أعلنت السلطات الروسية، في 23 أغسطس 2023، سقوط طائرة خاصة أثناء رحلة داخلية من موسكو إلى سان بطرسبرج، تُقِل على متنها 10 أشخاص، بينهم 3 طيارين. وذكر بيان المكتب الصحفي لهيئة الطيران المدني الروسية أن يفجيني بريجوجين، كان على متن الطائرة التي تحطمت، بجانب آخرين من عناصر وقيادات مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة، أبرزهم مؤسس المجموعة والذراع اليمنى لزعيمها، ديمتري أوكتين. وقد فجّر الحادث العديد من التساؤلات لإزالة الغموض حول كيفية سقوط الطائرة وأسبابها، وإذا ما كان بالفعل انتقاماً من قِبل الرئيس الروسي على تمرد المجموعة ضده قبل شهرين. ولكن بخلاف تساؤلات مقتل زعيم المجموعة، تبرز تساؤلات أهم حول ما بعد الحادث، وتأثير مقتل "بريجوجين" على المجموعة ونشاطها وتحركاتها على الساحة الدولية.

مساعي السيطرة

منذ تمرد "يفجيني بريجوجين" في يونيو 2023، برزت تساؤلات حول مستقبل مجموعة "فاجنر" من حيث علاقتها بالنظام الروسي، وكيف سيُحكم الكرملين قبضته من جديد على "فاجنر"، بعدما تمردت الذراع العسكرية الخاصة على وزارة الدفاع وعليه هو نفسه. ويمكن تناول مساعي السيطرة الروسية على مجموعة "فاجنر" في مرحلة ما بعد "بريجوجين"، على النحو التالي:

1- احتمالية تورط موسكو في قتل "بريجوجين" و"أوكتين": في حين تشير أصابع الاتهام إلى تورط الحكومة الروسية ممثلة في الكرملين أو وزارة الدفاع في حادث سقوط طائرة قادة "فاجنر" – وهو السيناريو الذي ترجحه معظم التقارير – فإن الدافع في هذا السيناريو لا يرتبط بعقاب "يفجيني بريجوجين" فقط على قيادته تمرد شركته العسكرية ضد النظام الروسي، وهجومه على وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الاتحاد الروسي نفسه، بل ثمة عامل آخر يفسر الرغبة في إنهاء حياة قادة "فاجنر"، وعلى رأسهم زعيم المجموعة "يفجيني بريجوجين" ومؤسسها ونائب رئيسها "ديمتري أوكتين".

ويرتبط هذا العامل برغبة الكرملين ووزارة الدفاع في السيطرة على "فاجنر"، باعتبار أن القيادة القديمة للشركة لم يعد ولاؤها للنظام الروسي، وبات من الصعب ضمان ولاء الشركة إلى الكرملين والجيش تحت قيادتها. ومن ثم سعت موسكو إلى إزاحة "بريجوجين" و"أوكتين" من قيادة المجموعة؛ من أجل العمل على تحقيق درجة أكبر من التفاهم أو السيطرة على المجموعة مع قيادة جديدة لا يجمعها بوزارة الدفاع والكرملين هذه الخصومة التي تفجرت بسبب تطورات الحرب الأوكرانية بين "بريجوجين" ووزير الدفاع ورئيس الأركان ثم الكرملين، خاصةً في ظل السيطرة الكاملة لبريجوجين على مقاتلي شركته.

2- تنصيب قيادة جديدة للشركة موالية للكرملين: تشير تقارير إعلامية واستخباراتية إلى تفكير الكرملين في تعيين جنرال روسي أو مسؤول حكومي أخر رئيساً جديداً لشركة "فاجنر"، خلفاً ليفجيني بريجوجين، وعدم السماح للمجموعة باختيار قائدها البديل لبريجوجين. وهناك بعض الأسماء المطروحة لخلافة "بريجوجين"، على رأسها – وفق ما ذكرت العديد من التقارير – أندريه تروشيف المدير التنفيذي لمجموعة فاجنر وأحد الأعضاء المؤسسين لها، وهو مقدم سابق في وزارة الشؤون الداخلية الروسية، وكان جهة الاتصال الرئيسية بين بريجوجين ووزارة الدفاع خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ورغم أن بعض القنوات المرتبطة بمجموعة فاجنر على تطبيق "تليجرام"، ذكرت أن "تروشيف" طُرد من المجموعة، وتصفه بأنه "خان" بريجوجين بعد التمرد الفاشل، فإن حرصه على إبرام صفقة مع وزارة الدفاع يجعله من الأسماء المرشحة لإعادة المجموعة إلى السيطرة الحكومية، خاصةً أن بعض التقارير ذكرت أن بوتين ألمح خلال اجتماعه بقادة المجموعة وبريجوجين في 29 يونيو 2023، إلى أنه سيكون سعيداً برؤية "تروشيف" قائداً للمجموعة، وهو ما رفضه بريجوجين حينها، إلا أن مقتله قد يُسهل تنفيذ رؤية بوتين وتولي "تروشيف" قيادة المجموعة، باعتبار ذلك شرطاً لسماح الكرملين لمقاتلي فاجنر بالاستمرار في عملهم تحت مظلة النظام.

وبغض النظر عن الأسماء المرشحة لقيادة شركة "فاجنر"، في مرحلة ما بعد "بريجوجين، فإن الكرملين يهدف من تعيين قيادة جديدة موالية له على رأس شركة "فاجنر" إلى ضمان ولاء مقاتلي الشركة، وإعادة هيكلتها وعملها وفق المصالح الروسية، وتسهيل السيطرة الحكومية عليها.

3- نقاشات حول الإطار القانوني لعمل المجموعة: دعا رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما "أندريه كارتابولوف"، إلى إقرار قانون ينظم عمل الشركات الأمنية الخاصة، ومنها شركة "فاجنر"، فيما اعتبر رئيس لجنة القانون الدستوري وبناء الدولة في مجلس الاتحاد أندريه كليشاس، أن إقرار هذا القانون ليس أمراً ملحاً في الوقت الراهن؛ إذ يوفر "عدم قانونية" الشركات العسكرية الخاصة فرصة للحكومة الروسية للمناورة حول مسؤوليتها عما تفعله تلك الشركات، خاصة في ظل الانتقادات الغربية والدولية الكبيرة لشركة "فاجنر"، على مستويات عدة؛ أبرزها المستوى الحقوقي.

لكن تبرز النقاشات حول الأطر القانونية لحوكمة العمل وضمان التزام الشركات بأطر قانونية تحول دون تحولها إلى قوات تناهض الدولة والحكومة، خاصة عقب تمرد "فاجنر". ومن ثم، فإنه حتى مع عدم إقرار قانون لتنظيم عمل الشركات العسكرية الخاصة، ستعمل موسكو على ضبط الأطر التنظيمية لعلاقتها بشركة "فاجنر"؛ لضمان التزامها وولائها واتباعها أوامر القيادات النظامية، وعدم تكرار سيناريو الخلافات مع وزارة الدفاع والتمرد عليها.

4- أداء قسم الولاء للدولة الروسية وقياداتها: وقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 25 أغسطس 2023، مرسوماً يدعو جميع مقاتلي شركة "فاجنر" وغيرهم من المتعاقدين العسكريين الروس، وأي شخص يشارك في أنشطة عسكرية في أوكرانيا، ويساعد الجيش ويخدم في وحدات الدفاع الإقليمي، إلى أداء قسم الولاء للدولة الروسية، والتعهد باتباع أوامر القادة وكبار الزعماء بدقة.

ورغم أن قسم اليمين إجراء اعتيادي في المؤسسات العسكرية والجيوش، فإنه يعد هذا الإجراء في حالة "فاجنر" الآن بمنزلة إشارة إلى تحول الولاء، وخطوة للفرز. ورغم أنه سيتبعها رقابة لضمان تنفيذ القسم، فإنها تؤسس لمظلة وإطار تنظيمي جديد لعمل الشركة في مرحلة ما بعد "بريجوجين" قائم على الولاء لقيادات الدولة الروسية باعتباره أساساً لعمل المقاتلين داخل المجموعة. وفيما اعتبر المرسوم أن هذا القسم خطوة لصياغة الأسس الروحية والأخلاقية للدفاع عن روسيا، فإنه يُعبر عن خطوة واضحة – ولو رمزية – لإخضاع مقاتلي "فاجنر" لسيطرة الدولة الروسية وقياداتها.

5- التوسع في آلية التعاقد مع مقاتلي "فاجنر": طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – عقب التمرد الفاشل لمجموعة "فاجنر" ووساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو – على مقاتلي المجموعة، توقيع عقود مع وزارة الدفاع، أو الرحيل إلى بيلاروسيا. وفي حين انصاع بعض مقاتلي "فاجنر" لرغبة وزارة الدفاع، ووقعوا عقوداً معها بصفتهم متعاقدين عسكريين، فإن مقتل "بريجوجين" قد يساعد على التوسع في آلية التعاقد مع مقاتلي المجموعة، ودفع أعداد أكبر منهم إلى توقيع العقود المطلوبة مع وزارة الدفاع، والانخراط بدرجة أكبر في تلك الآلية التي تفضلها وزارة الدفاع، خاصةً بالنسبة إلى المجموعات الأبعد في الدول الأفريقية.

6- احتمالات التفكير في تصفية المجموعة تدريجياً: تطرح بعض التقارير احتمالات التفكير في تصفية المجموعة تدريجياً، باعتبار أن المجموعة كانت تعتمد بشكل كبير على شخصية "بريجوجين" وشبكاته، وأن موسكو ستعمل على طي صفحة التمرد بالكامل، بإنهاء مرحلة "فاجنر" مع الحفاظ على أدوارها المهمة؛ وذلك بما يتجاوز تغيير قائدها، إلى تغيير اسم المجموعة نفسه أو تصفيتها تدريجياً وتأسيس شركات بديلة أو نقل ودمج أعضائها في شركات أمنية أخرى، خاصة أن بعض المصادر الاستخباراتية الغربية تحدثت عن تنافس بعض الشركات على ضم مقاتلي "فاجنر" حالياً؛ وذلك بالإضافة إلى سيناريو تفكيك المجموعة الكبيرة إلى شركات وكيانات أصغر وفق المجال الوظيفي والجغرافي، تشكل مخاطر أقل بالنسبة إلى روسيا، ويسهل السيطرة عليها. وتهدف كل تلك الأفكار إلى الحفاظ على أدوار المجموعة واستمرار عملها، دون الحفاظ على "فاجنر" نفسها بهيكلها وشكلها أو حتى اسمها الحالي.

التحركات الخارجية

بجانب الإطار التنظيمي لمجموعة "فاجنر" وشكل علاقتها بالنظام الروسي، ثمة تساؤلات حول مستقبل أدوارها الخارجية الهامة التي شكلت "فاجنر" من خلالها اسمها وسمعتها العالمية واحدةً من أبرز الشركات العسكرية الخاصة على مستوى العالم، فضلاً عما حققته أدوار الشركة الخارجية من مصالح كبيرة لروسيا، خاصة في الدول الأفريقية وسوريا بشكل رئيسي، قبل الاستعانة بخدمات الشركة في العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا. ويمكن تناول مستقبل التحركات والأدوار الخارجية لمجموعة "فاجنر" في مرحلة ما بعد زعيمها الراحل "يفجيني بريجوجين"، ورؤية روسيا لتلك التحركات؛ وذلك على النحو التالي:

1- استمرار اعتماد موسكو على المتعاقدين ذراعاً أمنية خارجية: سواء تفككت "فاجنر" أو جرى تعيين قيادة جديدة لها موالية للكرملين أو وقَّع مقاتلوها عقوداً مع وزارة الدفاع، فإن العامل المشترك في كل تلك السيناريوهات هو استمرار اعتماد النظام الروسي على المتعاقدين ذراعاً أمنية للسياسة الخارجية والدفاعية الروسية؛ فرغم كل ما سببه تمرد "فاجنر" من توترات ومخاوف، لم يكن مطروحاً تخلي روسيا عن نموذج الشركات العسكرية الخاصة تماماً؛ نظراً إلى فوائده الكبيرة التي يوفرها لموسكو اقتصادياُ وسياسياً وعسكرياً، إنما كانت المناقشات حول تخفيف المخاطر وتقليل فرص حدوثها فقط.

وبذلك، وأياً كانت المظلة الاسمية التي سيجري العمل من تحتها، والإطار التنظيمي والقانوني الناظم لعمل الشركة وعلاقتها بوزارة الدفاع، فإن من المرجح أن يستمر مقاتلو "فاجنر" الذين سيؤمن الكرملين بولائهم، في حماية المصالح الروسية في الخارج، وسيستمر مقاتلو المجموعة – في ضوء خبراتهم القتالية وشبكات علاقاتهم في الدول التي يعملون بها – ذراعاً أمنية مهمة لموسكو.

2- عودة "فاجنر" التدريجية إلى ساحة القتال الأوكرانية: لن تتأثر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا سلبياً بمقتل زعيم مجموعة "فاجنر"، باعتبار أن مقاتلي المجموعة غابوا عن ساحة القتال منذ نحو شهرين، عندما قاد "بريجوجين" تمرده العسكري الفاشل ضد النظام الروسي، وتفجرت خلافاته مع قيادات وزارة الدفاع. ومن ثم لن تعاني العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا من اضطراب نتيجة مقتل قيادات المجموعة.

ولكن، من المنتظر بعد مقتل قادة المجموعة، وفي حالة نجاح الكرملين في فرض سيطرته التامة على المجموعة، أن يعود مقاتلو "فاجنر" تدريجياً إلى ساحة القتال الأوكرانية، مع العمل على ضمان ولائهم للنظام الروسي، والتزامهم بتعليمات قيادة العملية العسكرية الروسية، والعمل تحت إمرة وزارة الدفاع؛ وذلك في ظل الحاجة إلى دعم قوات "فاجنر" للقوات الروسية في أوكرانيا، في ظل التصعيد الأوكراني المقابل ضد روسيا.

3- العمل تحت إمرة قوات الجيش الروسي في سوريا: لعبت مجموعة "فاجنر" دوراً مهماً في دعم النظام السوري الذي على الرغم من أنه يبدو أقل احتياجاً لدعم المجموعة القتالي من السنوات الماضية، فإن روسيا لا تزال تنظر إلى وجودها العسكري في سوريا بوجه خاص بوصفه وجوداً استراتيجياً بالغ الأهمية، ومن ثم ستعمل موسكو على ضمان ولاء مقاتلي المجموعة الموجودين في سوريا، واستمرار عملهم هناك باعتبارهم وكلاء لوزارة الدفاع الروسية، للتعاون مع الحليف السوري.

ووفق ما ذكرته تقارير، فإن نائب وزير الدفاع الروسي "يونس بك يفكوروف"، طالب قيادات عسكرية سورية بإبلاغ مقاتلي "فاجنر" بضرورة الانسحاب من البلاد أو الانضمام إلى الجيش الروسي في سوريا. وبناء على ذلك اجتمع بالفعل وزير الدفاع السوري علي محمود عباس، مع قيادات "فاجنر"، وعرض عليهم تسليم سلاحهم والانسحاب من البلاد خلال شهر كحد أقصى أو الانضمام إلى الجيش الروسي في سوريا والعمل تحت إمرته.

4- دور محوري للمجموعة في حماية المصالح الروسية بأفريقيا: لعبت مجموعة "فاجنر" دوراً محورياً في دعم المصالح الروسية السياسية والأمنية والاقتصادية في أفريقيا. ولا تمتلك روسيا – في الفترة الحالية على الأقل – رفاهية التخلي عن الدور الذي تلعبه شركة "فاجنر" في الدول الأفريقية نيابة عنها، خاصة مع زوال المخاوف من شخصية "بريجوجين"؛ حيث تستفيد موسكو من عمل المجموعة التابعة لها في الدول الأفريقية على أكثر من مستوى، مثل المستوى الاقتصادي عبر الموارد الطبيعية الغنية التي توفرها، والتي تتزايد أهميتها بالنسبة إلى روسيا عقب العقوبات الغربية المفروضة عليها، وكذلك توسيع النفوذ الجيوسياسي الروسي في القارة الأفريقية، على حساب النفوذ الفرنسي والغربي المتراجع.

ولذلك ستعمل موسكو مع ضمان ولاء مقاتلي المجموعة في أفريقيا لها على استمرار عملهم في مناطق النشاط مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا ومالي والسودان وبوركينا فاسو، وتوسيع نطاق النشاط في الدول الأخرى التي تمثل فرصة سانحة لتوسيع النفوذ الروسي على حساب النفوذ الغربي، مثل النيجر عقب الانقلاب العسكري الأخير الذي أطاح بالرئيس "محمد بازوم". ويؤكد هذا الاتجاه، تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، عقب تمرد "فاجنر"، التي حاول فيها طمأنة الزعماء الأفارقة، بأن عمل المجموعة سيستمر في بلادهم، وأن موسكو لن تتخلى عنهم؛ حيث تدرك موسكو الأهمية الاستراتيجية الكبرى لدور "فاجنر" في أفريقيا، وستحرص على استمراره، مع التأكد من ضمان سيطرتها على مجموعات "فاجنر" المنتشرة في الدول الأفريقية.

5- صعوبات تستبعد خيار تفكيك بنية "فاجنر" في الدول المُضيفة: فيما تطرح بعض التقارير خيار تفكيك شركة "فاجنر" وبنيتها ومجموعاتها المنتشرة خارج الأراضي الروسية، فإن هذا السيناريو تواجهه بعض المصاعب؛ حيث استثمرت موسكو لسنوات في تشكيل البنية التحتية التشغيلية لفاجنر في الدول المضيفة، واستفادت من قدرات "بريجوجين" وعلاقاته ومن العلاقات التي تجمع موسكو بتلك الدول؛ ولذلك فإن هناك مصاعب ستواجه عملية إعادة بناء شبكات العلاقات والتفاعلات والخبرات التي كونها مقاتلو "فاجنر" في الدول التي ينشطون بها، والعلاقات والتفاهمات التي شكلوها مع النظم والمؤسسات الأمنية في تلك الدول على مر السنين؛ حيث ستحاول روسيا فرض سيطرتها على عناصر المجموعة في الخارج دون افتقاد المزايا والخبرات والشبكات التي اكتسبوها خلال سنوات عملهم في تلك الدول.

توقُّعات التراجع

ختاماً، لا تزال بعض الشكوك قائمة على الجانب الآخر حول فاعلية ودور مجموعة "فاجنر" في مرحلة ما بعد مقتل زعيمها "يفجيني بريجوجين"؛ ليس فقط للقدرات الكاريزمية الخاصة لزعيم المجموعة ودرجة تأثيره على عناصر المجموعة، بل أيضاً لدوره الرئيسي في تحركات وأدوار المجموعة الخارجية وشبكات علاقاتها، وهو ما أبرز مخاوف بشأن قدرة المجموعة على البقاء والاستمرار من دون قيادته؛ حيث تجادل بعض التقارير بأن كثيراً من النفوذ الخارجي لشركة "فاجنر" كان مرتبطاً بالشبكات التي كونها وعمل على تنميتها "بريجوجين" والتي لعبت شخصيته دوراً مهماً فيها. ومن ثم ظهرت توقعات مقابلة بأن يترك غياب "بريجوجين" فراغاً كبيراً في هيكل وعمل المجموعة بما ينعكس على أدوارها وتحركاتها الخارجية، وهي التوقعات التي وصلت إلى حد اعتبار البعض أن مقتل "بريجوجين" يُعد نهاية "فاجنر"؛ وذلك لدى من يربطون المجموعة بشدة بقائدها، ويعتبرون أن "فاجنر" هي "بريجوجين" أولاً وأخيراً، وأن الشركة العسكرية الخاصة من الصعب أن تنجو من دون زعيمها البارز.

كما تبرز من جانب آخر احتمالات عدم سيطرة الكرملين على المجموعة، وتولي قيادة المجموعة بعض الكوادر المحسوبة على فريق "بريجوجين"، واستمرار حالة العداء مع النظام الروسي، مثل الحديث عن تولي أنطون يليزاروف قيادة المجموعة، الذي يوصف بأنه "مُعادٍ لبوتين". وفي حالة تولي قيادة مناوئة للكرملين، أو انقسام المجموعة إلى فريقين، ستعمل موسكو على توصية الدول الأخرى بالتعاون مع المجموعات الموالية لروسيا وطرد المناوئين لها.

مستقبل تحركات فاجنر على الساحة الدولية بعد "بريجوجين"