إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في الخامس من نوفمبر المقبل، وعدم حسم جزء كبير من الناخبين الأمريكيين، ومنهم الناخبون اللاتينيون، من سيصوتون له حتى الآن؛ يتنافس المرشحان الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس على استقطاب أصواتهم؛ لأنهم يمثلون مجموعة عرقية مهمة في الداخل الأمريكي، ويُعَدُّون كتلة تصويتية حرجة؛ ليس في الولايات المتأرجحة فقط، بل في الولايات الأمريكية كلها؛ ولذلك فإنها تحظى باهتمام من الحملات الانتخابية الديمقراطية والجمهورية؛ لقدراتها على التأثير في الأصوات ونتائج الانتخابات الأمريكية.حدود التأثيريمثل اللاتينيون في الولايات المتحدة نحو 20% من مجمل الأصوات الانتخابية، لكن هذه الكتلة التصويتية الحرجة ما زالت مترددةً في اختيارها بين المرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب؛ الأمر الذي يفرض تناول حدود تأثيراتهم في الانتخابات الأمريكية، ومساعي كل من هاريس وترامب في استقطابهم؛ وذلك على النحو التالي:1– التأرجح في اتجاهات تصويت اللاتينيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة: على الرغم من أن الاعتقاد السائد بأن الناخبين اللاتينيين يصوتون للحزب الديمقراطي، فإنه خلال الفترة الماضية تحول جزء من الكتلة اللاتينية من الديمقراطيين إلى الجمهوريين؛ وذلك اعتقاداً منهم بأن الجمهوريين أكثر درايةً واهتماماً بقضاياهم؛ حيث أشارت بعض استطلاعات الرأي إلى أنه في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي أُجريت في نوفمبر 2022، صوَّت 68% من الناخبين اللاتينيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً لمصلحة مرشحين ديمقراطيين، ولكن الوضع قد تغير قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، فإن 37% من هؤلاء الناخبين الشباب يفيدون بأن الديمقراطيين لا يهتمون بالمجتمع اللاتيني.في حين أظهرت استطلاعات مؤسسة يوجوف في مايو الماضي أن 43% من الأمريكيين اللاتينيين قالوا إنهم سيصوتون لترامب إذا أجريت الانتخابات الرئاسية الآن، ولكن الوضع تغير عندما انسحب بايدن وترشحت كامالا هاريس بدلاً منه؛ حيث تقدمت هاريس على ترامب في الاستطلاع الأخير الذي أجرته مؤسسة أكسيوس بنسبة (61% مقابل 35%) بين اللاتينيين، وكشف استطلاع آخر أجرته نيويورك تايمز أن هاريس تقدمت على ترامب أيضاً بينهم بنسبة (55% مقابل 41%).2– ترويج هاريس لخطاب وحدوي لاستقطاب الناخبين اللاتينيين: سعت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس إلى تكثيف جهودها لاستقطاب أصوات الناخبين اللاتينيين لتعزيز فرص فوزها أمام منافسها الجمهوري دونالد ترامب؛ لذلك ألقت خطاباً حماسياً أمام مئات من القادة اللاتينيين خلال المؤتمر السنوي الرئاسي السابع والأربعين لمعهد تجمع ذوي الأصول الإسبانية في الكونجرس في 18 سبتمبر الجاري، وقد ذكرت خلال كلمتها: "أعتقد حقاً أن أمريكا مستعدة لطي صفحة سياسة الانقسام والكراهية، ولتحقيق ذلك، يعتمد وطننا على القادة الموجودين هنا؛ قوتكم ونشاطكم. كل واحد منا لديه مهمة يجب القيام بها". وهذه الكلمات تعكس استراتيجية هاريس في محاولة حشد الدعم اللاتيني.3– طرح هاريس برامج اقتصادية للحصول على دعم اللاتينيين: سعت هاريس إلى جذب اللاتينيين من خلال خطابها الذي ألقته في حرم جامعة نيفادا؛ حيث تعهدت برفع الحد الأدنى للأجور وإلغاء الضرائب على الإكراميات للعاملين في مجال الخدمات والضيافة؛ الأمر الذي انتهى بإعلان اتحاد العاملين في الطهي هناك الذي يبلغ عدد أعضائه 60 ألفاً، تأييده لهاريس؛ حيث إن نحو 54% من أعضائه من أصل لاتيني.4– تكثيف الحزب الجمهوري الدعاية الهادفة للفوز بأصوات اللاتينيين: في المقابل يسعى المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى إطلاق إعلان جديد لجذب الناخبين من ذوي الأصول اللاتينية، في حين اتهم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته هاريس بإهمال الأمريكيين من أصول لاتينية، زاعماً أن هاريس تريد استخدام سياسات شيوعية فاشلة كتلك التي تطبق في كل من كوبا وفنزويلا.قضايا رئيسيةهناك العديد من القضايا المهمة بالنسبة إلى الناخبين اللاتينيين، وهي القضايا التي من شأنها أن تحدد من سيصوتون له في الانتخابات الرئاسية القادمة، وتتعلق أغلبها بالسياسة الداخلية الأمريكية. ومن أهم هذه القضايا ما يلي:1– تصاعد قضية الهجرة في أولويات الناخبين اللاتينيين: تأتي قضية الهجرة على قائمة أولويات اهتمام الناخبين اللاتينيين، وتعتبر الأهم بالنسبة إليهم، وهي التي على أساسها سيقرر الناخب اللاتيني الاختيار بين هاريس وترامب؛ حيث إنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هاجم ترامب المهاجرين القانونيين وغير القانونيين في الولايات المتحدة، ووصفهم بالإرهابيين، وبأنهم سيدمرون النسيج الاجتماعي للولايات المتحدة، بجانب تعهده بالتخلص منهم؛ وذلك خلال خطابه في أوهايو، بينما استمرت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في سعيها إلى جذب أصوات الأقليات، ومنهم الأمريكيون اللاتينيون، وحذرت من عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين؛ وذلك خلال قبولها دعوة من منظمة من أصل لاتيني.وخلال خطابها الذي ألقته أمام العديد من القادة اللاتينيين خلال المؤتمر السنوي الرئاسي السابع والأربعين لمعهد تجمع ذوي الأصول الإسبانية في الكونجرس، في 18 سبتمبر الجاري؛ تطرقت إلى قضية الهجرة، وأكدت قدرة الولايات المتحدة على تحقيق التوازن بين تأمين الحدود والتعامل بإنسانية مع المهاجرين الموجودين بالفعل في البلاد. ومن المتوقع أن اللاتينيين سيميلون في تصويتهم في الانتخابات المقبلة إلى المرشح الذي يهتم بالقضايا التي تهمهم.2– اهتمام الناخبات اللاتينيات بقضية الإجهاض: تعد قضية الإجهاض من القضايا ذات أهمية قصوى بالنسبة إلى الناخبات اللاتينيات؛ حيث تعهدت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بالتوقيع على مشروع قانون يعيد الحماية التي كانت توفرها قضية "رو ضد ويد"، بجانب أنها أشارت إلى أن نحو 40% من النساء اللاتينيات يعشن في ولايات تحظر الإجهاض. وعلى النقيض من ذلك، فإن المرشح الجمهوري دونالد ترامب يطالب بتقييد وحظر الإجهاض؛ الأمر الذي جعل هاريس تلقي اللوم عليه في التحركات التي اتخذتها بعض الولايات لتقييد الإجهاض. وبناءً على هذه الوعود، من المتوقع أن تغير الناخبات اللاتينيات آراءهن لصالح المرشح الذي يوفر لهن احتياجاتهن.3– تزايد الانشغال بمستقبل الاقتصاد الأمريكي: تعتبر قضية الاقتصاد هي الشغل الشاغل للناخبين اللاتينيين؛ إذ إنهم يركزون في المقام الأول، في تصويتهم، على المرشح الذي سيوفر لهم فرص عمل؛ حيث إن المرشحة الديمقراطية تعهَّدت بأنها ستعمل على ما يسمى اقتصاد الفرص، وستعمل على خفض تكاليف السكن والضرائب، أما&nbsp;ترامب فتعهَّد ببرنامج يقوم على المعاملة بالمثل من حيث التعريفات الجمركية ضد الدول التي تفرض ضرائب كبيرة على المنتجات الأمريكية.في حين كشفت استطلاعات الرأي أن الناخبين اللاتينيين يُفضِّلون نهج ترامب على هاريس في التعامل مع الاقتصاد؛ وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة رويترز بالتعاون مع إيبسوس بنسبة (45% مقابل 36%)، في حين أن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة ستكون له نتائج إيجابية تُحسَب للمرشحة الديمقراطية؛ نظراً إلى ما سيتعين على هذا القرار من تخفيض أسعار السكن والتضخم وتكلفة المعيشة؛ ما قد يجعل الناخبين يثقون أكثر بهاريس بشأن هذا الملف وسيُصوِّتون لها.4– الانشغال بقضية الرعاية الصحية: لا يهتم الناخبون اللاتينيون بالاقتصاد فقط، بل بالعديد من القضايا الداخلية، ومنها الرعاية الصحية؛ حيث تعهدت هاريس بأنها ستعمل على خفض تكاليف الرعاية الصحية بجانب خفض أسعار الأدوية، وتعهدت بتعزيز قانون الرعاية الصحية المُيسرة. وعلى النقيض من ذلك، تعهد ترامب بإلغاء أو استبدال قانون الرعاية الصحية المُيسرة العروف باسم "أوباما كير" (وهو قانون وقعه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في 2019، بهدف توفير التأمين الطبي لنحو 95% من سكان الولايات المتحدة، بصورة أسهل وتكلفة أقل)، بجانب إلقائه اللوم على الديمقراطيين في فشل إلغاء هذا القانون، في حين كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة لوكالة رويترز أن الناخبين اللاتينيين يفضلون نهج هاريس في التعامل مع الرعاية الصحية عن ترامب بنسبة (46% مقابل 29%).5– التركيز على قضية تغير المناخ: تعتبر قضية تغير المناخ من القضايا التي يهتم بها الناخبون اللاتينيون؛ حيث تعهدت هاريس بالعمل على تكثيف مشاريع الطاقة النظيفة التي تحافظ على المناخ الأمريكي، بجانب العمل على تحويل الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء، والعمل على خفض انبعاثات الكربون، والتحول إلى الطاقة المتجددة. وعلى النقيض من ذلك، تعهد ترامب بزيادة عمليات التنقيب عن النفط، وتقديم إعفاءات ضريبية لمنتجي النفط والغاز والفحم، وتسريع الموافقات على خطوط أنابيب الغاز. وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة لوكالة رويترز أن الناخبين اللاتينيين يفضلون نهج هاريس في التعامل مع قضية تغير المناخ عن ترامب بنسبة (46% مقابل 23%).مفاتيح الحسمختاماً، يتعين على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب أن يبذلا قصارى جهدهما، وخاصةً في الولايات المتأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا، التي تضم عدداً كبيراً من الناخبين اللاتينيين، والتحدث عن أولوياتهم والاهتمام بهم باستمرار؛ من أجل جذب أصواتهم؛ وذلك لأن هذه الكتلة التصويتية الحرجة سيكون لها تأثير على نتائج الانتخابات المقبلة، وربما تضطلع بدور في حسم النتيجة لصالح أحد المرشحَين.

ما أهمية أصوات الناخبين اللاتينيين في الانتخابات الأمريكية 2024؟