إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>أصدر "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية" تقريره السنوي الثاني بعنوان "الأقاليم 2023″؛ وذلك في أبريل 2023، وهو التقرير الذي يركز على الاتجاهات والظواهر التي يُتوقع أن تُشكل حالة أقاليم العالم خلال العام. وقد شارك في العدد نحو 25 خبيراً وباحثاً من منطقة الشرق الأوسط، بجانب نحو 20 خبيراً دولياً، يمثلون نحو 15 دولة من مختلف أقاليم العالم. ويستعرض العدد عبر عشرة محاور حالة أقاليم العالم المتوقعة، مع تناول نحو 80 اتجاهاً متوقعاً وظاهرة قيد المراقبة خلال عام 2023؛ وذلك عبر محتوى مُركَّز للغاية وشديد الإيجاز، يجمع بين النصوص المكتوبة بعناية وتوظيف الإنفوجرافيك والأشكال البيانية والخرائط التوضيحية الداعمة؛ لاستخلاص صورة كاملة لحالة أقاليم العالم في 2023.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويُقدِّم هذا التقرير الاستشرافي لحالة أقاليم العالم خلال عام 2023 خريطة مفصلة لصانعي القرار والمعنيين بالشأن العام بشأن الفرص والمخاطر المحتملة، بما يُمكِّنهم من الاستفادة من الفرص الواعدة، رغم ندرتها، أو إنذارهم بشكل مبكر للاستعداد للمخاطر المتوقعة. وتكشف خريطة الفرص والمخاطر المتوقعة خلال عام 2023، التي تم وضعها استناداً إلى حالة العالم خلال عام 2022، أن الكرة الأرضية تعيش واقعاً مأزوماً نتيجة التحديات المركبة التي تعاني منها دول وأقاليم العالم. ولا تزال نقاط التحذير الحمراء التي تمثل المخاطر، وأضواء الإنذار الصفراء التي تمثل التحديات، لها الغلبة على المشهد العالمي خلال عام 2023، مقارنةً بالنقاط الخضراء المحدودة التي تمثل الفرص.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وقد تطرقت افتتاحية التقرير للرئيس التنفيذي د. محمد عبد السلام، التي حملت عنوان "الجوار البعيد: ماذا يحدث في أقاليم العالم؟" إلى دراسات الأقاليم؛ حيث أشارت إلى أنه انطلاقاً من اسم المركز (Interregional)، فإن المهمة الرئيسية له تتمثل في دراسة الأقاليم المجاورة والبعيدة، فيما يتعلق بما يجري فيها، سواء داخل دولها الرئيسية أو تطوراتها الجارية، وكذلك شبكة العلاقات التي تتشكل بين الأقاليم ذاتها، مع إعطاء أهمية للأبعاد الجغرافية والثقافية. ونوهت الافتتاحية بأن "عالم الأقاليم" يشهد إشكاليات كبيرة في السنوات القليلة الماضية، بفعل عوامل كثيرة؛ أهمها تغير مواقع وسياسات القوى الكبرى والرئيسية في الأساس، وتصاعد أهمية أقاليم وتقلص الاهتمام بأخرى، والتشابكات العابرة للأقاليم التي بدأت في التشكُّل، وسوف تكون واحدة من اتجاهات تشكُّل النظام العالمي الجديد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وتتوقع "الأقاليم 2023" أن يُهيمن على التفاعلات عبر أقاليم العالم جملةٌ من الظواهر، يأتي على رأسها تواصل التحولات المتسارعة في النظام الدولي على خلفية ارتدادات حرب أوكرانيا، فضلاً عن تعزيز الحرب مكانة ونفوذ القوى المتوسطة في النظام الدولي، وتزايد موجات عدم الاستقرار السياسي في العديد من الدول حول العالم نتيجة تأثرها بالانعكاسات السلبية للحرب الأوكرانية الممتدة، خاصةً على مستوى الطاقة والغذاء. يُضاف إلى ذلك استمرار التأثير الإرهابي في التفاعلات العالمية في ظل استراتيجية الحراك الجغرافي التي تتبنَّاها التنظيمات الإرهابية، وتزايد التحديات العالمية نتيجة التغيرات الديموغرافية، وتنامي المخاطر المتعلقة بالإجهاد المائي في العالم، وتزايد تأثير الكوارث الطبيعية في التفاعلات الدولية، وتصاعد استخدام الرياضة في المجال السياسي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبالنسبة إلى تفاعلات الولايات المتحدة، ترى "الأقاليم 2023" أن إدارة "بايدن" ستُواجِه جملة من التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فداخلياً، تزايدت شوكة ونفوذ الجمهوريين مع هيمنتهم على مجلس النواب، ومن ثم تتزايد حظوظهم في الانتخابات الرئاسية 2024، كما يُتوقع انكماش الناتج المحلي رغم انحسار معدل التضخم تدريجياً. كما ترجح "الأقاليم 2023" أن تكون مسارات السياسة الخارجية ثابتة إلى حد ما مع التصعيد الأمريكي المستمر ضد الصين بالأقاليم التنافسية، واستمرار الدعم العسكري الأمريكي لتقوية أوكرانيا، وتراجع جهود واشنطن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتزايد انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومواجهة واشنطن النفوذ الروسي والصيني في أفريقيا، وتركيزها كذلك على احتواء تحدي كوريا الشمالية النووي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>أما في الصين فتتوقع "الأقاليم 2023" أن يكون العام الجاري عصيباً على بكين؛ نظراً إلى مواجهتها جملةً من المخاطر والتحديات على الصعيدَين الداخلي والخارجي، رغم استتباب حكم الرئيس "شي" بحصوله على ولاية ثالثة غير مسبوقة، وتزايد اعتماده على أصحاب الثقة ضمن الدائرة المقربة منه، ومن ذلك المعضلات التي تواجه الاقتصاد الصيني رغم رفع قيود كوفيد–19، وتراجع أعداد السكان، واحتمالية تزايد التحديات أمام سلطة الرئيس "شي" حال تجدُّد الاحتجاجات الشعبية والفئوية، فضلاً عن الجمود النسبي المُتوقَّع في دور الصين الخارجي، واستمرار محاولات الغرب تطويق التكنولوجيا الصينية، والتصعيد بين واشنطن وبكين. وعلى الرغم من ذلك، لا تستبعد "الأقاليم 2023" أن تتولد فرص تنموية لبكين خلال عام 2023 على خلفية تراجع احتمالية تنفيذ الصين خططاً لغزو تايوان، وتسارع وتيرة التعاون المشترك بين روسيا والصين، والتحسن النسبي المتوقع في أحوال قطاع العقارات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبالنسبة إلى القارة الآسيوية، تُرجَّح "الأقاليم 2023" أن تكون القارة مركز جذب وثقل مهماً في السياسة الدولية خلال العام، مع تصاعد الاهتمام والتنافس الدولي حول النفوذ في بعض أقاليمها، وتحديداً إقليم الهندوباسيفيك، وتتوقع أن تتبع الصين نهجاً أكثر توازناً إزاء الحرب الأوكرانية، كما ترى "الأقاليم 2023" أن الجانب التصعيدي سيغلب على سلوك الدول المحورية في القارة وعلاقات بعضها ببعض، مع توقع تبني اليابان سياسات أكثر نديةً تجاه الجانب الصيني، واستمرار كوريا الشمالية في تبني سياسات تصعيدية، وتطلُّع كوريا الجنوبية إلى توسيع تحركاتها الإقليمية، وحدوث تأرجح نسبي في العلاقات بين الجانبين الصيني والهندي، كما لا تستبعد "الأقاليم 2023" أن تواجه بعض دول جنوب شرق آسيا أزمات سياسية محتملة، بشكل سيؤثر سلباً على استقرارها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وترى "الأقاليم 2023" أن العام يُعَد عاماً مفصلياً للقارة الأوروبية، مع توقع أن يشهد تطورات فارقة في مستقبل القارة؛ فعلى الصعيد الداخلي، من المنتظر أن تشهد القارة الأوروبية تغيرات في السلطة في عدد من الدول، في ضوء الانتخابات المرتقبة، وتبلور محددات استمرار أو انتهاء الحرب الأوكرانية، ومعاناة معظم الدول الأوروبية من أزمة طاقة حادة، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتحسن معدلات التضخم. أما على صعيد الاتجاهات المتوقعة للتوجهات الخارجية للدول الأوروبية خلال 2023، فترجح "الأقاليم 2023" تزايد حالة الشد والجذب بين الدول الأوروبية وبين واشنطن، وفرض الدول الأوروبية مزيداً من الرقابة على حركة البشر الوافدة، فضلاً عن الانفتاح على الجنوب لتوفير مصادر طاقة بديلة. وتتوقع "الأقاليم 2023" استمرار تراجع التهديد الإرهابي في القارة الأوروبية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي القارة الأفريقية، ترى "الأقاليم 2023" أن القارة ستعيش – كعادتها في السنوات الأخيرة – واقعاً مأزوماً على المستويات المختلفة، نتيجة الأزمات السياسية والأمنية الداخلية، والتحديات الممتدة لجائحة كورونا، والتأثيرات السلبية لأزمة أوكرانيا، متوقعةً أن يُفرِز هذا الواقع خلال عام 2023 سياقات مضطربة في القارة، ويأتي على رأسها استمرار تعقُّد المشهد السياسي والأمني بشرق أفريقيا، والعسكرة المتواصلة للمشهد السياسي في الساحل وغرب أفريقيا، وتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية في معظم أرجاء القارة، فضلاً عن تصاعد التنافس بين القوى الدولية في القارة الأفريقية، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي ضعيفة في دولها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وتؤكد "الأقاليم 2023" أنه على الرغم من أن توقعات منطقة الشرق الأوسط خلال العام ترتبط بدرجة كبيرة من درجات اللايقين، في ظل التطورات غير المحسوبة والتغيرات الفجائية التي يشهدها الإقليم، فإن ثمة اتجاهات عريضة مُتوقَّعة للمشهد العام في المنطقة، وهي تعزيز حضور دول الخليج العربي على الساحة الدولية، وتصاعد اهتمام القوى الدولية بالشرق الأوسط، وترسيخ التهدئة بين القوى الإقليمية في المنطقة، وتعزيز العلاقات البينية التعاونية بين الدول العربية، واستمرار الأدوار الإيرانية السلبية في المنطقة، فضلاً عن تنامي دورة الاحتجاجات في بعض الدول، واستبعاد حدوث تحولات جوهرية في بؤر الصراع.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبالنسبة إلى قارة أمريكا اللاتينية، تُرجِّح "الأقاليم 2023" مواجهة القارة تحديات صعبة خلال العام، مع توقع تزايد حدة الاستقطاب السياسي بين قوى اليمين واليسار على خلفية الانتخابات المرتقبة في بعض دول القارة. ولا تستبعد "الأقاليم 2023" احتمالية صعود موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بالتوازي مع مواجهة الحكومات اليسارية في القارة صعوبات بالغة في الحكم، وتنامي التهديدات للأنظمة الديمقراطية في دول القارة، في إطار ما بات يُعرَف بـ"نموذج الترامبية"، وإعادة تشكيل خريطة التحالفات الدولية لدول القارة التي ستجعلها ساحة للاستقطاب والتنافس الدولي، لكن "الأقاليم 2023" لا تتوقع أن يمنع هذا الواقع من حدوث تسويات سلمية لبعض الصراعات المزمنة في القارة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وترجح "الأقاليم 2023" أن تُولد التفاعلات التكنولوجية خلال العام فرصاً عديدةً مع تعاظم دور عدد من التقنيات التكنولوجية المتطورة ذات التأثيرات الكبرى في السياسة الدولية، مع توقع نمو الجيل الخامس وشرائح وحدات هوية المشترك، واحتدام التنافس على شبكات الجيل السادس، وتنامي التغطية العريضة النطاق للإنترنت والذكاء الاصطناعي، وتزايد الاستثمارات في الميتافيرس وتطوير الحوسبة الكمومية، فضلاً عن انتشار وتنوع تطبيقات ومجالات التوأمة الرقمية، وتصاعد المنافسة في صناعة السيارات الكهربائية، وتنامي قوة عمالقة التكنولوجيا رغم الركود التكنولوجي المحتمل. كما تتوقع "الأقاليم 2023" استمرار الهيمنة الأمريكية والأوروبية والصينية على سوق التكنولوجيا العالمية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي الختام، توقعت "الأقاليم 2023" أن تكون فرص حدوث تعافٍ للاقتصاد العالمي خلال العام ضئيلة للغاية، بالنظر إلى مواجهته مزيجاً من التحديات التي يأتي على رأسها ارتفاع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، والآثار الوبائية الممتدة لجائحة كورونا، مشيرةً إلى أن هذه التحديات تُسهم في تفاقم التوقعات السلبية لنمو الاقتصاد العالمي خلال 2023، مع توقع حدوث انكماش حاد في نمو الاقتصاد العالمي، وتراجع نسبي في معدلات التضخم، واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة عام 2023، وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً، وحدوث أزمة ركود عقاري في العديد من الدول الكبرى، وتباطؤ معظم الأنشطة الاقتصادية عالمياً، وتراجع محتمل في أسواق الأسهم العالمية، وارتفاع ضئيل في معدلات البطالة، وتفاقم مستويات الديون العالمية.</p>

      

إنترريجونال يُصدر العدد الجديد من تقرير الاستشراف السنوي