د. محمد عباس ناجي

اكتسبت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي" إلى أفغانستان، في 26 يناير 2025، والتقى خلالها رئيس وزراء حركة "طالبان"، "محمد حسن أخوند"، ونظيره "أحمد تقي خان"، أهميتها من كونها الأولى لوزير خارجية إيران منذ عام 2017، بما يعني أنها الأولى أيضاً منذ وصول "طالبان" إلى الحكم في كابول مجدداً في منتصف أغسطس 2021، على نحو يوحي بأن هناك تغيراً في السياسة الإيرانية إزاء "طالبان" فرضته المتغيرات الجديدة التي طرأت على الساحتين الإقليمية والدولية، وأبرزها تراجع الدور الإيراني على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

لماذا تهتم إيران بالانفتاح على "طالبان"؟

انعطافة سياسية:

عبد الله جمال

أجرى أمين عام مجلس الأمن الروسي ووزير الدفاع الروسي السابق، سيرجي شويجو، زيارة رسمية لأفغانستان، يوم 25 نوفمبر 2024، تعهد خلالها بتعزيز العلاقات المشتركة. تأتي هذه الزيارة عقب إعلان الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أفغانستان، زامير كابولوف، في أكتوبر الماضي، عن "الموافقة المبدئية" على إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما أكدت عليه وزارة الخارجية بأن هذا القرار قد "اتخذ على أعلى مستوى"، في إشارة ضمنية إلى الدعم المباشر المقدم من الرئيس بوتين، الذي قد سبق وأعلن في يوليو 2024 حركة طالبان الأفغانية باعتبارها "حليفة" في الحرب ضد الإرهاب، وهو ما قد أثار عدة تساؤلات عن دوافع التقارب بينهما.

كيف تزايدت مظاهر التقارب الروسي مع حركة طالبان؟

توافق المصالح:

مع عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، تأسست جبهة "المقاومة الوطنية الأفغانية" بقيادة أحمد مسعود؛ وذلك بهدف محاولة الإطاحة بحكم طالبان. ومنذ ذلك الحين، شهدت أفغانستان تصاعداً ملحوظاً في الأنشطة الهجومية بين حركة طالبان والمقاومة، وقد تميزت الأخيرة بتوجيهها ضربات مباشرة تستهدف عناصر طالبان، كان آخرها إعلان المقاومة الوطنية الأفغانية، في منشور على منصة "إكس"، يوم 26 أكتوبر 2024، مسؤوليتها عن الهجوم على منزل وزير استخبارات طالبان "رشيد منيب" في "قندوز"؛ ما يُظهر تزايد حدة المعارضة المسلحة لطالبان؛ الأمر الذي يثير مجموعة من التساؤلات حول مستقبل التصعيد بين الطرفين.

ما تداعيات هجمات المقاومة الوطنية الأفغانية على حركة طالبان؟

تمرد "مسعود":

نهلة عبد المنعم 

فرضت الظروف الجيوسياسية تقارباً بين طالبان ومحيطها الإقليمي، على الرغم من التحفظات التي سبق أن صاغتها بعض الحكومات إزاء التوجهات الأيديولوجية للحركة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، قررت الحكومة الروسية توجيه دعوة رسمية لقيادات حركة طالبان من أجل حضور منتدى (روسيا–العالم الإسلامي) المقرر عقده من 14 إلى 19 مايو المقبل في قازان بغرب البلاد. وأثارت الدعوة جدلاً في الداخل الروسي؛ لكون الحركة محظورة في البلاد، ولكن سيُسمَح لعناصرها بحضور المنتدى.

كيف سيحكم التطرف علاقات طالبان بمحيطها الإقليمي؟

مخاوف متبادلة:

سهير الشربيني

في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة في كابول، في أغسطس 2021، أُجبرت أفغانستان على عزلة دولية، غير أنه على مدار فترة العامين ونصف الماضية، كان هناك مساعٍ من جانب طالبان وعدد من القوى الإقليمية نحو تعزيز وتنمية التكامل الإقليمي، وظهر ذلك من خلال إصرار بعض الدول –مثل روسيا والصين– على تعزيز حضورها الدبلوماسي في كابول، وكذلك توجه بعض الأطراف إلى بحث فرص الاستثمار في أفغانستان. وبالرغم من المكاسب المتبادلة للدول التي تسعى إلى الانفتاح على طالبان؛ فإن ذلك الانفتاح يُقابَل بتحديات رئيسية، مثل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وخلافات طالبان مع دول الجوار، وتأثيرات تغير المناخ بأفغانستان على فرص الاستثمار، وكذلك استمرار مخاطر الاستثمارات الحدودية.

هل تتمكن طالبان من كسر العزلة الدولية؟

حسابات المصالح:

قبل أكثر من عامين، سيطرت حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، في ظل وضع اقتصادي متردٍّ وغير مستقر. ومع عدم الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، وفرض عقوبات اقتصادية ضدها، تضاعفت التحديات الاقتصادية بصورة هددت فرص استمرارها في السلطة. وعلى خلفية ذلك، انتهجت طالبان، خلال العامين الماضيين، إجراءات مختلفة لتعزيز موقفها في الدولة؛ منها حظر استخدام الدولار والروبية الباكستانية في المعاملات الحالية، وفرض قيود صارمة على خروج العملات الأجنبية من الدولة. ومن جراء ذلك، برزت العملة الأفغانية، على نحو غير متوقع باعتبارها العملة الأفضل أداءً في العالم خلال الربع الثالث من عام 2023، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبرج؛ حيث تعززت قيمتها بنحو 9% في ذلك الربع، و14% منذ بداية العام، بما تجاوز مكاسب البيزو الكولومبي التي قُدِّرت بنحو 3% فحسب، بيد أن ذلك التحسن لم يصحبه تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي الأخرى، بما يثير التساؤلات حول وضع الاقتصاد الأفغاني في الوقت الراهن، بعد مرور عامين من سيطرة طالبان على السلطة.

كيف تعاملت طالبان مع أزماتها الاقتصادية؟

تكلفة العزلة:

علي عاطف

أدركت الصين منذ أن سيطرت حركة "طالبان" على الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021 أن نهج الصدام مع هذه الجماعة الأفغانية قد يتسبب لها في بروز تهديدات كبرى على المستويين الاقتصادي والأمني؛ لذا قررت بكين اتخاذ مسار مغاير من خلال السعي إلى التقارب مع "طالبان"، بصفتها حاكم الأمر الواقع في كابول، من أجل تجنب هذه التهديدات وحفظ مصالحها المترامية. وفي هذا الإطار، عقدت بكين محادثات عدة مع قادة الحركة خلال الأشهر الماضية حصلت من خلالها على تطمينات بشأن المصالح الصينية الاقتصادية والأمنية؛ ليس فقط داخل أفغانستان، بل في الصين ذاتها وباكستان ومنطقة آسيا الوسطى بوجه عام، بل إن هدف الصين من وراء ذلك يتصل أيضاً وبشكل غير مباشر بمسألة التنافس الدولي مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتتمثل أبرز المكاسب التي تسعى الصين للحصول عليها من خلال عدم الإضرار بعلاقاتها مع حركة "طالبان"، فيما يلي:

ما المكاسب التي تجنيها الصين من التقارب مع "طالبان"؟

نهج برجماتي:

إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

شهد يوم 3 يونيو الجاري زيارة هي الأولى من نوعها لوفد من وزارة الخارجية الهندية إلى العاصمة الأفغانية كابول؛ وذلك برئاسة جي بي سنك سكرتير وزير الخارجية. وأشار بيان الخارجية الهندية إلى أن الوفد التقى وزير الخارجية في حكومة طالبان الملا أمير خان. وناقش الجانبان العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها. وقد طرحت هذه الزيارة العديد من التساؤلات التي تحاول الوقوف على مستقبل الانفتاح الهندي على حركة طالبان، وأبرز التحديات التي تواجه هذا الانفتاح.

أبعاد الانفتاح الهندي على حركة طالبان

حسابات استراتيجية:

د. منى سليمان

يشهد المجتمع الأفغاني منذ سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في أغسطس 2021، عدداً من التحولات والظواهر التي تؤدي إلى فقدان المكتسبات لجيل كامل فيما يتعلق بحقوق المرأة والإنسان وحريات التعبير التي تحققت خلال العقدين الماضيين، وكان آخرها إلزام المذيعات بارتداء "النقاب" خلال ظهورهن على شاشات التلفاز، والتهديد بفصل من يخالفن ذلك، فضلاً عن منع الفتيات من التعليم الثانوي، وفرض قيود صارمة على حركة وعمل السيدات، وقمع وسائل الإعلام؛ الأمر الذي انتقده المجتمع الدولي، بيد أن ذلك لم يُثْنِ "طالبان" عن فرض المزيد من القيود؛ ما يهدد السلم والاستقرار الاجتماعي بأفغانستان.

طالبان

الإصدارات

الأكثر مشاهدة