Nuclear Energy:

على خلفية تسارع الخطى العالمية نحو تعزيز انتقال الطاقة، والتحول بعيداً عن الطاقة الأحفورية، والسير قدماً نحو تحقيق هدف بلوغ صافي صفر انبعاثات كربونية، بما يصب في صالح التخفيف من حدة ظاهرة التغير المناخي، ومكافحة تبعاتها المنتشرة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فإن الطاقة النووية تعد من أهم مصادر الطاقة البديلة المنخفضة الانبعاثات الكربونية، التي يُعوَّل عليها في تحقيق أمن الطاقة؛ وذلك نظراً إلى قدرة تلك الطاقة على المساعدة بشكل آمن في تحقيق انتقال الطاقة، التي تهيمن عليها مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

وفي ضوء ذلك، فإن بإمكان الدول التي تعمد إلى تعزيز امتلاكها الطاقة النووية، أن تستفيد من ذلك في تقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية المستوردة؛ فرغم تأثير جائحة كوفيد–19 سلباً على تلك السوق في عام 2020، فإنه بتخطي الجائحة، وصلت السوق في الوقت الراهن إلى مستويات ما قبل الوباء. ولعل عوامل، كقدرة الطاقة النووية على توليد الكهرباء مع انخفاض انبعاثات الكربون مقارنةً بالوقود الأحفوري، هي الدافع وراء نمو السوق على المدى المتوسط، مدفوعةً بما جلبته الحرب الأوكرانية من مخاطر هددت أمن الطاقة لدى الكثير من الدول، وبالأخص الغربية، بما عزز وجود ذلك القطاع ومنحه أهمية متزايدة، بغية زيادة مصادر الطاقة وتحقيق أمنها واستقلالها بعيداً عن أي ضغوط جيوسياسية محتملة.

إمكانات هائلة

تتمتع الطاقة النووية بعدد من المزايا والإمكانات الهائلة التي تشكل حافزاً كبيراً نحو تنامي الصناعة وزيادة الاهتمام الدولي بها، وهو ما نستعرضه من خلال ما يأتي:

1– توفير طاقة تحميل أساسية ثابتة: تتمتع الطاقة النووية بالقدرة على توفير طاقة تحميل أساسية ثابتة، وهي ما أمر ضروري لدعم وموازنة نظام الكهرباء، خاصةً أن أنظمة الطاقة المتجددة تعاني في الوقت الراهن من مشاكل التقطع؛ فهي لا تتولد إلا عندما تهب الرياح، أو مع شروق وسطوع الشمس، فيما تعد بعض التقنيات، كتخزين الطاقة، غير متاحة بالقدر الكافي الذي يمكن أن يوازن من خلاله تلك التقطعات، أو تخزين الطاقة عندما يكون هناك فائض في التوليد. وفي هذا الصدد، فإن الطاقة النووية تساعد على تجنب بلوغ الذروة أو الانخفاض والتقطع الشديد خلال التشغيل؛ وذلك نظراً إلى قدرتها على توليد حمل أساسي ثابت.

2– القدرة على توليد طاقة منخفضة الكربون: تعد الطاقة النووية بمنزلة تكنولوجيا قادرة على توليد طاقة منخفضة الكربون، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ إذ تأتي باعتبارها ثاني أكبر مصدر للطاقة المنخفضة الانبعاثات بعد الطاقة الكهرومائية؛ وذلك مع وجود عدد كبير من المحطات النووية المنتشرة في 32 دولة، ينبعث منها نحو 63% من قدرة التوليد النووية من محطات يبلغ عمرها أكثر من 30 عاماً، وهي المحطات التي تم بناء العديد منها عقب الصدمات النفطية في السبعينيات من القرن الماضي، وإن كانت قد عمدت مجموعة من الاقتصادات المتقدمة والناشئة مؤخراً إلى الإعلان عن استراتيجيات للطاقة تتضمن أدواراً محورية للطاقة النووية، بما ساهم في فتح آفاق وحوافز مالية كبيرة لتعزيز الاستثمار فيها.

3– المساهمة في مكافحة التغير المناخي: توفر الطاقة النووية فوائد كبيرة في مجال الطاقة الحرارية مقارنةً بالفحم والنفط والغاز، وفي المقابل تعد جزءاً أساسياً من تحقيق الهدف العالمي الرامي إلى خفض الانبعاثات الكربونية إلى صفر. ولعل ذلك ما يبرر الاهتمام الواسع من قبل مجموعة كبيرة من المستثمرين بذلك النوع من الطاقة؛ فعلى الرغم من التحديات التي تواجهها الطاقة النووية في بعض البلدان، فإنها تظل تتمتع بإمكانات كبيرة للمساهمة في إزالة الكربون من قطاع الطاقة.

4– المشاركة في تحقيق أمن الكهرباء: تساهم محطات الطاقة النووية في تحقيق أمن الكهرباء بطرق عدة؛ وذلك بالحفاظ على استقرار شبكات الطاقة، واستكمال استراتيجيات إزالة الكربون؛ حيث يمكن تعديل إنتاجها لمرافقة التحولات في الطلب والعرض. ومع ارتفاع حصة مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، فإن مثل تلك الخدمات تزداد أهميتها والحاجة إليها. يذكر في هذا السياق، أن الطاقة النووية تسهم في توليد نحو 10% من الكهرباء على مستوى العالم، وترتفع إلى ما يقرب من 20% في الاقتصادات المتقدمة.

5– سوق جذابة لرواد الأعمال والمستثمرين: دفع الاهتمام الواسع بالتطورات النووية في جميع أنحاء العالم، إلى زيادة الفرص والتطبيقات للطاقة النووية؛ فبعدما كانت الطاقة النووية ترمز تاريخياً إلى محطات الطاقة النووية الواسعة النطاق فحسب، فإنه بمرور السنوات ومع التقدم التكنولوجي المتسارع، اتسع مدى تطبيقات الطاقة النووية، حتى باتت قادرة على فتح فرص جديدة أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما أضحى يشجع المطورين على النظر والبحث عن تطبيقات جديدة للطاقة النووية، للاستفادة منها في عدة مجالات، كالشحن والزراعة والغذاء والطب واستكشاف الفضاء وتحلية المياه.

مؤشرات الاهتمام

خلال السنوات الأخيرة، برز الاهتمام الدولي بالطاقة النووية بصفتها أحد مصادر الطاقة المنخفضة الكربون، ولعل هناك مؤشرات عديدة على تنامي تلك السوق، وهو ما يمكن تسليط الضوء عليه فيما يأتي:

1– تصدُّر الولايات المتحدة الاستهلاك العالمي للطاقة النووية: تُعَد الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة النووية؛ حيث يُقدَّر استهلاكها من الطاقة النووية بأكثر من 30% من الاستهلاك العالمي في عام 2022؛ إذ إنه في ذلك العام، بلغ إجمالي استهلاك الطاقة النووية في الولايات المتحدة 7.3 إكساجول، تليها الصين التي تنامى استهلاكها للطاقة النووية خلال السنوات الثلاث الماضية من 13.6% في عام 2020 إلى 15.6% في عام 2022، ثم فرنسا التي يُقدَّر استهلاكها من الطاقة النووية بنحو 11% من الاستهلاك العالمي، تتبعهما روسيا التي حافظت على معدل متقارب من الاستهلاك للطاقة النووية خلال السنوات الثلاثة الماضية، من 8% في عام 2020 إلى 8.4% في عام 2022.

2– التنافس الصيني الأمريكي على إنتاج الطاقة النووية: تتنافس كل من الولايات المتحدة والصين على ريادة صناعة الطاقة النووية؛ فعلى الرغم من امتلاك الولايات المتحدة مفاعلات نووية هي الأكثر قابليةً للتشغيل في كافة أنحاء العالم، مع وجود نحو 93 وحدة قيد التشغيل ابتداءً من مايو 2023 – وهو ما يمثل ضعف عدد المفاعلات القابلة للتشغيل في الصين تقريباً – فإنه من المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة بصفتها أكبر منتج للطاقة النووية في العالم.

إذ إنه اعتباراً من نوفمبر 2021، أعلنت الصين عن خطط لبناء ما لا يقل عن 150 مفاعلاً جديداً في السنوات الخمسة عشر المقبلة، وهو أكثر من العدد الذي أنشأته باقي دول العالم في الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية. وقد جاءت تلك الخطوة وسط معاناة الصين من نقص الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي، وقد قُدِّرت تكلفة الطموح النووي الجديد للصين بنحو 440 مليار دولار. وعلى خلفية ذلك، أعلنت الشركة العامة للطاقة النووية الصينية أنها تتطلع إلى توسيع قدرتها النووية بشكل كبير بحلول عام 2035.

كما يُتوقَّع أن تُعزَّز سوق الطاقة النووية الصينية مع زيادة القدرة بنسبة 10.3% سنوياً بين عامي 2018 و2027؛ ما يؤدي إلى أكثر من 95 جيجاواط من قدرة الطاقة النووية المركبة؛ وذلك في ضوء توظيف الصين التكنولوجيا الأكثر تقدماً والمعايير الصارمة لتطوير محطات الطاقة النووية؛ إذ إنه اعتباراً من أكتوبر 2022، كان لدى الصين 54 مفاعلاً للطاقة النووية العاملة بقدرة إجمالية تبلغ 52.15 جيجاواط.

3– الريادة الفرنسية في توليد الكهرباء من الطاقة النووية: في عام 2010، بلغ توليد الطاقة النووية على مستوى العالم 2630 تيراواط/ساعة، وإن كان في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية في مارس عام 2011، شهد العام انخفاضاً في الإنتاج، إلا أنه عاود الانتعاش ليبلغ ذروته عند 2657 تيراواط/ساعة في عام 2019، لتمثل الطاقة النووية في الوقت الراهن ما يقرب من 10% من توليد الكهرباء على مستوى العالم.

وتعد فرنسا – بحسب أحدث الإحصاءات الواردة على موقع البيانات Statista – صاحبة الحصة الكبرى في توظيف الطاقة النووية في توليد الكهرباء محلياً بنحو 63% من إجمالي مصادر الطاقة الأخرى، تليها سلوفاكيا التي بلغت فيها حصة الطاقة النووية في توليد الكهرباء نحو 59.2%، ثم المجر التي قُدِّرت حصتها من الطاقة النووية بالنسبة إلى إجمالي الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء، نحو 47%. واللافت في هذا الإطار، أنه رغم الإنتاج الهائل والاستهلاك الكبير للولايات المتحدة الأمريكية، فإن حصة الطاقة النووية من توليد الكهرباء بها قد بلغ في عام 2022، نحو 18.2%.

ولعل بلوغ فرنسا هذه المنزلة، يرجع إلى اهتمامها بتطوير الطاقة النووية؛ إذ إنه في فبراير 2022، أعلنت فرنسا عن خطط لتطوير ست مفاعلات جديدة للطاقة النووية، وبناء ثمانية أخرى، فضلاً عن الاتجاه نحو تطوير مفاعلات معيارية صغيرة، بغية تقليل الطلب على الطاقة في الدولة وزيادة قدرتها على إنتاج الطاقة المنخفضة الكربون.

4– تعزيز الهند قدراتها في مجال الطاقة النووية: تلتزم الحكومة الهندية بتوسيع قدرتها في مجال الطاقة النووية باعتبار ذلك جزءاً من برنامجها الضخم لتطوير البنية التحتية؛ ففي ديسمبر عام 2021، أعلنت وزارة الطاقة الذرية الهندية عن خطط لتوسيع قدرة الطاقة النووية الحالية البالغة 6.78 جيجاواط إلى نحو 22.480 جيجاواط بحلول عام 2031. ولعل مسارات الهند المتنوعة في مصادر الطاقة البديلة الأخرى، تدفع نحو التوقع ببلوغ الهند خلال السنوات المقبلة، هدف صافي صفر انبعاثات كربونية؛ وذلك عبر مجموعة من مصادر الطاقة النظيفة المختلفة، بما في ذلك الطاقة النووية.

5– توليد كوريا الجنوبية احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية: تنتج كوريا الجنوبية حالياً نحو ربع احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية، فيما تستخدم مزيجاً من الفحم والغاز المستورد لإحداث التوازن في مصادر الطاقة المختلفة. واعتباراً من سبتمبر 2022، كانت كوريا الجنوبية تمتلك 25 مفاعلاً نووياً قابلاً للتشغيل بقدرة مجمعة تبلغ 24.43 جيجاواط، وثلاثة مفاعلات بقدرة مجمعة تبلغ 4.2 جيجاواط، ومفاعلين بقدرة مشتركة تبلغ 2.8 جيجاواط قيد الإنشاء والتخطيط.

6– توقعات إيجابية بنمو حجم سوق الطاقة النووية: تشير التوقعات إلى نمو حجم سوق الطاقة النووية خلال السنوات الخمس المقبلة من 406.15 جيجاواط في عام 2023 إلى 433.67 جيجاواط بحلول عام 2028؛ وذلك بمعدل نمو سنوي مركب قدره 1.32%، وهو ما يمثل مؤشراً إيجابياً على صعود وتنامي هذا المصدر، خاصةً في إطار الاتجاه العالمي نحو توسيع مصادر الطاقة البديلة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما يدعم الهدف العالمي الرامي إلى بلوغ صافي صفر انبعاثات.

7– تنامي استثمارات الشرق الأوسط في الطاقة النووية: إن كانت مشاريع محطات الطاقة النووية تكتسب زخماً عالمياً، فإنها تلقى كذلك صدى واسعاً في منطقة الشرق الأوسط. وتعد كل من إيران والإمارات أولى الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تشهد توليد الكهرباء من محطات الطاقة النووية، تلتهما جهود واسعة من قبل السعودية ومصر والمغرب والأردن.

ففي إطار هدف دولة الإمارات الرامي إلى بلوغ صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وكذلك تصدير الطاقة النظيفة، فضلاً عن استثماراتها في الطاقة النووية في الخارج، فإنه في يونيو من عام 2023، أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن تسليم آخر المحطات الأربع للطاقة النووية في محطة براكة، لفرق التشغيل، والبدء في الاستعدادات التشغيلية والاختبارات الخاصة بها؛ وذلك قبل حصول المحطة الرابعة والأخيرة على رخصة التشغيل. وقد جاء ذلك بعد إعلان مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن التشغيل التجاري لثالث محطات براكة للطاقة النووية السلمية في فبراير من عام 2023.

8– توسع الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة النووية: تزايد نشاط "روساتوم" – المؤسسة الحكومية الروسية للطاقة الذرية- المملوكة بالكامل للدولة الروسية، في سوق الطاقة النووية الدولية؛ حيث باتت المزود الرائد للخدمات الرئيسية، حتى إنه خلال الفترة بين عامي 2009 و2018 استحوذت الشركة على 23 طلبية من أصل 31 طلبية، ونحو نصف الوحدات قيد الإنشاء حول العالم.

وعند الهجوم الروسي على أوكرانيا، تفاخرت شركة روساتوم بمشاركتها فيما يصل إلى 73 مشروعاً مختلفاً في 29 دولة، وقد كانت تلك المشاريع في مراحل مختلفة، بما في ذلك بناء مفاعلات جارية أو متعاقد عليها أو مطلوبة أو مخطط لها؛ وذلك من خلال مشاركتها في المناقصات أو دعواتها إلى شراكات. علاوةً على ذلك، أبرمت الشركة الروسية اتفاقيات ثنائية أو مذكرات تفاهم مع 13 دولة للخدمات أو التطوير العام المشترك للطاقة النووية.

وقد تباينت مشاريع روساتوم ومشاركتها من حيث الطموح والتكلفة بين محطة تارابور للطاقة النووية الهندية التي قدرت تكلفتها بنحو (700 مليون دولار أمريكي) ومحطة بوشهر الإيرانية بقيمة (850 مليون دولار أمريكي)، فضلاً عن مشروع عملاق في جنوب أفريقيا بنحو (76 مليار دولار أمريكي)، وتلك الموجودة في مصر بقرابة (30 مليار دولار) وتركيا بنحو (20 مليار دولار).

تحديات قائمة

رغم تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة النووية خلال السنوات الأخيرة، فإن تلك الصناعة يمكن القول بأنها تواجه مستقبلاً متناقضاً؛ فرغم قدرتها على إنتاج طاقة خالية من الانبعاثات الكربونية، فإنه يشوب الصناعة العديد من التحديات التي من الممكن أن تسهم في الحد من نموها، وهي التحديات المتمثلة في التكاليف الأولية الكبيرة التي تحتاجها، والمُهَل الزمنية الطويلة التي تحتاجها محطات الطاقة النووية كي تصبح قيد التشغيل، فضلاً عن المشكلات التي تواجه مشاريع الطاقة النووية أحياناً، كوجود مصادر طاقة أخرى أكثر تنافسيةً وأسرع في التركيب والتشغيل كالغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى. وعلى جانب آخر، تلقى الطاقة النووية معارضة شعبية كبيرة في العديد من البلدان كألمانيا.

لكن رغم هذه التحديات، لا يمكن القول باحتمالية تراجع نمو ذلك القطاع؛ فبينما من المرجح أن تقود الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، الجهود الرامية لاستبدال الوقود الأحفوري، فإنها تظل بحاجة إلى استكمال تلك الجهود بمصادر طاقة بديلة. وعلى اعتبار الطاقة النووية ثاني أكبر مصدر للطاقة المنخفضة الانبعاثات بعد الطاقة الكهرومائية، وبالنظر إلى قابليتها للتوزيع وإمكاناتها الواسعة نحو النمو، فإنها تظل أمامها فرص لأن يكون لها دور محوري في ضمان أنظمة كهرباء آمنة ومتنوعة ومنخفضة الانبعاثات، في المزيد من الدول، خاصةً أن هناك العديد من محطات الطاقة النووية الأخرى في مرحلة البناء أو التخطيط على مستوى العالم، وهو ما يدفع نحو احتمالية أن تصبح الخطط النووية المهمة وسيناريوهات الاستثمار في ذلك المجال، واقعاً وحقيقةً لا مجال للشك فيها، ومن ثم حدوث تطور كبير في سوق الطاقة النووية خلال السنوات القادمة.

أضف إلى ذلك اهتمام العديد من الدول في جميع أنحاء العالم بالبحث وتطوير تقنيات الطاقة النووية من الجيل الرابع لتعزيز السلامة والتقدم التقني والاقتصادي والبيئي في مجال الطاقة النووية، وهو ما يرجح أن يسهم في خلق العديد من الفرص المستقبلية لتلك السوق الواعدة.

ومع نمو التحديات والمزايا التي تشكل حافزاً لنمو هذه الصناعة، فإن العالم يظل بحاجة إلى مزيد من السياسات القوية لدعم استخدام الطاقة النووية وتعزيز سلامتها؛ إذ إنه رغم الاستثمارات الواسعة في ذلك المجال، يظل التمويل الحكومي ضرورياً لحشد استثمارات جديدة، ليس من أجل إنشاء وتشغيل محطات نووية جديدة أو تطوير المحطات الحالية فقط، بل لتطوير أحدث التقنيات كذلك، خاصةً أنه عادةً لا يكون هناك تمويل كافٍ من القطاع الخاص لمثل هذه الأصول الكثيفة رأس المال والطويلة الأجل، وخصوصاً تلك المعرضة لمخاطر سياسية جمة.