نريمان عبد الفضيل

أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اختياره مسعد بولس مستشاراً رفيعاً للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط؛ وذلك نظراً إلى دوره المؤثر في بناء تحالفات بين المجتمع العربي الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية لهذا العام، التي عززت فوز ترامب في الخامس من نوفمبر الماضي، في حين وصفه ترامب بأنه شخصية محبة للسلام، وأنه صانع للصفقات، فضلاً عن أنه سيكون من المدافعين عن الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة. عوامل مؤثرةلجأ الرئيس المنتخب في اختياراته لأعضاء إدارته الجديدة، إلى اختيار أشخاص تجمعه بهم صلة قرابة. ويعد بولس والد زوج ابنته الصغرى تيفاني، وهذا سبب من الأسباب – وليس كلها – لاختياره للمنصب، ومن أبرز الأسباب أيضاً التي دفعته إلى اختياره ما يلي:1– علاقات "مسعد بولس" المؤثرة في لبنان: يتمتع بولس بجذور قوية في لبنان والولايات المتحدة؛ حيث ولد في لبنان لعائلة مسيحية عريقة في شمال البلاد، وكان ذلك قبل أن ينتقل مع أسرته إلى تكساس بالولايات المتحدة ويحصل على الجنسية الأمريكية، فضلاً عن التحاقه بكلية القانون بجامعة هيوستن، التي حصل منها على درجة الدكتوراه في القانون، في حين برز بولس كاسم لافت ومؤثر في ملفات الشرق الأوسط؛ وذلك من خلال قدرته على الجمع بين الحضور القوي في الدوائر الاقتصادية والسياسية، بجانب تمتعه بشبكة علاقات متينة تمتد بين لبنان والولايات المتحدة، وهذا ما أهَّله لكي يكون شخصية محورية في صناعة القرارات، ناهيك عن أن والده وجده كانا من الشخصيات البارزة في السياسة اللبنانية، بالإضافة إلى أن حماه كان من الداعمين الرئيسيين لحركة التيار الوطني.2– الجمع بين الخبرتَين السياسية والاقتصادية: يمتلك بولس القدرة على الجمع بين الخبرتين السياسية والاقتصادية من خلال شغله منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة SCOA التي تعد من أهم الشركات في مجال بيع وصيانة الشاحنات الثقيلة والحافلات الكبيرة. وعلى الرغم من انشغاله في قطاع الأعمال، حافظ على صلته بلبنان؛ وذلك من خلال دوره البارز عندما ترشح للبرلمان اللبناني، وقد امتدت علاقاته السياسية مع كبار الشخصيات اللبنانية في مختلف التيارات، وهذا عزز حضوره كصوت مؤثر في السياسة المحلية. وبجانب إنجازاته الوطنية، برز اسمه عالمياً؛ وذلك من خلال امتلاكه مرونة في التعامل مع مختلف الأطراف في المنطقة، وهذا ما يمكن استغلاله لكي يكون جسراً حيوياً بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة في وقت حساس من تاريخ المنطقة.3– امتلاك بولس نظرة إيجابية تجاه ترامب: كان بولس من الداعمين البارزين لترامب منذ حملته الانتخابية الأولى، ولكن أصبح أكثر انخراطاً بعد لقائه بترامب في حفل عيد ميلاد في البيت الأبيض في عام 2019. وفي تلك الفترة جمع بين مايكل بولس وابنة ترامب الصغرى تيفاني قصة حب؛ الأمر الذي شكل نقطة تحول في علاقاته العائلية، بجانب أن بولس كان له تأثير كبير خلال حملة 2020، وازداد هذا الدور بشكل كبير بعد زواج ابنه بابنة ترامب في 2022؛ حيث بدأت علاقاته السياسية في التوسع بشكل لافت، في حين أنه في مقابلة أجراها عام 2021 وصف ترامب بأنه أفضل رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.4– نجاح بولس في استمالة الناخبين العرب لصالح ترامب: في إطار التحديات التي كانت تواجه ترامب في عودته إلى البيت الأبيض في عام 2024، تولى بولس دوراً رئيسياً في محاولة إقناع المجتمع الأمريكي المؤثر الذي كان يشعر بالاستياء من الرئيس بايدن تجاه حرب إسرائيل على غزة؛ بأن ترامب هو الخيار الأنسب لهم؛ حيث إنه استخدم شبكة علاقاته الطويلة في مساعيه لتأمين الدعم الأكبر لحملة ترامب، بجانب قيامه بجهود ضخمة في التنقل بين الولايات المتأرجحة، وخاصةً ميشيجان وبنسلفانيا وغيرهما من الولايات التي تضم عدداً كبيراً من الأمريكيين العرب والمسلمين لجذب أصواتهم لصالح ترامب، في حين أن ترامب أثنى على مجهوده خلال حملته الانتخابية، ووصفه بأنه "اللاعب الأساسي" في إقناع الناخبين الأمريكيين العرب لصالحه.5– تأكيد ترامب مساعدة بولس لعملية السلام بالمنطقة: يعول الرئيس المنتخب دونالد ترامب على أن بولس سيساعده في صنع السلام في الشرق الأوسط؛ حيث يقول عنه ترامب: "إنه محب للسلام، ومؤيد ثابت للسلام في الشرق الأوسط، وإنه صانع للصفقات، بجانب أنه محامٍ بارع وقائد يحظى بالاحترام في عالم الأعمال، بجانب تمتعه بخبرة واسعة على الساحة الدولية، فضلاً عن أنه مناصر قديم للحزب الجمهوري"، بالإضافة إلى أنه ترشح للبرلمان اللبناني عام 2018، ولم يتمكن من النجاح، وقد يجد فرصته ويشبع نفوذه السياسي من خلال منصبه الجديد، وقد يحقق طموحاً لم يتمكن من تحقيقه في لبنان، فضلاً عن أن ترامب يرى أنه يتفق معه في كثير من رؤياه بشأن السلام في الشرق الأوسط، وأنه سيكون من المدافعين عن الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.6– دعم بولس التواصل بين ترامب والرئيس الفلسطيني: عمل بولس كحلقة وصل غير رسمية بين ترامب وعدد من قادة الشرق الأوسط، ومنهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ حيث إنه في يوليو الماضي، عقب محاولة اغتيال الرئيس المنتخب ترامب في بنسلفانيا، قام بولس بتوصيل رسالة من الرئيس الفلسطيني إلى ترامب، وكانت فحواها أن عباس تمنى التوفيق لترامب، بجانب أنه في سبتمبر الماضي، التقى بولس الرئيس الفلسطيني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم بعد فوز الرئيس المنتخب قام بولس بترتيب أول اتصال هاتفي بين الرئيس الفلسطيني وترامب.الدور المتوقعمن المحتمل أن يساهم مسعد بولس، من خلال منصب مستشار الرئيس للشؤون العربية في الشرق الأوسط، في اتباع عدة سياسات من شأنها أن تخفف حدة الصراعات في المنطقة، وأن تستعيد السلام والاستقرار في المنطقة، ومن أبرز هذه السياسات المتوقع أن يتبعها ما يلي:1– تعزيز العلاقات الأمريكية مع الدول العربية: من المتوقع أن يعمل بولس من خلال منصبه الجديد على تعزيز العلاقات مع الدول العربية، بجانب أنه قد يستعين بالشركاء الإقليميين، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، لضمان استقرار الوضع في غزة ولبنان بعد وقف القتال، بالإضافة إلى أنه قد يعمل على المساهمة في صياغة السياسات الاستراتيجية في المنطقة؛ وذلك من خلال بناء التحالفات الاستراتيجية مع الدول العربية لمواجهة مخاطر إيران في المنطقة.2– الانخراط في الجهود الدبلوماسية في المنطقة: من المحتمل أن ينخرط الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الاعتماد على الجهود الدبلوماسية في صراعات الشرق الأوسط؛ وذلك من خلال تعيينه لبولس في منصب المستشار الأول له لشؤون الشرق الأوسط؛ وذلك لأن بولس من المعروف عنه أنه شخصية تتمتع بالمرونة في التعامل مع كافة الأطراف، بجانب أنه محب ومؤيد للسلام في الشرق الأوسط؛ فمن الممكن أن يستغله ترامب في التوصل إلى اتفاق تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، ولكن هذه الجهود التي من الممكن أن يسعى إليها بولس قد تواجه تحديات من خلال ماركو روبيو الذي عينه الرئيس المنتخب وزيراً للخارجية المعروف بعدائه الشديد لفلسطين.3– العمل على إنهاء الحرب في لبنان: من الممكن أن يساهم بولس في وقف أعمال العنف في لبنان؛ وذلك لأنه لديه علاقات مع حزب الله اللبناني، بجانب أنه صديق مقرب لسليمان فرنجية الحليف المسيحي لحزب الله والمرشح لرئاسة لبنان، كما أنه على اتصال بحزب القوات اللبنانية، وهو فصيل مسيحي مناهض بشدة لحزب الله، فضلاً عن علاقاته الكثيرة مع المشرعين المستقلين في لبنان؛ فمن المتوقع أن هذه العلاقات قد تساعده في إنهاء الحرب في لبنان بشكل سريع، بالإضافة إلى أنه قد يساهم في التأثير على ترامب فيما يتعلق بالشؤون اللبنانية الإسرائيلية، والشؤون السورية الإسرائيلية.4– الدفع نحو انفتاح دبلوماسي مع إيران: من المحتمل أن يقوم بولس بالتأثير على الرئيس المنتخب في فتح قنوات حوار دبلوماسي مع إيران والبعد عن سياسة العقوبات؛ وذلك لأن ترامب صرح خلال حملته الانتخابية بأنه سيعمل على استعادة سياسة العقوبات القصوى التي كان يتبعها خلال فترة ولايته الأولى، بجانب أنه تعهد بأنه سيركز الضغوطات أكثر من الدبلوماسية لكبح دعم إيران لوكلائها في المنطقة؛ وذلك لاعتقاده أنها المعرقل الرئيسي للسلام والاستقرار في المنطقة.وختاماً، يمكن القول إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب اعتمد في اختياراته لأعضاء إدارته الثانية، على اختيار الأشخاص ذوي الولاء المؤكد له، والقريبين من عائلته، دون التركيز في اختياره على الخبرة التي يتمتع بها الشخص، وهذا ما عرَّضه لانتقادات كثيرة نتيجة تعيينه لمسعد بولس الذي ليس لديه خبرة كافية في الشرق الأوسط؛ لأنه لم يقضِ بها فترة طويلة، بجانب أنه لم يشغل أي مناصب سياسية قبل توليه هذا المنصب.

لماذا اختار ترامب "مسعد بولس" مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط؟