نريمان عبد الفضيل

مع ملف المهاجرين غير النظاميين؛ وذلك لأن قضية الهجرة كانت من القضايا الرئيسية التي ركَّز عليها أثناء حملته الانتخابية؛ حيث تعهَّد بشن أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ تستعد إدارة دونالد ترامب القادمة لإحداث تغييرات جذرية في ملف المهاجرين.خطة ترامبيمكن تناول خطة الرئيس الأمريكي المنتخب للتعامل مع ملف الهجرة؛ وذلك على النحو التالي:1– إجراء تعيينات لتنفيذ خطط ترامب تجاه الهجرة: قام الرئيس المنتخب باختيار توماس هومان ليكون مسؤولاً عن ملف أمن الحدود الأمريكية في إدارته الثانية، وقد لقَّبه ترامب بـ"قيصر الحدود"؛ نظراً إلى أنه معروف بمواقفه المتشددة تجاه ملف الهجرة. ويعتبر التعيين خطوة تعكس مدى جدية ترامب في تنفيذ سياساته الصارمة نحو الهجرة، فضلاً عن أن هومان لديه رؤية متشددة للتعامل مع هذا الملف يُركز فيها على طرد المجرمين الذين يهددون الأمن القومي، فضلاً عن أنه من أشد المؤيدين لفصل الأطفال عن والديهم كوسيلة لردع الدخول غير القانوني إلى البلاد والحد من الاتجار بالبشر، بجانب تأكيده ضرورة تكثيف الاعتقالات من أجل وضع حد لأزمة الهجرة للولايات المتحدة.كذلك فقد تم تعيين ستيفن ميلر نائباً لكبير موظفي البيت الأبيض. ويعتبر هذا التعيين خطوة مهمة في تحقيق ترامب سياساته الصارمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين؛ وذلك لأن ميلر كان يعمل خلال فترة ترامب الأولى مستشاراً له، وكان كاتباً لخطاباته الرئيسية، فضلاً عن كونه من أبرز المؤيدين لسياسة الهجرة الأكثر تقييداً، وأنه ينسب إليه الفضل في صياغة أكثر إجراءاته المثيرة للجدل، التي تشمل حظر السفر على عدد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، بجانب سياسته لفصل الأطفال المهاجرين غير المسجلين عن والديهم، وقد ألمح إلى أنه سيعمل على اتخاذ خطوات غير مسبوقة أخرى لمواجهة أزمة الهجرة، منها نشر قوات الحرس الوطني من الولايات الجمهورية إلى الولايات الديمقراطية غير المتعاونة، بالإضافة إلى أنه اقترح وضع المهاجرين المحتجزين في مرافق احتجازات شاسعة تعمل كمعسكرات.ويعزى اختيار ترامب لهومان وميلر في إدارته الثانية، إلى أنه يحاول تعيين المسؤولين المقربين منه الذين يدعمون سياساته؛ من أجل ضمان سهولة تغيير السياسات التي يسعى إلى تغييرها؛ وذلك لأنه في فترة ولايته الأولى كان لديه العديد من السياسات التي تحتاج إلى تغيير، إلا أن البيروقراطية كانت تعترض طريق أهدافه في الوصول إلى خططه الطموحة؛ لذلك سعى في ولايته الثانية إلى اختيار المسؤولين الذين يسهلون عليه تنفيذ سياساته.2– نية ترامب إعلان حالة الطوارئ الوطنية في البلاد: يعتزم الرئيس المنتخب دونالد ترامب إعلان حالة الطوارئ الوطنية في البلاد، واستخدام الوسائل العسكرية؛ وذلك كإجراء يسهل عليه تنفيذ عمليات الترحيل التي وعد بها في حملته الانتخابية، كما أن ترامب كان من أكثر الداعمين للدعوات المطالبة بفرض خطة الطوارئ الوطنية كجزء من سياسة الترحيل الجماعي. وهذا الإجراء من المؤكد أنه سيتخذه فور توليه المنصب في البيت الأبيض؛ وذلك على غرار ما فعله خلال فترة ولايته الأولى التي فرض فيها حالة الطوارئ، واستخدم أموال البنتاجون في بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك.3– توظيف الجيش الأمريكي في عمليات الترحيل: أكد الرئيس المنتخب أنه سيستخدم الجيش الأمريكي في عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين في يومه الأول في البيت الأبيض؛ وذلك لأن عدد المهاجرين يتجاوز 11 مليوناً في الولايات المتحدة، وأن فكرة طردهم تحتاج إلى عدد كبير من الجنود الأمريكيين للقيام بهذه المهمة الصعبة، كما أن ترامب تعهد طوال حملته الانتخابية بأنه سيقوم بتعبئة الحرس الوطني لمساعدته في جهود الترحيل. ويعتبر هذا الإجراء تحولاً رئيسياً للجيش الذي لا يتعامل مع قضايا إنفاذ القانون المحلية.4– تفعيل إدارة ترامب قانون الأعداء الأجانب: يسعى الرئيس المنتخب إلى تفعيل قانون الأعداء الأجانب من أجل تسهيل عملية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين؛ وذلك لأن هذا القانون بموجبه يُسمح للرئيس باحتجاز وترحيل الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية وينتمون إلى الدول المعادية؛ وذلك بهدف حماية الأمن القومي للولايات المتحدة. ويعود تاريخ هذا القانون إلى 1798 عندما أقره الرئيس الأمريكي الأسبق جون آدمز، ويُطبق في حالة نشوب حرب بين الولايات المتحدة ودولة أخرى، وتم اللجوء إليه وتفعيله ثلاث مرات في التاريخ الأمريكي، وجميعها ارتبطت بوجود نزاع عسكري، وكان آخرها 1942 خلال الحرب العالمية الثانية، وتم استخدامه لاعتقال المهاجرين من اليابان وألمانيا وإيطاليا.5– الرغبة في بناء معسكرات اعتقال ضخمة: تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب ببناء معسكرات ضخمة؛ وذلك لأن أحد العوائق التي تقف أمام هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك أنها تفتقر إلى المساحة اللازمة لاحتجاز عدد أكبر من المعتقلين؛ لذلك سعى إلى ذلك لتسهيل عملية الترحيل أمام الهيئة، بجانب أنه يستعد لتوظيف آلاف من ضباط الحدود، وتوجيه الإنفاق العسكري نحو أمن الحدود.6– فرض رسوم جمركية على الصادرات المكسيكية: هدد الرئيس المنتخب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصادرات المكسيكية إلى الولايات المتحدة؛ وذلك إذا لم تحد من تدفق المهاجرين وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، بجانب تهديده بغلق الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، بالإضافة إلى وعده باستكمال بناء الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي أوقفه بايدن، فضلاً عن أنه يفكر في استعادة سياسة "البقاء في المكسيك"، وهي سياسة استخدمها في ولايته الأولى، وكانت تتطلب من طالبي اللجوء الانتظار في المكسيك أثناء معالجة قضاياهم.7– التوجُّه نحو إلغاء برامج بايدن بشأن اللجوء: يعتبر هذا الإجراء خطوة لتنفيذ ترامب سياساته تجاه ملف المهاجرين؛ حيث يستعد الرئيس المنتخب للسيطرة على الحدود مع دول أمريكا اللاتينية؛ وذلك لأن عمليات عبور الحدود سجلت أرقاماً قياسية في السنوات الثلاث الأولى من إدارة بايدن بعد قيامه برفع القيود المفروضة في فترة جائحة كورونا، إلا أن ترامب يخطط لإنهاء برامج بايدن التي تسببت في زيادة عدد اللاجئين على الأراضي الأمريكية.قانونية الإجراءاتتعد الإجراءات التي يخطط الرئيس المنتخب دونالد ترامب لاتخاذها منذ توليه منصبه في البيت الأبيض للتعامل مع قضية المهاجرين غير الشرعيين مُختلفاً عليها؛ إذ إن بعضها يتوافق مع القانون والدستور الأمريكي، وبعضها لا يتوافق، ولعل من أهمها ما يلي:1– توافق إعلان حالة الطوارئ مع القانون: إن الإجراء الذى أعلن عنه الرئيس المنتخب ترامب الذي يتضمن فرض حالة الطوارئ في البلاد منذ اليوم الأول من توليه منصبه في البيت الأبيض؛ وذلك من أجل تسهيل عملية ترحيل المهاجرين، يتوافق مع السلطة الواسعة التي يمنحها الكونجرس الأمريكي لرؤساء الولايات المتحدة لإعلان حالة الطوارئ وفق تقديرهم، بما يتيح لهم صلاحيات استثنائية، تشمل إعادة تخصيص الأموال التي رصدها المشرعون لمشاريع أخرى؛ وذلك على غرار ما فعله ترامب في فترة ولايته الأولى التي فرض فيها حالة الطوارئ واستخدم فيها أموال البنتاجون لبناء الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك.2– معضلة استخدام الجيش ضد المواطنين: إن استخدام الجيش الأمريكي في عمليات الترحيل يُعد أمراً غير قانوني تماماً، ويؤدي إلى مشاكل قانونية وقضائية؛ وذلك لأن الجيش بهذا الإجراء يخرج عن مهمته الأساسية، ولأنه لا يُستخدَم ضد المواطنين حتى إن كانوا غير أمريكيين، وحتى أن دخلوا الولايات بشكل غير قانوني؛ وذلك لأن الدستور يكفل لهم هذا الحق، ولأن الجيش يخضع لقانون محدد يحظر استعماله ضد المواطنين أياً كانت جنسيتهم.3– عدم دستورية تفعيل قانون الأعداء الأجانب: إن تفعيل قانون الأعداء الأجانب الذي يسعى الرئيس المنتخب، يعتبر غير دستوري؛ وذلك لأن تفعيل هذا القانون مشروط بأن تكون الولايات في حالة حرب أو غزو، وإن تم استخدامه بدون هذه الشروط فإنه يواجه تحديات قضائية، ولكن من المتوقع أن يلجأ الرئيس المنتخب إلى تجاوز هذه العقبة بالإعلان عن أن تدفق المهاجرين يعتبر غزواً ضد الولايات المتحدة من قِبل شبكات الهجرة الإجرامية.4– عدم قانونية إنشاء معتقلات للمهاجرين: إن الإجراء الذي يعتزم ترامب تنفيذه من أجل مساعدة هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والحدود، التي تفتقر إلى وجود مساحة لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، يعد غير قانوني؛ لذلك تستعد المنظمات الحقوقية، ومنها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية والمركز الوطني للعدالة للمهاجرين لحشد مواردها لمحاربة السياسات المحتملة التي سوف يتخذها ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض.وختاماً، يمكن القول إن خطط الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لترحيل المهاجرين غير الشرعيين تمثل تهديداً مباشراً للعديد من القطاعات، مثل الزراعة والبناء والأدوية وغيرها من القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المهاجرين، بالإضافة إلى أن هذه الإجراءات صعبة التنفيذ من الناحية العملية، ويحتاج تنفيذها إلى الكثير من الوقت؛ وذلك لأن عملية ترحيل المهاجرين تحتاج إلى عدد كبير من القوة البشرية وإجراءات قانونية هائلة.

ما خطة ترامب للتعامل مع قضية الهجرة في ولايته الثانية؟