ياسمين أيمن

فاز الرئيس السابق والمرشح الأكثر ترجيحاً للحزب الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية أيوا التي عُقدت في 15 يناير الجاري، متقدماً على حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الذي انتزع المرتبة الثانية في الانتخابات، والسفيرة السابقة وحاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي التي احتلت المرتبة الثالثة في السباق. وتحمل نتيجة تلك الانتخابات مجموعة من الدلالات على السباق الانتخابي الأمريكي ككل؛ أبرزها أن ترامب سيكون المرشح الجمهوري المنافس للرئيس الحالي جو بايدن، وهو ما أكده في خطاباته المختلفة بولاية أيوا؛ حيث قال في تجمع انتخابي في الولاية في وقت سابق قبل الانتخابات التمهيدية: "سنحقق نصراً عظيماً، وسنهزم جو بايدن المحتال أسوأ رئيس في تاريخ بلادنا".دلالات الفوزيستدعي فوز ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية أيوا عدداً من الدلالات الرئيسية المتمثلة فيما يأتي:1- تراجع تأثير الأزمات القضائية لترامب: رغم التوقعات بأن الاتهامات الجنائية التي يواجهها الرئيس الأمريكي السابق، والتي كان منافسوه يشيرون إلى أنها ستؤثر على فرصه في الانتخابات، فإنها لم تكن ذات تأثير يُذكر على فرص فوزه في الانتخابات التمهيدية الجمهورية بوجه عام، التي من المتوقع إجراؤها في بقية الولايات خلال الفترة المقبلة؛ وذلك بالتزامن مع ترديد أنصار ترامب أن تلك القضايا ما هي إلا نوع من "المكايدة السياسية" من خصومه؛ بسبب خوفهم من الخسارة أمامه خلال الانتخابات القادمة، وتأكيد بعض الناخبين أنهم سيصوتون له خلال الانتخابات القادمة حتى لو أدين في بعض القضايا.2- زيادة فرص فوز ترامب ببطاقة الحزب: إن فوز الرئيس الأمريكي السابق في انتخابات أيوا يعد مؤشراً على أنه سينجح في اكتساب بطاقة الحزب الجمهوري لتمثيله خلال الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر 2024؛ حيث إنها مؤشر على أن ترامب لا يزال يمتلك شعبية واسعة في ولايات عديدة، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن إلى أن يكتب عبر حسابه الرسمي على منصة إكس المعروفة سابقاً باسم تويتر: "يبدو أن دونالد ترامب قد فاز لتوه في ولاية أيوا. إنه بكل وضوح المرشح الأوفر حظاً في هذه المرحلة".3- تحديد المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس: ستساهم نتائج الانتخابات التمهيدية، التي من المرجح أن تميل الكفة فيها لصالح ترامب، في تحديد الشخص الذي سيكون على بطاقة الحزب الجمهوري نائباً لترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة. وإذا جاءت نتائج بقية الولايات شبيهة بنتائج ولاية أيوا، واحتل ديسانتيس المرتبة الثانية، فربما يعقد الرئيس السابق ترامب معه صفقة ليكون نائباً له خلال الانتخابات العامة القادمة. وهو الحال نفسه مع هيلي إذا حازت المرتبة الثانية؛ فربما ستكون نائبة لترامب.4- استمرار الثقة بأداء ترامب: يمثل فوز ترامب في انتخابات الولاية التمهيدية دليلاً على استمرار الثقة بقدرته على إدارة البيت الأبيض من جديد. ويرى البعض أن ترامب سيعمل على "إنقاذ البلاد"، فيما قال ناخبون آخرون إنه "أمريكي حقيقي ... لا يهمُّه ما يقوله الآخرون"، وهو الأمر الذي ساعد على فوزه في انتخابات عام 2016، وفي أن يحصل على عشرات الملايين من الأصوات خلال انتخابات عام 2020، وقد يؤهله للفوز من جديد خلال الانتخابات القادمة، خاصةً أن خطاباته التي وصفها البعض بـ"النازية"، لا زالت تلقى صدى واسعاً لدى الناخبين الأمريكيين. وهناك بعض الناخبين يرون أنه سيكون أنجح من بايدن في إدارة ملف الاقتصاد، خاصةً مع ارتفاع مستويات التضخم تحت حكم الإدارة الراهنة.5- اتساق فوز ترامب مع نتائج استطلاعات الرأي: أظهر ترامب تقدماً في نتائج استطلاعات الرأي المختلفة التي أجريت على مدار الفترة السابقة؛ حيث نجح في الاستحواذ على المرتبة الأولى، ونادرًا ما نافسه فيها أي من المرشحين الجمهوريين. وإذا تم ربط أرقام هذه الاستطلاعات بنتائج الانتخابات التمهيدية في أيوا، يمكن القول إن ترامب سينجح بسهولة في الفوز ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، وسيليه ديسانتيس أو هيلي اللذان يتنافسان في استطلاعات الرأي المختلفة على المركز الثاني أو الثالث.6- منافسة محتدمة بين ديسانتيس وهيلي على المركز الثاني: كانت هيلي تتقدم على ديسانتيس في استطلاعات الرأي الخاصة بولاية أيوا؛ حيث كانت تحصل على ما يصل إلى 20% من أصوات المستطلعة آراؤهم، بينما كان ديسانتيس يحوز 16%، ومع ذلك جاء ديسانتيس في المرتبة الثانية وهيلي في الثالثة، بما يعني أنه حتى الآن لا يمكن الجزم لمن ستكون الغلبة خلال الانتخابات القادمة في نيو هامبشاير وفي كارولاينا الجنوبية معقل هيلي.7- اكتساب ترامب دعم الإنجيليين: خسر ترامب ولاية أيوا أمام منافسه الجمهوري من ولاية تكساس تيد كروز في عام 2016، لكنه أعاد تشكيل الحزب الجمهوري وقاعدته الانتخابية على مدار السنوات الثمانية الماضية. ونجح في مغازلة الناخبين الإنجيليين المحافظين، ومنهم البيض الذين يشكلون 90% من سكان هذه الولاية، والمزارعون الذين يدعمون ترامب أيضاً، وربما يكون هذا مؤشراً على أنه سيكسب أصواتهم في ولايات أخرى.وبالرغم من محاولات ديسانتيس اكتساب دعم قاعدة كروز الانتخابية من الزعماء الدينيين، وترويجه لجهوده بشأن منع إجراء عمليات الإجهاض، ومقارنة نفسه بترامب الذي لا يميل إلى فرض قيود أكبر على الإجهاض، خاصةً مع الانتقادات التي وجهها ترامب له بسبب إجراء الحظر في الولاية، فإنه لم ينجح في التفوق على ترامب، لكنه مع ذلك احتل المرتبة الثانية.انعكاس مصغرختاماً، يمكن القول إن الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ربما تكون انعكاساً مصغراً للانتخابات العامة التي ستشهدها الولايات المتحدة خلال نوفمبر القادم؛ حيث ستزداد ميول بعض الناخبين للتصويت لصالح ترامب بدلاً من بايدن الذي فشل – من وجهة نظرهم – في عدة ملفات، أبرزها الاقتصاد، والهجرة، والسياسة الخارجية. وتعد نتائج انتخابات ولاية أيوا مؤشراً على نجاح ترامب في الاستحواذ على قاعدة الحزب الجمهوري الانتخابية، بيد أنه لا يمكن الإسراع وتعميم نتائج انتخابات الولاية على بقية الولايات الأمريكية.

ما دلالات فوز ترامب بالانتخابات التمهيدية بولاية أيوا؟