نريمان عبد الفضيل

في خطوة جديدة لحماية الأمن القومي الأمريكي وتعزيز سياسات الهجرة العادلة، تُخطِّط الإدارة الأمريكية لتشديد قواعد دخول مواطني عدة دول عربية إلى الولايات المتحدة. ومن المقرر أن تشمل قواعد الدخول الجديدة 43 دولة إلى الولايات المتحدة، في حين اقترحت وزارة الخارجية الأمريكية، وفقاً للتقارير المسربة، تصنيف هذه الدول إلى ثلاث فئات؛ حيث إن الفئة الأولى ستخضع لتعليق كامل للتأشيرات، والفئة الثانية ستواجه تعليقاً جزئياً من شأنه أن يؤثر على تأشيرات الهجرة الأخرى مع بعض الاستثناءات، والفئة الثالثة سيتم النظر في تعليق جزئي لإصدار التأشيرات بها إذا لم تبذل حكوماتها جهوداً لمعالجة أوجه القصور في غضون 60 يوماً.مبررات أمريكيةثمة العديد من المبررات والأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى التخطيط لقرار حظر مواطني بعض الدول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل من أهم تلك الأسباب ما يلي:1– حماية الأمن القومي الأمريكي: من المبررات التي أوضحتها الإدارة الأمريكية، والتي دفعتها إلى دراسة قرار حظر مواطني بعض الدول إلى الولايات المتحدة، أنها تُعَد خطوة نحو حماية الأمن القومي الأمريكي، بجانب أنها تُعتبَر خطوة أيضاً نحو تطبيق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه منصبه في البيت الأبيض، والذي كان بموجبه يطالب بضرورة تكثيف عمليات الفحص الأمني على أي أجنبي يسعى إلى دخول الولايات المتحدة، وكان ذلك بهدف الكشف عن أي تهديد يواجه الأمن القومي الأمريكي، في حين أن هذا الأمر أدى إلى توجيه عدد من المسؤولين الأمريكيين – ومنهم وزير الخارجية ماركو روبيو – بتقديم قائمة بحلول 21 مارس، بالدول التي ينبغي تعليق السفر منها جزئياً وكلياً.2– تعزيز سياسات الهجرة العادلة: رأت الإدارة الأمريكية أن هذا القرار يعتبر جزءاً من توجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أطلقها منذ بداية ولايته الثانية، وتنفيذاً لوعوده التي تعهَّد بها للشعب الأمريكي خلال حملته الرئاسية، بأنه سيقيد دخول الأشخاص القادمين من بعض الدول التي تمثل مخاطر أمنية على الولايات المتحدة مثل القادمين من قطاع غزة وليبيا والصومال وسوريا وإيران واليمن وأي مكان آخر يهدد الأمن القومي الأمريكي، ويتسبب في زيادة عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.3– تعزيز التدقيق الأمني على الحدود: تهدف الإدارة الأمريكية من خلال القرار الذي تخطط للإعلان عنه في الأيام القادمة، إلى تعزيز التدقيق الأمني على الحدود والمطارات؛ وذلك لأن ذلك القرار يستوجب وجود إجراءات أمنية مشددة على نقاط الدخول إلى الولايات المتحدة، وهذا ما يؤدي إلى إجراء عمليات تفتيش أطول وانتظار أطول للمسافرين الدوليين؛ وذلك نتيجة فشل الكثير من الدول التي يستهدفها القرار في مشاركة المعلومات مع الولايات المتحدة بشأن المسافرين القادمين إلى الولايات المتحدة، أو نتيجة عدم اتخاذ إجراءات أمنية كافية في إصدار جوازات السفر أو بيع الجنسية لأشخاص من دول محظورة.4– حظر غير المؤهلين من دخول الولايات المتحدة: تسعى الإدارة الأمريكية من خلال القرار الذي تخطط لتنفيذه في الأيام المقبلة، إلى حظر غير المؤهلين من دخول الولايات المتحدة لأسباب صحية مثل الأمراض المُعدية، أو عدم حصولهم على التطعيمات اللازمة، أو نتيجة إدمان المخدرات، أو نتيجة ارتكابهم جرائم مخلة بالشرف، أو جرائم الاتجار بالبشر وغسيل الأموال؛ وذلك تنفيذاً للباب الثامن من قانون الهجرة والجنسية (الذي يشمل مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بالهجرة، مثل دخول الأجانب ومتطلبات التأشيرات والهجرة، وتحديد أسباب عدم قبول دخول الأجانب وإجراءات الترحيل).5– محاولة لمكافحة الأنشطة الإرهابية: ترى الإدارة الأمريكية أن هذا القرار يساعدها في التخلص من المخاوف الأمنية المتعلقة بالأنشطة الإرهابية، والتجسس، وأعمال التخريب، وأنه بذلك يتماشى مع الأمر التنفيذي الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي توعد فيه باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية تهدد الأمن القومي الأمريكي، أو يسعون إلى تبني أيديولوجيات كراهية أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة.6– تقنين عملية إصدار التأشيرات للأجانب: تسعى الإدارة الأمريكية من خلال قرار حظر مواطني بعض الدول من الدخول إلى الولايات المتحدة، إلى التأني في عملية إصدار التأشيرات؛ وذلك من أجل ضمان قيام الأجانب الذين تمت الموافقة على دخولهم الولايات المتحدة بعدم الإضرار بالأمن القومي، وبالمصالح الوطنية الأمريكية؛ وذلك من أجل حماية الأمريكيين. وبموجب القرار، يتعين على الولايات المتحدة تحديد هويات الأشخاص الأجانب قبل قبولهم، وقبل السماح لهم بدخول الولايات المتحدة، بجانب التأكد من ألا يحمل الأجانب المقبولون أو الموجودون في الولايات المتحدة مواقف عدائية تجاه مواطنيها أو ثقافتها أو حكوماتها أو مبادئها الأساسية، خاصةً الأجانب القادمين من مناطق دول تُعرف بمخاطر أمنية.هذا بالإضافة إلى أنه بموجب القرار، يُتطلَّب تحديد المعلومات اللازمة من أي دولة للبت في أي تأشيرة أو قبول منفعة أخرى، بموجب قانون الهجرة والجنسية، لأحد مواطنيها، بالإضافة إلى التأكد إذا ما كان الشخص الذي يطلب المنفعة هو الشخص المقصود، وأنه لا يشكل تهديداً للأمن والسلامة العامة.7– محاولة لإلغاء سياسات بايدن بشأن عدم الحظر: قد تحاول الإدارة الأمريكية بهذا القرار إلغاء الأمر التنفيذي الذي وقَّعه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن منذ توليه منصبه في 2021، والذي ينص على إلغاء حظر السفر الذي فرضه سلفه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى، والذي كان يتضمن حظر دخول المسافرين من سبع دول ذات غالبية مسلمة، مثل سوريا والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن وإيران، وكان حينها يستهدف من القرار حماية الولايات المتحدة من التهديدات الإرهابية؛ لذلك أرادت إدارة ترامب الثانية إبطال قرار بايدن من أجل إصلاح نظام الهجرة وحماية الأمن القومي الأمريكي.تداعيات محتملةثمة العديد من التداعيات التي من المحتمل أن تحدث من جراء تنفيذ الإدارة الأمريكية قرار حظر دخول مواطني بعض الدول العربية إلى الولايات المتحدة، ومن هذه التداعيات المحتملة ما يلي:1– تباطؤ الابتكار والإنتاجية الأمريكية: من المتوقع أن يكون لقرار حظر دخول مواطني بعض الدول إلى الولايات المتحدة، تأثير على العديد من القطاعات الأمريكية. ومن هذه القطاعات التي سوف تتأثر بالقرار، الشركات الأمريكية التي تعمل في مجالات التكنولوجيا والهندسة والطب؛ وذلك نتيجة اعتمادها بشكل أساسي على العمالة الأجنبية الماهرة من أجل سد الفجوات في السوق. وهذا قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تباطؤ مستوى الابتكار والإنتاجية في الولايات المتحدة نتيجة تقليل تدفق هذه العمالة.2– بحث المستثمرين عن بيئات عمل أخرى: من المحتمل أن يؤدي قرار حظر دخول مواطني بعض الدول إلى الولايات المتحدة إلى زيادة قلق بعض الشركات العالمية الكبرى؛ ما يجعلها تحجم عن الاستثمار في الولايات المتحدة، بجانب أن هذا القرار سيدفع بعض المستثمرين إلى البحث عن بيئات عمل أخرى أكثر استقراراً عن الولايات المتحدة. وهذا ما يؤثر بالسلب على دور الولايات المتحدة في أن تكون واجهة للمستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار فيها، وهو ما سيؤدي إلى تراجع دورها بين الدول، بجانب أنه سيقلل نفوذها على الساحة الدولية.3– تفاقم الخسائر المالية للمؤسسات التعليمية الأمريكية: من المؤكد أن يؤدي قرار الإدارة الأمريكية بفرض قيود وإجراءات أكثر صرامةً على تأشيرات الطلاب القادمين من دول معينة إلى مخاوف وقلق بعض الجامعات الأمريكية؛ وذلك نظراً إلى اعتماد هذه الجامعات على الطلاب الدوليين كمصدر تمويل مهم، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق خسائر مالية كبيرة لبعض المؤسسات التعليمية الأمريكية نتيجة القيود المفروضة على دخولهم.4– توتر العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن والدول التي يشملها القرار: من المرجح أن يؤدي قرار الإدارة الأمريكية بحظر دخول مواطني بعض الدول إلى الولايات المتحدة إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وبعض الدول التي يشملها القرار. وقد يتطور الأمر في نهاية المطاف إلى قطع العلاقات بين واشنطن وهذه الدول، أو يتطور الأمر إلى حدوث نزاعات عسكرية بين هذه الدول وواشنطن.انتقادات واسعةوختاماً، يمكن القول إن قرار الحظر الذي قد تتخذه الإدارة الأمريكية في الأيام المقبلة قد يثير جدلاً قانونياً على المستويين الداخلي والخارجي، وقد يلقى هذا القرار الكثير من الاحتجاجات العالمية والاتهامات بالعنصرية، بجانب أنه من المتوقع أن تقوم بعض المنظمات الحقوقية والجمعيات المدافعة عن الحريات المدنية برفع دعاوى قضائية؛ وذلك لأن القرار يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور الأمريكي.

ما مبررات قائمة حظر السفر إلى الولايات المتحدة؟