إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>استمر انهيار أسعار الأسهم في مجموعة "أداني" الهندية؛ إذ خسرت في 6 فبراير 2023 نحو 6 مليارات دولار إضافية من قيمتها السوقية؛ وذلك منذ تفجُّر الأزمة المرتبطة بالمجموعة في 24 يناير الماضي؛ عندما تم توجيه اتهامات لها بالاحتيال المالي لتضخيم القيمة السوقية لشركاتها في البورصة. وتُقدَّر الخسائر الإجمالية للقيمة السوقية للمجموعة بنحو 133 مليار دولار، فيما اضطرت المجموعة إلى تصفية بعض الشركات التابعة لها من أجل مواجهة هذه الموجة المتصاعدة من الخسائر، وهو ما يأتي في خضم تقديرات بتدهور ملف الائتمان الخاص بالمجموعة بسبب مخاطر الحوكمة وتحديات التمويل.</strong><strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">معضلة الثقة</span></strong></p>



<p><strong>يُمكن تناول أبرز ملامح الأزمة التي تواجهها مجموعة "أداني" </strong><strong>إحدى أكبر التكتلات الهندية؛ وذلك على النحو التالي:</strong><strong></strong></p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– </strong><strong>مواجهة "أداني" اتهامات بالتلاعُب والاحتيال المالي</strong><strong>:</strong> ارتبطت المشكلات التي تواجه مجموعة "أداني" بالتقرير المفاجئ الذي نشرته الأسبوع الماضي شركة Hindenburg Research – وهي شركة بيع على المكشوف مقرها نيويورك – والذي يتهم فيه شركات المجموعة التي يملكها "أداني" – ومقرها أحمد أباد – بالانخراط في "التلاعب الفج في الأسهم والاحتيال المحاسبي"، وهي التهمة التي كان الغرض منها تضخيم القيمة السوقية لشركات "أداني" المدرجة في البورصة، ولتصدر مجموعة الشركات في غضون أيام دحضاً من 413 صفحة للاتهامات الموجهة إليها، واصفةً تقرير الشركة الأمريكية بأنه "كله أكاذيب"، ومشددةً على أنها كانت دوماً "ملتزمة بجميع القوانين".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تراجع تقييم وكالات التصنيف العالمية للمجموعة: </strong>تباينت توقعات وكالات التصنيف للمجموعة؛ ففي حين أكدت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أنه لم يكن هناك تأثير فوري للأزمة على تصنيفاتها لكيانات المجموعة وأوراقها المالية؛ حذرت وكالة "موديز" من تأثيرات سلبية على المجموعة، خاصةً مع تراجع قدرتها على جمع رأس المال اللازم لتمويل النفقات الملتزمة بها أو إعادة تمويل الديون المستحقة على مدى عام أو عامين مقبلين. وفي السياق ذاته، خفَّضت "ستاندرد آند بورز" توقعاتها لتصنيف بعض شركات المجموعة من مستقرة إلى سلبية، مشيرةً إلى "خطر تدهور الوضع الائتماني لهذه الشركات بسبب مخاطر الحوكمة وتحديات التمويل للمجموعة".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– استمرار الانخفاض في القيمة السوقية للمجموعة: </strong>على الرغم من رفض مجموعة "أداني" الانتقادات الموجهة إليها في ردود تفصيلية، فإن ذلك لم يمنع التراجُع المستمر في أسهمها، فإنه بحلول 3 فبراير 2023 انخفضت القيمة السوقية للشركات العشر المدرجة في مجموعة "أداني" بنحو 108 مليارات دولار، وهو ما يقرب من نحو نصف قيمتها، فيما وصلت عوائد سندات بعض تلك الشركات إلى المنطقة المتعثرة، ثم في 6 فبراير وصلت الخسائر الإجمالية إلى 133 مليار دولار. وبالتزامن مع ذلك تراجع ترتيب "أداني"، الذي كان يوماً ثالث أغنى رجل في العالم، إلى المرتبة الـ17 على قائمة "فوربس" للمليارديرات، بعد خسارته الشخصية لنحو 50 مليار دولار نتيجة الأزمة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– دعوات لتنظيم احتجاجات رفضاً لـ"فساد أداني":</strong> تحاول المعارضة الهندية استغلال الأزمة الحالية، ومحاصرة رئيس الوزراء الهندي "مودي". وفي هذا الصدد، اتهم حزب المؤتمر – وهو الحزب المعارض الرئيسي في الهند – رئيس الوزراء بالصمت إزاء الاضطرابات التي تواجهها مجموعة "أداني". وتساءل جيرام راميش الأمين العام للحزب، في بيان عن "الإجراء الذي تم اتخاذه، إن وجد، للتحقيق في الادعاءات الخطيرة التي تم توجيهها على مر أعوام ضد مجموعة أداني"، كما قرر الحزب تنظيم احتجاجات على مستوى البلاد، لتسليط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها صغار المستثمرين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ارتدادات سلبية</span></strong></p>



<p><strong>أشارت بعض المصادر إلى أن وزارة شؤون الشركات الهندية بدأت مراجعة أولية للبيانات المالية لمجموعة أداني وغيرها من التقارير التنظيمية المقدمة على مر السنين</strong><strong>، في مؤشر على اتساع الأزمة، في ظل خشية من امتداد الأزمة إلى النظام المالي برمته في الهند، وهو ما يُمكن تناوله على النحو التالي:</strong><strong></strong></p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– </strong><strong>تأثيرات محتملة على النشاط الاقتصادي للهند</strong><strong>:</strong> إلى جانب التساؤلات المُثارة بشأن مستقبل الملياردير الهندي الشهير وإمبراطوريته التجارية التي تعمل في مجالات متنوعة من الموانئ للطاقة النظيفة إلى وسائل الإعلام، فإن العاصفة المحيطة بمجموعة "أداني" تأتي خلال عام مميز اقتصادياً للهند، التي من المقرر أن تُصبح الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، وتترأس مجموعة العشرين للاقتصادات الرائدة، غير أن تداعيات الأزمة تُهدد بإلحاق الضرر بمكانة البلاد باعتبارها واحدة من أفضل الخيارات لمكاتب الأسواق الناشئة للبنوك الأجنبية؛ حيث كانت الهند سوق الملاذ الآمن نسبياً، قبل أن تؤدي الاتهامات للمجموعة المالية إلى تثبيط المستثمرين المحليين والأجانب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– </strong><strong>إثارة الشكوك في النموذج التنموي الهندي</strong><strong>:</strong> تُثير الأزمة كذلك تساؤلات عدة حول مدى قدرة الهند على تحقيق الريادة المأمولة في مجال حوكمة الشركات والسعي وراء نموذج التنمية الذي عهدت فيه الدولة إلى عدد قليل من الرجال الأثرياء بإدارة البنية التحتية للهند وتنمية الاستثمارات الرائدة في الخارج، وهو ما أقرته مجموعة "أداني" ذاتها باعتبار أن الهجوم عليها "ليس مجرد هجوم غير مبرر على شركة محددة، بل هجوم محسوب على الهند، وعلى استقلال المؤسسات الهندية ونزاهتها وجودتها، وضد قصة نمو الهند وطموحها".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– </strong><strong>تعثُر إقامة العديد من المشروعات العملاقة في الهند</strong><strong>:</strong> عملياً، لا تمتلك صناديق استثمار هندية حصصاً كبيرة في شركات مجموعة "أداني" – وهي حقيقة استشهدت بها شركة Hindenburg في تقريرها كدليل على افتقار السوق الهندية للثقة بالمجموعة – لكن مع ذلك من الصعب التسليم بأن الدولة لن تتأثر؛ فما بين عامي 2023 و2027 كان من المتوقع أن تُنفق "أداني" أكثر من 50 مليار دولار على الاستثمارات في الهند، مع بنائها مطاراً جديداً بالقرب من مومباي، وتخصيص 5 مليارات دولار للاستثمار في ثلاثة موانئ بحرية، بالإضافة إلى التخطيط لبناء مصنع فولاذ بقيمة 5 مليارات دولار بالشراكة مع شركة POSCO، وهو تكتل كوري جنوبي، فيما كان يُنظر إلى مشاريع المجموعة المتصورة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين على أنها حجر الزاوية في جهدٍ دافعَ عنه رئيس وزراء الهند، لتحويل البلاد إلى قوة عالمية للطاقة النظيفة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– استبعاد تفشي عدوى استثمارية سلبية في البلاد:</strong> كشفت بعض التقديرات عن استبعاد حدوث عدوى أوسع نطاقاً في البيئة الاستثمارية الهندية، حتى إن المستثمرين الأجانب قد استأنفوا شراء الأسهم المحلية بعد إعلان الميزانية السنوية للبلاد، التي تضمنت زيادة بنسبة 33% في الإنفاق الرأسمالي للسنة المالية المقبلة؛ لذا فإن هناك توجُّهاً يستبعد تمدُّد الأزمة للتأثير سلباً على النموذج التنموي في الهند على المديين المنظور والمتوسط.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">&nbsp;<strong>استيعاب التعثُّر</strong></span></p>



<p>وختاماً، لا يبدو أن التهديد الذي يواجه إمبراطورية "أداني" تهديد وجودي، لا سيما أن شركاته تمتلك العديد من الأصول القيمة، وتدير بعض أكبر موانئ الهند (بالإضافة إلى عدد قليل في أستراليا وإسرائيل وسريلانكا)، وتشغل نحو خمسة خطوط لنقل الطاقة في الهند، وتستوعب ربع الحركة الجوية التجارية بالدولة. ومع ذلك، فإن مجموعة "أداني" ستحتاج إلى استعادة ثقة المستثمرين إذا كانت ترغب في الاحتفاظ بمكانتها باعتبارها نموذجاً رائداً للأعمال في الهند.</p>

      

كيف تؤثر أزمة "أداني" على النموذج الاقتصادي الهندي؟