مثَّل فوز "خافيير ميلي" الليبرتاري اليميني المتطرف برئاسة الأرجنتين، في الانتخابات التي جرت في 19 نوفمبر الجاري، استكمالاً لموجة صعود اليمين المتطرف في بعض بلدان أمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة؛ ففي البرازيل، تولى اليميني المتطرف "جايير بولسونارو" رئاسة البلاد (2019–2022)، قبل أن يخسر في جولة الإعادة التي جرت في أكتوبر 2022. مع ذلك، فإن حزبه الليبرالي اليميني فاز بـ99 مقعداً في مجلس النواب، وتسيطر الأحزاب ذات الميول اليمينية المتحالفة مع بولسونارو على نصف مقاعد المجلس المؤلف من 513 عضواً. في مجلس الشيوخ، فاز حزب بولسونارو وحلفاؤه في الانتخابات بـ13 مقعداً من أصل 27 مقعداً. أما في كولومبيا، فكان رجل الأعمال الشعبوي اليميني "رودولفو هيرنانديز"، منافساً في جولة الإعادة الرئاسية في يونيو 2022، لكنه خسر أمام المرشح اليساري "جوستافو بترو".

وفي مؤشر آخر على استمرار صعود اليمين المتطرف في المنطقة، احتل "باراجوايو كوباس"، المركز الثالث في انتخابات رئاسة باراجواي في أبريل 2023، بنسبة 23% من الأصوات، فضلاً عن فوز "ماريا ماتشادو" اليمينية المتطرفة، في الانتخابات التمهيدية للمعارضة الفنزويلية التي جرت في أكتوبر 2023، لاختيار المرشح الرئاسي لانتخابات عام 2024.

بالمثل، كان مرشحو اليمين المتطرف حاضرين بقوة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشيلي؛ حيث حلَّ "خوسيه أنطونيو كاست" في المركز الثاني بجولة الإعادة في ديسمبر 2021. ويسيطر الحزب الجمهوري الذي يمثله كاست حالياً، على المجلس الدستوري المنوط به صياغة دستور جديد في تشيلي، مع فوز أعضائه بـ50 مقعداً بالمجلس في انتخابات مايو 2023. في انتخابات الرئاسة في بيرو لعام 2021. ورغم مجيء "لوبيز ألياجا" مؤسس حزب التجديد الوطني اليميني المتطرف في المركز الثالث، بحصوله على 11.75% من الأصوات، فإنه عقب فوزه في انتخابات أكتوبر 2022، اختير عمدة للعاصمة "ليما".

محفزات قوية

هناك عدة عوامل ساهمت في صعود اليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية، من أبرزها:

1– الرغبة العميقة في التغيير الجذري: يأتي فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التي جرت في بعض دول أمريكا اللاتينية، انعكاساً لحالة الإحباط والغضب الشعبي العميق بسبب فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة من قبل بعض قادة اليسار اللاتيني في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، لا سيما من الطبقة العاملة والشباب. ورفع مرشحو اليمين المتطرف شعارات "التغيير الجذري". وكانت فضائح الفساد التي طالت بعض أعضاء النخب السياسية الحاكمة، عاملاً آخر لدفع الناخبين إلى البحث عن بديل جديد. في الغالب، تفاعلت الجهات الفاعلة اليمينية المتطرفة مع هذه المخاوف المجتمعية، من خلال اقتراح حلول راديكالية، تكتسب دعماً واسعاً من قبل المواطنين المحبطين، رغم أنها يمكن أن تولد المزيد من المشاكل.

2– ضعف الأحزاب التقليدية: تسبب الفشل النسبي للأحزاب التقليدية من اليمين واليسار التي تعاقبت على السلطة في دول أمريكا اللاتينية لعقود طويلة، في تجديد نفسها لتكون قادرة على استيعاب التغيرات المجتمعية والثقافية التي تشهدها بلدان المنطقة، في تراجع شعبيتها بشكل ملحوظ؛ الأمر الذي مكَّن بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي يعتبر أغلبها حديث النشأة، من كسب مزيد من النفوذ السياسي، خاصة مع سعيها إلى تجاوز ثنائية خطاب اليمين مقابل اليسار. على سبيل المثال، لم يتأسس حزب "تقدم العدالة" للرئيس الأرجنتيني المنتخب "خافيير ميلي" إلا في عام 2019، كما أن ميلي نفسه انتخب عضواً في الكونجرس عام 2021. أما الحزب الجمهوري اليميني المتطرف، الذي يُعد القوة السياسية الرئيسية في تشيلي، فيعود تاريخ تأسيسه إلى عام 2019.

3– تنامي مخاطر الجريمة المنظمة: وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، مثَّلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، 33.5% من نسبة جرائم القتل على مستوى العالم. وفي ظل دعوة الشخصيات والأحزاب اليمينية المتطرفة، إلى اتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة عنف العصابات الإجرامية، تمكنت من كسب دعم قطاعات عريضة من المواطنين المطالبة بالتوسع في حيازة الأسلحة.

في غضون ذلك، تزامن التنامي الملحوظ في النفوذ السياسي لليمين المتطرف، مع تصاعد مشاعر الحنين إلى النظم الدكتاتورية عسكرية التي حكمت دول المنطقة قبل ثمانينيات القرن الماضي، وتعالي الأصوات الداعية إلى عودة الجيوش للعب دور أكبر في جهود حفظ الأمن، في ظل حالة الانفلات الأمني داخل المدن والمقاطعات المختلفة. مع ذلك، فإن ميلي في الأرجنتين لا يبرر علناً جرائم الدكتاتورية العسكرية، كما يفعل بولسونارو في البرازيل، أو كاست في تشيلي.

4– زيادة النفوذ السياسي للمسيحيين الإنجيليين: وفقاً لمسح Latinobarómetro، انخفضت نسبة الكاثوليك من 70% في عام 2010 إلى 57% في عام 2020، في مقابل تزايد نسبة الأشخاص الذين يعرفون أنفسهم بأنهم "إنجيليون". وأقام اليمين المتطرف التحالفات مع الكنائس الإنجيلية السريعة النمو، ونجح في كسب دعمها في ظل دعمه النظام الاجتماعي التقليدي، ودفاعه القوي عن قيم الدين والأسرة. على سبيل المثال، دعم بولسونارو فكرة أن البرازيل "أمة مسيحية".

مع ذلك، فإن وعود ميلي في الأرجنتين بالسماح ببيع الأعضاء ربما لا يتناسب مع الرؤية الدينية المحافظة. في الوقت ذاته، يُعارض أنصار اليمين المتطرف الإجهاض وزواج المثليين وحقوق المتحولين جنسياً باعتبارها تهديداً للأسس الأخلاقية للمجتمع، وجميعها قضايا أضحت تكتسب شعبية كبيرة في أمريكا اللاتينية. وترتبط المواقف اليمينية المتطرفة بقضايا الوطنية والقومية، وهم يصورون ما تُعرف بـ"أيديولوجية النوع الاجتماعي" بأنها "تدخلات استعمارية جديدة" تهدد السيادة الوطنية.

5– اتساع نطاق تحالفات اليمين المتطرف: ينبع جانب مهم من صعود التيارات اليمينية المتطرفة، من اتساع دائرة تحالفاتها، التي لا تقتصر على المؤسسات الدينية فحسب، بل تشمل أيضاً الشركات الكبرى، في تعبير واضح عن الارتباط القوي بين المصالح التجارية والتنظيمات السياسية اليمينية المتطرفة.

يمكن تفسير هذا التحالف بموقف اليمين المتطرف المدافع عن مصالح وحقوق الشركات ورجال الأعمال الوطنيين في مواجهة الشركات الأجنبية، بجانب معارضة رجال الأعمال سياسات إعادة التوزيع في ظل الحكومات اليسارية، كما حدث في البرازيل. مع ذلك، فإن هذا ليس توجهاً عاماً؛ إذ قوبلت بعض السياسات الاقتصادية المقترحة للرئيس الأرجنتيني المنتخب، الذي يوصف بالرأسمالي الفوضوي، بقدر كبير من النقد من قبل المؤسسات والاقتصاديين في الأرجنتين. وتجعل هذه المقترحات ميلي أكثر "راديكاليةً" و"تحرريةً" مقارنة بقادة اليمين المتطرف في البرازيل وتشيلي.

تداعيات رئيسية

لصعود اليمين المتطرف تأثيرات واضحة على الأوضاع الداخلية في بلدان أمريكا اللاتينية، منها:

1– تهديد الديمقراطية: في ظل ما يتبناه اليمين المتطرف من رؤى متشددة بشأن العديد من القضايا، خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان والتعامل الصارم مع الجريمة المنظمة، فإن هذا من شأنه أن يضع المكتسبات الديمقراطية التي حققتها دول أمريكا اللاتينية على المحك. كان هذا واضحاً في محاولة الانقلاب التي قادها الرئيس البرازيلي السابق عقب فشله في الفوز بإعادة انتخابه، واقتحام أنصاره للكونجرس والمحكمة العليا والقصر الرئاسي.

من الملاحظ أن منطقة أمريكا اللاتينية شهدت على مدار العقدين الماضيين زيادة نسبة المواطنين المنفتحين على الحكومات غير الديمقراطية بنسبة 10%. كشف استطلاع حديث أجرته Latinobarómetro أن 54% من الأمريكيين اللاتينيين لا يمانعون وجود حكومة غير ديمقراطية ما دامت تحل مشاكلهم. مع ذلك، فإن المخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية لا يرتبط حصرياً بصعود اليمين المتطرف اللاتيني، لكن أيضاً باليسار الراديكالي التسلطي، كما في فنزويلا ونيكاراجوا وكوبا.

2– الصدام مع مؤسسات الدولة: تميل الشخصيات والتيارات اليمينية المتطرفة إلى تبني مواقف راديكالية من بعض القضايا المحلية؛ الأمر الذي يضعهم في صدام مباشر مع مؤسسات الدولة، وهم لا يتوانون في تهديد المؤسسات الديمقراطية المنتخبة. خلال جائحة كوفيد–19، شن بولسونارو هجوماً لاذعاً على حكام الولايات البرازيلية، ووصفهم بـ"الطغاة"، بسبب فرضهم تدابير الإغلاق لمنع انتشار الفيروس. وانتقد الرئيس البرازيلي السابق المحكمة الانتخابية، وزعم أن نظام التصويت الإلكتروني في البلاد عرضة للقرصنة.

أما الرئيس الأرجنتيني المنتخب، فلم يكتفِ بمهاجمة النخبة السياسية الحاكمة، بل انتقد كذلك البنك المركزي، وتعهد بإلغائه، في ظل اعتقاده بأنه المسؤول عن الارتفاع الجامح في معدل التضخم، الذي يزيد عن 140%. وتنذر بعض السياسات المتطرفة بتفاقم حالة الاستقطاب السياسي، كما يحدث حالياً في تشيلي مع صياغة اليمين المتطرف نسخة معدلة للدستور، وهي النسخة التي من غير المرجح أن تحظى بقبول المواطنين في الاستفتاء المزمع إجراؤه في ديسمبر القادم.

3– التراجع عن بعض المكاسب الاجتماعية: يرتكز صعود اليمين المتطرف على خلفيته الاقتصادية القوية في دعم برامج الخصخصة وخفض الإنفاق الحكومي وعدم تدخل الدولة في الاقتصاد، وهو ما قد يحرم قطاعات عريضة من المواطنين من المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، خاصة ما يتعلق بمحاربة التفاوت الاجتماعي وزيادة الدعم الحكومي لقطاعات الصحة والتعليم والمعاشات التقاعدية.

في الوقت نفسه، تتخذ حكومات اليمين المتطرف مواقف مناهضة لحقوق المرأة والمهمشين اجتماعياً، خاصة السكان الأصليين، وهو ما يؤدي إلى زيادة التحديات التي تواجهها هذه الفئات ويعرضها للمخاطر الأمنية.

4– ضعف الالتزامات البيئية: تتخذ الشخصيات التي تنتمي إلى اليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية موقفاً مناهضاً لجهود مكافحة التغيرات المناخية. ويزعم ميلي أن التغير المناخي مجرد "كذبة اشتراكية"، ووعد بإلغاء وزارة البيئة في الأرجنتين. وخلال فترة حكم بولسونارو، سجلت البرازيل ارتفاعاً غير مسبوق في وتيرة إزالة الغابات في ظل خطابه المناهض للبيئة وسياسات تفكيك الوكالات البيئية وإضعاف هيئات إنفاذ القانون.

كان الموقف الذي اتخذه بولسونارو، نتيجة منطقية لتحالفه القوي مع اللوبي الممثل لقطاع الأعمال الزراعية والمعدنية، الذي سمح له بقطع الغابات لتوفير المساحات اللازمة لزراعة المحاصيل المدرة للدخل والقيام بأنشطة التعدين. ويأتي موقف بولسونارو المعادي للبيئة، متسقاً مع توجهاته المناهضة للعولمة، وهو يعتقد أن القلق العالمي بشأن إزالة غابات الأمازون ما هو إلا محاولة مستترة لفرض السيطرة الأجنبية عليها. مع ذلك، فإن هذا التوجه المناهض للعولمة في أمريكا اللاتينية أصبح يجمع ممثلين من اليمين المتطرف واليسار الراديكالي على السواء.

تحالفات متغيرة

يسعى اليمين المتطرف مع وصول أنصاره إلى السلطة في بعض بلدان أمريكا اللاتينية إلى إعادة رسم سياساتها الخارجية؛ وذلك على النحو التالي:

1– توثيق العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل: يُولي أنصار اليمين المتطرف أهمية خاصة لتعزيز العلاقات مع واشنطن وتل أبيب. يتضح هذا التوجه مع قيام خافيير ميلي بزيارة الولايات المتحدة في أول زيارة خارجية له عقب فوزه بالرئاسة. وفي دلالة واضحة على الأهمية التي يوليها لإسرائيل باعتبارها شريكاً عالمياً، أعلن ميلي أنها ستكون وجهته الأولى بصفته رئيس دولة، متعهداً بنقل السفارة الأرجنتينية من تل أبيب إلى القدس.

بالمثل، عمل بولسونارو على تقوية شراكات البرازيل مع واشنطن، لكن هذا الهدف لم يتحقق بالكامل بسبب بعض سياساته الداخلية، التي تسببت في إحداث قدر من توتر في العلاقات مع واشنطن خلال رئاسة "جو بايدن". وزار بولسونارو تل أبيب في عامي 2019 و2022، وافتتح بعثة تجارية للبرازيل في القدس.

مع ذلك، فإن الرغبة في التقارب مع واشنطن وتل أبيب ليست مقتصرة على اليمين المتطرف فحسب، بل يتبنى قادة أحزاب اليمين ويمين الوسط، النهج نفسه. في المقابل، تعمل حكومات يسار الوسط على الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، ولكن مستقلة عنها في الشؤون الدولية، كما تضع نفسها طرفاً غير منحاز في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإن كانت أكثر انتقاداً لبعض الممارسات الإسرائيلية.

2– تبني نهج برجماتي في العلاقة مع الصين: خلال الحملات الانتخابية لمرشحي اليمين المتطرف، يرفعون الشعارات المعادية للصين، ويتعهدون بتقليص العلاقات الدبلوماسية والتجارية معها. مع ذلك، فإن هؤلاء المرشحين عقب وصولهم إلى السلطة يقومون، تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بالحفاظ على العلاقات التجارية والمالية مع بكين.

خلال الأيام الماضية، أظهر رئيس الأرجنتين المنتخب، تغيراً ملحوظاً في نهجه النقدي السابق للصين ثاني أكبر شريك تجاري لبلاده. وبعد تلقيه رسالة تهنئة من الرئيس الصيني "شي جين بينج"، أعرب ميلي عن عرفانه وأرسل تمنياته الصادقة برفاهية الشعب الصيني. وسبق أن أعلن ميلي أنه لن يمنع القطاع الخاص من الانخراط في أعمال تجارية مع بكين.

3– إعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية: تهتم الحكومات اليمينية المتطرفة في أمريكا اللاتينية بالعمل بشكل أوثق مع حكومات اليمين ويمين الوسط، بينما يكون لديها علاقات متوترة مع الحكومات اليسارية، تصل في بعض الأحيان إلى تبادل الاتهامات، كما حدث في عهد بولسونارو، الذي عزز تحالفاته مع الحكومات اليمينية، في حين تبادل الاتهامات والانتقادات مع رئيس الأرجنتين اليساري "ألبرتو فرنانديز".

بالمثل، هدد ميلي، خلال حملته الانتخابية، بقطع العلاقات مع البرازيل. ولكن بالنظر إلى كونها أكبر شريك تجاري للأرجنتين، بدأ ميلي يخفف لهجته العدوانية تجاه البرازيل بعد أن وصف رئيسها "لولا دا سيلفا" بأنه "شيوعي لن يتعامل معه". وبعد فوزه في الانتخابات، قال ميلي للتلفزيون المحلي إن لولا "سيكون موضع ترحيب" لحضور حفل التنصيب. وبعد تعهده بالانسحاب من التكتل التجاري الإقليمي "ميركوسور"، أعلنت مرشحة ميلي لوزارة الخارجية، عن رغبته في الإسراع بتوقيع اتفاقية تجارية بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور في أقرب وقت ممكن.

4– زيادة احتمالات العزلة الدولية: يمكن أن تضر بعض السياسات الداخلية والمواقف الخارجية لقادة اليمين المتطرف بالمكانة الدولية لبلدان أمريكا اللاتينية. على سبيل المثال، مع تراجع بولسونارو عن التزامات بلاده البيئية وإنكاره حقيقة كوفيد–19، بجانب بعض ممارساته التسلطية، عانت البرازيل على مدار أربع سنوات من حكمه من العزلة الدولية نسبياً، وتراجع نفوذها عالمياً إلى حد كبير.

بالمثل، فإن بعض توجهات ميلي الخارجية، بما في ذلك انتقاداته لتجمع بريكس (البرازيل، الصين، روسيا، الهند، وجنوب أفريقيا)، وتعهده برفض الدعوة الموجهة للأرجنتين للانضمام إليه، ربما تؤدي إلى بعض التوترات في العلاقات الدولية لبلاده. يضاف إلى ذلك أن شكوك ميلي الواضحة بشأن المناخ تخاطر بإبعاده بشكل حاد عن الحكومات والقادة الذين يخططون للتجمع في مؤتمر المناخ COP28 في دبي للبحث عن حلول عاجلة لمشاكل تغير المناخ والاحتباس الحراري.

في ضوء ما سبق يمكن القول إن صعود اليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية، يأتي استجابة للتغيرات المجتمعية والثقافية التي تشهدها بلدان المنطقة، إضافة إلى أنه يعكس حالة الاستياء الشعبي من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فضلاً عن كونه يُعد ترجمةً للغضب العميق من فشل الأحزاب التقليدية في معالجة هذه الأزمات بالشكل المطلوب. ومن شأن وصول الشخصيات والأحزاب اليمينية المتطرفة إلى سدة السلطة، أن ينعكس بشكل ملحوظ على الداخل اللاتيني والعلاقات الدولية لبلدان المنطقة، ولكنها تقوم في الغالب بمراجعة تصريحاتها ومواقفها الراديكالية، وتتجه نحو تبني نهج أكثر برجماتية في إدارة سياساتها الداخلية والخارجية.

تداعيات صعود اليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية