إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

تعتبر مجلة "الحوار الصيني الفرنسي" –التي تُنتجها وسائل الإعلام الصينية القريبة من الدولة منذ يوليو الماضي، بالتعاون مع دار نشر صغيرة في باريس– أحدث مثال على مسعى بكين الحثيث لإيجاد لوبي مدافع عن مصالحها في فرنسا. ويبدو من متابعة كتابات المجلة أنها تسلط الضوء على المشروعات الاقتصادية بين فرنسا والصين. وتستهدف بكين توظيف مجلة الحوار الصيني الفرنسي لنسج علاقات بالعديد من المؤسسات البحثية الفرنسية. ويدلل على ذلك تأكيد عدد من الباحثين في عدة مؤسسات بحثية تلقيَهم نسخًا مجانية من المجلة منذ إطلاقها على الرغم من عدم اشتراكهم. ويتمتع فريق عمل المجلة بصلات ببعض أجهزة الدولة الصينية. ويعمل في المجلة العديد من خبراء السياسة الخارجية الصينيين، وهي علامة أخرى على أن جمهورها المستهدف ليس الجمهور العام، بل النخبة السياسية في فرنسا. وتستقطب المجلة مشاركات من فئات مختلفة معنية بالشراكات الفرنسية الصينية في المجالات المختلفة.



 ويسعى الجانب الصيني بوضوح، في الوقت الحالي، إلى إحداث تأثير على مراكز الفكر والنخب السياسية في فرنسا؛ وذلك من أجل تعزيز مصالح بكين لدى باريس.. ويتضح ذلك من خلال ما يلي:



 1– إطلاق مجلة الحوار الصيني الفرنسي: تُنتِجُ وسائل الإعلام الصينية المدعومة من الدولة، منذ يوليو الماضي، مجلة الحوار الصيني الفرنسي Dialogue Chine–France، بالتعاون مع دار نشر صغيرة في باريس؛ هي La Route de la Soie Editions. ويتم تحرير تلك المجلة من قبل China Today، وهي مجلة دورية من مجموعة الصين الدولية للنشر (CIPG).



<div class="wp-block-image"><figure class="aligncenter size-large is-resized"><img src="http://interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain.png" alt="" class="wp-image-2728" height="400" srcset="https://www.interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain.png 839w, https://www.interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain-551x500.png 551w, https://www.interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain-768x697.png 768w, https://www.interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain-441x400.png 441w, https://www.interregional.com/app/uploads/2021/04/1617708514_927_1346027_chinain-496x450.png 496w" sizes="(max-width: 839px) 100vw, 839px"><figcaption><a href="http://www.dialoguechinefrance.com/"> مجلة الحوار الصيني- الفرنسي</a></figcaption></figure></div>



2– التركيز على قضايا التعاون بين بكين وباريس: يبدو من متابعة الكتابات التي تطرقت إليها مجلة الحوار الصيني الفرنسي أنها سلطت الضوء على أحدث خطة خمسية للصين، وعلى المشروعات الاقتصادية بين فرنسا والصين. وكثيرًا ما تعيد السفارة الصينية في فرنسا تغريد المقالات التي يتم نشرها في المجلة، بما في ذلك مشاركات السفير الصيني في فرنسا "لو شاي" في المجلة.



 3– نسج علاقات بمراكز الفكر الفرنسية: تستهدف بكين توظيف مجلة الحوار الصيني الفرنسي من أجل نسج علاقات بالعديد من المؤسسات البحثية الفرنسية. ويدلل على ذلك تأكيدُ عدد من الباحثين في عدة مؤسسات بحثية، تلقيَهم نسخًا مجانية من المجلة منذ إطلاقها على الرغم من عدم اشتراكهم فيها قط. ويُشار في هذا الصدد إلى أن أبرز المؤسسات البحثية التي تحاول الصين بناء علاقات بها عبر المجلة، المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، ومؤسسة البحوث الاستراتيجية (FRS)، ومعهد البحوث الاستراتيجية (IRSEM) التابع لوزارة القوات المسلحة الفرنسية، ومعهد الدراسات السياسية بباريس. كما تم إرسال المجلة إلى الباحثين في مدرسة Ecole Normale Supérieure المرموقة في فرنسا، وإلى رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية الفرنسية.



 4– التمتع بفريق عمل ذي صلات بالمؤسسات الرسمية: يتمتع فريق عمل المجلة بصلات بالمؤسسات الرسمية الصينية، ويعمل في المجلة العديد من خبراء السياسة الخارجية الصينيين، وهي علامة أخرى على أن جمهورها المستهدف ليس الجمهور العام، بل النخبة السياسية في فرنسا؛ حيث تضم لجنة الخبراء التابعة للمجلة "وانغ شو" نائب مدير القسم الأوروبي في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة (CICIR)، وهي مؤسسة فكرية تابعة لوزارة أمن الدولة. كما أن "كوي هونغ جيان" رئيس الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية (CIIS) التابع لوزارة الخارجية الصينية، عضو أيضًا في اللجنة. وأشارت تقارير بحثية، نقلًا عن خبراء المجلة، أن التركيز على القادة السياسيين ومراكز الفكر هي سمة مميزة لاستراتيجية المجلة، وأن من المرجح أن تعمل المؤسسات الإخبارية الصينية –التي ترعاها الدولة والتي تعمل في الخارج– على تحقيق هذا الهدف.



 5– استقطاب مشاركات لفئات مختلفة: أشارت تقارير صحفية إلى أن من بين المساهمين في المجلة، أساتذة جامعات صينية وفرنسية، والمديرين التنفيذيين في الشركات الفرنسية التي لها أعمال في الصين، مثل شركة Orpea، وشركة التصنيع Saint–Gobain، بجانب رئيس الوزراء الفرنسي السابق "جان بيير رافاران"، وكذلك "بارتيليمي كورمونت" الباحث في المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية (IRIS).



 وفي المجمل، من الواضح أن مجلة الحوار الصيني الفرنسي تُعبِّر بوضوح عن مسعى بكين من أجل إيجاد منفذ داخل باريس يمكن من خلاله تسويق المصالح الصينية داخل فرنسا. وتأتي أهمية هذا الأمر في ضوء التوترات المتصاعدة في الوقت الراهن بين بكين وواشنطن، ومسعى إدارة "بايدن" الحثيث إلى تحجيم الطموحات الصينية في العالم.

كيف تؤثر بكين على مراكز التفكير والنخب الفرنسية؟