نشرت لجنة الدفاع بمجلس العموم البريطاني تقريراً في فبراير 2024، تحت عنوان "هل أنت مستعد للحرب؟"، سعت اللجنة من خلاله إلى التأكد إذا ما كانت القوات المسلحة البريطانية قادرة ومزودة بالموارد الكافية للدفاع عن بريطانيا وحلفائها، كما سلط الضوء على الفجوات في القدرات العسكرية، وأوجه القصور في الاستعداد لأي حرب محتملة، فضلاً عن تحديد إذا ما كانت القوات البريطانية لا تزال تلبي تعريف "القوة القتالية من المستوى الأول". ومن جانبه، تحدث وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس، في خطابه الذي ألقاه في يناير 2024، عن التحول "من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب"؛ الأمر الذي أعقبته عناوين صحفية مثيرة للقلق، تشير إلى ضرورة استعداد الغرب لحرب شاملة مع روسيا في غضون السنوات العشرين المقبلة، وهو ما أكده الأميرال روب باور – وهو مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي – حيث سبق أن أشار إلى حاجة دول الحلف – ومنها بريطانيا – إلى بناء قدراتها على إنتاج الأسلحة للتعامل مع صراع طويل الأمد. وليس ذلك فحسب، بل يجب على الحكومات أن تتحدث مع مواطنيها حول التعبئة، وزيادة جنود الاحتياط، وحتى التجنيد الإجباري.

تحديات هيكلية

انطلاقاً من ضبابية البيئة الأمنية العالمية، ومن تأثيرها على أداء القوة العسكرية للدول الكبرى، يمكن القول بأنه ثمة أزمات متعددة قد تعصف بأداء المؤسسة العسكرية البريطانية، سواء داخلياً أو خارجياً؛ حيث ألمحت العديد من التقرير إلى وجود عدد من المؤشرات تؤكد أن القوات العسكرية البريطانية منهكة بشدة، ومن أبرزها ما يلي:

1- شكوك حول فاعلية الإنفاق العسكري البريطاني: تمتلك بريطانيا أكبر ميزانية دفاعية في أوروبا، متقدمة قليلاً على كل من فرنسا وألمانيا، وعلى عكسهما لم تتراجع أبداً عن هدف إنفاق ما لا يقل عن 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، كما أن من المتوقع أن يقترب حجم إنفاقها العسكري من مستوى 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام؛ حيث سيصل الإنفاق العسكري إلى 52 مليار جنيه إسترليني، بما يعادل نحو 66 مليار دولار.

وفي عام 2022/2021، أنفقت المملكة المتحدة 45.9 مليار جنيه إسترليني على الدفاع، وكان هذا أعلى بمقدار 3.6 مليار جنيه إسترليني عن العام الذي سبقه. هذا وقد تلقت وزارة الدفاع تسوية مدتها أربع سنوات في مراجعة الإنفاق العسكري عام 2020، عندما خصصت الحكومة مبلغاً إضافياً قدره 16.5 مليار جنيه إسترليني لميزانية الدفاع خلال الفترة من 2021/2020 إلى 2025/2024.

بيد أنه على الرغم من كل هذه المليارات المنفقة، وتباهي المسؤولين البريطانيين بالقوة العسكرية البريطانية، فإنها تعاني من مشكلات معقدة تتراوح بين إخفاق بعض مشروعات المشتريات الكبيرة، ونقص التمويل لخطة المعدات الدفاعية، فضلاً عن أزمة التجنيد، بجانب صغر حجم القوات لدرجة أنها تخاطر بالهبوط إلى ما دون الكتلة الحرجة.

2- تعدد التزامات بريطانيا الخارجية: وفقاً لتقرير البرلمان البريطاني، نشرت المملكة المتحدة أكثر من 7000 فرد من القوات المسلحة البريطانية في أكثر من 40 عملية في الخارج بنهاية عام 2023؛ بعضها التزامات طويلة الأمد، في حين أن البعض الآخر يأتي استجابة لأحداث غير متوقعة.

فعلى سبيل المثال، خلال الربع الأخير من عام 2023، نشرت بريطانيا مجموعة عمل تابعة للبحرية الملكية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وطائرات دورية بحرية في الشرق الأوسط عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر والهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، كما نُشرت قطع بحرية في البحر الأحمر للانضمام إلى عملية "حارس الازدهار" التي تقودها الولايات المتحدة بحجة تأمين طرق التجارة العالمية هناك. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر كتيبة في مهمة الناتو في كوسوفو على الحدود بين كوسوفو وصربيا رداً على التوترات الأخيرة المتزايدة بينهما. وفي أواخر ديسمبر 2023، تم نشر سفينة (HMS Trent) في جيانا لدعم دولة الكومنولث التي تواجه مطالبات بجزء من أراضيها من جانب فنزويلا المجاورة.

هذا وقد سبق أن سارعت لندن إلى نشر مجموعات قتالية عسكرية في جميع أنحاء أوروبا بعد اندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية في فبراير 2022، وكثيراً ما كانت رائدة في تزويد أوكرانيا بالمعدات التي تحتاجها، ناهيك عن القوات البريطانية المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط باعتبارها جزءاً من عمليات مكافحة الإرهاب، وتحديداً في العراق وسوريا؛ الأمر الذي يتسبب في مزيد من الضغوطات العسكرية على المملكة المتحدة.

3- تخفيض الحجم المتوقع للجيش البريطاني: في ضوء الالتزامات العسكرية البريطانية المتعددة، تتمثل المشكلة الكبرى في نقص عدد قواتها المسلحة؛ فعند وصول المحافظين إلى السلطة عام 2010، كان قوام الجيش البريطاني أكثر من 100 ألف جندي، بيد أن الحزب قد قرر تخفيض هذا العدد ليصل إلى 72.5 ألف جندي بحلول 2025؛ وذلك بحجة توسع الحكومة في استخدام التكنولوجيا العسكرية، التي تعني الحاجة إلى عدد أقل من الأفراد عما كان عليه في الماضي. وبالفعل وصل عدد القوات البريطانية النظامية إلى 75.7 ألف جندي في يناير 2023.

وفي حين أدت الحرب في أوكرانيا إلى تغيير هيكل البيئة الأمنية العالمية، فإنها لم تغير الخطة البريطانية لخفض حجم قواتها المسلحة؛ إذ لم يقدم تحديث المراجعة المتكاملة (IRR) لعام 2023 أي توصيات بشأن تغييرات في حجم القوات المسلحة البريطانية. ومع ذلك، أشارت الحكومة إلى مواصلتها عملية تحديث قواتها المسلحة، وأنها ستعززها بشكل أكبر، وفقاً للدروس المستفادة من الحرب الدائرة في شرق أوروبا.

4- النقص في المخزون وتقادم بعض المعدات: خلص التقرير البرلماني الصادر عن لجنة الدفاع إلى أن القوات المسلحة البريطانية لديها قدرات أساسية ونقص في المخزون، وتفقد أفراداً بشكل أسرع مما يمكنها تجنيده؛ وذلك على الرغم من حصول الجيش البريطاني على دبابة مطورة "تشالنجر 3"، إلا أنه طلب 148 منها فقط. وفي ضوء ذلك، يتساءل الجنرالات الأمريكيون وغيرهم من الحلفاء علناً إذا ما كان من الممكن اعتبار الجيش البريطاني، بعد عقود من التخفيضات، مجرد قوة قتالية صغيرة على أعلى مستوى، فيما يعتقد تقرير صادر عن مجلة إيكونوميست في فبراير 2024، أنه لا تزال هناك فجوات واسعة فيما تحتاج إليه لندن لتكون قوة ذات مصداقية ضد أعدائها، بما في ذلك الدفاع الجوي الكافي والصواريخ البعيدة المدى وأصول الحرب الإلكترونية.

واللافت للنظر أيضاً أن البحرية البريطانية ستضطر إلى سحب السفن القديمة من الخدمة؛ لأنها تفتقر إلى الطاقم اللازم؛ فعلى سبيل المثال، فإن النقص في البحارة سيؤدي إلى إيقاف الفرقاطتين (HMS Westminster) و (HMS Argyll)، قبل تقديم بدائل لهما اعتباراً من عام 2026، كما تم إلغاء مغادرة حاملة الطائرات التابعة للبحرية الملكية (HMS Queen Elizabeth) للمشاركة في أكبر مناورة لحلف الناتو منذ نهاية الحرب الباردة العام الجاري (2024) بعد اكتشاف مشكلة في عمود المروحة أثناء عمليات الفحص النهائية.

5- صغر حجم ومعدات القوات الجوية والبحرية: تواجه القوات البحرية والجوية البريطانية عدداً من المشكلات الهيكلية؛ ففي عام 2021، أجرت الحكومة مراجعة متكاملة لسياساتها الخارجية والدفاعية والتنموية والأمنية، وتم تحديثها في عام 2023 بسبب الحرب الأوكرانية. وقد خلصت لجنة الدفاع في مجلس العموم إلى أن القوات البحرية لم تتمكن من تحقيق طموح المراجعة المتمثل في هدف "بريطانيا العالمية" بأسطولها الحالي، وأنها تحتاج إلى المزيد من السفن، مثل "الفرقاطة من الفئة 31" المخطط لها.

وبحسب تقرير لإيكونوميست، تستفيد البحرية البريطانية من استثمارات رأسمالية كبيرة، مع وجود فرقاطات جديدة مخطط دخولها الخدمة مع غواصات نووية هجومية من فئة "أستوت" باعتبارها جزءاً من صفقة الغواصات مع الولايات المتحدة وأستراليا، بيد أنه بموجب الخطط الحالية، سيكون لدى البحرية 19 سفينة مرافقة فقط. وفي هذا الصدد، يقول الرئيس السابق للجنة الدفاع توبياس إلوود، إن "البحرية صغيرة جداً بنحو النصف"، وأضاف: "لا نملك المرونة اللازمة لتنفيذ أنشطة واسعة النطاق".

علاوة على ما سبق، لم تتم إعادة النظر في القرارات المتخذة في عام 2021 لتقليص القوة الجوية، على الرغم من اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ ومن أبرزها الانسحاب المبكر من خدمة طائرات (Tranche 1 Typhoon) لتفكيكها بهدف الحصول على قطع الغيار، فضلاً عن التقاعد المبكر لـطائرات "سي -130"، وخفض الطلب على طائرات الإنذار المبكر والتحكم عن بعد المحمولة جواً من طراز (7 Wedgetail) من خمس طائرات إلى ثلاث؛ من أجل توفير 12% فقط من التكلفة الرأسمالية، وهو ما وصفه إلوود "بالجنون".

6- وجودة أزمة تجنيد نوعية: ما يزيد مشكلات بريطانيا العسكرية أنها تعاني أيضاً من أزمة تجنيد حادة؛ إذ تفتقر القوات الجوية إلى الطيارين والمهندسين اللازمين لتشغيل أسطول أكبر من الطائرات، ولا سيما وجود صعوبات في توظيف خبراء في مجال التكنولوجيا، كما يحذر تقرير مجلس النواب البريطاني من أن قدرة بريطانيا على الفوز في ساحة المعركة الحديثة أصبحت على المحك.

هذا ويكافح الجيش من أجل تلبية الأعداد المخفضة التي تم تحديدها، وقد يكون لديه أقل من 70 ألف جندي في غضون عامين، كما لم يتم تحقيق أهداف التجنيد في الجيش والبحرية كل عام منذ عام 2010، وفقاً للأرقام التي جمعها حزب العمال؛ فمثلاً كانت أعداد أفراد البحرية الملكية أقل بنسبة 5% من الهدف المحدد في عام 2015، وأعداد أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني أقل من الهدف بنسبة 9%.

ومن جانب آخر، تراجعت الآمال في تجنيد المزيد من النساء الماهرات بسبب سلسلة من القصص حول التحرش الجنسي في القوات. ولحل هذه المعضلة، دعا قائد الجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، في يناير الماضي، إلى تدريب "جيش من المواطنين"، وهو ما اعتبره البعض نداء للعودة إلى التجنيد الإجباري، لكن هناك اقتراحاً آخر يتمثل في دعوة الجنود النظاميين السابقين، الذين يحتمل أن يكون عددهم نحو 200 ألف جندي، إلى التدريبات مرة واحدة في العام.

جهود الإصلاح

بالنظر إلى التحديات السالفة الذكر، تحاول لندن اتباع سلسلة من الجهود الرامية إلى معالجة هذه التحديات، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:

1- رفع حجم الإنفاق العسكري: أعلنت الحكومة البريطانية في مارس 2023، عن خطة تقديم 5 مليارات جنيه إسترليني من التمويل الإضافي للدفاع خلال السنتين الماليتين 2024/2023 و2025/2024؛ وذلك لاعتبارات أن تدريب وتجهيز هذا الجيش الكبير سيتطلب حتماً المزيد من الأموال. بالإضافة إلى ذلك، ألمحت الحكومة أيضاً إلى خطتها الهادفة إلى إنفاق 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع على المدى الطويل، لكنها لم تحدد – حتى الآن – توقيت بدء تحقيق هذا الهدف، بيد أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قد أشار إلى أن هذا الهدف سيتم الوصول إليه "وفقاً لما تسمح به الظروف المالية والاقتصادية".

وقد وعد بن والاس وزير الدفاع البريطاني الأسبق، بأن البلاد ستنفق ما لا يقل عن 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً على جيشها بحلول عام 2030؛ أي نحو ضعف ما تنفقه اليوم. ولكن نظراً إلى معدلات التضخم المرتفعة الحالية، فإن القوة الشرائية لهذا المبلغ سوف تنخفض في السنوات المقبلة.

2- زيادة عدد أفراد الجيش: في يناير 2023، نشرت لجنة العلاقات الدولية والدفاع بمجلس اللوردات تقريراً بعنوان "سياسة الدفاع في المملكة المتحدة: من الطموح إلى الواقع؟". واتفقت اللجنة مع الحكومة – من خلال التقرير – على ضرورة إعادة النظر في المراجعة المتكاملة في ضوء الحرب في أوكرانيا.

وفي إطار تحقيقها، نظرت اللجنة في مسألة حجم الجيش؛ حيث أعربت عن قلقها بشأن خطط خفض عدد أفراد الجيش. وقد اتفق رئيس أركان الدفاع السابق الجنرال نيك كارتر، مع رأي اللجنة الذي يرجح أن حجم الجيش يجب أن يكون في حدود 80 ألف جندي؛ من أجل ضمان قدرة المملكة المتحدة على نشر فرقة كاملة من القوات باعتبارها جزءاً من قوة مشتركة لحلف شمال الأطلسي، كما استمعت اللجنة إلى أدلة من البروفيسور مايكل كلارك نائب المدير العام السابق للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، الذي أكد أن الحجم الذي تستهدفه الحكومة للجيش سيكون كافياً لتشكيل فرقة قتالية كاملة، بيد أنه لن يترك قدرة كافية للجيش لفعل أي شيء آخر.

هذا وتزداد الضغوطات المحلية على الحكومة من أجل زيادة أعداد الجيش البريطاني، ولا سيما من خلال إقرار المزيد من الحوافز المادية لتشجيع المواطنين البريطانيين على التجنيد ضمن صفوف الجيش؛ فبينما لا تخطط الحكومة البريطانية لإدخال التجنيد الإجباري، فإن قائد الجيش البريطاني قد أكد الحاجة إلى وجود "جيش وطني" لخوض حرب مستقبلية مع دولة مثل روسيا، مشيراً إلى أن الاستعداد لحرب برية محتملة يجب أن يكون مهمة "الأمة بأكملها"، مشيداً بالدول الأوروبية الأقرب إلى روسيا، التي تكرس أحكاماً لأسس التعبئة الوطنية، كما يشجع على ضرورة وجود جيش بريطاني قوامه 120 ألف جندي في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

3- تطوير استراتيجيات عسكرية جديدة: في عام 2023، قامت الحكومة بتحديث كل من مراجعاتها المتكاملة لعام 2021 وورقة قيادة الدفاع لعام 2021، التي حددت الأهداف الاستراتيجية للعلاقات الدولية للمملكة المتحدة وسياستها الدفاعية، كما كشف الجيش البريطاني عن استراتيجية جديدة لـ"الانتصار في حروب المستقبل"، وهي الاستراتيجية التي أطلق عليها اسم "مفهوم التشغيل البري"؛ إذ تحدد كيفية استجابة القوات المسلحة للبلاد للتهديدات الأمنية المستقبلية.

ووفقاً لمدير العقود الآجلة للجيش في المملكة المتحدة الجنرال جيمس باودر، فإن الجنود غالباً ما يتعرضون لمخاطر متزايدة في ساحة المعركة؛ بسبب ضعفهم في مواجهة طائرات العدو بدون طيار وضربهم بصواريخ بعيدة المدى. ولكن مع مفهوم العمليات البرية الجديد، سيتبنى الجيش نهجاً جديداً للبقاء على قيد الحياة، من خلال إخفاء القوات بشكل فعال أثناء مطاردة أنظمة مدفعية العدو، وأصول المراقبة، والسلاسل اللوجستية. علاوة على ذلك، يتم حث القوات البرية البريطانية على زيادة سرعة ومدى وتعقيد قدراتها في حرب المعلومات للحصول على ميزة تكتيكية.

4- إعادة تأكيد أهمية الردع النووي: كان وزير الدفاع البريطاني حريصاً على تأكيد أهمية الردع النووي للمملكة المتحدة وبرنامج التحديث الذي تبلغ قيمته 31 مليار جنيه إسترليني، وقد ضرب مثالاً بامتلاك الهند وباكستان الأسلحة النووية، وفسره بأنه رسالة من كلا الطرفين إلى الآخر مفادها أن الصراع الفعلي بينهما سوف يظل حتماً عند مستوى متساوٍ، وأن ثمن التصعيد بالنسبة إلى كليهما سيكون باهظاً للغاية.

5- الاستفادة من خبرات الحرب الأوكرانية: ترى المملكة المتحدة تسارعاً مذهلاً في القدرات العسكرية في حرب أوكرانيا؛ إذ تختبر شركات الدفاع البريطانية النماذج الأولية من الأسلحة والعتاد في ساحات القتال في أوروبا الشرقية، كما عزا وزير القوات المسلحة البريطاني جيمس هيبي، الفضل في زيادة القدرات التكنولوجية للجيش البريطاني إلى دعمه لكييف، عن طريق الاستفادة من التكنولوجيا الروسية التي تم الاستيلاء عليها، فضلاً عن المعلومات التي تحصل عليها من أوكرانيا في ساحة المعركة، بما في ذلك بيانات المعدات الروسية المخترقة.

6- الاستخدام الإيجابي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: في نهاية عام 2023، نشر الجيش البريطاني ورقة استراتيجية توضح كيف يخطط ليصبح "جاهزاً للذكاء الاصطناعي" بحلول أبريل 2024، لتنضم بذلك إلى مفهوم التشغيل المتكامل لشهر سبتمبر 2020، والاستراتيجية الرقمية للدفاع لعام 2021، واستراتيجية الذكاء الاصطناعي الدفاعي لشهر يونيو 2022، وخطة الجيش الرقمية والبيانات (2023 - 2025).

ويتمثل جوهر الاستراتيجية الأولى في ضمان تكوين "جيش موثوق ومسؤول للذكاء الاصطناعي، بحيث يقوم بدمج الذكاء الاصطناعي الذي يركز على الإنسان عبر القوة بأكملها لتحقيق ميزة اتخاذ القرار"؛ إذ تعد قيمة الذكاء الاصطناعي مشتقة من قدرته على الوصول إلى كميات هائلة من البيانات ومعالجتها بالسرعة التي تناسبها؛ ولذلك فإن مثل هذه القدرات ستزود الجيش بميزة تنافسية وكفاءة تشغيلية ضد الخصوم المحتملين.

ختاماً، لقد قضى المحافظون نحو 13 عاماً في السلطة وأجروا أربع مراجعات دفاعية، ومع اقتراب الانتخابات، لن يتمكنوا من حل المشاكل التي تفاقمت لسنوات؛ فمثلما هو الحال مع أسطول بريطانيا القديم من المركبات المدرعة، فإن نظام الدفاع في البلاد لم يعد جيداً بما فيه الكفاية، ومن ثم من المتوقع أن تتحرك الحكومة المقبلة بسرعة وبجرأة لإصلاح هذه المشكلات، التي تتراوح بين النقص المزمن في المهارات والتمويل اللازم لشراء المعدات العسكرية المتطورة والأكثر ابتكاراً، خاصة أن الفجوة بين القدرات والطموح أصبحت أكثر وضوحاً مع تضاعف الأخطار التي تهدد أمن المملكة المتحدة.

هل الجيش البريطاني مستعد للحرب؟