جون كامبفنر

عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجيةلا تزال الشعبوية تُشكِّل تهديداً كبيراً بالنسبة إلى الدول الغربية؛ وذلك في ظل النفوذ السياسي التي باتت تكتسبه الحركات والخطاب الشعبوي الذي يستغل الأوضاع السياسية والاقتصادية المأزومة لتعزيز شعبيته. وفي هذا الصدد، نشر موقع "فورين بوليسي" تقريراً بعنوان "الشعبوية اليمينية من المقرر أن تجتاح الغرب في عام 2024" للكاتب "جون كامبفنر" مؤلف كتاب "لماذا يفعل الألمان ذلك بشكل أفضل؟ ملاحظات من دولة ناضجة". ويشير التقرير إلى أن احتمالية عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة من خلال انتخابات 2024 تحمل العديد من التهديدات للحالة الديمقراطية في الغرب، سواء داخل الولايات المتحدة أو أوروبا؛ إذ تتوافق ميول ترامب وسياساته مع الاتجاه الشعبوي الصاعد الذي ارتبط بوصول اليمين المتطرف إلى السلطة في أوروبا. نفوذ سياسييجادل التقرير بأن الهياكل التي أُنشِئت بعد الحرب العالمية الثانية، والتي دعمت العالم الغربي لمدة ثمانية عقود من الزمن، سوف تتعرَّض للتهديد إذا فاز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بولاية ثانية في نوفمبر. وفي حين يمكن اعتبار الفترة الأولى التي قضاها في البيت الأبيض بمنزلة "دراما نفسية"، بلغت ذروتها في هجوم القوات شبه العسكرية على الكونجرس بعد فترة وجيزة من هزيمته، فإن تهديده هذه المرة سيكون – بحسب التقرير – أكثر احترافيةً وتغلغلاً. وبوجه عام يشير المقال إلى أهم الأبعاد المتعلقة بنفوذ التيار الشعبوي في الدول الغربية على النحو التالي:1– زيادة المخاوف الأوروبية من عودة ترامب إلى السلطة: يخشى الدبلوماسيون الأوروبيون في واشنطن تعدُّد التهديدات المرتبطة بعودة ترامب، مثل فرض رسوم جمركية شاملة، وهي الرسوم المعروفة أيضاً باسم الحرب التجارية، وإقالة الآلاف من المسؤولين العموميين، واستبدال موالين مسيسين بهم، وسحب الدعم المتبقي لأوكرانيا وتقويض حلف الناتو.2– استفادة بوتين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض: يشير التقرير إلى أن عودة ترامب تمثل فرصة إيجابية بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛&nbsp;إذ يتوقع التقرير حدوث شكل ما من أشكال التهديد من جانب الكرملين لدول البلطيق أو أي دولة أخرى متاخمة لروسيا لاختبار مدى قوة المادة الخامسة، وهي فقرة الدفاع المشترك للتحالف الغربي.3– دعم رؤية اليمين المتطرف حول قضية الهجرة: يشير التقرير إلى أن القضية الخلافية التي تُهدِّد جميع الأحزاب المعتدلة هي الهجرة، تماماً كما حدث في عام 2015، عندما سمحت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل بدخول أكثر من مليون لاجئ من الشرق الأوسط، فيما يُنظر إليه الآن على أنه الموجة الأولى من أزمة الهجرة في أوروبا.وبحسب التقرير، فإنه نتيجةً لهذه الموجات، تغلغلت في أوروبا في الوقت الحالي الحجج التي روَّج لها حزب البديل من أجل ألمانيا (حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف)، وحزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان في فرنسا، ومجموعات مماثلة في جميع أنحاء القارة، في التيار السياسي السائد، وهو ما يلائم فكر ترامب وسياساته.4– احتمالية تزايد أصوات اليمين المتطرف الداعية لتقليص الدعم لأوكرانيا: لقد شهد عام 2023 تقويض عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي باستمرار. فوفقاً للتقرير، دعم رئيس الوزراء في المجر "فيكتور أوربان" عدم زيادة الدعم لأوكرانيا. ومن المرجح، بحسب التقرير، أن ينضم إليه آخرون؛ بدءاً برئيس الوزراء الجديد روبرت فيكو الذي عاد إلى سلوفاكيا. وفي سبتمبر ، يبدو من شبه المؤكد أن تُصوِّت النمسا ضمن ائتلاف يضم اليمين المتطرف والمحافظين؛ ما يزيد احتمالية تقليص الدعم لأوكرانيا، كما ستشهد البرتغال إحدى الدول القليلة التي تدير فيها إدارة "يسار الوسط" انضمامها إلى مجموعة اليمين المتطرف عندما تجرى انتخابات مبكرة في مارس.5– سعي أحزاب اليمين المتطرف إلى العمل كتلة موحدة في أوروبا: من المرجح أن تأتي اللحظة الأكثر حسماً في شهر يونيو مع انتخابات البرلمان الأوروبي؛ فبعد أن شهد الأوروبيون الضرر الذي أحدثه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن الناخبين في الدول الأعضاء السبعة والعشرين المتبقية في الاتحاد الأوروبي، لا يريدون أن تمضي بلدانهم في الأمر بمفردها. ومع ذلك، فإن الكثيرين سوف يستغلون الفرصة للتعبير عن كراهيتهم للسياسة السائدة من خلال اختيار بديل شعبوي. وقد يرى البعض أنه خيار منخفض المخاطر، معتقدين أن البرلمان الأوروبي لا يمثل الكثير، فيما يعتقد التقرير أن الأمر خطير؛ فمن الممكن تماماً أن تظهر القوى المختلفة لليمين المتطرف كتلةً واحدةً أكبر.6– ضغط الأحزاب اليمينية للحد من بعض السياسات القومية: بحسب التقرير، سوف تجد الأحزاب اليمينية المتطرفة نفسها أكثر جرأةً في ملاحقة سياسات قومية أكثر راديكاليةً. ويشير التقرير إلى حالة البلدان التي تُمثِّل فيها هذه الأحزاب جزءاً من الائتلافات الحاكمة (كما هو الحال في السويد)؛ إذ تسعى هذه الأحزاب إلى ممارسة المزيد من الضغوط على شركائهم المحافظين لدعم توجهاتهم.7– احتمالية عودة الأحزاب المتطرفة إلى الحكم في إسبانيا وبولندا: بحسب التقرير، فإن البلدان التي شهدت عودة مفاجئة للتيار السائد في الانتخابات الوطنية هذا العام، من غير المرجح أن تشهد استمرار هذا الاتجاه؛ إذ لم يستطع رئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيز" درء اليمين إلا من خلال عقد صفقة مع الانفصاليين الكتالونيين. وقد أدى ذلك إلى احتجاجات القوميين الإسبان؛ ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي.ومن جانب آخر، كان انتصار رئيس الوزراء "دونالد تاسك" في بولندا ملحوظاً؛ لأن حكومة "حزب القانون والعدالة" اليميني المتطرف، استغلَّت السنوات التي قضتها في الحكومة لمحاولة تحريف وسائل الإعلام والمحاكم في اتجاهها؛ ولذا يتوقع التقرير زيادة مكاسب حزب القانون والعدالة في يونيو.8– تزايد فرص فوز حزب البديل المتطرف في ألمانيا: بحسب التقرير، ففي ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، بدأ ما يُسمَّى جدار الحماية – الذي أنشأته الأحزاب الرئيسية لرفض الحكم مع حزب البديل من أجل ألمانيا – يتآكل. ولقد بدأ بالفعل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ العمل معهم في البلديات الصغيرة. ووفقاً للتقرير، ألمح "فريدريش ميرز" زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى أن مثل هذا الخيار قد يكون وارداً على المستوى الإقليمي؛ فإذا فاز حزب البديل من أجل ألمانيا بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو؛ حيث تضعه استطلاعات الرأي حالياً خلف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بشكل هامشي فقط، ومتقدماً على الأحزاب الثلاثة فيما يسمى ائتلاف شولتس، فإن الأوضاع سوف تتغير بسرعة. ومن الممكن أن يستمر الحزب في الفوز بثلاث ولايات في الشرق، وهي: تورينجيا، وساكسونيا، وبراندنبورج، في الخريف المقبل، وهو ما سوف يجعل الأمور غير واضحة وغير مستقرة في ألمانيا إلى حد كبير.ختاماً، يشير التقرير إلى أنه قد تكون هذه التوقعات مبالغاً فيها، ولكن نظراً إلى الاتجاهات الأخيرة، فإن التفاؤل ضعيف على أرض الواقع. ومع ذلك، هناك انتخابات واحدة من المقرر إجراؤها في الجزء الأخير من عام 2024، وهي الانتخابات التي يمكن أن تسفر عن نتيجة وسطية، بل عن انتخابات تتمتَّع بأغلبية قوية في برلمانها؛ إذ من الممكن أن تبرز بريطانيا باعتبارها رائدةً للديمقراطية الاجتماعية الحديثة.المصدر:&nbsp;John Kampfner, Right–Wing Populism is Set to Sweep the West in 2024, Foreign Policy, December 2023, accessible at: https://foreignpolicy.com/2023/12/26/right–wing–populism–are–set–to–sweep–the–west–in–2024/

ملامح الصعود المتوقع لليمين المتطرف في الغرب عام 2024