ميرال حسين

تشهد الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الجمهورية لعام 2024 تضخماً في التغطية الإعلامية، ومع توالي عقد المناظرات بين المرشحين الأمريكيين للرئاسة في 2024، يتمسك الرئيس السابق "دونالد ترامب" بمقاطعة تلك المناظرات، في المقابل تواصل حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة والمرشحة الرئاسية الحالية للحزب الجمهوري "نيكي هيلي" (51 عاماً)، الحصول على الدعم بين الحزب الجمهوري، وخاصةً الذين يصفون أنفسهم بالجمهوريين المناهضين لـ"ترامب".والجدير بالذكر أن "نيكي هيلي" أعلنت عن ترشحها للرئاسة في منتصف فبراير، لتصبح أول مرشحة جمهورية رئيسية تلتزم بمواجهة "ترامب". ومع استمرار احتدام السباق الجمهوري، يتقدم ترامب بنحو 60 نقطة في استطلاعات الرأي. ومع ذلك، تواصل "هيلي" اكتساب القوة وإثبات أنها خصم جدير للرئيس السابق.دعم متزايدفي ظل المشهد السياسي الراهن، تتألق "نيكي هيلي" بصفتها شخصية بارزة قد يلمع نجمها في ساحة الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومن ثم، يمكن تسليط الضوء على أبرز الفرص المتاحة أمام "هيلي" على النحو التالي:1– تبني مواقف مستقلة: تعتبر "هيلي" من الجمهوريين الذين يظهرون استقلالية عن الرئيس الأمريكي السابق، وأبرز المنافسين الجمهوريين "دونالد ترامب". وهذا قد يكسبها دعماً من الناخبين الذين يبحثون عن تغيير في الطابع السياسي للحزب؛ فعلى سبيل المثال، دافعت السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي" عن المساعدات الأمريكية باعتبارها ضرورية للأمن الأمريكي، وهاجمت نظيرها "فيفيك راماسوامي" لأنه اقترح في البداية أن تلغي الولايات المتحدة تدريجياً المساعدات المقدمة لإسرائيل.2– تزايد معدل الناخبين الجمهوريين المناهضين لـ"ترامب": وفقاً لموقع حملة "هيلي"، فإن هدفها الأكبر هو التمسك بالناخبين الجمهوريين المناهضين لـ"ترامب"، والاستمرار في جذبهم. وللحصول على فرصة، تحتاج "هيلي" إلى تقليص مجال المنافسة بحيث يصبح في نهاية المطاف سباقاً بين شخصين بينها وبين "ترامب"؛ ما سيسمح لها بمحاولة ربط الفصائل المناهضة لـ"ترامب" داخل الحزب، وربما أيضاً الاستحواذ على أصوات بعض ناخبي "ترامب". ويتفق المحللون السياسيون إلى حد كبير على أن أفضل فرصة أمام "هيلي" ضد "ترامب" هي مواجهته وجهاً لوجه، دون أي منافسين آخرين، لكنْ حتى ذلك سيتطلَّب تغيراً كبيراً وربما غير مسبوق في رأي الناخبين الجمهوريين.3– التفوق في ملف السياسة الخارجية: تستغل "هيلي" الاهتمام المتزايد بالشؤون العالمية لتعزيز فرصها في المنافسة على منصب رئيس الولايات المتحدة؛ حيث تمكنت من الاعتماد على تجربتها سفيرةً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة؛ فقد حققت "هيلي" مكاسب في بعض استطلاعات الرأي على خلفية الأداء القوي في المناظرات؛ حيث تظهر استطلاعات الرأي أنها متعادلة مع "ديسانتيس" في ولاية أيوا وتتفوق عليه في نيو هامبشاير؛ ما يعزز فرصها في المنافسة.4– المراهنة على جذب أصوات النساء: لدى "هيلي" أفضل فرصة لمواجهة الرئيس السابق "ترامب"؛ فهي المرشحة الجمهورية النسائية الوحيدة في منصبٍ من المعتاد أن يغلب عليه الرجال وليس هذا فقط، لكنها أيضاً تهتم بقضية الإجهاض، ولها موقف معلن، وهو ضرورة النظر في عمليات الإجهاض على أساس كل حالة على حدة؛ لأنها مختلفة تماماً، مع دعم فرض حظر وطني على الإجهاض بعد 20 أسبوعاً، لكنها في الوقت نفسه لا تؤيد العقوبة القاسية للنساء اللاتي يخضعن لعمليات الإجهاض والأطباء الذين يقومون بها، كما أنها طالما انتقدت علناً زملاءها الجمهوريين الذين يقترحون عقوبات قاسية، مثل السجن لفترة طويلة أو عقوبة الإعدام.5– تزايد الدعم الجماهيري: وفقاً لاستطلاع FiveThirtyEight – وهو نظام اقتراع وطني مشترك بين الحزبين مملوك لشركة ABC News – فقد حصلت "هيلي" على نحو ثلاث نقاط بعد أدائها في المناظرة التمهيدية الثالثة للحزب الجمهوري التي عُقدت في 8 نوفمبر، فيما خسر زميلها المرشح حاكم فلوريدا "رون ديسانتيس" نحو ثلاث نقاط؛ ما وضع "هيلي" على المحك مع "ديسانتيس" في استطلاعات الرأي؛ ما جعلهما يتنافسان في المركز الثاني خلف المرشح الأوفر حظاً "دونالد ترامب".تحديات متعددةمع وقوف "نيكي هيلي" على أعتاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تظهر محدودية الفرص أمامها باعتبار ذلك تحدياً حقيقياً؛ لذلك تتمثل أبرز هذه التحديات فيما يلي:1– التغلب على "ترامب": تُواجِه "هيلي" معركة شاقَّة ضخمة للإطاحة بالرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، والحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة؛ فبالنظر إلى الإحصائيات الحالية، من الصعب جداً توقع الفوز لأي شخص آخر غير "ترامب" بين الجمهوريين؛ حيث يتقدَّم "ترامب" على "هيلي" بنحو 50 نقطة مئوية، وفقاً لمجموعات استطلاعات الرأي الوطنية، ويتقدم عليها أيضاً حاكم فلوريدا "رون ديسانتيس".فعلى الرغم من تطلع "هيلي" إلى تحقيق انتصار في ولايتها كارولينا الجنوبية؛ حيث شغلت منصب الحاكم، فإن استطلاعات الرأي تشير أيضاً إلى صعوبة هذا الأمر؛ فوفقاً لموقع RealClearPolitics، الذي يجمع أرقام استطلاعات الرأي، يتمتع ترامب بفارق 30 نقطة على الميدان، وتأتي بعده "هيلي" في المركز الثاني.ومع ذلك، إذا استمر صعود "هيلي"، فمن المرجح أن تواجه هجمة كاملة من الهجمات من حملة "ترامب"، والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدين لترامب، ومجموعات الإنفاق ذات الصلة بلجنة العمل السياسي.2– تشتت أصوات الهنود–الأمريكيين: يُشكِّل الأمريكيون الهنود أكبر مجموعة أمريكية آسيوية، بنحو 1.3% من سكان الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات التعداد السكاني. ومع ذلك، فإن ثلاثة أمريكيين هنود لهم حضور في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2024، وهم: نائبة الرئيس الديمقراطية "كامالا هاريس"، والجمهوريان رجل الأعمال الملياردير "فيفيك راماسوامي"، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي". ومن ثم، فإن "هيلي" ستواجه صعوبة للحصول على أصوات الأمريكيين من أصل هندي.إذ إن التحدي الذي ستكون "هيلي" – التي تراهن على أصوات الناخبين الهنود – على موعد معه هو أن الناخبين الهنود الأمريكيين ديمقراطيون بأغلبية ساحقة؛ فجميع الهنود الأمريكيين الخمسة في الكونجرس، وجميع مشرعي الولايات تقريباً، من الديمقراطيين. كما صوَّت 74% لـ"جو بايدن" في السباق الرئاسي لعام 2020، أكثر من الناخبين من خلفيات آسيوية أخرى.ومع ذلك، وفقاً لاستطلاع أجرته Asian American Justice AAPI Data، فإن 60% من الهنود الأمريكيين، سيكونون منفتحين للتصويت لمرشح هندي أمريكي بغض النظر عن انتمائه الحزبي، إلا أن هذا الاستعداد ليس مطلقاً، لا سيما إذا كان التنافس مع الرئيس السابق "دونالد ترامب"، وحاكم فلوريدا "رون ديسانتيس"؛ حيث تتبنى "نيكي هيلي" المزيد من خطابهما المُناهِض للهجرة، وهو الملف ذو الأولوية لدى الهنود الأمريكيين.3– التوجه المحافظ الجديد: وهو شكل تقليدي من المحافَظة مع التركيز على المُثُل المؤيدة للولايات المتحدة؛ حيث تعتبر "هيلي" مرشحة تقليدية للمؤسسة الجمهورية. وتُروِّج "هيلي" لنفسها بأنها الأكثر اعتدالاً بين جميع المرشحين، لكن هذا يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدَّين؛ فعلى الرغم من أن هذا التوجه قد يجذب مزيداً من الناخبين، فإنه في الوقت نفس قد لا يكون في صالحها؛ بسبب تغلغل التشرذم الأمريكي؛ فالانقسام عميق للغاية لدرجة أنه من غير المُرجَّح أن مجرد مرشح واحد سوف يستطيع توحيد الجميع.4– تزايد بؤر الاضطرابات على الساحة الدولية: تُعَد السياسة الخارجية واحدة من المجالات القليلة التي تتسم باختلافات حقيقية في الاستراتيجية بين المرشحين، وخاصة بين الذين لديهم جذور أكثر تقليديةً متشددةً، وصعود المرشحين الشعبويين الأكثر محافظةً؛ فعلى الرغم من أن هناك اعتقاداً شائعاً بأن السياسة الخارجية لا تؤثر على الفوز بالانتخابات الرئاسية، لكن عام 2024 قد يكون الاستثناء؛ حيث إنه وقت متوتر على المسرح العالمي، وتلعب الولايات المتحدة دوراً داعماً في حربين خارجيتين: أوكرانيا وغزة، في حين تحاول في الوقت نفسه تحويل تركيز أمنها القومي نحو التحديات التي تفرضها الصين.بينما تفضل "هيلي" سياسةً خارجيةً أكثر تدخلاً من "ترامب" الأكثر انعزاليةً. وخلال الحملة الانتخابية، كان الرئيس السابق "دونالد ترامب" يستغل هذه المخاوف بشأن الصراعات الخارجية، متباهياً بأنه الوحيد الذي سيمنع الحرب العالمية الثالثة.5– التأييد لاستمرار المساعدات الأمريكية لأوكرانيا: في حين أن هناك اتفاقاً واسع النطاق حول دعم إسرائيل، فإن الجمهوريين منقسمون بشكل متزايد حول فكرة إرسال مساعدات عسكرية إضافية إلى أوكرانيا؛ حيث دافعت السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي" عن المساعدات الأمريكية باعتبارها ضروريةً للأمن الأمريكي، وتمنع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من التحرك بقوة ضد الدول الأوروبية الأخرى. وعلى الصعيد الآخر، هناك مرشحون مثل "ترامب" وحاكم فلوريدا "رون ديسانتيس"، دفعوا قادة الولايات المتحدة إلى تركيز المزيد من الموارد على القضايا المحلية. ومن ثم فإنه في ظل العوامل الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناخبون الأمريكيون، فإن من المرجح ميل معظمهم أكثر لتوجه "ترامب" و"ديسانتيس"؛ ما يُقلِّل فرص فوز توجه "هيلي".وإجمالاً لما سبق، لا شك أن هناك عدداً من العوامل التي قد تساهم في زيادة فرص "هيلي" في المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024، لكنها في الوقت نفسه تواجه تحديات جمَّة من شأنها أن تجعل الأمر لا يتخطَّى كونه منافسة فقط دون الفوز. ومن ثم يتعيَّن على "هيلي" تقديم رؤية قوية ومستقلة لتحقيق التوازن بين التنوع والوحدة داخل الحزب الجمهوري، باتباع استراتيجية مدروسة، قد تجعل "هيلي" قوة محورية في المشهد السياسي الأمريكي.

ما فرص "نيكي هيلي" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟