ديما محمد القيسية


        
<p><strong>اعتمدت جمعية منظمة الصحة العالمية، في 18 يوليو 2022، لأول مرة، مشروع قرار لتعزيز جودة الحياة الصحية بقيادة دولة الإمارات، وهو الأمر الذي عكس في جانب منه التطورات التي شهدها القطاع الصحي في دولة الإمارات خلال السنوات الماضية؛ فقد قوبل هذا القرار باحتفاء من المسؤولين الإماراتيين؛ حيث صرح وزير الصحة ووقاية المجتمع عبد الرحمن بن محمد العويس: </strong><strong>"</strong><strong>إنه إنجاز استثنائي يدعونا إلى الفخر والاعتزاز؛ حيث&nbsp;يمثل ترجمة لمنظومة القيم الحضارية التي قامت عليها الدولة من أجل حاضر ومستقبل أفضل للشعوب، وهو تقدير عالمي يحفزنا على بذل المزيد من الجهود ومواصلة التعاون الدولي باعتبار ذلك نموذجاً يحتذى به في جودة الحياة الصحية، ومصدراً موثوقاً لنقل تجربتنا الفريدة ومشاركتها مع حكومات العالم في مجال جودة الحياة الصحية".</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مؤشرات متعددة</span></strong></p>



<p>عملت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية على تطوير القطاع الصحي لديها بهدف دعم قدراتها على مواجهة التحديات المختلفة، وخاصة مع التداعيات التي نتجت عن جائحة كورونا على المستوى العالمي، وأكدت ضرورة استعداد الدول للتعامل مع هذا النمط من الجوائح. وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى عدد من الأبعاد الرئيسية فيما يتعلق بالتطور في القطاع الصحي الإماراتي خلال السنوات الماضية:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1) التوسع في الإنفاق على القطاع الصحي:</strong> توسعت الإمارات خلال السنوات الماضية في الإنفاق على القطاع الصحي؛ فعلى سبيل المثال، تم تخصيص 3.835 مليار درهم في الموازنة الاتحادية الإماراتية للرعاية الصحية عام 2016، وهذه المخصصات زادت في عام 2017 لتصبح 4.2 مليار درهم، ووصلت في 2018 إلى 4.5 مليار درهم، وتم تخصيص 4.4 مليار درهم في 2019، ثم وصلت المخصصات في عام 2020 إلى 4.84 مليار درهم مثلت 6.89% من إجمالي الموازنة الاتحادية. وخصصت الدولة نحو 4.766 مليار درهم للخدمات الصحية ووقاية المجتمع في ميزانية 2022 وهو ما يمثل 8.09% من إجمالي الميزانية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2) الشراكات الدولية المتعددة:</strong> سعت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية إلى تعزيز تعاونها مع الدول الأخرى في مجال الصحة، والدخول في شراكات متعددة؛ فعلى سبيل المثال، تم توقيع اتفاقية للتعاون وتبادل الخبرات بين سفير دولة الإمارات و4 مستشفيات إسبانية منها مستشفى سانت جون دي ديو للأطفال ببرشلونة ومستشفى كيرون الجامعي ببرشلونة، ومستشفى بارنا كلينك المتعدد التخصصات ومستشفى باراكير للعيون في مدينة برشلونة؛ وذلك في 10 أكتوبر 2018، بهدف تبادل الخبرات والتجارب من كلا الطرفين في المجال الطبي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>كما عززت الإمارات شراكتها الصحية مع الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، ولعل هذا ما اتضح من الزيارة التي قام بها وفد من منظومة أبوظبي للرعاية الصحية برئاسة "عبد الله بن محمد آل حامد" رئيس دائرة الصحة في أبوظبي، إلى الولايات المتحدة خلال شهر يونيو 2022، لبحث آفاق التعاون المشترك في مجالات الرعاية الصحية. وشهدت الزيارة توقيع اتفاقية تعاون بين دائرة الصحة – أبوظبي وشركة "جونسون آند جونسون الشرق الأوسط" لدعم رؤية أبوظبي في إنشاء وتطوير مركز إقليمي للبحوث السريرية واستحداث البيانات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3) استراتيجية الإمارات للابتكار والتطوير في القطاع الصحي:</strong> حرصت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية على تعزيز عملية الابتكار والتطوير في القطاع الصحي؛ وذلك بهدف تعزيز مكانة الإمارات عالمياً وبناء نظام صحي مستدام بمعايير عالمية، وفي هذا الإطار، أطلقت وزارة الصحة الإماراتية استراتيجيتها للابتكار 2019–2021 تحت عنوان "ريادة في الابتكار لنظام صحي بمواصفات عالمية"،. وتلخصت الاستراتيجية في خمسة محاور رئيسية هي: "ريادة في الرعاية الصحية، والبحث والتطوير، ونموذج مجتمع صحي مستدام، وعمليات وخدمات رائدة، والممكنات الرئيسية". كما أعلنت الحكومة الإماراتية عن عدد عن المشاريع والخدمات والمبادرات المبتكرة النوعية ومنها "العيادات الإلكترونية"، وتطبيق نظام "التعرفة الصوتية المدعم بالذكاء الاصطناعي".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4) استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي:</strong> عملت الإمارات خلال السنوات الماضية على الاستخدام المكثف لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة؛ وذلك ضمن خطة تستهدف دمج الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% في الخدمات الطبية بما يتوافق مع مئوية الإمارات 2071. فعلى سبيل المثال، تم استخدام الروبوت الآلي لأول مرة في مدينة الشارقة لإجراء عملية القسطرة القلبية في 26 يونيو 2014. وفي شهر يناير 2017، تم استخدام الروبوت الآلي لخدمة صرف الأدوية للمرضى في مستشفى الفجيرة؛ وذلك لتفادي الأخطاء وتأخير المتعاملين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>كما تم استخدام الروبوت، في عام 2017، لأول مرة في مستشفى راشد دون تدخل إنساني؛ إذ تمت تجربة الروبوت الآلي لصرف 12 وصفة طبية، وتمت عملية الصرف بنجاح بمدة تقل عن دقيقة واحدة. وأطلقت أيضاً وزارة الصحة ووقاية المجتمع تطبيق "ميدو آب" بهدف متابعة&nbsp;المرضى عن بُعد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والحصول على رؤى تنبؤية تساعد في الكشف المبكر عن المضاعفات والظروف الصحية المهددة لحياة المرضى.&nbsp;</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5) تطوير الكوادر البشرية:</strong> اهتمت دولة الإمارات بتطوير الكوادر البشرية في القطاع الصحي خلال السنوات الماضية، وتجلى ذلك من طرح عدد من المبادرات والبرامج مثل برنامج "تدرب من أجل العمل في قطاع الصحي"، وبرنامج رعاية خريجي الثانوية العامة، واتفاقيات التبادل الدولي بين الكوادر الصحية حول العالم، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات مع عدة جهات محلية بهدف تبادل الخبرات وتطوير معرفة ومهارات الكوادر الصحية في الدولة، ودعم تقدم البحث العلمي في القطاع الصحي؛ وذلك على غرار الاتفاقية الموقعة، في مارس 2022، بين مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني ومجلس تنافسية الكوادر الإماراتية "نافس"، لتقديم منح دراسية لدراسة بكالوريوس التمريض وطب الطوارئ والدبلوم العالي والدبلوم في المساعد الصحي، من كلية فاطمة للعلوم الصحية التابعة لمعهد التكنولوجيا التطبيقية في مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مكاسب رئيسية</span></strong></p>



<p>يرتبط الاهتمام الإماراتي بتطوير قطاع الصحة بعدد من الأهداف الرئيسية التي تنطوي على مكاسب عديدة. ويمكن تناول أبرز هذه الأهداف فيما يأتي:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1) التعامل مع الجوائح المستقبلية:</strong> كشفت جائحة كورونا عن أهمية توافر إمكانات صحية لدى الدول تمكنها من التعاطي مع أي جوائح مستقبلية. وفي هذا الإطار، يبدو أن دولة الإمارات تسعى إلى إنتاج نظام صحي متقدم يضمن الاستعداد لأي أمراض يكون لها تأثير على منظومة العمل بالدولة ومؤسساتها، ولعل هذا ما يفسر اهتمام الإمارات بإدخال التكنولوجيا المتطورة في القطاع الصحي والدخول في شراكات مع أطراف دولية عديدة يمكن من خلالها تقديم حلول مبتكرة لأي مشكلات وتحديات مستقبلية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2) زيادة مساهمة القطاع الصحي في الاقتصاد الإماراتي:</strong> فخلال السنوات الماضية أصبحت دولة الامارات إحدى الوجهات الدولية في السياحة العلاجية. ويتوقع أن تنمو السياحة العلاجية في الإمارات لتصل إلى 19 مليار درهم في عام 2023 . واتساقاً مع هذا، شهدت الاستثمارات في القطاع الصحي بعض التطورات الملحوظة خلال السنوات الماضية؛ فعلى سبيل المثال، أكدت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، في مايو 2020، أن "قطاع الصناعات الدوائية والمعدات الطبية يشكل أحد القطاعات الرئيسية في استراتيجية دبي الصناعية 2030".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي هذا الإطار، تشير بعض التقارير الرسمية إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم نمو قطاع الرعاية الصحية في الإمارات إلى 39.4 مليار درهم بحلول عام 2025، كما يرجح أن تلعب سوق الرعاية الصحية في دبي دوراً محورياً في دفع نمو قطاع الرعاية الصحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 144 مليار دولار في عام 2020 إلى نحو 243 مليار دولار بحلول عام 2023. علاوة على ذلك، يبلغ متوسط حجم الإنفاق على الرعاية الصحية للفرد في دولة الإمارات 1200 دولار، كما يوجد بالإمارات أكبر منطقة طبية حرة في العالم، وتتكون من 160 شريكاً طبياً عبر أكثر من 150 تخصصاً، إضافة إلى مختصين من 90 بلداً. وهذه المعطيات تدلل على الفرص الاقتصادية المتاحة في قطاع الصحة الإماراتي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3) تعزيز السمعة الدولية الإيجابية للإمارات:</strong> لا يمكن إغفال أن إحداث تطورات ملحوظة في قطاع الصحة يساعد على تعزيز السمعة الدولية الإيجابية للإمارات. فقد شهد القطاع الصحي بعض التطورات الهامة مثل استخدام الروبوت في مستشفيات الدولة، وإنشاء أول مركز لعلاج السرطان بالبروتون في الشرق الأوسط. وساعدت التطورات الصحية الإمارات في تصدر المؤشرات الدولية؛ حيث حازت أكثر من 85% المستشفيات الاعتمادات الدولية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وتتصدر الإمارات منطقة الشرق الأوسط في 19 مؤشراً ومعياراً لمعالجة مخاطر الصحة العامة. كما تصدرت الدولة في 9 مؤشرات عالمية تنافسية مرتبطة بمدى التقدم في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة "الصحة الجيدة والرفاه".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4) دعم مسار الدبلوماسية الصحية:</strong> تخدم التطورات في قطاع الصحة الجهود الدبلوماسية لدولة الإمارات عبر تعزيز قدرة الدولة على تقديم المساعدات للدول الأخرى، ولعل هذا ما اتضح مع جائحة كورونا؛ حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن الإمارات منذ بدء الجائحة في 2020 حتى يوليو 2021، بلغ إجمالي عدد المساعدات الطبية، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات التي قدمتها، نحو 2,154 طن تم توجيهها إلى 135 دولة حول العالم. كما تم إنشاء مستشفيات ميدانية في بعض الدول مثل السودان، وغينيا، وموريتانيا، وسيراليون، ولبنان، والأردن، وتبرعت الإمارات أيضاً بنحو 10 ملايين دولار، فضلاً عن التبرع بنحو 10 ملايين دولار مساعدات عينية من دولة الإمارات إلى&nbsp;منظمة الصحة العالمية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ختاماً،</strong><strong> فإن الاستراتيجية الإماراتية لتحديث وتعزيز القطاع الصحي بالدولة، تنطوي على </strong><strong>مساعٍ</strong><strong> جوهرية لدعم قدرات التعافي السريع للدولة والاستعداد لتخطي الجوائح مستقبلية عن طريق دمج الذكاء الاصطناعي في مجال </strong><strong>الصحي؛</strong><strong> ما سيساهم في تقليل نسبة الأخطاء البشرية. كما تواصل الإمارات جهودها في تحفيز المزيد من الاستثمارات في القطاع الصحي بما ي</strong><strong>ف</strong><strong>ي </strong><strong>ب</strong><strong>الاحتياجات الحالية والمستقبلية للدولة.</strong></p>

      

لماذا تهتم الإمارات بتطوير القطاع الصحي؟