إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

عقد "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية"، يوم الأربعاء الموافق 14 فبراير 2024، حلقة نقاشية بعنوان "ملفات واشنطن: كيف تؤثر التطورات الراهنة في الشرق الأوسط على الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2024؟"، استضاف خلالها "ديل سبروسانسكي" مدير تحرير دورية "تقرير واشنطن عن شؤون الشرق الأوسط"، متحدثاً رئيسياً. وقد تطرقت الحلقة النقاشية إلى أهم الاتجاهات في موسم الانتخابات الأمريكي، والعوامل التي قد تؤثر على نتائج التصويت، لا سيما فيما يخص القضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية وشؤون الشرق الأوسط. اتجاهات رئيسية استعرض "ديل سبروسانسكي" بعض الاتجاهات الرئيسية في موسم الانتخابات الأمريكية الحالي، وكيفية تأثيرها المحتمل على نتائج التصويت، وهي الاتجاهات التي يمكن تلخيصها عبر ما يلي:1– وجود قناعات أولية بأن الانتخابات إعادة بين "ترامب" و"بايدن": وفقاً للمتحدث الرئيسي، لا توجد خيارات عديدة أمام الناخبين في صناديق الاقتراع، معتبراً أن الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر القادم، بمنزلة إعادة للانتخابات بين "ترامب" و"بايدن"؛ ما يجعل الناخبين غير متطلعين إلى أي تغيير قد يحدث في الانتخابات القادمة أو بعدها، كما أشار إلى أن ثمة مخاوف تجاه الصحة العقلية لكلا المرشحين، مضيفاً أن التركيز هذا العام سيكون على الولايات المتأرجحة بقدر أكبر، وكيف يمكن لأي من المرشحين اكتساب الأصوات منها.2– اعتبار ولاية ميتشجان أبرز الولايات المتأرجحة خلال الانتخابات: أكد "سبروسانسكي" أن التصويت في ولاية ميتشجان، التي تحتوي على نسبة كبيرة من الأمريكيين المسلمين وذوي الأصول العربية، سيكون حاسماً في هذه الانتخابات، وقد تجعل "بايدن" يخسر الانتخابات، باعتبارها واحدة من الولايات المتأرجحة التي أعربت عن رفضها سياسة الإدارة الحالية لما يحدث في غزة.ووفقاً لـ"سبروسانسكي"، فإنه على الرغم من تصويت ميتشجان لصالح "بايدن" في الانتخابات السابقة، فإن الولاية تشهد موقفاً مختلفاً في الوقت الحالي إزاء "بايدن"؛ نظراً إلى سياسة إدارته تجاه الأزمة في غزة، وهو ما قد يؤدي إلى خسارة "بايدن" العديد من الأصوات؛ هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، لا تدعم ميتشيجان "ترامب" أيضاً للأسباب نفسها. ولا أحد يستطيع توقُّع ما ستختاره هذه الولاية، وربما يختار الناخبون عدم التصويت، وفقاً لما أشار إليه "سبروسانسكي".3– حدوث تغير ملحوظ في أولويات الناخبين نتيجةَ الحرب في غزة: أشار "سبروسانسكي" إلى أن الناخب الأمريكي العادي لا يهتم غالباً بأمور السياسة الخارجية، مؤكداً أن القضايا الأبرز التي تظهر في استطلاعات الرأي هي التضخم، والهجرة، وتعزيز الديمقراطية، خاصةً في أعقاب اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي. لكن العديد من المواطنين الأمريكيين مؤخراً صاروا يهتمون – وفقاً لـ"سبروسانسكي"– بالدعم الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل وإدانة الحرب في غزة؛ حيث شهدت واشنطن تظاهرات كبيرة، كما أن جميع التجمعات التي نظمتها حملة الرئيس "بايدن" اقتحمها نشطاء أدانوا تورطه فيما يحدث في غزة، وهو ما يشير إلى أن قضية إسرائيل أصبحت قضية محلية أقرب من كونها قضية متعلقة حصرياً بالسياسة الخارجية الأمريكية.4– ثبات قاعدة "ترامب" الشعبية مقارنةً بديناميكية قاعدة "بايدن": أوضح "سبروسانسكي" أن قاعدة "ترامب" الشعبية تعتبر ثابتة إلى حد كبير، مقارنةً بقاعدة "بايدن" الأكثر ديناميكيةً، مشيراً إلى أن "ترامب" لديه نقاط حديث وقضايا محددة يستطيع أن يحشد الناخبين من خلالها، وفي المقابل فإن "بايدن" لن يستطيع كسب كافة الأطراف في صفه؛ حيث تتنوع توجهات مؤيديه، الذين أصبحوا أكثر انقساماً الآن في ظل الحرب في غزة؛ فأي شيء سيقوله "بايدن" سيُفقِده فئةً ما من الناخبين.5– تزايد قوة خطاب الجماعات المؤيدة لفلسطين بالداخل الأمريكي: أكد "سبروسانسكي" أن المجموعات المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة، استطاعت أن تقطع شوطاً كبيراً في تشديد اللهجة والخطاب المستخدم في مناهضة إسرائيل؛ حيث تحول الحديث عن الصراعات بين إسرائيل وفلسطين من "احتلال" إلى "إبادة جماعية" في أقل من عقد، وهو ما يؤثر على عدد لا بأس به من الناخبين الأمريكيين في الوقت الحالي.6– التوظيف السياسي المحتمل لقضية الهجرة عبر جنوب البلاد: بحسب "سبروسانسكي"، فإن مشكلة الهجرة وتهريب البشر على الحدود الجنوبية بين الولايات المتحدة والمكسيك تكتنفها فوضى كبيرة، ولم يَقُم أي من المرشحين المحتملين بتقديم وعود جادة يُمكن أن تفضي إلى نتائج ملموسة لحلها، لافتاً إلى أن "ترامب" يريد أن تظل أزمة الهجرة قائمة حتى موعد الانتخابات، ليستطيع أن يحشد الأصوات بناءً عليها.كما أشار إلى أن العديد من الأمريكيين يهتمون بالبعد السياسي لأزمة الهجرة، إلا أنه أوضح أن ثمة عوامل إنسانية يجب أخذها بعين الاعتبار لحل الأزمة، مثل العنف والفقر المدقع الذي يهرب منه هؤلاء، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على دولة مثل فنزويلا، والتي ربما تكون قد ساهمت في تفاقم سوء المعيشة هناك واضطرار مواطنيها للهروب إلى الولايات المتحدة.مجموعات مؤثرة شدد "ديل سبروسانسكي" على أن العامل الحاسم في الانتخابات الأمريكية هو الدور الذي تلعبه مجموعات الضغط المختلفة في الولايات المتحدة، والذي يتمثل في عدة طرق، يمكن تلخيصها في الآتي:1– لعب مجموعات المصالح الخاصة دوراً مؤثراً عبر تمويلها للحملات: أشار "سبروسانسكي" إلى أنه على عكس ما هو متداول، تلعب مجموعات المصالح الخاصة دوراً بارزاً ومؤثراً لا يقل أهميةً عن الدور الذي تلعبه جماعات المصالح الحزبية العامة، مضيفاً أن هناك جماعات تدعم الحزب الديمقراطي على سبيل المثال، لكن هناك مجموعات أخرى تدعم مصالح معينة، مثل "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" (آيباك)، وهي من أبرز جماعات الضغط المدافعة عن المصالح الإسرائيلية.ولفت "سبروسانسكي" إلى أن المجموعة تنوي تقديم نحو 100 مليون دولار للحملات الأولية لهزيمة 7 أعضاء فقط في الكونجرس يُعرَفون باسم "الفرقة"، وهم تقدُّميون ومعروفون بدعمهم القوي لفلسطين، ومنهم "إلهان عمر"، و"رشيدة طالب"، و"ألكسندرا أوكاسيو كورتيز".2– تقديم الشركات الخاصة الأموال والتبرعات للحملات الانتخابية: لفت "سبروسانسكي" إلى أن الشركات الخاصة تلعب دوراً مهماً، من خلال تقديم الأموال والتبرعات للحملات الانتخابية بموجب القانون، وهو الأمر الذي انتقده الكثير من الأمريكيين؛ بسبب التأثير السلبي على العملية الديمقراطية، ومحاولة الشركات تشكيل اتجاهات الناخبين لخدمة مصالحها، لا سيما أن الشركات تتمتع بموارد مالية كبيرة تستطيع تحقيق نفوذ سياسي من خلالها، وفق ما ذكر "سبروسانسكي".3– قيام لجان العمل السياسي بدور مهم في تقديم تبرعات للحملات: وفقاً لـ"سبروسانسكي"، فإن لجان العمل السياسي هي نوع من الحزم التي تسمح للأفراد فقط بالتبرع للانتخابات، ويمكن للأشخاص التبرع بما يصل إلى 5000 دولار لكل فرد، ويمكن منح هذا المال لمرشح. وفي هذه الحالة يمكن تتبع الأموال التي تم توزيعها. وأكد "سبروسانسكي" أيضاً أن ثمة لجانَ عمل سياسية فائقة، وهذا يسمح بمستوى أعلى بكثير من التبرع؛ حيث يمكن تقديم مبلغ غير محدود من المال من قبل فرد، أو منظمة أو شركة.لكن في هذه الحالة لن يتم توزيع هذه الأموال – بحسب "سبروسانسكي" – على المرشحين الأفراد؛ حيث ستُخصَّص في جهود أوسع، مثل تشغيل إعلانات تجارية أو توزيع رسائل بريدية على الناخبين. ويمكن كذلك تتبع هذه الأموال حتى يتمكن أي شخص من الاتصال بالإنترنت ومعرفة مقدار الأموال التي جمعتها هذه الحزم، ومعرفة من هم المانحون.4– استفادة البعض من "أموال مظلمة" تجمعها منظمات غير ربحية: أشار "سبروسانسكي" إلى ما يُعرف بـ"مجموعات المال المظلم"، وهي في الأساس منظمات غير ربحية يمكنها جمع الأموال، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص يمكنهم توجيه أموالهم من خلال تلك المنظمات، التي غالباً ما تُصنف على أنها منظمات رعاية اجتماعية أو جمعيات تجارية؛ حيث لا يُطلب منها الكشف عن هوية الجهات المانحة لها. وطبقاً لـ"سبروسانسكي"، يسمح هذا الافتقار إلى الشفافية للنخب بممارسة نفوذها خلف الكواليس، وتشكيل الرأي العام والسياسة.5– اتباع جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل سياسة "العصا والجزرة": أكد "سبروسانسكي" أن معظم السياسيين الأمريكيين لا يهتمون بالشرق الأوسط، ولا يتم انتخاب معظم أعضاء الكونجرس على أساس القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وهو ما يثير تساؤلاً حول كيفية الضغط عليهم من قبل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وفق ما ذكر "سبروسانسكي".وختاماً، أشار "سبروسانسكي" إلى أن تلك الجماعات تستخدم سياسة "العصا والجزرة"، موضحاً أنه إذا اختار أولئك السياسيون دعم إسرائيل، فإنهم يتلقون دعم تلك المجموعات، وبالعكس؛ إذا رفضوا فستُلاحِقهم المجموعات وتنتقد سياساتهم وتحاول تشويه سمعتهم، ليس بالضرورة في القضايا المتعلقة بإسرائيل، بل في قضايا محلية مهمة؛ لتُفقِدهم شعبيتهم.

كيف تؤثر التطورات الحالية في الشرق الأوسط على الانتخابات الأمريكية في 2024؟ (حلقة نقاشية)