اجتمعت الدول الأعضاء في حلف الناتو بواشنطن من 9 يوليو إلى 11 يوليو 2024، للاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس الحلف، ولمناقشة عدد من التحديات الهامة التي تواجهه، والتي تمثل خطراً غير مسبوق لم تواجهه دول الحلف منذ انتهاء الحرب الباردة، كما تأتي هذه القمة بالتزامن مع دخول الحرب الأوكرانية عامها الثالث على التوالي، وانعقاد الانتخابات الأمريكية، وبروز عدد من المؤشرات التي تُضاعِف من التوترات بين واشنطن وبكين في ظل التنافس على النفوذ بينهما في مناطق مختلفة.

دلالات رئيسية

يأتي انعقاد القمة بالتزامن مع تسارع التطورات على الجبهة الروسية–الأوكرانية، وزيادة التوترات بين الصين والدول الغربية في منطقة الهندوباسيفيك؛ هذا بالتزامن مع استمرار الصراع في الشرق الأوسط، وصعود اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية، ناهيك عن اقتراب الانتخابات الأمريكية من مرحلة الحسم. والاحتفال بالذكرى الـ75 لتدشين التحالف في هذا التوقيت، يرسل عدداً من الرسائل والدلالات الهامة وذلك على النحو التالي:

1– التخوف من مستقبل الناتو في ظل احتمالات عودة "ترامب" للسلطة: تترقَّب دول حلف الناتو، بقدر كبير من التخوف والقلق، نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة، وتسعى إلى الاستعداد بصورة مسبقة لما يمكن أن يكون عليه الناتو في حالة فوز "ترامب" في الانتخابات، وما قد يمثله ذلك من تحدٍّ للأمن الأوروبي المعتمد بصورة شبه كلية في الوقت الحالي على الحلف. وفي ظل تخوُّف بروكسل من تبني "ترامب" السياسات التي تبناها سابقاً خلال رئاسته السابقة للولايات المتحدة، فإن العديد من الدول قد حرصت على حضور القمة لتعزيز الشراكة الأمريكية الأوروبية؛ هذا بجانب عقد عدد من اللقاءات غير الرسمية مع الأسماء الكبرى المرشحة لتولي المناصب العليا في حالة وصول "ترامب" إلى السلطة. فعلى سبيل المثال، أشار موقع "بوليتيكو"، في تقرير موسع، إلى تناول عدد من القادة الأوروبيين الإفطار والعشاء مع "ريتشارد جرينيل" المرشح الأقرب لتولي حقيبة الخارجية في حالة فوز "ترامب" في الانتخابات القادمة؛ هذا بجانب عقدهم لقاءات واجتماعات موسعة مع كبار مستشاري الأمن القومي السابقين، بما في ذلك "جون بولتون" مستشار الأمن القومي السابق الأمريكي في عهد الرئيس السابق "ترامب".

2– تصاعد دعوات تعزيز الاستقلالية الدفاعية الأوروبية: تصاعدت الدعوات داخل الحلف التي تدفع نحو تعزيز الأمن الأوروبي، وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة والناتو لتحقيق هذه الغاية؛ فعلى الرغم من وفاء عدد من دول الحلف بتعهداتها المالية تجاهه، واتفاق دول الاتحاد على عدد من صفقات الأسلحة مع واشنطن – وهو ما يعزز من التعاون الأمني الأوروبي الأمريكي، ويمنح صناعة السلاح الأمريكية دفعة جديدة – فإن الاعتماد بصورة كلية على واشنطن يُعَد بمنزلة مغامرة غير محمودة العواقب في المرحلة الحالية، خاصةً مع تصاعد حظوظ "ترامب" في الفوز بالانتخابات القادمة، وتأكيده في فبراير 2024 أنه لن يُقدِّم الحماية لأي دولة أوروبية لا توفي بالتزاماتها المالية تجاه التحالف.

ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، ضاعفت صناعة الدفاع الأوروبية قدرتها على إنتاج الذخيرة؛ حيث تستهدف إنتاج أكثر من مليونَي قذيفة سنوياً بحلول نهاية عام 2025؛ أي ضعف طاقتها الإنتاجية لفبراير من عام 2022. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال صناعة السلاح الأوروبية تعاني من الكثير من التحديات؛ فعلى سبيل المثال وعدت أوروبا في أبريل 2023، بإرسال مليون طلقة ذخيرة إلى أوكرانيا في غضون 12 شهراً، إلا أنه لم يتم تسليم سوى نصف هذه الكمية حتى الآن.

3– تحركات حلف الناتو لتوسيع الحضور في الهندوباسيفيك: يأتي انعقاد هذه القمة في ظل بروز مؤشرات تؤكد عمل دول الاتحاد الأوروبي على مشاركة الولايات المتحدة في تنفيذ سياساتها الدفاعية ضد الصين في منطقة الهندوباسيفيك. ومن هذه المؤشرات، إصدار عدد من دول الاتحاد استراتيجيات للتعاطي مع الهندوباسيفيك، وإرسال قطع بحرية لحفظ حرية الحركة واستمرارها في بحر الصين الجنوبي، وعدد من مناطق الخلاف الحالية بين بكين وواشنطن في منطقة الهندوباسيفيك. ومن ثم كانت القمة محاولة لوضع توافق بين الدول الغربية حول كيفية التعامل مع بكين وتحركاتها على الساحة الدولية.

4– تزايد الخلافات بين الدول الغربية حول التعامل مع بكين: بالرغم من محاول واشنطن وعدد من الدول الأوروبية دفع الحلف نحو أجندة موحدة للتعامل مع بكين، فإنه لا يوجد توافق تام بين دول الاتحاد وبين الولايات المتحدة حول الطريقة المثلى التي يجب أن يتم بها التعاطي مع الصين، خاصةً مع رفض الفصل الكامل فيما بين الصين ودول المعسكر الغربي، وتفضيل تبني سياسات تقلل الخطر القادم من بكين "de–risk". وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية المجري "بيتر سيارتو"، يوم 11 يوليو 2024، إن المجر لا تريد أن يصبح حلف "الناتو" كتلة "معادية للصين"، ولن تدعم ذلك.

5– غياب التوافق الأوروبي حول انضمام أوكرانيا إلى الناتو: على الرغم من عودة بروكسل إلى التوافق على ضرورة تزويد أوكرانيا بالعديد من الأسلحة، وعدم التسليم بخسارتها الحرب الحالية، فإنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. وقد ظهر هذا الأمر جلياً مع توجيه الرئيس "ماكرون" انتقادات علنية لموقف ألمانيا والولايات المتحدة من انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو؛ فقبيل انعقاد قمة الناتو في واشنطن، قال "ماكرون" إن هناك معارضة أمريكية وألمانية قوية لدعوة أوكرانيا للانضمام إلى الناتو.

وعلى الرغم من عدم وضع قادة حلف الناتو خطة زمنية واضحة ترسم الوقت الذي ستستغرقه أوكرانيا حتى تتمكن من الانضمام إلى حلف الناتو؛ فإن قادة المنظمة قد أكدوا أن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من مستقبل الناتو القريب. وقد تعهد قادة التحالف بتقديم دعم طويل الأجل لكييف. ولم يقدم القادة جدولاً زمنياً محدداً لأوكرانيا للانضمام إلى التحالف الدفاعي. وبدلاً من ذلك، قالوا إنهم سيوجهون دعوة إلى أوكرانيا للانضمام إلى الحلف؛ وذلك عندما يتفق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط اللازمة لانضمام أوكرانيا إلى التحالف.

مخرجات القمة

أظهر البيان الختامي الصادر عن دول التحالف عقب انتهاء الاجتماع، تأكيد التحالف وحدته في مواجهة الخطر الذي يواجه الأمن الأوروبي حالياً – أي روسيا – وترحيبه بالعضوين الجديدين السويد وفنلندا اللتين انضمتا إلى حلف الناتو مؤخراً على ضوء الحرب الروسية الأوكرانية؛ هذا بجانب الإشارة إلى عدد من النقاط الهامة التي مثلت محور الاهتمام الرئيسي للدول الحليفة. وبوجه عام يمكن تناول أهم مخرجات القمة على النحو التالي:

1– الإشارة إلى الخطر الكبير الذي تمثله روسيا على أمن دول الحلف: شجب البيان الختامي الحرب الروسية على أوكرانيا، ووصفها بالتهديد الشامل للأمن الأوروبي الذي سيتخذ الحلف خطوات حاسمة على جميع الأصعدة لمواجهته. ولم يقتصر البيان على الإشارة إلى الخطر الروسي المرتبط بصورة أساسية بالحرب التي تشنها حالياً على أوكرانيا، وإنما امتد الأمر ليشمل الإشارة إلى التحالف الذي يجمعها بالصين، وتمثيله خطراً كبيراً على الأمن والاستقرار الأوروبيَّين.

2– تأكيد تنوُّع التهديدات الرئيسية التي تواجه دول الناتو: أشار البيان أيضاً إلى خطورة الصراعات القائمة حالياً في كلٍّ من أفريقيا والشرق الأوسط. وتساهم هذه الاتجاهات – حيثما وُجِدت – في التشريد القسري؛ ما يؤجج الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، كما شجب البيان تصرفات إيران المزعزعة لاستقرار الأمن الأوروبي، واتهم إيران وكوريا الشمالية بتأجيج حرب روسيا في أوكرانيا من خلال تقديم الدعم العسكري المباشر لموسكو.

هذا بجانب إدانة طموحات جمهورية الصين الشعبية والسياسات القسرية التي تتبعها وتسعى من خلالها إلى تحدي مصالح وأمن وقيم الدول الأعضاء في حلف الناتو. وحذر البيان أيضاً من تعميق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، ومحاولاتهما المتتالية لتقويض وإعادة تشكيل النظام الدولي القائم، بجانب تسليط الضوء على التهديدات الهجينة والإلكترونية والأنشطة الخبيثة الأخرى التي تهدد جهات فاعلة حكومية وغير حكومية.

3– التشديد على ضرورة مشاركة الحلفاء في تحمل تكلفة الدفاع: أرادت إدارة الرئيس "بايدن" تأكيد التزامها بالمبدأ الذي أقره الرئيس السابق "ترامب" المنافس الأوفر حظاً للرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية القادمة. ويشير هذا المبدأ إلى ضرورة دفع الدول الأعضاء في التحالف إلى المشاركة في تحمل أعباء الدفاع، بتخصيص 2% على الأقل من الناتج المحلي لصالح ميزانية التحالف. وقد ظهر هذا الأمر جلياً مع ترحيب بيان الناتو الختامي بوفاء ثلثَي الحلفاء بالمشاركة في تحمل تكلفة الدفاع لحلف الناتو؛ وذلك عن طريق تخصيص ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي لصالح ميزانية الحلف، مع مساهمة البعض بقدر أكبر في ميزانية الدفاع لحلف الناتو؛ فعلى سبيل المثال، نما الإنفاق الدفاعي الكندي بنسبة 18% في عام 2024، وهي أكبر زيادة يشهدها الحلف منذ عقود.

4– رفض إدارة "بايدن" الاتهامات الموجهة ضدها بالتباطؤ في تقديم الدعم لأوكرانيا: سعى الرئيس "بايدن" وإدارته، من خلال هذه القمة، إلى تأكيد التزام واشنطن بدعم كييف في حربها ضد موسكو، مع رفض بعض الاتهامات الموجهة إلى إدارته بإبطاء تقديم المساعدات إلى أوكرانيا، خاصةً مع إصرار بعض أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب الجمهوريين على إلحاق هذه التهمة بإدارة الرئيس "بايدن"، وتأكيد أن تأخر النصر في أوكرانيا يعود إلى سياسة "بايدن" الضعيفة في هذا الميدان.

وقد أعلنت إدارة "بايدن" عن بعض التطورات الهامة في هذا الميدان؛ فقد قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "جون كيربي" يوم 10 يوليو 2024، إن من المتوقع تشغيل الطائرات المقاتلة من طراز" F–16" التي قدمتها واشنطن وعدد من الدول الأعضاء في حلف الناتو إلى أوكرانيا بحلول نهاية الصيف، كما تم الإعلان عن عمل كل من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا على توفير بطارية باتريوت خاصة بها، بينما ستعمل هولندا مع دول أخرى على توفير بطارية باتريوت إضافية. وفي غضون ذلك، قالت إيطاليا إنها ستوفر أيضاً نظام الدفاع الجوي SAMP–T للسلطات الأوكرانية.

5– محاولة "بايدن" تأكيد الالتزام الأمريكي بحفظ الأمن الأوروبي: أظهرت هذه القمة أيضاً الحرص الأمريكي على تأكيد استمرار واشنطن في دعم وحفظ الأمن الأوروبي، في الوقت الذي تنشغل فيه واشنطن بالحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الهندوباسيفيك، مع تعاظم النفوذ الصيني في هذه المنطقة. ومن الخطوات التي اتخذتها إدارة الرئيس "بايدن" خلال هذه القمة لتأكيد هذه النقطة، الإعلان في بيان مشترك مع ألمانيا يوم 10 يوليو 2024 عن أنهما ستبدآن عمليات نشر عرضية للقدرات الصاروخية البعيدة المدى في ألمانيا بدءاً من عام 2026؛ وذلك كجزء من خطط الولايات المتحدة وحلف الناتو لاستمرار التمركز في المنطقة.

6– اتفاق أوروبي رباعي لتطوير صواريخ كروز: دشنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا، يوم 11 يوليو 2024، مبادرة لتطوير صواريخ "كروز" تُطلَق من الأرض ويزيد مداها على 500 كيلومتر؛ لسد فجوة في الترسانات الأوروبية تشير تقارير إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا كشفتها. ووقَّع وزراء دفاع الدول خطاب نوايا بهذا المعنى، على هامش قمة حلف "الناتو" في واشنطن. وتعكس هذه التحركات المساعي الأوروبية لتعزيز قطاع الدفاع، ومعالجة التحديات التي يواجهها.

7– تبني الناتو استراتيجية دفاعية متعددة المحاور: ذكر البيان، في أكثر من مناسبة، تبنيَ الناتو استراتيجيةً دفاعيةً تقوم على مقاربة 360 درجة. وتقوم هذه الاستراتيجية على عدد من المحاور؛ في مقدمتها توفير القوات والقدرات والموارد والبنية التحتية اللازمة لهذه الخطط الدفاعية الجديدة، وإجراء تدريبات واسعة النطاق وأكثر تواتراً؛ لإثبات القدرة على الدفاع عن أي حليف يتعرَّض للتهديد، واتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة القدرات، مع إسناد الأدوار القيادية الرئيسية إلى القوات القائمة في المقر الرئيسي للناتو.

يضاف إلى ذلك تعزيز قدرة الحلف على التحرك، وتنمية الإمدادات، والحفاظ على وجود قوات دائمة؛ للرد على أي تهديدات يتعرض لها التحالف. وللحفاظ على قدر من التواصل والتفاهم بين قوات الناتو المختلفة، فإن الخطة تشمل أيضاً تضمين العديد من البرامج التدريبية المشتركة فيما بين القوات العسكرية لأعضاء حلف الناتو، مع دمج القوات البرية الأمامية لحلف الناتو في الخطط الجديدة، والاستفادة الكاملة من انضمام فنلندا والسويد، والقدرات التي توفرهما للتحالف من خلال دمجهما بالكامل في خطط الناتو الدفاعية الشاملة؛ هذا مع تسريع دمج الشق الفضائي العسكري في الخطط والعمليات المتنوعة.

وشدد البيان على ضرورة إنشاء مركز للدفاع السيبراني المتكامل لحلف الناتو؛ وذلك لتعزيز حماية دول التحالف في هذا الميدان، وضمان حماية البنية التحتية الحيوية للدول الواقعة تحت سطح البحر؛ هذا بجانب تعزيز قدرة الحلف على ردع التهديدات واكتشافها والاستجابة لها، والاستثمار في القدرات الدفاعية الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

8– تدشين وحدة جديدة للأمن السيبراني: اتفق أعضاء الناتو يوم 10 يوليو 2024 على إنشاء وحدة جديدة للأمن السيبراني، تهدف إلى تحذير الدول الحليفة من أي هجمات سيبرانية بصورة مسبقة؛ هذا بجانب التصدي لها في حالة ظهورها. وقد قال التحالف، في بيانه، إن تفويض مركز الدفاع الإلكتروني المتكامل سيشمل تبادل معلومات حول التهديدات الإلكترونية للبنية التحتية الخاصة؛ وذلك لدعم الأنشطة العسكرية، وعدم تعريضها للخطر والهجوم من قِبل الأعداء، كما تم الاتفاق على أن يتخذ المركز من مقر الناتو في بلجيكا مركزاً له. وتأتي هذه الخطوة عقب الكشف عن عدد من الهجمات السيبرانية التي قادها قراصنة روس وصينيون ضد أهداف عسكرية ومدنية أوكرانية وأوروبية.

9– محاولة أنقرة الضغط لتخفيض مستوى تعاون الحلف مع إسرائيل: حيث قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، في مؤتمر صحفي يوم 12 يوليو 2024: "إنه من غير الممكن لحلف شمال الأطلسي أن يواصل شراكته مع الإدارة الإسرائيلية، ولن توافق تركيا على محاولات التعاون مع إسرائيل داخل حلف شمال الأطلسي حتى يتم تحقيق السلام الشامل في فلسطين".

10– تأكيد القمة الطابع الاستقطابي الراهن في النظام الدولي: أكدت القمة وما صدر عنها من إدانات واضحة لعدد من الدول – وفي مقدمتها روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية – الطابع الاستقطابي الراهن للنظام الدولي، وعزز من ذلك استجابة القوى المنافسة للغرب لنتائج القمة؛ فعلى سبيل المثال، أدانت كوريا الشمالية الإعلان الصادر عن قمة حلف الناتو، قائلةً إن "إعلان قمة واشنطن يثبت أن الولايات المتحدة وحلف الناتو يشكلان أخطر تهديد للسلام والأمن العالميَّين، بعد أن تحوَّلا إلى أداة للمواجهة". وأضاف بيان كوريا الشمالية أن "التحركات الأمريكية الرامية إلى توسيع التكتلات العسكرية مع دول حلف الناتو والشركاء الآسيويين، بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان، هي السبب الجذري الخبيث لتهديد السلام الإقليمي بشكل خطير، وتفاقم البيئة الأمنية الدولية بشكل كبير وإشعال سباق تسلح عالمي".

كما أعلنت الصين، يوم 12 يوليو 2024، أنها تُجرِي تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا في جنوب أراضيها، بعدما حذرت طوكيو، خلال قمة حلف الناتو، من الخطر المتزايد من جراء النشاطات العسكرية المشتركة بين البلدين. وأوضحت وزارة الدفاع الصينية أن هذه التدريبات البحرية والجوية، في محيط مدينة جانجيانج بمحافظة جوانجدونج بجنوب الصين، تهدف إلى "إثبات تصميم الطرفَين وقدرتهما على التصدي معاً لتهديدات الأمن البحري، والحفاظ على السلام والاستقرار في العالم والمنطقة"، وأكدت الوزارة أن هذه التدريبات "ستسمح بتعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة على التنسيق بين الصين وروسيا من أجل العهد الجديد".

ختاماً.. بالرغم من إظهار القمة توحد دول حلف الناتو في مواجهة الهجوم الروسي على أوكرانيا، والتهديدات الكبيرة التي تشكلها كل من الصين وكوريا الشمالية وإيران؛ فإنه من غير المتوقع أن تؤثر بالإيجاب على حظوظ الرئيس الأمريكي "بايدن" في الانتخابات الأمريكية القادمة، خاصةً مع ظهور الرئيس في حالة من الاضطراب والجمود، وبروز تقارير تشير إلى دفع بعض النواب الديمقراطيين في اتجاه عدم ترشيح "بايدن" لخوض الانتخابات القادمة، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات حول مستقبل حلف الناتو في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

النتائج الرئيسية لقمة الناتو في واشنطن