نريمان عبد الفضيل

يوجد جدل واسع في الأوساط الأمريكية بشأن الأداء الوظيفي الذي يقوم به وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، وذلك نتيجة تصرفاته المثيرة للجدل والمتخبطة نتيجة قلة خبرته، ومن بين هذه التصرفات إقالته عدداً من المسؤولين المقربين له في البنتاجون الذين قام باختيارهم بنفسه، وهذا ما جعله يدخل في حرب مفتوحة مع وزارة الدفاع، بالإضافة إلى تورطه في اتهامات بشأن قيامه بتسريب معلومات عسكرية حساسة مع زوجته وشقيقه ومحاميه الشخصي عبر تطبيق المراسلة المشفر سيجنال، مما صاعد الانتقادات ضده ومطالبة البعض للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة هيجسيث من منصبه.أوجه قصور ثمة العديد من الأسباب التي دفعت بعض الديمقراطيين والجمهوريين إلى المطالبة بإقالة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث من منصبه، وهذه الأسباب يمكن توضيحها فيما يلي:1- تسريب "هيجسيث" خططاً عسكرية عبر تطبيق سيجنال: من بين الأسباب التي جعلت الكثير من المسؤولين الأمريكيين يطالبون بضرورة إقالة هيجسيث من منصبه، قيامه بمشاركة خطط عسكرية شديدة الحساسية حول الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن عبر تطبيق المراسلات المشفرة سيجنال في محادثات شملت زوجته وشقيقه ومحاميه الشخصي، والتي عُرفت بـ "فضيحة سيجنال 2"، وذلك على غرار ما قام به في مارس 2025 عندما قام بمشاركة الخطط العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن مع نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، إلا أن هذه المحادثة شملت أيضاً رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتك" جيفري جولدبيرج.وعلى الرغم من ذلك، دعم الرئيس الأمريكي وزير دفاعه ونفى هذه الاتهامات. ولذلك كتب المتحدث السابق باسم البنتاجون جون أوليو، مقال رأي طالب فيه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة هيجسيث من منصبه، لرؤيته أن البنتاجون كان في انهيار كامل خلال أبريل 2025، وأنه ينبغي توقع حدوث المزيد من التسريبات في الفترة المقبلة من قِبل هيجسيث إذا ما لم يقيله من منصبه.2- إحداث "هيجسيث" اضطرابات داخل وزارة الدفاع: يتمثل أحد الأسباب الدافعة للمطالبة بإقالة هيجسيث وتوجيه الكثير من الانتقادات له، في أنه تسبب في حدوث الكثير من الاضطرابات داخل وزارة الدفاع، مما أدى إلى انعدام الثقة بها رغم أنها من المؤسسات الحساسة في العالم والتي تقود أقوى الجيوش في العالم، وذلك نتيجة الانقلاب الذي حدث داخل الوزارة على هيجسيث، بعدما أراد أن يجري تغييرات في البنتاجون. فبعد أقل من 90 يوماً من أدائه اليمين، فقد توازنه بسبب الاضطرابات التي أحدثها بنفسه في الوزارة نتيجة قيامه بإقالة معاونين له في الوزارة، وذلك بعد إجراء تحقيق معهم بشأن وجود تسريبات مزعومة، ومن بين هؤلاء المعاونين مستشار هيجسيث دان كالدويل الذي أدى دوراً محورياً في إدارة الوزارة، والذي وصفه سابقاً بأنه "أهم شخص في البنتاجون"، ونائب مدير مكتب هيجسيث دارين سيلينك، إلى جانب مدير مكتب نائب وزير الدفاع وكولين كارول.3- انقسام الآراء داخل الكونجرس بشأن أداء "هيجسيث": حدث انقسام بين العديد من المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين حول أداء وزير الدفاع، وكان بعضهم مؤيداً لإقالته والبعض الآخر يدافع عنه، فقد طالب بعض الديمقراطيين في الكونجرس بضرورة إقالة وزير الدفاع الأمريكي، وذلك لأنهم يعتبرون أن التسريبات الجديدة التي نُسبت له تعتبر غير لائقة لوظيفته، إلا أن هناك بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ دافعوا عن هيجسيث، وذلك من خلال ما قام به عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من شن هجوم على المشككين في قدرته، متهمين بذلك وسائل الإعلام بالسعي لتدمير أجندة الرئيس ترامب. ولذلك قال تجمع من الجمهوريين في مجلس الشيوخ عبر منصة إكس: "تسعى وسائل الإعلام إلى تدمير كل من ينفذ أجندة الرئيس ترامب، ولهذا السبب يحرصون بشدة على نشر قصص من موظفين سابقين مجهولين ساخطين في وزارة الدفاع"، فضلاً عن دفاع المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت عنه قائلةً: "هذا ما يحدث عندما يعمل البنتاجون بأكمله ضدك".4- ترتيب "هيجسيث" إحاطة سرية لـ"ماسك" حول الصين: من بين الأسباب الدافعة لمطالبة الكثير من الأمريكيين بإقالة وزير الدفاع الأمريكي، التقرير الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية التي تحدثت فيه عن أن البنتاجون قام بتجهيز إحاطة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك بشأن أكثر من 24 برنامج أسلحة سريا للغاية لمحاربة الصين، وهذه الأسرار العسكرية تعتبر حساسة للغاية، في حين توقع بعض مسؤولي وزارة الدفاع حدوث مخاطر بشأن عرض المعلومات على ماسك نظراً لمصالحه التجارية الواسعة مع الصين، ولذلك عارض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح حليفه الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إحاطة سرية للغاية في البنتاجون عن الصين.5- افتقار "هيجسيث" إلى الخبرة السياسية الكافية: قد يكون من بين الانتقادات الموجهة لوزير الدفاع الأمريكي أنه لم يتمتع بالخبرة السياسية الكافية التي تجعله مؤهلاً لتولي هذا المنصب الحساس، وذلك لأنه كان يعمل جندياً في الجيش الأمريكي في حروب العراق وأفغانستان، وسرعان ما تحول إلى معلق سياسي في قناة فوكس نيوز، ومن ثم المذيع المفضل لترامب، ثم إلى منصب وزير الدفاع الأمريكي، ولذلك يرى البعض ما يفعله هيجسيث من تصرفات هي نتيجة قلة خبرته السياسية وسوء التقدير وغلبة ثقافة الولاء على الكفاءة، وقد دفع هذا الأمر النائب الجمهوري دون بيكون، للمطالبة بإقالة هيجسيث، فقد قال لصحيفة بوليتيكو: "أنا معجب به على قناة فوكس. لكن هل لديه الخبرة الكافية لقيادة إحدى أكبر المنظمات في العالم؟ هذا مقلق".6- سياسات "هيجسيث" المتشددة بشأن التنوع والمساواة: من بين الانتقادات التي وُجهت لوزير الدفاع الأمريكي أنه من المنتقدين الشرسين لمفهوم "التنوع هو قوتنا" الموجود في الجيش الأمريكي، ولذلك قام في فبراير 2025 بوصف عبارة "التنوع هو قوتنا" بأنها "أغبى عبارة في تاريخ الجيش"، إلى جانب أنه عارض دخول النساء في الجيش الأمريكي، ويدل ذلك على رفضه سياسات التنوع والمساواة والشمولية في القوات المسلحة الأمريكية. وجدير بالذكر أنه تساءل عن سبب اختيار الجنرال تشارلز كوينتون براون جونيور المعروف بـ "سي كيو براون"، كأول أمريكي من أصل أفريقي يقود هيئة الأركان المشتركة في الفترة ما بين 2023 و2025، في حين أن براون أُقيل من منصبه مع مجيء هيجسيث، وهذا الأمر أثار جدلاً كبيراً حينها.7- دعم "هيجسيث" القوي لإسرائيل في حربها ضد غزة: من بين الملفات التي تسببت في توجيه الانتقادات لوزير الدفاع الأمريكي، أنه يقدم الدعم المطلق لإسرائيل في حربها ضد غزة، حيث إنه أثناء تأكيد ترشيحه لمنصبه في مجلس الشيوخ في 14 يناير 2025، أعرب عن دعمه القوي لها قائلاً: "أدعم إسرائيل في تدمير وقتل كل عضو من حماس"، وعندما سُئل عما إذا كان يعتبر نفسه "صهيونياً مسيحياً" أجاب: "أنا مسيحي، وأدعم بقوة دولة إسرائيل ودفاعها الوجودي، والطريقة التي تقف بها أمريكا بجانبها كحليف عظيم".ضغوط متزايدة وختاماً، يمكن القول إن الجدل المثار حول الأداء الوظيفي لوزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، قد يتحول إلى ضغط واسع على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك من خلال تزايد مطالبات عدد من المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس الأمريكي بإقالته، على اعتبار أن استمرار هيجسيث في منصبه -من وجهة نظرهم- قد يعرض الأمن القومي الأمريكي للكثير من المخاطر، لتوقعهم أنه سيقوم بنشر الكثير من المعلومات السرية في الفترة المقبلة، نظراً لقلة خبرته السياسية اللازمة لإدارة مثل هذا المنصب الحساس، ولذلك قد يستجيب ترامب لهذه المطالبات ويُقيل هيجسيث من منصبه.

ما هي الانتقادات الموجهة لوزير الدفاع الأمريكي "بيت هيجسيث"؟