على الرغم من اقتراب دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، وبروز عدد من الصراعات الأخرى في الشرق الأوسط وآسيا، التي صرفت الأنظار قليلاً عن الحرب في أوكرانيا، ناهيك عن تصاعد وتيرة التقارير الغربية التي تفيد بممارسة الحكومات الغربية ضغوطاً على كييف للقبول بالدخول في مفاوضات مع موسكو لإنهاء الحرب، فإن وتيرة الاقتتال على الأرض خلال الأسابيع الأخيرة، قد تصاعدت في عدد من الجبهات الروسية والأوكرانية؛ حيث توسعت روسيا في عملياتها المضادة لأوكرانيا، وهو ما يثير عدداً من التساؤلات حول أبعاد هذه المواجهات العسكرية المتصاعدة، وأسباب اهتمام موسكو بتسريع وتيرة عملياتها العسكرية في هذا التوقيت.

هجمات موسكو

أظهرت أوكرانيا وروسيا رغبة متبادلة في عدم الانتهاء من الاحتكام إلى العمليات العسكرية على الأرض، واللجوء إلى طاولة المفاوضات، كما كان يثار عبر العديد من الوسائط الإعلامية الغربية منذ الأيام الأخيرة في عام 2023. وفي هذا الصدد، حاولت روسيا اتخاذ زمام المبادرة في العمليات العسكرية وتنفيذ عدد من الهجمات المؤثرة ضد كييف، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

1- تكثيف الاستهداف الروسي لمدينة خاركيف: شهدت الآونة الأخيرة تكثيف الاستهداف الروسي لمدينة خاركيف؛ فقد شهد الـ29 من ديسمبر 2023، على سبيل المثال، واحدة من أكبر الهجمات الصاروخية في حرب روسيا على أوكرانيا؛ حيث أطلقت ستة صواريخ على مدينة خاركيف الواقعة في الشمال الأوكراني؛ ما أسفر عن مقتل 45 مدنياً، وإصابة أكثر من 120 شخصاً.

وصرحت روسيا بأن هذا الهجوم الذي تم فيه استهداف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، جاء للرد على الغارة الجوية التي شنتها القوات الأوكرانية على مدينة بيلجورود الروسية القريبة من الحدود، التي تدعي موسكو أن أوكرانيا قد قامت بتنفيذها باستخدام صواريخ عالية الدقة، وراح ضحيتها 24 شخصاً على الأقل. وقد تركزت معظم الهجمات في خاركيف في الشرق، إلا أنه قد تم الإبلاغ أيضاً عن وقوع انفجارات في أماكن أخرى من المدينة.

2- مساعي روسيا لإرباك الدفاعات الأوكرانية: يكشف تحليل مسار الهجمات الروسية خلال الأيام الماضية عن تبني موسكو استراتيجية الهجمات العسكرية المتزامنة الواسعة النطاق التي تستهدف إرباك الدفاعات الأوكرانية. ظهر ذلك مثلاً في الهجمات الصاروخية الواسعة النطاق التي شنتها القوات الروسية يوم 8 يناير الجاري؛ حيث قال الجيش الأوكراني إن روسيا شنت هجوماً صاروخياً واسع النطاق على عدد من المناطق الأوكرانية، وأن جميع أنحاء البلاد تحت إنذار الضربات الجوية.

كما ذكرت القوات الأوكرانية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط، أن أوكرانيا تعرضت لهجوم صاروخي روسي مكثف في الساعات الأولى من يوم 13 يناير الجاري، مضيفة أن موسكو أطلقت بعض صواريخها فرط الصوتية، وأسقطت الدفاعات الجوية صواريخ روسية في 5 مناطق على الأقل في جميع أنحاء أوكرانيا.

3- تنفيذ هجمات متعددة ضد البنى التحتية الأوكرانية: يكشف تحليل الهجمات الروسية ضد أوكرانيا خلال الآونة الأخيرة عن تنفيذ عدد من الهجمات ضد البنى التحتية الأوكرانية؛ فعلى سبيل المثال، نفذت القوات الروسية سلسلة من ضربات الطائرات بدون طيار ضد أوكرانيا في 7 ديسمبر الفائت استهدفت في المقام الأول إقليمي خميلنيتسكي وأوديسا؛ حيث ضربت البنية التحتية للموانئ، ونفذت القوات الروسية أيضاً سلسلة من الضربات بطائرات بدون طيار في 8 ديسمبر على كييف ومرافق البنية التحتية في منطقة دنيبروبتروفسك، كما ضربت البنية التحتية المدنية في مدينة خاركيف.

4- العمل على إضعاف القدرات التسليحية الأوكرانية: استهدفت بعض الهجمات الروسية الأخيرة على أوكرانيا إضعاف القدرات التسليحية الأوكرانية، سواء عبر استهداف وتدمير بعض المعدات والأسلحة الغربية التي تستخدمها كييف، أو حتى عبر استهداف بعض المنشآت المصنعة للأسلحة داخل أوكرانيا؛ فعلى سبيل المثال، أعلن الجيش الروسي، في 13 يناير الجاري، أنه ضرب مصانع أسلحة في أوكرانيا، وقالت وزارة الدفاع الروسية في إحاطة يومية، نقلتها صحيفة الشرق الأوسط: "نفذت قوات الاتحاد الروسي المسلحة مجموعة ضربات على منشآت تابعة للمجمع الصناعي العسكري الأوكراني ... واستهدفت الضربات أماكن لإنتاج القذائف والبارود والمسيرات".

5- التنوع في الأسلحة المستخدمة في الهجمات الروسية: ثمة تنوع في الأسلحة المستخدمة في الهجمات الروسية ضد أوكرانيا؛ حيث تشغل المسيرات، على غرار المسيرات "بريفيت – 82" و"لانسيت" وكذلك المسيرات الإيرانية، دوراً مهماً في الهجمات الروسية ضد المناطق الأوكرانية المختلفة. بالإضافة إلى استخدام مجموعة متنوعة من الصواريخ، ومن ضمنها الصاروخ كينجال البعيد المدى الذي تفوق سرعته سرعة الضوء. وبحسب بعض التقارير يصل مدى الصاروخ إلى نحو 2000 كلم، ويتميز بالقدرة على المناورة وحمل رؤوس حربية مختلفة، سواء تقليدية أو نووية.

6- ممارسة عمليات تجسس موسعة على أهداف أوكرانية: اللافت أن موسكو واصلت في الآونة الأخيرة عمليات التجسس على أهداف أوكرانية بهدف خدمة التحركات الروسية على الأرض. ولعل هذا ما يتضح من إعلان الجيش الأوكراني، في 15 يناير الجاري، أنه أسقط طائرة تجسس عسكرية روسية فوق بحر آزوف؛ إذ صرح قائد الجيش الجنرال فاليري زالوزني بأن القوات الجوية "دمرت" طائرة كشف رادارية بعيدة المدى من طراز A-50 وطائرة مركزية للتحكم من طراز Il-22. وتتمحور مهمة طائرة A-50 حول كشف الدفاعات الجوية، وتنسيق الأهداف للطائرات الروسية.

7- اهتمام موسكو بتعزيز مخزونها من الصواريخ والمسيرات: يبدو أن موسكو مصرة على مواصلة تصعيدها العسكري ضد أوكرانيا من خلال تعزيز محزونها من الصواريخ والمسيرات؛ فعلى سبيل المثال، أشارت تقارير، في شهر نوفمبر الماضي، إلى إظهار صور الأقمار الصناعية تقدماً في بناء مصنع في روسيا سينتج كميات كبيرة من طائرات مسيرة انتحارية صممتها إيران، ومن المتوقع أن تستخدمها موسكو في استهداف أهداف داخل أوكرانيا. وأشارت تقارير أخرى في شهر يناير الجاري إلى تصميم إيران مسيرة هجومية جديدة تحت اسم "شاهد 107" سيكون بمقدور روسيا استخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 3 يناير 2024، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن روسيا تخطط لشراء صواريخ باليستية قصيرة المدى من إيران، وهي خطوة من شأنها أن تعزز قدرة موسكو على استهداف البنية التحتية في أوكرانيا؛ فربما تكثف روسيا جهودها للحصول على صواريخ باليستية من الخارج؛ لأن هذه الصواريخ تبدو أكثر فاعلية في ضرب أهداف في أوكرانيا في بعض الظروف. وأشارت تقارير، في 10 يناير الجاري، إلى أن إيران قريبة من تزويد روسيا بصواريخ وأنظمة باليستية أرض-أرض.

8- تحركات روسية مكثفة لتوفير المزيد من المجندين: ثمة بعد آخر متعلق بالتصعيد العسكري الروسي، وهو العنصر البشري؛ حيث تسعى موسكو إلى تجنيد المزيد من العناصر لدعم عملياتها العسكرية داخل أوكرانيا؛ ففي شهر ديسمبر الماضي، على سبيل المثال، وافق مجلس الدوما الروسي على تعديلات تسمح للمحاكم الروسية بفرض غرامات أو تكليف عمل إلزامي للأجانب المدانين بارتكاب جرائم في روسيا، على الأرجح كجزء من الجهود المستمرة لإرغام المهاجرين على الخدمة العسكرية الروسية.

وفي سياق مساعي النظام الروسي لتقديم حوافز للمجندين، وقع الرئيس الروسي قانوناً في 12 ديسمبر، يوفر حوافز تجنيد إضافية ودعماً اجتماعياً للروس الذين يخدمون في أوكرانيا؛ حيث يعدل القانون الجديد قانون التوظيف الروسي ليمنح الروس الذين يخدمون في أوكرانيا وأسرهم الحق في الأولوية في العمل، كما وقع "بوتين" على قانون يمنح الشركات التي توظف قدامى المحاربين الروس في الحرب في أوكرانيا وقدامى المحاربين في جهاز الأمن الفيدرالي وضع "مؤسسة اجتماعية".

9- اتهامات متبادلة باستهداف المدنيين: شهدت موجة التصعيد العسكري الأخيرة اتهامات متبادلة بين موسكو وكييف؛ فعلى سبيل المثال، أكدت أوكرانيا أن الهجمات التي قامت بها روسيا في خاركيف، في 29 ديسمبر 2023، قد استهدفت بالأساس البينة التحتية المدنية، مع عدم ضربها أي منشأة عسكرية، مؤكدة تعمد روسيا ضرب البنية التحتية المدنية بالمدينة، لإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر. وقال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إن موسكو ستوسع ضرباتها ضد الأهداف العسكرية الأوكرانية؛ وذلك في أعقاب الهجوم الذي وصفه بالدامي، والذي شنته كييف على مدينة بيلجورود الروسية، ولا توجد فرصة لأي سلام حتى تحقق روسيا أهدافها العسكرية هناك. واتهم "بوتين" أيضاً القوات الأوكرانية باستهداف مركز مدينة بيلجورود، أثناء تجول واحتفال عدد من المواطنين باقتراب حلول ليلة رأس السنة.

أهداف رئيسية

من الأهمية بمكان تحليل أسباب عودة الاحتدام إلى العمليات العسكرية التي تقودها موسكو في الداخل الأوكراني، ويمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو التالي:

1- سعي "بوتين" إلى تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والعسكرية: يتوقع الخبراء توسيع رقعة الحرب خصوصاً مع تصريح "بوتين" بأنه سيعمل جاهداً على تحقيق جميع أهداف روسيا في أوكرانيا. تأتي هذه التصريحات في أعقاب نجاح موسكو في تبني عدد من السياسات الدفاعية، وصمودها أمام منظومة العقوبات الاقتصادية الغربية، ناهيك عن المحاولات الأمريكية والأوروبية المستميتة لعزل روسيا سياسياً، واستنفاد قدراتها العسكرية، وهو الأمر الذي ثبت فشله خلال العامين الماضيين.

لذا فإن "بوتين" سيسعى إلى مواصلة الحرب حتى النهاية، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات التي من المؤكد أنه سيعاد انتخابه خلالها رئيساً لمدة رئاسية جديدة، وحاجته لإظهار نفسه بأنه يقف على أرض صلبة، خاصة مع تحقيقه العديد من النجاحات في ميدان المعركة خلال هذا العام مقارنة بالعام الأول للحرب. وعلى الرغم من ذلك، يتساءل العديد من الباحثين حول إمكانية وقدرة الجيش الروسي على مواكبة هذه الوتيرة المتسارعة للحرب، وتوسيع رقعتها خلال الأشهر القادمة.

2- تبني روسيا نموذجاً اقتصادياً مخصصاً لتلبية متطلبات الحرب: يشير الخبراء أيضاً إلى عودة حروب العصر الصناعي الذي تدفع فيه بلدان اقتصاداتها بالكامل نحو إنتاج المواد الحربية باعتبار مسائل ذات أولوية. وتعد روسيا من أبرز الدول المنخرطة في هذا الأمر؛ حيث تضاعفت الميزانية الروسية المخصصة للدفاع ثلاث مرات منذ عام 2021، لتصل إلى 30% من ميزانية الدولة لعام 2024. وهذا من شأنه أن يجعل الحرب في أوكرانيا أطول وأكثر إيلاماً من أي شيء عرفته أوروبا سابقاً، منذ منتصف القرن الماضي.

وعلى الرغم من ذلك، فإن تبني روسيا مثل هذا النمط الاقتصادي، سيضع موسكو في اختبار حقيقي؛ حيث تبرز عدد من التساؤلات حول قدرة روسيا على تلبية المطالب الشرهة للحرب. ولهذا الاتجاه ثمنه الباهظ أيضاً؛ حيث سيؤدي نقص العمالة إلى ارتفاع الأجور، ومن ثم التضخم غير المرغوب فيه. ومع تخصيص قسم كبير من هذا الإنتاج لتعويض الخسائر الفادحة في ساحة المعركة، فإن ذلك يؤدي إلى انفجار العجز في الميزانية العامية؛ ولهذا فإن التكهنات للاقتصاد الروسي على المدى البعيد توقعات مبهمة وغير واضحة.

3- تزايد الخلافات الأوروبية حول استمرار الدعم لأوكرانيا: اتهم "بوتين" الدول الغربية باستخدام أوكرانيا لمحاولة قمع روسيا. ويرى العديد من الخبراء أن الدعم الغربي بدأ يتأرجح بالفعل، خصوصاً مع إيمان عدد من صناع القرار الغربيين، باستحالة إلحاق هزيمة ساحقة بروسيا، وتغيير الوضع القائم على الأرض في الساحة الأوكرانية حالياً؛ فقد قام رئيس الوزراء المجري "فيكتور أوربان" بمنع حزمة من المساعدات المالية الجديدة التي كان من المقرر أن يقدمها الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، بقيمة 55 مليار دولار.

ولكن ما زال الدعم الأوروبي لأوكرانيا قائماً؛ حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بفتح محادثات لانضمام أوكرانيا ومولدوفا إلى الاتحاد. وقد وصفت موسكو هذه الخطوة بأنها بمنزلة مؤامرة تحاك ضد روسيا، كما يرى الخبراء أن هذه الخطوة، لا تعد قراراً رمزياً، بل تحمل رسائل ضمنية تعني استمرار دعم دول الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا؛ لعرقلة تحقيق انتصار كامل لروسيا.

4- تحذير كييف من مآلات استهداف الأراضي الروسية: من الصعب القول بأن الخطوط الأمامية للمعارك في أوكرانيا قد وصلت إلى طريق مسدود؛ فمن المرجح أن تحاول كييف إحداث المزيد من المفاجآت العسكرية، للمساهمة في إخلال توازن الروس في بعض المناطق، ولكنها ما زالت بحاجة إلى التمويل العسكري من الجانب الغربي لإبقائها في ساحة المعركة في العام الجديد. ولعل إقدام كييف على مهاجمة بعض المواقع الداخلية في الأراضي الروسية، يكون بمنزلة محاولة للجيش والقيادة الروسية لإثبات قدرتها على توجيه ضربات موجعة للعمق الروسي، وتحفيز الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على تقديم المزيد من المساعدات العسكرية، وعدم التسليم بالهزيمة العسكرية لأوكرانيا. ومن ثم قد تواصل موسكو تصعيدها العسكري ضد كييف لتحذيرها من مغبة ومآلات استمرار الاستهداف الأوكراني للأراضي الروسية.

5- هيمنة الغموض حول استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا: أصبح الوضع في واشنطن أكثر تأرجحاً، خاصة مع بروز تقارير تفيد بوقوع واشنطن في خطأ استراتيجي في أعقاب التأكد من عدم وجود خطة واضحة للجيش الإسرائيلي لما يعرف باليوم الثاني للخروج من غزة؛ هذا بجانب غياب وجود أهداف حقيقية للجيش الإسرائيلي، وتخوف القيادة السياسية الأمريكية من تكرر الأمر ذاته في أوكرانيا.

يضاف إلى ذلك ارتفاع شعبية "ترامب" في استطلاعات الرأي، وهو من كبار الرافضين للدعم الأمريكي غير المحدود للنظام الأوكراني، ولخوض واشنطن بوجه عام حرباً ضد روسيا. تستدعي جميع هذه التغيرات بعض المخاوف من ضعف عزم الولايات المتحدة في إبقاء الدعم العسكري لكييف. ويرى العديد من المحللين أن "بوتين" محظوظ بسبب الحركة العالمية ضد الدعم الغربي لإسرائيل، وتبني "بوتين" خطاباً مماثلاً يدعي فيه أنه بقيادته حرباً في أوكرانيا يقف ضد القوى الاستعمارية الغربية.

6- تنامي الخلافات بين الدول الغربية والرئيس الأوكراني: حفز على التصعيد العسكري الروسي ضد أوكرانيا، تنامي الخلافات بين الدول الغربية والرئيس الأوكراني؛ فبالرغم من الدعم الكبير الذي حظي به الرئيس الأوكراني من جانب الدول الغربية، فإن الشهور الماضية كشفت عن مؤشرات خلافات متصاعدة بين الدول الغربية وزيلينسكي؛ بدايةً من قضية الفساد المستشري في الجيش والمؤسسات الأوكرانية، مروراً بالإلحاح المستمر من الرئيس الأوكراني، الذي تحول بشكل أو بآخر إلى سياسة ابتزاز تجاه الدول الغربية، وصولاً إلى الحديث حول الضغوط الغربية على كييف من أجل التفكير في مسار التفاوض مع موسكو.

ناهيك عن تأثير ملف الانتخابات الأوكرانية؛ فمع اقتراب موعد الانتخابات الأوكرانية في مارس المقبل 2024، تُبدي بعض المؤسسات الحكومية الأوكرانية تخوفاً من صعود مرشح آخر بخلاف "زيلينسكي" يدعم قدراً أكبر من المرونة إزاء التفاوض مع روسيا، ويحظى بدعم الغرب لإدارة المرحلة الجديدة من الحرب.

في النهاية يمكن القول إن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت مرحلة أكثر تعقيداً، في ظل تمسك الرئيس الروسي بمواصلة عملياته العسكرية وتحقيق انتصار كبير ضد أوكرانيا، وامتلاك روسيا القدرة على تطوير مخزونها التسليحي عبر قاعدتها الصناعية أو من خلال الحصول على الأسلحة من حلفائها، مثل إيران وكوريا الشمالية، ناهيك عن التأثيرات المعاكسة لتراجع الدعم الغربي لأوكرانيا.

أبعاد التصعيد العسكري الروسي الأخير ضد أوكرانيا