمق الاتفاق بين الطرفين إزاء مختلف القضايا الأخرى.
8- مواصلة الدعم البريطاني لإسرائيل: إن إرث السياسة الخارجية لديفيد كاميرون عند التعامل مع الأزمات الدولية مختلط؛ فعندما كان رئيساً للوزراء، دعم التدخل العسكري بقيادة الناتو في ليبيا عام 2011 الذي أطاح بمعمر القذافي وعمق الفوضى في البلاد. وفي عام 2013، حاول وفشل في الحصول على دعم البرلمان للغارات الجوية البريطانية ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وهو ما يشير إلى سهولة تقبله استخدام القوة العسكرية في الشرق الأوسط.
وفيما يخص الصراع بين إسرائيل وحماس، سبق أن وصف كاميرون قطاع غزة، في عام 2010، بأنه "معسكر اعتقال" وانتقد المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، على الرغم من حفاظه على تحالف بريطانيا الوثيق مع تل أبيب، ودعا إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكن في 9 أكتوبر الماضي، عندما أعلنت تل أبيب عن حصار شامل على غزة وقصفت القطاع، رداً على الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس، أدلى اللورد كاميرون بتصريحات لصالح إسرائيل، وقال على موقع "X"، مع وضعه العلم الإسرائيلي: "إنني أقف في تضامن كامل مع إسرائيل في هذا الوقت الأكثر تحدياً، وأدعم بشكل كامل رئيس الوزراء وحكومة المملكة المتحدة في دعمهما الثابت لها".
ختاماً، يمكن القول بأن السياسة الخارجية البريطانية كانت متسقة نسبياً على مدى السنوات القليلة الماضية، وتستفيد من الإجماع الواسع بين الأحزاب، فيما عدا الخلافات مع بكين؛ لذلك فمن المستبعد أن يطرأ تغير كبير على سياسات لندن تجاه الأزمات والقضايا العالمية؛ وذلك في ظل عدم تغير النهج الخارجي لريشي سوناك نفسه. من ناحية أخرى، يشير بقية التعديل الوزاري إلى الرغبة في جذب مزيد من الأصوات الأكثر ليبراليةً من القاعدة الانتخابية المحافظة، وخاصة في ضوء اقتراب الانتخابات العامة خلال العام المقبل.