إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

استقبل رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان العراق "مسرور بارزاني" في 2 سبتمبر 2024، كلاً من رئيس "مجموعة بهوان التجارية القابضة" الشيخ "أحمد سهيل بهوان"، و"لؤي جاسم الخرافي" الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة الخرافي"؛ لبحث سبل التعاون المشترك مع الجهات الحكومية والخاصة في الإقليم في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث عقدا لقاءات ثنائية مع جهات حكومية واقتصادية رفيعة المستوي في الإقليم لبحث سبل تعزيز الاستثمارات العمانية–الكويتية وفق متطلبات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.محفزات عديدة ثمة مجموعة من الدوافع التي تنشدها الكويت وسلطنة عُمان من وراء الاستثمار في كردستان العراق، ويتضح أبرزها فيما يلي:&nbsp;1- الرغبة في تعزيز علاقات الكويت ومسقط مع إقليم كردستان: يأتي التحرك الكويتي تجاه إقليم كردستان العراق في إطار تحركات أشمل تستهدف تعزيز وتنويع المصالح الكويتية مع الإقليم، ودلل على ذلك اللقاءات المشتركة الأخيرة، التي تضمنت اجتماع "نيجيرفان بارزاني" رئيس إقليم كردستان في 17 فبراير 2024 (خلال مؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا) مع "عبد الله علي اليحيا" وزير خارجية الكويت؛ لبحث سبل توسيع فرص التعاون المشترك من جميع الجوانب بين الكويت والإقليم، واستقبال رئيس حكومة إقليم كردستان "مسرور بارزاني"، في 23 مايو 2024، سفير الكويت لدى العراق "طارق عبد الله الفرج" لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك.وبالنسبة إلى سلطنة عُمان، توجد ترتيبات مماثلة لتعزيز العلاقات مع الإقليم، ولكن من الواضح أن مسقط تفضل أن يكون تحركها تجاه الإقليم ضمن تحالف مع دول أخرى. وتركز السلطنة على التعاون الاقتصادي، بالرغم من أن ذلك قد يثير حفيظة بغداد. وتستغل كل من الكويت وسلطنة عُمان اتجاه إقليم كردستان لتعزيز علاقاته مع دول الخليج العربي لتعزيز التعاون معه، ودلل على ذلك السماح في فبراير 2024 لمواطني 53 دولة منها دولة الكويت وباقي دول مجلس التعاون الخليجي بدخول الإقليم دون الحصول على تأشيرات مسبقة، بهدف تعزيز السياحة في الإقليم مع جذب الزائرين من دول الخليج العربي تحديداً.2- سعي الكويت وعُمان لزيادة الانفتاح على الداخل العراقي: يفتح تزايد الحضور الكويتي والعُماني في إقليم كردستان، خاصة عبر محور التعاون الاقتصادي، المجال لزيادة الانفتاح على الداخل العراقي، وخلق علاقات متوازنة مع كافة القوى السياسية، لا سيما أن بغداد تبنت خلال السنوات الأخيرة سياسة منفتحة تجاه دول الخليج العربي، بما يرفع الحرج نسبياً عن محاولات تحقيق ذلك التوازن، مع محاولة تقليص بغداد الاعتماد على إيران وزيادة الاندماج مع دول المنطقة؛ ما شجع كردستان على تبني النهج نفسه بشكل مكثف خلال السنوات الأخيرة.3- تطلع الكويت ومسقط إلى استغلال الثروات المعدنية بالإقليم: ترغب كل من الكويت وسلطنة عُمان في الاستفادة من الثروات المعدنية الموجودة في إقليم كردستان. وتجدر الإشارة إلى أن إقليم كردستان يتميز بتنوع في ثروته المعدنية؛ حيث تؤكد وزارة الموارد الطبيعية الكردية وجود رواسب من المعادن مثل الحديد، والكروم، والنيكل والبلاتين، والذهب، والنحاس والزنك، ومن المرجح أن تكون مناطق أخرى في إقليم كردستان غنية بموارد أخرى مثل الحجر الجيري وغيره، وهي موارد رئيسية ضرورية لعملية تنمية الصناعة بدول الخليج العربي.ويُشار في هذا الصدد إلى أن المعادن الموجودة في الإقليم معادن عليها طلب متزايد على المستوى العالمي، ويمكن الاستثمار فيها من قبل شركات متخصصة أجنبية، وبإمكان شركات الكويت وعُمان أن تكون حاضرة في هذا المجال، لا سيما مع احتمالية تراجع الطلب على النفط خلال السنوات المقبلة، ومع استمرار أزمة استغلال النفط بين بغداد وأربيل، ومن ثم سيتم التركيز على موارد أخرى، بما يجعل الثروات المعدنية الأخرى مجالاً للتنافس عليها مستقبلاً، سواء بين بغداد وأربيل أو بين دول المنطقة.4- الاستفادة من موقع كردستان في مشاريع النقل الإقليمية: تسعى الكويت وسلطنة عُمان إلى زيادة حضورهما في مشاريع النقل الإقليمية الجديدة التي تم الإعلان عنها خلال السنوات الأخيرة، التي لم يتم تضمينهما بها بشكل محوري، بالرغم من موقع سلطنة عُمان الاستراتيجي الذي يتيح الربط، مع الممر الاقتصادي، بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا IMEC. أما الكويت فلا توجد على ذلك الممر، ولكن يمكنها الاستفادة من طريق التنمية العراقي الذي من المفترض أن يمر عبر إقليم كردستان، بما يتيح لها نافذة مباشرة على تركيا وأوروبا بما يعزز تجارتها معهما.وسيزيد الاعتماد على إقليم كردستان كمحور للربط بين العراق وتركيا عبر "طريق التنمية" العراقي من أهمية الإقليم، وسيجعله أكثر جذباً للاستثمارات، ومن ثم سيعزز ذلك من إيرادات التحالف العُماني–الكويتي الذي يرغب في الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، مع توقع زيادة الأنشطة الاقتصادية بالإقليم على خلفية مرور خط سكة حديد من خلاله للربط مع تركيا. ويُشار في هذا الصدد إلى أن وزارة النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان، والمدير العام للسكك الحديدية العراقية، والشركة الإيطالية المنفذة لمشروع السكة الحديدية، وقعوا مذكرة تفاهم في 23 مايو 2024 بشأن "طريق التنمية" العراقي.5- توسع نشاط الشركات الكويتية والعُمانية في الخارج: يُبرز اهتمام التحالف الكويتي–العُماني بالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في إقليم كردستان العراق، سعي شركتي "مجموعة بهوان" العُمانية و"الخرافي" الكويتية إلى زيادة حضورهما في الخارج، مع التركيز على مناطق قد لا توجد بها منافسة قوية؛ حيث تتنوع مجالات عمل الشركتين في العديد من القطاعات والعديد من الدول.ويأتي التحالف الكويتي–العُماني لخفض التكلفة الاستثمارية المحتمل ضخها في الإقليم، خاصةً أن الإقليم يوجد في منطقة تشهد نزاعات سياسية واضطرابات أمنية، مع الأخذ في الاعتبار أن الاستثمار فيها سيكون له مردود سياسي مهم على العلاقات بين الإقليم وكل من مسقط والكويت، مع إمكانية التوسع في مجالات اقتصادية أخرى، خاصةً التعدين والسياحة والزراعة.في السياق ذاته، يسعى التحالف العُماني الكويتي إلى اقتناص الفرص الاستثمارية بإقليم كردستان، خاصةً في مجال الطاقة المتجددة الذي قد يشهد تطوراً بعد إقرار مجلس النواب العراقي قانون الطاقة المتجددة خلال الفترة المقبلة، بما يعزز مواجهة أزمة الكهرباء. ووفقاً للجهات الحكومية في العراق، تُقدر حاجات الإقليم بنحو 4500 ميجاواط من الكهرباء، وينتج الإقليم منها 3400 ميجاواط معظمها من محطات الطاقة الكهربائية التي تعمل بالغاز، وتسعى حكومة الإقليم إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء من 20% حالياً إلى نحو 80%.توظيف سياسي وختاماً، على الرغم من المكاسب الاقتصادية التي تنشدها كل من الكويت وسلطنة عُمان من وراء استثمارها في إقليم كردستان، فإن الأمر لا يخلو من أبعاد سياسية، مع تطلع الجانبين إلى زيادة حضورهما في الإقليم، خاصةً مع محاولة الكويت موازنة علاقاتها مع بغداد. أما مسقط فترى أن ذلك الحضور قد يكون داعماً لدورها في الشرق الأوسط. &nbsp;&nbsp;

لماذا يتجه تحالف عُماني–كويتي للاستثمار في كردستان العراق؟