أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في 28 أكتوبر 2024، عن تخصيصها 530 مليون دولار لتسريع تطوير نظام الدفاع الجوي بالليزر المعروف باسم "الشعاع الحديدي - Iron Beam"، والذي يُطلق عليه رسمياً من قِبل الشركة المطورة له اسم "درع النور - Magen Or". وهو نظام سلاح ليزر عالي الطاقة طورته شركة "رافائيل" الإسرائيلية. وقالت الوزارة إنها وقّعت صفقة كبرى لتوسيع نطاق شراء أنظمة الاعتراض بالليزر بشكل كبير، بالتعاون مع شركتي "رافائيل" و"إلبيت" للصناعات العسكرية.

وقد خضع نظام "الشعاع الحديدي" لسلسلة من الاختبارات التي وصفتها إسرائيل بـ"الناجحة"، بما في ذلك الاختبارات الميدانية التي جرت عام 2022، والتي قالت تل أبيب إنها أظهرت قدرة النموذج الأولي للنظام على اعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات.

دوافع إسرائيل

هناك عدد من الدوافع الإسرائيلية التي يمكنها تفسير أسباب الإقدام على تطوير هذا السلاح من البداية، وكذلك أسباب تسريع العمل عليه، ومحاولة نشره وتفعيله في أقرب وقت ممكن. وهي الدوافع التي ترتبط بقدرات النظام واحتياجات الجيش الإسرائيلي وأزمات منظومته الدفاعية التي أبرزتها الحرب الجارية، وهو ما يمكن تناوله فيما يلي:

1- تعزيز القدرة على تدمير تهديدات جوية متنوعة: يتم تصميم نظام الشعاع الحديدي لاعتراض وتدمير مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك: الصواريخ قصيرة المدى، وقذائف المدفعية، وقنابل الهاون، والطائرات بدون طيار، والصواريخ الانسيابية. وهو عامل مهم لتعزيز مرونة الدفاعات الجوية تجاه مجموعة واسعة من التهديدات المحتملة. ولذلك تعمل الشركة الإسرائيلية على تطوير نسخة من "الشعاع الحديدي" يمكنها الوصول إلى مستويات طاقة تصل إلى 300 كيلو وات، بحيث تُعزز من القدرات التدميرية للنظام، والتعامل مع مختلف أشكال الهجمات.

2- انخفاض تكلفة الاعتراض مقارنةً بـ"القبة الحديدية": رغم أن هناك تبايناً حول تكلفة الاعتراض من خلال نظام "شعاع الحديد"، فإن هناك تأكيدات على انخفاضها. وتشير بعض التقارير إلى أن الشعاع الواحد سيكلُّف أقل من خمس دولارات. لكن هناك تقديرات ترفع تكلفة الاعتراض إلى نحو 1000 دولار، وتوضح تقارير أن التكلفة قد تصل إلى 2000 دولار، عند أخذ كل شيء في الاعتبار، بما يشير إلى التكلفة التشغيلية الإجمالية التي تشمل العوامل الأخرى، وليست تكلفة الشعاع بحد ذاته.

ورغم هذا التباين في التقديرات، لكنها جميعاً تؤكد على انخفاض تكلفة الاعتراض بشكلٍ كبير، مقارنةً بنحو 40 - 50 ألف دولار عند استخدام منظومة "القبة الحديدية". وهو عامل مهم للجانب الإسرائيلي، بالنظر إلى استخدام الفصائل الفلسطينية و"جبهات الإسناد" تكتيك "الرشقات الصاروخية" التي تستنزف "القبة الحديدية"، وتُكبّد تل أبيب خسائر مادية ضخمة. وهو ما تؤكده تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 2022م "نفتالي بينيت" التي أعلن فيها عن خطة لإنشاء "جدار ليزر" للتحول من الإنفاق الضخم على كميات كبيرة من الصواريخ الاعتراضية إلى استخدام أشعة ليزر قليلة التكلفة.

3- امتلاك مخزون غير محدود من الطاقة اللازمة لعمل النظام: يعتمد نظام "شعاع الليزر" على الطاقة الحرارية. فعند توجيه شعاع الليزر تجاه الهدف، فإنه يولّد حرارة شديدة عند نقطة الاستهداف، بحيث تؤدي تلك الحرارة إلى إتلاف الهدف أو تدمير مكوناته الهامة، سواء كان صاروخاً أو طائرة بدون طيار أو غير ذلك، بما يحول دون فاعليته، ويصبح غير قادر على إكمال طريقه وإصابة الأهداف المخطط استهدافها.

ويعمل نظام "الشعاع الحديدي" الإسرائيلي باستخدام شعاع ليزر عالي القوة لاعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى، حيث يستخدم ليزر الألياف لتوليد شعاع عالي الطاقة. وهو ما يلفت إلى إحدى أهم نقاط قوة النظام، المتعلقة باستخدام أسلحة الليزر، حيث يمتلك النظام مخزوناً غير محدود من "الذخيرة"، بالنظر إلى اعتماده على توليد وتوجيه طاقة الليزر، وليس على صواريخ اعتراضية تحتاج إلى الشراء، والنقل، والتخزين، والإمداد. وطالما توفرت الطاقة، يمكن للنظام الاستمرار في العمل دون القلق من استنفاد مخزون الذخيرة المادية.

4- تقليل الوقت اللازم لتدمير التهديدات الجوية إلى عدة ثوانٍ: تلفت تقارير إلى أن النظام الدفاعي الجديد من شأنه تقليل وقت الاعتراض للتهديدات الجوية التي تواجه إسرائيل، وتحييد التهديدات في غضون ثوانٍ من اكتشافها. حيث يمكن لنظام "شعاع الحديد" تدمير الأهداف في غضون أربع ثوانٍ تقريباً من الاتصال. وعلى عكس صواريخ منظومة الدفاع الجوي و"القبة الحديدية"، التي تنفجر عند اصطدامه بالأهداف الجوية، مع حساب وقت وصول الصاروخ من منصة الإطلاق إلى الهدف، فإن شعاع ليزر منظومة "شعاع الحديد" يحتاج عدة ثوانٍ من الاتصال بجسمٍ ما لتوليد طاقة كافية لتدميره.

5- تقليل دقة شعاع الليزر من الأضرار الجانبية غير المقصودة: تأمل إسرائيل وفق ما هو مخطط أن يتميز النظام الجديد بدقة عالية في الاستهداف، مما يقلل من الأضرار الجانبية مقارنةً بأنظمة الدفاع الجوي التقليدية وصواريخ "القبة الحديدية" والمنظومات الأخرى. بحيث تقلل دقة شعاع الليزر من الأضرار الجانبية لعمليات الاعتراض في المناطق السكنية أو الاستراتيجية.

6- تعزيز مرونة النظام من خلال تثبيته على منصات متعددة: يُشار إلى أن نظام "شعاع الحديد" من المفترض أن يتمتع بدرجة من المرونة في الاستخدام والنقل، حيث سيكون من الممكن دمج وتثبيت النظام على منصات متعددة، بدءاً من الطائرات، إلى أنواع مختلفة من المركبات والمنصات الأرضية الثابتة والمتنقلة.

بل ويمكن كذلك تطوير نُسخ مخصصة للسفن بحيث تُثبت على السفن وناقلات الطائرات، وتكون مصممة لحماية السفن من أسراب الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للسفن. وكذلك يمكن تطوير طرازات أصغر بقوة إخراج 10 كيلو وات ومدى 2000 متر، بحيث يتم تركيبها على المركبات الخفيفة لحماية الوحدات المتنقلة.

7- معالجة ضعف الدفاع الجوي الإسرائيلي تجاه المُسيرات: تواجه منظومة الاعتراض الإسرائيلية انتقادات عديدة، اتسعت مع هجمات أسراب المُسيرات والرشقات الصاروخية تجاه إسرائيل. ولعل من أحدث تلك الانتقادات، ما شهدته أوساط إسرائيلية عقب هجوم مُسيرة أطلقها "حزب الله" على قاعدة تدريب للواء جولاني، جنوب حيفا، والذي أودى بحياة 4 وإصابة أكثر من 60 من الجيش الإسرائيلي. وينتقد إسرائيليون عدم قدرة منظومة الاعتراض الإسرائيلية على التعامل مع المُسيرات التي تحلّق على ارتفاعات منخفضة، وأن جدواها تكاد تقتصر على التصدي للصواريخ قصيرة المدى والباليستية المتطورة، بما جعّل المُسيرات المنخفضة نقطة ضعف رئيسية في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

ويُرجح أن المسيرة التي استهدفت القاعدة الإسرائيلية من طراز "صياد 107" كانت قادرة على الطيران على ارتفاع منخفض، مما يصعب كشفها من قِبل أنظمة الرصد الإسرائيلية. وتلفت تقارير إلى أن نسبة نجاح الاعتراض ضد الطائرات المسيرة أقل من تلك التي تحققها منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية ضد الصواريخ والقذائف. بما دفع نحو تسريع تطوير نُظم أخرى لمواجهة التهديدات الجوية المتزايدة، وعلى رأس تلك الأنظمة "شعاع الحديد".

8- توزيع التهديدات الجوية على منظومة الدفاع الإسرائيلية: تسعى إسرائيل إلى توزيع التهديدات الجوية على منظومة الدفاع الجوي، من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من التكامل بين أسلحة وأنظمة تلك المنظومة، لتعزيز فاعليتها. حيث تؤكد وزارة الدفاع الإسرائيلية أن نظام "شعاع الحديد" لن يكون بديلاً عن "القبة الحديدية" أو أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الأخرى، بل سيعمل مسانداً لها، لإسقاط المقذوفات الأصغر حجماً، وترك المقذوفات الأكبر حجماً للبطاريات الصاروخية الأكثر قوة مثل أنظمة "مقلاع داود" و"السهم". ويُشار في هذا الإطار، إلى أن نظام "القبة الحديدية" يوفر حماية قصيرة المدى ضد الصواريخ والقذائف، في حين أن أنظمة "مقلاع داود" و"السهم"، تمثّل تكنولوجيا إسرائيلية أمريكية لصد الصواريخ الباليستية.

9- استغلال الدعم التقني والتمويل الأمريكي: يُلاحظ انخراط الولايات المتحدة على مستوى وزارة الدفاع وشركات الصناعات الدفاعية الكبرى في عملية تطوير نظام "الشعاع الحديدي" الإسرائيلي، مع التطلُّع إلى استفادة الجيش الأمريكي من هذا النظام. فقد بدأت شركة الصناعات العسكرية الأمريكية "لوكهيد مارتن" تلعب دوراً في مشروع تطوير نظام "الشعاع الحديدي" منذ ديسمبر 2022، حينما وقّعت مع "رافائيل" الإسرائيلية اتفاقاً بموافقة وإشراف وزارتي الدفاع الإسرائيلية والأمريكية، تنضم بموجبه الشركة الأمريكية إلى مشروع تصنيع وتطوير نظام اعتراض الصواريخ والمقذوفات بواسطة الليزر.

ويرى الجيش الأمريكي أن "الشعاع الحديدي" قد يلبي احتياجاته، مما يفتح الباب للتعاون بين واشنطن وتل أبيب في هذا المجال. فقد قال رئيس شؤون الاستحواذ في الجيش الأمريكي "دوجلاس بوش" إنه شاهد خلال زيارته لإسرائيل، النموذج الأولي من نظام "الشعاع الحديدي"، واصفاً التقنية بأنها "مثيرة للاهتمام". وأضاف: "إذا نجح الإسرائيليون، فمن المؤكد أن يفكر الجيش الأمريكي في الاستفادة منه". ثم كشفت تقارير، في نوفمبر 2023، أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تخصيص 1.2 مليار دولار من ميزانيتها الإضافية الطارئة للاستثمار في السلاح الإسرائيلي للطاقة الموجهة الذي يُطلق عليه "الشعاع الحديدي"، والذي يعتبره الجيش الأمريكي سلاحاً يلبّي احتياجاته الخاصة.

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى تلقي إسرائيل في أواخر سبتمبر 2024، مساعدات عسكرية جديدة من الولايات المتحدة بقيمة 8.7 مليارات دولار. وكشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن 5.2 مليارات دولار من المبلغ الإجمالي مُخصصة لتحسين أنظمة الدفاع الجوي بما في ذلك "دعم التطوير المستمر لنظام دفاعي متطور فائق القوة يعمل بالليزر، هو حالياً في مراحل التطوير الأخيرة"، بحسب وصف الوزارة، بما يشير إلى نظام "شعاع الحديد".

تحديات متعددة

ثمة عدد من التحديات القائمة والمحتمل أن تواجه نظام "الشعاع الحديدي" الإسرائيلي، وهي التحديات التي يمكن تناولها فيما يلي:

1- عدم كفاية محطات الليزر النموذجية لتغطية إسرائيل بالكامل: كشفت تقارير في عام 2023، أن الجيش الإسرائيلي وشركة "رافائيل" للصناعات الدفاعية المطورة لنظام "شعاع الحديد"، لديهما محطات ليزر نموذجية فقط، وهي غير كافية لتغطية كامل مساحة الأراضي الإسرائيلية بشكل فعّال، على مستوى نوع المحطات وأعدادها، فلا يمكن لمحطة واحدة أو مجموعة صغيرة من المحطات تغطية مساحة كبيرة بشكل فعال، خاصةً إذا كانت هناك تهديدات من اتجاهات ومناطق متعددة. وبالتالي، من المتوقع أن يحمي هذا الليزر المناطق الأكثر عُرضة للخطر فقط، وستكون الحكومة الإسرائيلية أمام تحدٍّ يتعلق باختيار المواقع التي ستغطيها تلك المنظومة، على الأقل خلال المراحل الأولى.

2- تشكيك في قدرة النظام على استهداف صواريخ المدفعية: في حين تقتصر قدرات النموذج الأولي لشعاع الليزر الحالي على نحو 100 كيلووات، فإن تلك القوة يُرى أنها قد تكون غير كافية لتدمير بعض الأهداف التي تتسم بالصلابة والقوة مثل صواريخ المدفعية، خاصةً إذا ما كان غلاف محرك الصاروخ سميكاً أكثر من قدرة الشعاع على اختراقه، فضلاً عن أن تحرك الصاروخ بسرعة وبُعد المسافة يزيد من تحديات تثبيت شعاع الليزر على نقطة محددة في الهدف. وتزداد المعضلة إذا احتاج الشعاع وقتاً لتسخين وتدمير الصاروخ أطول من الوقت الذي يحتاجه الصاروخ إلى الوصول لهدفه، وهو ما قد يحدث في حالة صواريخ المدفعية قصيرة المدى.

3- استمرار معضلة الضعف تجاه الإغراق بالأسراب والرشقات: فيما يُعد نمط الإغراق بأسراب الطائرات بدون طيار والرشقات الصاروخية أحد أهم عوامل تقويض قدرات منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي التي لا تستطيع التعامل مع كميات هائلة من المُسيرات والصواريخ في وقتٍ متزامن؛ فإن هناك تقديرات بأن ذلك الأمر سيظل نقطة ضعف في منظومة "الشعاع الحديدي"، على نحو ما هو حادث بمنظومة "القبة الحديدية". ففي حين يحتاج النظام إلى تسليط شعاعه لثوانٍ على الصاروخ أو المُسيرة، فإن تلك الثواني -على قلتها- قد تسبب مشكلة حال مواجهة دفعات كبيرة من الصواريخ أو المُسيرات.

ومن المعروف أن إطلاق عدد كبير جداً من الصواريخ أو المُسيرات دفعة واحدة في الوقت نفسه يُعد من أهم التكتيكات التي تُربك أنظمة الدفاع الجوي. وتواجه بطاريات "القبة الحديدية" معضلة الإرهاق عند إغراقها بكمية كبيرة من المقذوفات في وقتٍ واحد، بما يُسهّل اختراق بعض تلك المقذوفات لمنظومة الدفاع الجوي. وتجدر الإشارة إلى أنه في عام 2021، كانت "حماس" قادرة على إطلاق ما يقرب من 125 صاروخاً على مدار عدة دقائق، أما في هجوم 07/10/2023، فتفيد التقارير بأن الحركة أطلقت ما بين 3 إلى 5 آلاف صاروخ على إسرائيل خلال فترة زمنية مدتها 20 دقيقة. ولذلك، ربما تسعى تل أبيب إلى تطوير النظام بحيث يكون قادراً على إطلاق أشعة متعددة لاستهداف عدة أهداف في وقتٍ واحد، لمواجهة نمط الإغراق بالمُسيرات والصواريخ.

4- اقتصار الفاعلية على أوقات الظروف الجوية المناسبة: يتمتع نظام "شعاع الحديد" الإسرائيلي بالقدرة على التعامل مع عدد كبير من التهديدات، شريطة توافر ظروف جوية مناسبة، وهو ما يُعد أحد أهم الجوانب السلبية للنظام الإسرائيلي. إذ لا يعمل بشكل جيد في ظروف الرؤية المنخفضة، بما في ذلك وسط السحب الكثيفة أو غيرها من الظروف الجوية القاسية. حيث تعتمد فاعلية النظام على شفافية الهواء، ومن شأن الأمطار والسحب أن تشتت أشعة الليزر وتجعلها غير فعّالة.

وفي محاولة لتفادي ذلك، يعتزم الجيش الإسرائيلي تركيب النظام على الطائرات للتغلب على سلبياته، بحيث تكون الطائرات التي ستحمل النظام قادرة بدورها على التحليق فوق السُحب. كما يُشار أيضاً إلى أن هناك مشكلة أخرى مهمة سيواجهها الشعاع الحديدي، وهي أن الغبار والدخان الموجود في الهواء من شأنه أن يقلل من كثافة وتركيز الليزر، مما قد يحد من فاعليته في البيئة الصحراوية، وأوقات الرياح، فضلاً عن تأثير غبار ودخان الحروب والقصف والمعارك المسلحة على فاعلية النظام.

5- اللجوء إلى تدابير مُضادة لتقويض "الشعاع الحديدي": يلفت البعض إلى أن الأطراف المهاجمة قد تفكر في استخدام بعض التدابير والتكتيكات المضادة بهدف تعطيل أنظمة الليزر أو تقويض فاعليتها، ومنها -على سبيل المثال- طلاء أسطح الصواريخ والمُسيرات بمواد عاكسة لإرباك نظام الليزر، والعمل على إخفاء الصواريخ والمُسيرات المهاجمة عن نظام الرصد والرادار الخاص بنظام "شعاع الحديد".

كما يرى البعض أن أحد تكتيكات تعطيل ذلك النظام ربما تكون من خلال إطلاق الهجمات الصاروخية والمُسيرات خلال الأحوال الجوية السيئة والعواصف الممطرة لاستغلال نقطة ضعف النظام تجاه تلك الأجواء، فضلاً عن إمكانية نشر حواجز من الدخان لمنع أشعة الليزر من الوصول. وذلك بالإضافة إلى استخدام آلية الإغراق بالأسراب والرشقات الصاروخية، وغير ذلك من التدابير والتكتيكات التي ستتطور جنباً إلى جنب مع تطوير النظام الدفاعي.

6- نفي صحة الفيديوهات المتداولة عن صد صواريخ "حماس": أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في أكتوبر 2023، عن خطط لنشر الشعاع الحديدي على الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة لاختبار فاعليته في ظروف الحرب الحقيقية ضد رشقات الصواريخ، بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومواجهة صواريخ الفصائل الفلسطينية وحزب الله تجاه إسرائيل. وفيما لفتت تقارير إسرائيلية إلى تفعيل نظام "الشعاع الحديدي" بشكل تجريبي، لأول مرة في صراع حقيقي، خلال حرب غزة 2023، قبل الموعد المقرر لتفعيله، فإن تلك التقارير ادعت نجاح النظام في اعتراض صاروخ تم إطلاقه على إسرائيل خلال أيام القتال.

كما جرى تداول مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر أشعة ضوئية في سماء إسرائيل، قيل إنها من نظام "الشعاع الحديدي". وجرى ترويج فيديوهات باعتبار أنها تُظهر نجاح تجارب النظام الإسرائيلي في اعتراض صواريخ "حماس". لكن حينها شككت تقارير في تلك الفيديوهات، وقالت إنها مقاطع مُعدّلة مستمدة من لعبة فيديو محاكاة عسكرية، تسمى "Arma 3". وحذرت شركة "Bohemia Interactive" المطورة للعبة، والتي تتخذ من جمهورية التشيك مقراً لها، في 10/10/2023، من أن لعبتها تُستخدم لترويج معلومات مضللة. وأفادت تقارير لمواقع مثل "BBC"، و"Warzone"، و"Times of Israel" لاحقاً بأن مقاطع الفيديو والأوصاف المصاحبة لها "مُضللة".

7- ترقّب التشغيل الفعلي للنظام من أجل كشف عيوبه: بالنظر إلى عدم تطوير نظام "شعاع الحديد" بشكل كامل، وعدم تشغيله أو دخوله إلى الخدمة على نحوٍ واسع، فإن العديد من التحديات تظل كامنة. ومن شأن دخول النظام الإسرائيلي إلى الخدمة، ومتابعة تجربته في مواجهة الصواريخ والمُسيرات، أن يكشف عن نقاط الضعف في ذلك النظام. وذلك على نحو ما حدث مع نظام "القبة الحديدية" الذي كانت الانتقادات الموجهة إليه، وتحليلات نقاط ضعفه، مبنية في معظمها على تجربة تشغيل النظام في مواجهة التهديدات الجوية الواقعية.

تأجيلات مستمرة

ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن نظام "الشعاع الحديدي" تم الكشف عنه لأول مرة بمعرض سنغافورة للطيران في فبراير 2014، كنظام ليزر عالي الطاقة لمواجهة التهديدات الجوية. ثم في أوائل عام 2022، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "نفتالي بينيت" أن النظام سيكون جاهزاً للعمل بحلول عام 2023. لكن عدّلت الحكومة الإسرائيلية ذلك التوقيت لاحقاً بقولها إنها من المحتمل أن تنشر النظام خلال عام 2024، قبل أن يُعلَن أن نظام "الشعاع الحديدي" من المرجح دخوله الخدمة عام 2025.

ويسعى الجيش الإسرائيلي، من خلال الصفقة المُعلن عنها إلى نشر وتشغيل نظام "الشعاع الحديدي" خلال عام 2025، وعدم تأجيله مرة أخرى. ووفق تصريحات رئيس التسويق الدولي وتطوير الأعمال في "رافائيل" جدعون فايس، فإن نظام "الشعاع الحديدي" لن يكون جاهزاً للعمل قبل نهاية عام 2025. ففي أحسن التوقعات، من المتوقع أن يستغرق النظام عاماً على الأقل قبل أن تتمكن الصناعات الدفاعية من بدء الإنتاج التسلسلي ونشر النظام بشكلٍ واسع. بينما تظل هناك تساؤلات مطروحة حول نجاح تل أبيب في تسريع تطوير وإنتاج ونشر النظام بشكل واسع بالأعداد المخطط لها، وعدم تأجيله مرة أخرى.

لماذا تسعى إسرائيل إلى تسريع نشر نظام دفاع جوي بالليزر؟