جيزيرو ميديا

عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجيةفي إطار المتغيرات المهمة التي شهدها عام 2023، والتي تستمر انعكاساتها على الصعيد العالمي في العام الجديد؛ نشر موقع "جيزيرو ميديا" في 20 ديسمبر 2023، تقريراً حمل عنوان "أبرز 10 تغييرات في قواعد اللعبة لعام 2023"، اعتبر فيه أنه بغض النظر عن الفوز أو الخسارة، فإن الطريقة التي يتم بها لعب السياسة لا تزال هي الأهم، مشيراً إلى أن عام 2023 لم يَشهد خوض العديد من اللاعبين العالميين اللعبة السياسية فحسب، بل قاموا بتغييرها بطرق مهمة ومثيرة للدهشة.تحولات جوهريةيُحدِّد التقرير بعض اللحظات والشخصيات والاتجاهات الأكثر أهميةً في الجغرافيا السياسية لعام 2023، وهو الأمر الذي يمكن تناوله على النحو التالي:1– بدء عصر الذكاء الاصطناعي: عمل المهتمون على تطوير الذكاء الاصطناعي لسنوات، ولكن لم يصبح الجميع على دراية كاملة بالقوة الهائلة لتلك التكنولوجيا حتى إصدار ChatGPT في أواخر عام 2022، الذي كشف عن مخاطر سياسية حقيقية؛ ذلك أن الذكاء الاصطناعي وإن كان يَعِد بجعل مجتمعاتنا أكثر كفاءةً، لكنه يهدد أيضاً بإلغاء الوظائف، ويقوض الثقة بالمؤسسات والانتخابات ووسائل الإعلام؛ ولذلك بدأت أقوى الحكومات في العالم تتسابق طوال عام 2023، لإيجاد توازنات تنظيمية للذكاء الاصطناعي تعمل على تقليل المخاطر دون خنق الابتكار؛ فقد تغيرت اللعبة، وكان عام 2023 مجرد البداية.2– استمرار معضلة "ترامب" في المشهد الأمريكي: فيما قد يعتقد البعض أن الرئيس السابق الذي عُزِل مرتَين ويُواجِه لوائح اتهام متعددة، لن يكون لديه أي فرصة تقريباً في البيت الأبيض، لكن "دونالد ترامب" الذي يُعَدُّ أول رئيس سابق يُتَّهم جنائياً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، يظل لغزاً في سياسة الدولة. وبدلاً من تقويض حملته الانتخابية لعام 2024، يبدو أن المشكلات القانونية التي يواجهها "ترامب" أعطته زخماً كبيراً، ولعبت صورته الشخصية دوراً كبيراً بوجه خاص في دعم حملته الانتخابية؛ حيث ساعدت الرئيس السابق على جمع الملايين، بل ينهي "ترامب" عام 2023 متقدماً بفارق كبير على بقية المتنافسين من الحزب الجمهوري – حتى دون المشاركة في المناظرات الرئاسية – كما أنه يتقدَّم على الرئيس "جو بايدن" في استطلاعات الرأي.3– التأثير الجيوسياسي للاستراتيجية العسكرية الروسية: شنَّت أوكرانيا في عام 2023 هجوماً مضاداً كانت تأمل أن يُحقِّق مكاسب كبيرة ضد الغزاة الروس، وأن تقنع الداعمين الأمريكيين والأوروبيين بأن استثماراتهم العسكرية والمالية يمكن أن تساعدها على كسب الحرب، ولكن قدرة روسيا على ترسيخ قواتها خلف حواجز شديدة التحصين أحبطت خطط أوكرانيا. وفيما لا تزال القوات الروسية تحتل 18% من أراضي أوكرانيا فإن الحرب مستمرة، وأصبح "فلاديمير بوتين" الآن أكثر ثقةً من أي وقت مضى في قدرة بلاده على الصمود في وجه الدعم الغربي لأوكرانيا.4– محورية دور "ناريندرا مودي": خلال الجائحة وما بعدها ذلك، عندما أدت العقوبات الغربية ضد روسيا إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود العالمية، تزايد التباعد بين الديمقراطيات الغنية في العالم والدول النامية في الجنوب العالمي بشأن القضايا المهمة، ليقود رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" أبرز الجهود لسد هذه الفجوة في عام 2023؛ فمن خلال تحسين علاقة الهند مع مجموعة السبع، ومن خلال قيادته مجموعة العشرين هذا العام، توسَّط "مودي" في التوصل إلى تسويات عملية بشأن قضايا مثل سياسة المناخ والديون. وحتى الخلافات حول مقتل ناشط في كندا والمؤامرة المشتبه بها ضد ناشط آخر في الولايات المتحدة، لم تؤثر كثيراً على موقف "مودي" لدى القوى الغربية التي تعتبره على نحو متزايد حليفاً مهماً ضد الصين.5– تصاعد دور النقابات الأمريكية: برز دور النقابات الأمريكية قوياً في عام 2023؛ إذ حصل عمال صناعة السيارات المُضرِبون على تنازلات من شركات السيارات الكبرى، حتى إنهم اجتذبوا الرئيس الأمريكي إلى خطوط الاعتصام لأول مرة. وأغلقت نقابات الممثلين والكتاب هوليوود لعدة أشهر، وتوصَّلت نقابة سائقي الشاحنات إلى اتفاق مع شركة UPS لتجنُّب إصابة 6% من الاقتصاد الأمريكي بالشلل. وبوجه عام، أضرب ما يقرب من نصف مليون عامل هذا العام؛ أي ما يقرب من ثمانية أضعاف العدد في عام 2021، حتى إن كان التوظيف خارج النقابات لا يزال يتوسَّع بشكل أسرع، لكن العمل المُنظَّم شقَّ طريقه مرةً أخرى إلى المحادثات السياسية، ومع الدعم الشعبي للعمال، حتى إنَّه يمكن القول بأن النقابات قريبة من أعلى مستويات نشاطها الذي لم نشهده منذ الستينيات.6– تغيير "حماس" قواعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: حتى مساء يوم 6 أكتوبر 2023، بدت إسرائيل اليمينية، بحسب التقرير، بشكل متزايد كأنها قادرة على احتواء حركة حماس في قطاع غزة، وتعميق احتلالها غير القانوني للضفة الغربية مع الإفلات من العقاب، والاستمرار في التحرك نحو تطبيع العلاقات مع معظم القوى الرئيسية من دول العالم العربي. وفي هذه الأثناء، تراجعت قضية الفلسطينيين وتطلُّعاتهم بشكل شبه كامل عن دائرة الضوء العالمية، حتى أعاد هجوم "حماس" على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، والتطورات التي أعقبت ذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى واجهة الاهتمام العالمي مجدداً.7– تهدئة "ميلوني" مخاوف الأوروبيين: كانت "جورجيا ميلوني" غير معروفة نسبياً على الساحة الدولية عندما وضع الناخبون الإيطاليون حزب "فراتيلي ديتاليا" اليميني المتطرف في السلطة أواخر عام 2022؛ ما أثار مخاوف بشأن تحوُّل ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي إلى ما يشبه المجر، التي تتبنى اتجاهات انعزالية وصدامية في داخل بروكسل. ولكن بدلاً من ذلك، كان احتضان "ميلوني" للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا سبباً في نيل إعجاب زعماء الاتحاد الأوروبي، الذين كانوا بدورهم أكثر انفتاحاً على الاستماع إلى أفكارها بشأن تشديد سياسة الهجرة. لقد مثَّلت نموذجاً جديداً يمكن انتخابه لزعماء اليمين المتطرف في أوروبا الغربية الذين يستثمرون بشكل متزايد في الاتحاد الأوروبي، لكنهم يشعرون بالقلق بشأن الهجرة.8– تزايد أزمات الصين الاقتصادية: لقد حدَّد اقتصاد الصين المزدهر المسار الجيوسياسي للعقد الأول من هذا القرن، ولكن يبدو أن 2023 هو العام الذي بدأ فيه العالم يتساءل بقلق إذا ما كان المُحرِّك قد نفدت قوته أخيراً؛ فقد تسبَّبت جهود بكين لكبح جماح نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 272% في تأثيرات غير مباشرة تتراوح بين سوق العقارات؛ حيث يتم استثمار ثلثي ثروات الأسر الصينية، حتى انخفضت معدلات تشغيل الشباب، وصولاً إلى الميزانيات العمومية للحكومات المحلية.لقد أدَّى ذلك إلى تقييد النمو الاقتصادي في عام 2023؛ ما تسبب في إثارة قلق عالمي بشأن صحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بل بدا أنه أجبر الرئيس "شي جين بينج" على اتباع نهج أكثر تصالحيةً في العلاقات مع الولايات المتحدة.9– قوة السينما عبر فيلم "باربي": في العقود التي تلت عام 1945، عندما قررت "روث هاندلر" لأول مرة صنع دمية تُشجِّع على التوجهات التي تتجاوز الأمومة، فإن "باربي" قد انحرفت عن أصولها النسوية، حتى أعادت المخرجة "جريتا جيرويج" اكتشافها من خلال فيلم "Barbie"، وهو إحساس سينمائي عالمي تسعى فيه "باربي" إلى تحقيق طموحاتها الخاصة. وبالحديث عن الطموحات، فقد جعل الفيلم من "جيرويج" أول امرأة تُخرِج فيلماً يتجاوز مليار دولار في شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم.خلاصة القول إن هذه التغيرات عكست تحولات جيوسياسية رئيسية في النظام العالمي؛ إذ أثبتت هذه الأحداث أن الحروب والصراعات لا تزال مؤثرة في التفاعلات العالمية؛ وذلك على نحو ما يجري في أوكرانيا، وكذلك الحرب في غزة. علاوةً على ذلك بات الذكاء الاصطناعي من القضايا المؤثرة التي تتطلب من الدول طرح آليات لضبط استخدامه.المصدر:"Top 10 game changers of 2023", GZERO Media, December 20, 2023, Accessible At: <a href="https://www.gzeromedia.com/news/analysis/top-10-game-changers-of-2023" rel="noopener noreferrer" target="_blank">https://www.gzeromedia.com/news/analysis/top–10–game–changers–of–2023</a>

كيف تغيرت ملامح السياسة العالمية عام 2023؟