إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

اختار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب كريس رايت ليشغل منصب وزير الطاقة في إدارته القادمة التي سيتولى مقاليدها في العشرين من يناير المقبل، وسيكون مسؤولاً عن تنفيذ خطط ترامب بشأن زيادة إنتاج النفط والغاز والوقود الأحفوري؛ حيث يعد من أبرز المؤيدين لصناعة النفط والغاز، ويعتبر من المدافعين عن زيادة الإنتاج وتقليل القيود التنظيمية على قطاع الطاقة. ويتماشى هذا التوجه مع رؤية ترامب التي تسعى إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي من خلال دعم الصناعات التقليدية، مما قد يساهم في خلق وظائف جديدة وتعزيز الاقتصاد الأمريكي. ويعكس اختيار رايت رغبة ترامب في تعيين شخصيات قريبة من قطاع الأعمال التي لديها فهم عميق للتحديات والفرص التي تواجه صناعة الطاقة الأمريكية.أسباب حاسمةثمة عديد من الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي المنتخب إلى اختيار كريس رايت لتولي منصب وزير الطاقة، ولعل من أهم تلك الأسباب أنه لديه نفس أفكار ترامب بشأن الطاقة والمناخ، لكن هذا ليس السبب الوحيد وراء الاختيار، وهناك أسباب عديدة يمكن توضحيها فيما يلي:1- امتلاك خبرة طويلة في مجال الطاقة والنفط: يمتلك رايت خبرة كافية في مجال الطاقة تجعله مؤهلاً لشغل ذلك المنصب، وذلك لأنه المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ليبرتي إنيرجي المتخصصة في مجال النفط، إلى جانب أنه من المسؤولين التنفيذيين في قطاع الغاز والنفط، كما أنه عمل مديراً لتحالف منتجي الطاقة المحليين، بالإضافة إلى أنه عمل في مجال الطاقة النووية والشمسية، وكان عضواً في إدارة شركة أوكلو، وهي شركة ناشئة للطاقة النووية. كما أنه سيكون عضواً في مجلس الطاقة الوطني الذي تم تشكيله حديثاً، وهو عبارة عن مجلس يتكون من جميع الوكالات المشاركة في الإنتاج والتوليد والتوزيع والتنظيم والنقل للطاقة.2- الإيمان بعدم وجود أزمة تغير مناخ: يُعتبر رايت من الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود أزمة تغير المناخ، كما أنه يشارك الرئيس المنتخب دونالد ترامب الرأي في معارضته للتعاون العالمي في مكافحة تغير المناخ، إلى جانب أنه شبّه جهود الديمقراطيين لمكافحة الاحتباس الحراري العالمي بـ"الشيوعية على النمط السوفيتي"، بالإضافة إلى أنه لا يرى أن تغير المناخ هو المحرك الرئيسي لتغيرات الطقس الكبيرة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن كما يدعي العالم. وقد نشر على صفحته على منصة لينكد إن العام الماضي قائلاً: "لا توجد أزمة مناخ، ونحن لسنا أيضاً في خضم عملية انتقال في قطاع الطاقة".3- العمل على تعزيز إنتاج النفط: يُعد رايت من أشد الداعمين لخطة ترامب التي أعلن عنها في حملته الانتخابية التي تقضي بزيادة إنتاج النفط، ويتوافق مع ترامب ويرى أن الولايات المتحدة في حاجة إلى زيادة إنتاج النفط والغاز من أجل تخفيض أسعارهما التي شهدت تطوراً ملحوظاً في ظل إدارة بايدن. واختيار الرئيس ترامب له هو دليل واضح على أنه يريد تحويل الولايات المتحدة إلى دولة نفطية في المقام الأول، فضلاً عن أن رايت سيركز على التكسير الهيدروليكي الذي سيتضمن استخراج الغاز الطبيعي الموجود في طبقات الأرض باستخدام المواد الكيميائية والضغط والتي تؤدي في النهاية إلى زيادة كبيرة في إنتاج الغاز وهذا ما يريده ترامب.4- دفاع "رايت" القوي عن الوقود الأحفوري: يُعتبر رايت من أقوى المدافعين عن استخدام الوقود الأحفوري، إلى جانب أنه يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري لأن ذلك سيجعل الأمريكيين أثرياء وسيخرجهم من دائرة الفقر المحتمل، وذلك لأنه يرى أن الوقود الأحفوري ليس السبب في تغير المناخ وحدوث الأزمة العالمية التي يعاني منها العالم أجمع، لذلك يلقب رايت بأنه "رجل الوقود الأحفوري"، الأمر الذي جعل الرئيس المنتخب دونالد ترامب يشيد به ووصفه بأنه رجل أعمال ورائد في قطاع الطاقة، في حين ذكر ترامب أن رايت من أحد الرواد الذين ساعدوا في إطلاق ثورة الصخر الزيتي الأمريكية التي غذت استقلال الطاقة، وغيرت أسواق الطاقة العالمية والجغرافيا السياسية، إلى جانب أنه يرى أنه الأنسب لشغل هذا المنصب لأنه سيعمل على تطبيق سياساته التي يريد تحقيقها في مجال الطاقة.5- معارضة فكرة مكافحة تغير المناخ: قد يكون من الأسباب الدافعة أيضاً لاختيار رايت أنه يعارض باستمرار فكرة مكافحة تغير المناخ التي تبنتها إدارة بايدن الحالية، إلى جانب أنه من أشد المنتقدين للسياسات الرامية للحد من تغير المناخ، كما أنه عارض هدف وزارة الطاقة في عهد بايدن التي تأمل أن يكون صافي الانبعاثات الكربونية صفراً بحلول 2050، في حين أنه يرى أن السياسات الرامية للحد من تأثير تغير المناخ هي مضللة، بالإضافة إلى أنه وصف المساعي للوصول إلى الطاقة النظيفة بأنها خدع مدمرة، إلى جانب وصفه لنشطاء التغير المناخي بأنهم مثيرون للقلق.6- المراهنة على "رايت" في تفكيك أجندة بايدن في مجال الطاقة: يعتبر اختيار الرئيس المنتخب لرايت خطوة نحو التفكيك والقضاء على الجهود التي بذلها الرئيس الأمريكي المنتهية صلاحيته جو بايدن، الذي سعى إلى تبني وتمويل الكثير من المشروعات التي تعتمد على الطاقة المتجددة، وذلك لأن قضية تغير المناخ كانت القضية الرئيسية له في ولايته، وسعى إلى أن يكون الماء والهواء والطاقة أنظف من خلال قيامه بسن تشريعات لمكافحة الاحتباس الحراري، لذلك قام ترامب باختيار رايت لأنه من أشد الداعمين لإنتاج الوقود الأحفوري والغاز.سياسات متوقعةثمة عديد من السياسات المتوقع أن يتبعها رايت عندما يتولى منصبه كوزير للطاقة في إدارة ترامب الثانية التي سيتولاها في يناير المقبل، ولعل من أبرز السياسات المتوقعة ما يلي:1- تطبيق أجندة ترامب بشأن الوقود الأحفوري: من المتوقع أن يعمل رايت على تنفيذ ما وعد به ترامب خلال حملته الانتخابية بأنه سيعمل على زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وذلك لأنه لديه نفس القناعات الموجودة لدى ترامب بشأن الوقود الأحفوري، وذلك لأنه يرى أنه يجب زيادة إنتاجه لانتشال الأمريكيين من دائرة الفقر، إلى جانب أنه يرى أنه لا بد من الاستثمار في الوقود الأحفوري بدلاً من الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة، وذلك لتعويض ما فقدته واشنطن خلال ولاية بايدن الذي وافق على تعليمات وكالة الطاقة الدولية التي مفادها عدم الموافقة على أي تطورات جديدة في مجال الوقود الأحفوري.2- العمل على زيادة إنتاج النفط والغاز: من المحتمل أن يدعم رايت خطة ترامب التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية والتي تتضمن زيادة إنتاج النفط والغاز إلى أقصى حد، إلى جانب أنه سيسعى إلى إيجاد سبل لزيادة معدل توليد الكهرباء التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الطلب عليها لأول مرة منذ عقود، بالإضافة إلى أنه سيعمل بشكل جدي من خلال عضويته في مجلس الطاقة الذي شكل حديثاً للإشراف على خارطة طريق توسيع هيمنة الولايات المتحدة على قطاع الطاقة، وتعزيز كل أشكال إنتاج الطاقة، واستعادة ريادة الولايات المتحدة في مجال النفط والغاز، وذلك لأنه يريد خفض الأسعار.3- الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ: من المرجح أن يعاون رايت الرئيس المنتخب دونالد ترامب في تنفيذ وعوده خلال حملته الانتخابية بشأن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ والتي تهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، إلى جانب أنها تلزم جميع الدول الأعضاء بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والعمل معاً للتكيف مع آثار تغير المناخ. وجدير بالذكر أن الرئيس المنتخب قرر انسحاب واشنطن من الاتفاقية خلال فترة ولايته الأولى، وقام الرئيس الأمريكي المنتهية صلاحيته بإعادة الولايات المتحدة إليها مرة أخرى.4- خفض التمويل الحكومي للتكنولوجيات الصديقة للمناخ: من المتوقع أن يقوم رايت عندما يتولى منصبه بتنفيذ خطة ترامب التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية والتي تضمن خفض التمويل الحكومي للتكنولوجيات الصديقة للمناخ، إلى جانب أنه سيقوم بالتخلص من الحواجز التنظيمية التي فرضتها إدارة بايدن على التنقيب عن النفط والغاز، بالإضافة إلى أنه سيساعد ترامب في تنفيذ خطته بشأن إلغاء بعض التشريعات واللوائح المتعلقة بالمناخ والتي تشمل الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية، والمعايير المتعلقة بمحطات الطاقة النظيفة التي تهدف إلى التخلص التدريجي من الفحم والغاز الطبيعي، فضلاً عن أنه سيعمل على إلغاء الإيقاف المفروض على تراخيص التصدير الجديدة للغاز الطبيعي المسال الذي فرضه الرئيس الأمريكي المنتهية صلاحيته جو بايدن.انتقادات بارزةختاماً، يمكن القول إن اختيار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لرايت يعود إلى أنه يختار الأشخاص المتوافقين مع سياساته دون النظر إلى خبراتهم السياسية مما عرضه لكثير من الانتقادات، وذلك لأن رايت ليست لديه خبرة سياسية لأنه لم يتولّ أي منصب سياسي قبل ذلك، إلى جانب الانتقادات الموجهة له من قِبل نشطاء البيئة لأنه ملقب برجل الوقود الأحفوري، وأنه سيزيد من الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري والتي تزيد من أزمة تغير المناخ التي يعاني منها العالم بأسره.

لماذا اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب كريس رايت لمنصب وزير الطاقة؟