الإيكونوميست

عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجيةعلى مدار عقود، شكَّل الشتات الهندي في الخارج هدفاً رئيسياً للعديد من القوى السياسية داخل الهند، وخاصةً في ظل التعداد الكبير للشتات الهندي في الخارج، وكذلك دورهم الرئيسي في دعم الاقتصاد الهندي. ومن ثم ينظر الساسة والأحزاب إليهم كأداة للدعم المالي، ودعم الحملات الانتخابية. علاوةً على ذلك فإن الشتات يلعب دوراً في الترويج لبعض النخب الهندية داخل الدول التي تستضيفهم. وفي هذا الصدد، نشر موقع "الإيكونوميست" تقريراً بعنوان "سلاح ناريندرا مودي السري: الشتات الهندي"، يشير فيه إلى أن رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" يستعد لخوض فترة ثالثة من الانتخابات الهندية. وفي ضوء ذلك، فإنه يسعى جاهداً لتفعيل دور الشتات الهندي، خاصةً في أوروبا والولايات المتحدة، كداعم كبير له في الخارج عبر الأموال والحملات السياسية الداعمة لحزبه. ويمكن استعراض أبرز ما جاء فيه على النحو التالي: نفوذ متنامٍتنظم جمعية "أصدقاء في الخارج" ذراع الحزب الهندي الحاكم في الشتات، العديد من التجمعات الداعمة لرئيس الوزراء "مودي" في الدول الأوروبية، وخاصةً في لندن مع قرب الانتخابات الهندية المقرر عقدها في 19 أبريل. وبحسب التقرير، تشكل الجالية الهندية الضخمة في الشتات قوة متزايدة لحشد الدعم في الداخل والخارج، ويغازلها الساسة الهنود؛ بسبب تزايد نفوذها في الخارج، وامتلاكها أبعاد قوة واضحة؛ وذلك على النحو التالي:1– تزايد حجم الجالية الهندية في الخارج: وفقاً للتقرير، لعب الهنود في الخارج، لفترة طويلة، دوراً مهماً في السياسة في الداخل. ويرجع ذلك إلى كفاح الهند من أجل الاستقلال؛ فقد أمضى العديد من الشخصيات البارزة في الحركة المناهضة للاستعمار، بما في ذلك جواهر لال نهرو، سنوات في الدراسة في بريطانيا. ولقد تدرَّبوا كمحامين، واستخدموا الأفكار التي استوعبوها للمطالبة بالحرية في وطنهم، كما أمضى بعض أبرز رؤساء الوزراء بعد الاستقلال – بما في ذلك أنديرا غاندي ومانموهان سينج – فترات طويلة في الخارج. ومنذ ذلك الحين، تزايد حجم الجالية الهندية في الشتات ونفوذها.ووفقاً للتقرير، يعيش نحو 18 مليون هندي يحتفظون بجنسيتهم في الخارج، وهذا يجعلهم أكبر جالية في العالم في الشتات، يليهم المكسيكيون (11.2 مليون) والروس (10.8 مليون). وإذا تم تضمين أولئك الذين تخلَّوا عن جوازات سفرهم الهندية، فقد يتجاوز العدد 32 مليوناً، وفقاً لتقديرات الحكومة الهندية.2– ارتفاع المساهمات المالية للشتات الهندي في الناتج المحلي للبلاد: يشير التقرير إلى أن معظم الهنود قد حققوا نجاحاً كبيراً في الخارج؛ ففي عام 2023، أرسلوا إلى الهند ما يقرب من 125 مليار دولار من التحويلات المالية؛ أي ما يعادل نحو 3.4% من إجمالي الناتج القومي في الهند، وفقاً لتقديرات البنك الدولي. وفي الولايات المتحدة، 80% من المواطنين من أصل هندي حاصلون على شهادات جامعية. ويبلغ متوسط دخل الأسرة الهندية هناك 150 ألف دولار؛ أي ضعف المتوسط الوطني في الولايات المتحدة، كما أن الأشخاص من أصل هندي يقودون شركة جوجل، والبنك الدولي.وهناك الكثير من العمال الهنود من ذوي المهارات المنخفضة أو شبه المهرة الذين يشغلون وظائف دنيا لا يستطيع مواطنو البلدان المضيفة أن يشغلوها. ويتمتع المغتربون الهنود اليوم، وخاصةً في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، بقدر أكبر من المال والنفوذ مقارنةً بالموجات السابقة من المهاجرين الذين كانوا في كثير من الأحيان في بداية حياتهم فقراء للغاية.3– الدور المحوري للشتات الهندي في بناء علامة وطنية في الخارج: بما أن الهنود المغتربين أصبحوا أكثر بروزاً في المجتمعات المضيفة لهم، فقد بدأ العديد منهم يهتمون أكثر بالسياسة في بلدانهم الجديدة وفي وطنهم. وعلى هذا فإن الأحزاب السياسية، هندية وأجنبية، تسعى إلى جذبهم بقوة أكبر. ووفقاً للتقرير، يدرك مودي وأتباعه هذا الأمر تماماً، وقد وصف بيانهم الانتخابي في عام 2014 المغتربين بأنهم "خزان هائل للتعبير عن المصالح الوطنية والأجواء العالمية"، سيتم "تسخيره لتعزيز العلامة التجارية للهند". وفي العام التالي، قال الأمين العام للحزب إن الحزب رأى في الشتات صوت الهند في الخارج "بالطريقة التي تنظر بها الجالية اليهودية إلى مصالح إسرائيل في الولايات المتحدة".4– قدرة الجالية الهندية على حشد الدعم السياسي لمودي في الداخل: اتجه العديد من الهنود في الخارج إلى القيام بمهمة دعم مودي؛ إذ تخطط جمعية أصدقاء أمريكا في الخارج لإرسال 3000 ناشط أمريكي هندي إلى الهند لوضع الملصقات وحشد الناخبين، كما سيجرون 2.5 مليون مكالمة هاتفية مع المواطنين في الهند لإقناعهم بالتصويت لصالح مودي. وفي المقابل، فإن لدى حزب المؤتمر المعارض خططاً مماثلةً، على الرغم من أن منظميه غامضون بشأن الأرقام؛ إذ إن نظام التمويل الانتخابي الغامض في الهند يجعل من الصعب قياس مقدار الأموال التي يساهم بها المغتربون على وجه التحديد. ونادراً ما يُطلب من الأطراف الكشف عن مصدر التبرعات، و"لكن لا بد أن يكون كثيراً".5– امتلاك الشتات أدوات الدعاية لرئيس الوزراء الهندي: مزجت مجموعات الشتات منذ فترة طويلة بين السياسة ودعم مجتمعات معينة، لكنهم أصبحوا أكثر اهتماماً بالسياسة منذ تولي "مودي" السلطة؛ إذ يضغط الأعضاء في بريطانيا أو أعضاء حزب المؤتمر المعارض في واشنطن لدعم السيد مودي. ومع ذلك، فإن أغلب عمليات تعبئة المغتربين تتم بعيداً عن سياسات البلدان المضيفة؛ إذ تكون معظم الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي. ويشيد الأعضاء بأحدث توجهات مودي في مجال البنية التحتية أو نجاحه في السياسة الخارجية.6– حصول مودي على دعم مالي واسع من الشتات: يشير التقرير إلى أن أحد أسباب نجاح الحكومة في استقطاب المغتربين هو أن الأنشطة في الخارج لا تقل كفاءةً عن آلتها الانتخابية في الداخل. ويحرص وزراء الحكومة الذين يجرون رحلات خارجية على مقابلة مجموعات المغتربين لجمع الأموال في كثير من الأحيان. وتنشط مئات المجموعات القريبة من الحركة في بريطانيا. وقد تزايدت مثل هذه التعبئة للمغتربين في الولايات المتحدة أيضاً. وبعد فترة وجيزة من انتخابه، لعب مودي دور البطولة في تجمع حاشد ضم 18 ألف مشجع في ماديسون سكوير جاردن في نيويورك، وكان قد مُنع من قبل من دخول واشنطن؛ بسبب دوره المزعوم في أعمال العنف الطائفي المميتة في ولاية جوجارات.7– تحسين صورة الحكومة الهندية في الخارج: أفاد "إدوارد أندرسون" من جامعة نورثمبريا، ومؤلف كتاب حديث عن القومية الهندوسية في الشتات؛ بأن هذه التجمعات للشتات وتلك الأحداث تخدم غرضين: الأول هو ربط مودي بمجموعات الشتات التي يُقدِّرها نظراً إلى ثقلها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والثاني هو تسليط الحشود التي تهتف له في الخارج، الضوءَ على صورته في وطنه كرجل دولة يحظى بالتقدير. وبحسب "براتيك داتاني" الذي يدير "بريدج إنديا" – وهي منظمة غير حزبية للمغتربين في بريطانيا – فإن تركيز مودي على المكانة العالمية المتزايدة للهند، يتردد صداه لدى كثير من الهنود في الخارج. ويشير داتاني إلى أن "هناك شعوراً بأن الهند موجودة الآن في كل مكان، وهذا الرجل هو من فعل ذلك". وفي أبوظبي؛ حيث افتتح مودي أيضاً معبداً هندوسياً ضخماً، حظي بإشادة كبيرة من قِبَل معجبيه.8– تراجع قدرة منافسي مودي على توظيف ورقة الشتات في الخارج: على النقيض من جهود مودي، فشلت الجهود التي بذلها حزب المؤتمر الوطني؛ إذ يسافر "راهول غاندي" زعيم الحزب حول العالم للضغط على المغتربين، ويركز بشكل رئيسي على تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية وسياسات مودي المثيرة للجدل. ويقول داتاني إن هذا يتردد صداه في الأساس لدى المنتقدين منذ فترة طويلة في الشتات. وفي عام 2023، وجد مركز بيو لاستطلاعات الرأي أن الهنود في الولايات المتحدة، سواء كانوا مواطنين أو مهاجرين، لديهم آراء إيجابية بأغلبية ساحقة عن وطنهم. وقد استغل مودي زيارات غاندي الخارجية لتصويره على أنه غير مخلص؛ لأنه يتحدث عن بلاده مع الأجانب.معضلة التأثير رغم ذلك، يشير التقرير إلى أن التأثير المباشر للجالية الهندية على الانتخابات السياسية لا يزال محدوداً؛ وذلك للأسباب التالية:1– عدم قدرة المغتربين الهنود على التصويت من الخارج: بحسب التقرير، فإن معظم الهنود الذين يعيشون خارج الهند، لا يصوتون في الانتخابات الهندية؛ حيث لا يمكنهم التصويت إلا شخصياً في دوائرهم الانتخابية في الوطن. وهذا يكلف الكثير بالنسبة إلى معظمهم من حيث الوقت والمال؛ إذ لم يتم تسجيل سوى 120 ألف شخص فقط في انتخابات هذا العام، وفقاً للجنة الانتخابات الهندية، ومن المتوقع أن يشارك جزء صغير فقط من هذا العدد المتواضع. وفي بلد يضم ما يقرب من مليار ناخب مسجل، من غير المرجح أن يُحدِث 18 مليون صوت محتمل، موزعة عبر مئات الدوائر الانتخابية، فرقاً.2– معضلة إجماع الشتات الهندي على دعم "مودي": ثمة قطاع من الهنود في الشتات لا يدعم مودي؛ إذ وجدت دراسة استقصائية للأمريكيين الهنود في عام 2020 أجرتها مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي أنه في حين أن 48% يوافقون على أداء وسياسات مودي، فإن 31% يرفضونه بشدة، و22% يعارضونه بشدة.3– تراجع اهتمام الشتات بالسياسة الهندية في الداخل: وفقاً للتقرير، فإن المغتربين أقل حماساً بفارق كبير من الهنود داخل الهند؛ حيث يقال إن 78% منهم يدعمون مودي. وربما يكون أحد الأسباب هو أنهم يقرؤون مجموعة متنوعة من الأخبار أكثر من أقرانهم في الهند؛ حيث تكون معظم وسائل الإعلام الداخلية مؤيدة لمودي بدرجة كبيرة.4– تزايد تركيز الشتات على قضايا العمل والحياة اليومية: يأتي عدد متزايد من المهاجرين، بحسب التقرير، من جنوب الهند؛ حيث لا يتمتع مودي بشعبية كبيرة. وفي هذا السياق، يشير "براتيك داتاني" إلى أنه في بريطانيا على الأقل، يميل أولئك الذين هاجروا مؤخراً للعمل أو التعليم إلى أن يكونوا أقل حدةً من الناحية السياسية. وبالنسبة إلى الكثيرين في الشتات، قد لا تكون السياسة الهندية همهم الرئيسي؛ حيث تأتي وراء المخاوف بشأن الوظائف والتعليم والحياة اليومية.وختاماً، يشير التقرير إلى أن الحكومة الهندية تواصل تطوير آليات الاستفادة من الشتات في الخارج، لا سيما مع القدرات المالية والسياسية التي يحظى بها قطاعات واسعة من هؤلاء الشتات، فيمكن لهؤلاء أن يدشنوا حملات لدعم رئيس الوزراء مادياً، وكذلك تطوير سياسات دعائية لتعزيز الصورة الإيجابية للنظام الحاكم، وتقويض الانتقادات له. المصدر:-&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;Narendra Modi’s secret weapon: India’s diaspora, The Economist, Accessible at: <a href="https://www.economist.com/international/2024/03/27/narendra-modis-secret-weapon-indias-diaspora" rel="noopener noreferrer" target="_blank">https://www.economist.com/international/2024/03/27/narendra–modis–secret–weapon–indias–diaspora</a>.

كيف يمكن أن يساعد الشتات الهندي رئيس الوزراء "مودي"؟