تجتاح الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، الجامعات الأمريكية. وقد اندلعت الموجة الجديدة من تلك الاحتجاجات من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك التي أصبحت مركزاً للحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية الأخرى، بعد توقيف نحو 108 طلاب محتجين في 18 أبريل 2024 بعدما طلبت رئيسة الجامعة نعمت شفيق تدخل الشرطة لتفريق الطلاب المحتجين؛ لمخالفتهم قواعد السلامة والأمن داخل الحرم الجامعي.

وقد دفعت الاحتجاجات الطلابية بعض إدارات الجامعات الأمريكية – التي ترى أن الاحتجاجات تنتهك قواعد الحرم الجامعي، وتشمل أشخاصاً لا ينتمون إلى الجامعات – إلى إلغاء حفل التخرج الرئيسي بسبب المخاوف الأمنية. وقررت جامعات إيقاف عدد من الطلاب المشاركين في الاعتصام عن الدراسة، وإحالتهم إلى مجلس تأديبي. وقد شهدت عدد من تلك الاحتجاجات مواجهات بين المحتجين ورجال الأمن، كما اعتُقِل مئات الطلاب المعتصمين، وتم توجيه اتهامات لهم بالتعدي على ممتلكات الغير، ومقاومة الاعتقال.

وبينما يقول الطلاب المحتجون في العديد من كبرى الجامعات الأمريكية: هارفارد وييل وجورج واشنطن وكولومبيا وتكساس، إنهم يدافعون عن حقوق حرية التعبير بالاحتجاج، فإن قادة تلك الجامعات يقولون إنهم ملتزمون بمواجهة انتهاك الطلاب المحتجين لسياسات الحرم الجامعي المناهِضة لخطاب الكراهية أو التخييم داخله، وقد تعهَّد العديد منهم خلال جلسات استماع بالكونجرس خلال الأشهر الماضية منذ بداية الحركة الاحتجاجية داخل الحرم الجامعي ‏منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بأنهم سيتخذون إجراءات سريعة ضد الهجمات "البغيضة" على الطلاب اليهود، والتهديدات المعادية للسامية.

مطالب رئيسية

تتلخَّص أبرز مطالب الطلاب المحتجين في الحرم الجامعي لكبرى الجامعات الأمريكية فيما يلي:

1– المطالبة بشفافية أكبر بخصوص استثمارات الجامعات: طالب الطلاب المحتجون بمزيد من الشفافية فيما يخص استثمارات جامعاتهم في إسرائيل، ودعوا إلى قطع وسحب الجامعات الأمريكية أي استثمارات مباشرة أو حصص في شركات تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، كما نادوا بقطع الشراكات بين الجامعات الأمريكية ونظيرتها الإسرائيلية، والتخارج من الشراكات التي لها صلات بالجيش الإسرائيلي.

وقد طالب الطلاب المحتجون بجامعة كولومبيا بسحب جامعتهم حصصها في شركتَي أمازون وجوجل، اللتين أبرمتا عقداً بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية لتزويدها بقدرات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وسحب الاستثمارات من شركة مايكروسوفت التي تقدم خدماتها لوزارة الدفاع والإدارة المدنية الإسرائيليتين، بالإضافة إلى شركات الصناعات الدفاعية الأمريكية التي تستفيد من الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، مثل شركة لوكهيد مارتن، التي تساعد في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي المقابل يدعون إلى استثمارها في المبادرات الأكاديمية التي تدعم الثقافة الفلسطينية.

مطالبة الطلاب جامعاتهم بسحب استثماراتها من إسرائيل لم ترتبط بالعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لكنها كانت سابقةً عليها؛ حيث إنه كثيراً ما دعا كثير من طلاب الجامعات الأمريكية إلى ذلك خلال السنوات الأخيرة في إطار حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

ويقول الطلاب الداعون إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل إنهم مدفوعون بما يرونها حجةً أخلاقيةً؛ حيث إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وتُجبِر الفلسطينيين على العيش في ظل شكل من أشكال الفصل العنصري.

2– إنهاء قمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين داخل الحرم الجامعي: يُطالب العديد من الطلاب المحتجين بإنهاء جميع أشكال القمع ضد أي خطاب فلسطيني، أو مؤيد للفلسطينيين داخل الجامعات الأمريكية، أو النشطاء أو المنظمين المؤيدين للفلسطينيين، وحماية الطلاب المحتجين داخل الحرم الجامعي وخارجه، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئات التدريس الذين تم تأديبهم أو طردهم بسبب الاحتجاج ودعم الفلسطينيين، وإسقاط جميع التهم الموجهة ضدهم لمشاركتهم في الاحتجاجات.

3– إيقاف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل: تُشير العديد من بيانات الطلاب المحتجين إلى إرسال الولايات المتحدة مساعدات عسكرية وتكنولوجية إلى إسرائيل أكثر من أي دولة أخرى، وهي المساعدات التي تستخدمها تل أبيب في استهداف الفلسطينيين العزل، في معارضة للقوانين والقيم الأمريكية؛ لذلك فإنهم يطالبون إدارة الرئيس الأمريكي وأعضاء مجلسَي الكونجرس بوقف تصدير الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل.

4– دعم وقف دائم لإطلاق النار في غزة: دعا تحالف للمجموعات الطلابية المحتجة في الجامعات الأمريكية الإدارة الأمريكية إلى إصدار بيانات تدعم وقفاً دائماً للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ولا سيما مع استخدام الولايات المتحدة أكثر من مرة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة حق النقض (الفيتو) لمعارضة قرارات تُلزِم إسرائيل بوقف إطلاق النار، والتوصل إلى هُدَن إنسانية، بما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين المتضررين من استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة.

وترفض الجامعات الأمريكية مطالب المحتجين بتعديل استثماراتها، وتغيير محافظها الاستثمارية، أو بيع أصولها المرتبطة بإسرائيل، بجانب معارضتها الدعوات لمقاطعة تل أبيب ومؤسساتها الأكاديمية، وتؤكد أنها لن تسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة؛ لأن ذلك لا يصل إلى حد الضرر الاجتماعي الجسيم الذي يستدعي سحب الاستثمار.

تداعيات انتخابية

تأتي الاحتجاجات الطلابية في كبرى الجامعات الأمريكية قبل سبعة أشهر من ذهاب الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الأمريكي السابق في نوفمبر المقبل؛ لذلك فإن تعامل الجامعات، وكذلك المرشحان الديمقراطي والجمهوري، والإدارة الأمريكية معها، سيكون لها كبير الأثر على اختيارات الناخبين الشباب، الذين كان لهم دور مفصلي في الانتخابات الرئاسية السابقة. وتتمثل أبرز تلك التأثيرات فيما يلي:

1– انقسام داخل الحزب الديمقراطي: تكشف الاحتجاجات التي تهز حرم الجامعات الأمريكية عن توترات جديدة داخل الحزب الديمقراطي المنقسم حول السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، والدعم الأمريكي اللامتناهي للحكومة اليمينية الإسرائيلية وعملياتها العسكرية في قطاع غزة، حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية حرية التعبير ودعم الفلسطينيين، والمخاوف التي يثيرها بعض الأمريكيين اليهود حول معاداة السامية.

هناك جدل داخل الحزب بين كيفية التمييز بين الانتقاد المشروع لإسرائيل، والخطاب المعادي للسامية؛ إذ يتفاوت الديمقراطيون من حيث دعم الاحتجاجات الطلابية، وتأكيد أن الانتقاد المشروع لإسرائيل لا يجب أن يتحول إلى كراهية ضد اليهود. ويرى عدد من الديمقراطيين الذين زاروا الجامعات لدعم الطلاب المحتجين أن الاحتجاجات تُعَد جزءاً من نشاط الطلاب التقليدي، وأن انتقاد الحكومة الإسرائيلية يجب حمايته بموجب حرية التعبير، في حين عبَّر آخرون عن قلقهم إزاء تزايد العنف والتهديدات ضد الطلاب اليهود.

2– تقويض صورة "بايدن" كضامن للاستقرار : يحمل تكرار مشاهد الاضطرابات داخل الحرم الجامعي في كثير من الجامعات الأمريكية، والاشتباكات بين الطلاب ورجال الشرطة، مخاطر سياسية على حزب الديمقراطي؛ حيث قدَّم جو بايدن نفسه في الانتخابات السابقة لعام 2022 على أنه مرشح الاستقرار والعودة إلى الحياة الطبيعية بعد فترة من الاضطرابات والتوترات تحت إدارة دونالد ترامب، وهي الاضطرابات التي وصلت إلى اقتحام أنصاره مبنى الكونجرس في السادس من أكتوبر 2021؛ لمنعه من التصديق على فوز منافسه الديمقراطي آنذاك جو بايدن.

3– احتمالات خسارة الحزب الديمقراطي أصوات الناخبين الشباب: ينتاب الناخبين الشباب حالة من القلق والمخاوف حول القدرات الصحية والعقلية لبايدن مع تقدُّم عمره، ورغبتهم في أن يكون المرشح الديمقراطي ينتسب إليهم عمرياً، ويُعبِّر عن قضاياهم. وإخفاق الإدارة الأمريكية في التعامل مع الاحتجاجات التي تشهدها الجامعات الأمريكية قد يُقلِّل من دافعية الناخبين الشباب للتصويت لبايدن في الخامس من نوفمبر المقبل، الذين كان لهم دور كبير في فوزه بالانتخابات الرئاسية السابقة.

ويعتبِر الطلاب المحتجون إدارة بايدن مسؤولة ومتواطئة في العنف والأزمة الإنسانية التي يُواجهها سكان غزة من جراء الحرب بين إسرائيل وحماس، ويرون أن الإدارة الأمريكية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الأوضاع الحالية وعدم حل النزاع، ويعتبرون أن العديد من سياسات إدارة بايدن تدعم سياسات إسرائيل وتبرير استخدام القوة. ويرى بعضهم أن تعامل إدارة بايدن مع الأزمة قد يكون غير كافٍ، وقد يُفقِدهم الثقة بقدرتها على حل المشكلات وتحقيق التغيير الذي يطمحون إليه. ومن ثم، قد يؤدي هذا الإحباط إلى تقليل دعمهم لبايدن وزيادة احتمالية توجُّههم للتصويت لمرشحين آخرين، أو حتى لعدم المشاركة في الانتخابات.

وقد يؤدي تصاعد الاحتجاجات والتوترات داخل الحرم الجامعي إلى تشتت انتباه الطلاب وتفريق اهتماماتهم بشؤون أخرى، بما في ذلك المشاركة في العملية الانتخابية، والتصويت لصالح الديمقراطيين بوجه عام، وبايدن بوجه خاص؛ لذلك يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى تراجع في دعم الشباب والطلاب للحزب الديمقراطي وبايدن في الانتخابات الرئاسية القادمة.

بيد أن هناك رأياً آخر يُقلِّل من تأثير الاحتجاجات الطلابية على تصويت الناخبين الشباب؛ حيث يشير هذا الرأي إلى أن الناخبين يصوتون على أساس مواقف المرشحين من قضايا الداخل الأمريكي، في حين تتراجع مركزية قضايا السياسة الخارجية في الانتخابات ما دامت الولايات المتحدة غير منخرطة في حرب خارجية لها تداعيات داخلية، أو ما لم يكن هناك تهديداً خارجياً يهدد الأمن القومي الأمريكي.

وقد كشف استطلاع أجراه معهد السياسة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد خلال الفترة 14–21 مارس الماضي حول القضايا الأكثر أهميةً بالنسبة إلى الناخبين الذي تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً؛ أن الصراع في الشرق الأوسط يحتل مرتبة منخفضة إلى حد ما في قائمة الناخبين الشباب لأهم القضايا. ويعتقد العديد من الديمقراطيين أنه عندما يواجه الناخبون الشباب خياراً بين بايدن وترامب، فإنهم وأولئك المستاءين من الحرب الإسرائيلية على غزة سيختارون بايدن.

4– استدعاء تجربة الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام عام 1968: أشارت تحليلات إلى احتمالات خسارة الحزب الديمقراطي الانتخابات الرئاسية التي ستُجرَى في نوفمبر المقبل، كخسارته الانتخابات الرئاسية لعام 1968 عقب الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام، التي استغلَّها المرشحُ الجمهوري ريتشارد نيكسون واستغلَّ ما رتَّبته من انقسامات ديمقراطية، من خلال تصوير نفسه على أنه مرشح القانون والنظام.

ولكنَّ هناك رأياً يرى أن هناك اختلافاً بين احتجاجات عامَي 2024 و1968، وهو الاختلاف الذي يمكن أن يجعل تداعيات احتجاجات طلاب الجامعة الداعمة للفلسطينيين أقل ضرراً بكثير على بايدن مما يخشاه بعض الديمقراطيين؛ ففي الوقت الحالي، لا ترتكز الاحتجاجات على انخراط الجنود الأمريكيين في حرب خارج الأراضي الأمريكية كما كان الحال مع فيتنام. وعلى الرغم من وجود توترات مستمرة بين الديمقراطيين راهناً، فإن الحزب أكثر توافقاً حول القضايا الرئيسية مما كان عليه الحال في ستينيات القرن المنصرم؛ عندما كانت الانقسامات داخل الحزب أعمق بكثير، فضلاً عن أن الاحتجاجات المناهضة للحرب في الستينيات استمرت لسنوات، ولكن الآن، لا يزال من غير الواضح إذا ما كانت احتجاجات الطلاب على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة – التي لا تُعَد كبيرةً في الحجم أو النطاق نسبةً إلى الاحتجاجات المناهضة لفيتنام – ستستمر مع انتهاء الدراسة بالجامعات الأمريكية.

5– انتقاد ديمقراطي لترامب: استغلت حملة إعادة انتخاب ‏جو بايدن لفترة رئاسية ثانية تلك الاحتجاجات التي تشهدها الجامعات الأمريكية لانتقاد منافسه الجمهوري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ فقد قالت المتحدثة باسم حملة الرئيس بايدن إنه بينما يدعم ترامب العنصريين البيض، ويشجع على العنف ضد المتظاهرين السلميين، فإن بايدن يؤيد حرية التعبير وتعزيز الحماية ضد معاداة السامية وكراهية الإسلام. وقد ذكر البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن يؤيد حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز في الجامعات، لكنه يُعارِض أي تحركات معادية للسامية في الجامعات الأمريكية، تدعو إلى العنف ضد اليهود.

6– استغلال جمهوري للاحتجاجات لتصوير الحزب الديمقراطي بأنه "متطرف": يحاول الجمهوريون استغلال احتجاجات الطلاب بكبرى الجامعات الأمريكية لتصوير الحزب الديمقراطي بأنه "متطرف" ومتأثر بالمتظاهرين الجامعيين، وأنه يسعى إلى الاستماع إلى جزء صغير وراديكالي جداً من قاعدته الانتخابية التي لا تمثل القاعدة الأوسع للناخبين الأمريكيين، كما يُصوِّر الجمهوريون الاحتجاجات الطلابية والاضطرابات الجامعية أمثلةً على الفوضى التي تهدد النظام السائد، ومن ثم يُعزِّزون صورة الديمقراطيين كأطراف غير قادرة على توفير الاستقرار والأمان للبلاد.

وقد زار رئيس مجلس النواب مايك جونسون، ووفد من المشرعين في الحزب الجمهوري، حرم جامعة كولومبيا؛ حيث أدان الكراهية المعادية للسامية، كما دعا رئيسة الجامعة نعمت شفيق إلى الاستقالة إذا لم تستطع التعامل مع ما اعتبره "فوضى"، واستعادة النظام بالحرم الجامعي.

لذلك يدعو الجمهوريون إلى قمع احتجاجات الطلاب، ويحثُّون على نشر الحرس الوطني للتصدي للاحتجاجات والتظاهرات، ويقولون إن هذه الاحتجاجات وما يرتبط بها من حقوق حرية التعبير للمتظاهرين تشكل تهديداً للاستقرار والحياة الطبيعية. ويُصوِّر الجمهوريون الحزب الديمقراطي بأنه حزب يدعم "الفوضى" و"الحرب"، وحزب يُعطي الأولوية لمطالب الجماعات الراديكالية على حساب استقرار المؤسسات والأمن العام؛ ما يؤثر على صورتهم بين الناخبين المستقلين والمحافظين، ويهدفون من خلال هذا الانتقاد إلى تقويض دعم الناخبين لبايدن والديمقراطيين، وجعل الجمهور يشكك في قدرتهم على إدارة الأزمات وتقديم الحلول الفعَّالة.

7– مشاركة مرشحي الحزب الثالث في الاحتجاجات: شاركت جيل ستاين مرشحة حزب الخضر للرئاسة الأمريكية، في الاحتجاجات المناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في جامعة واشنطن في سانت لويس. وقد نشرت مقطع فيديو قبل اعتقالها خلال مشاركتها تؤكد فيه دعمها للطلاب، وحقوقهم الدستورية في حرية التعبير. وقد وجهت ستاين انتقادات لتغاضي إدارات الجامعات الأمريكية عن استخدام القوة ضد طلابها الذين يُطالبون بالسلام، وحقوق الإنسان، ووضع حد للإبادة الجماعية التي يمقتها الشعب الأمريكي على حد قولها، كما شارك كورنيل ويست الفيلسوف والمفكر الناشط في مجال العدالة العنصرية الذي أعلن عزمه الترشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة مستقلاً، في التظاهرات الداعمة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا.

تحولات مستقبلية

خلاصة القول أن الاحتجاجات المتعددة التي تشهدها الجامعات الأمريكية راهناً على خلفية استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، تكشف عن تحولات سيكون لها تأثيرات خلال السنوات القادمة على السياسة الخارجية الأمريكية عامةً، وتجاه منطقة الشرق الأوسط، والصراع العربي–الإسرائيلي، والعلاقات الأمريكية–الإسرائيلية خاصةً؛ حيث إن الدافع الرئيسي لتلك الاحتجاجات أخلاقي وقيمي، وليس مرتبطاً بمصالح وتحديات أمريكية داخلية؛ فالاحتجاجات الطلابية ليس مرتبطة بقضية أمريكية، أو تورط الجيش الأمريكي في حروب خارجية، لكنها للدفاع عن حقوق شعب بعيد عن أراضي الولايات المتحدة، لا تحمل معاناتهم تهديداً وتأثيراً على الداخل الأمريكي، فضلاً عن أن المتظاهرين في كبرى الجامعات الأمريكية سيشكلون النخبة الأمريكية القادمة، التي ستتولى خلال العقود القادمة إدارة مؤسسات الحكم الأمريكي، وتشكيل توجهات السياسة الخارجية الأمريكية مستقبلاً.

أبعاد تصاعد الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية