نريمان عبد الفضيل

وصل رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى الولايات المتحدة في 6 مايو 2025. وهذه الزيارة هي أول زيارة لرئيس الوزراء الكندي إلى واشنطن بعد فوزه في الانتخابات. وتعكس الزيارة حرص كندا على فتح صفحة جديدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ من أجل تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين، بجانب تأمُّلها إقامة المزيد من التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، مثل الاقتصاد والدفاع والأمن، بما يعود بالنفع على كل من الدولتين.تداعيات متوقعةتوجد العديد من التداعيات المتوقع أن تحدث نتيجة اجتماع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهذه التداعيات يمكن توضيحها فيما يلي: 1– توقف الولايات المتحدة عن الدعم التي تقدمه إلى كندا: من المحتمل أنه بعد لقاء كارني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، أن يوقف ترامب الدعم التي تقدمه الولايات المتحدة إلى كندا والذي يصل إلى نحو 200 دولار سنوياً؛ حيث إن هذا المبلغ يشمل مقدار ما تستفيد به كندا من الإنفاق الدفاعي الأمريكي؛ لذلك كتب ترامب عبر منصة تروث سوشيال قائلاً: "من الصعب تبرير دعم كندا بما يصل إلى 200 دولار سنوياً، فضلاً عن الحماية العسكرية المجانية، والعديد من الأمور الأخرى؛ فإننا لسنا بحاجة إلى أخشابهم، ولسنا بحاجة إلى طاقتهم، ولسنا بحاجة إلى أي شيء لديهم، باستثناء صداقتهم التي نأمل أن نحافظ عليها دوماً".2– تعديل جزء من بنود اتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية: من المتوقع بعد اجتماع الرئيسين الكندي والأمريكي أمس في البيت الأبيض أن يُجرِيا بعض التعديلات على بنود اتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية؛ حيث إن هذه الاتفاقية عُقِدت بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك خلال ولاية ترامب الأولى، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يوليو 2020م. وهذه الاتفاقية تحقق منافع متبادلة للعمال والمزارعين ومربي الماشية والشركات في أمريكا الشمالية؛ حيث إن إدارة ترامب تريد إجراء بعض التغييرات على بنود الاتفاقية في مراجعة الاتفاقية العام المقبل؛ وذلك لأن البيت الأبيض أشار سابقاً إلى أن نحو 38% من الواردات الكندية إلى الولايات المتحدة، ونحو نصف الواردات المكسيكية مشمولة باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية&nbsp;(USMCA)، في حين أن جزءا كبيرا من واردات كندا من الولايات المتحدة من منتجات الطاقة غير مشمولة بإعفاء الاتفاقية، وتخضع حالياً لرسوم جمركية&nbsp;أقل&nbsp;بنسبة&nbsp;10%؛ لذلك لا بد من إحداث تغييرات على بعض بنود الاتفاقية بما يُحقِّق العدل بين الدول المُوقِّعة عليها.3– استمرار الخلافات بين البلدين بشأن ضم كندا: من المرجح ألا يتوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مطالبته بضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الـ51 للولايات المتحدة؛ وذلك لأنه معروف بالإصرار على تحقيق ما يرغب فيه حتى مع مرور الوقت وبأي طريقة، على الرغم من رفض رئيس الوزراء الكندي هذه الفكرة تماماً خلال اجتماعه مع الرئيس الأمريكي؛ حيث إنه قال أثناء الاجتماع، عندما تحدث ترامب عن فكرة ضم كندا: "كندا ليست للبيع، ولن تكون للبيع أبداً". وعندما ضغط الرئيس الأمريكي عليه لإقناعه بأن الكنديين يرغبون في الانضمام إلى الولايات المتحدة من أجل رفع مستوى معيشتهم، رفض رئيس الوزراء الكندي هذا الادعاء قائلاً: "مع الاحترام، لن تتغير وجهة نظر الكنديين بشأن هذا الأمر".4– الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة على كندا: من المحتمل أن يستمر الرئيس الأمريكي – عقب اجتماعه برئيس الوزراء الكندي مارك كارني ورفضه اقتراح ترامب بشأن ضم كندا إلى الولايات المتحدة – في فرض الرسوم على كندا التي تبلغ نسبتها 25%؛ وذلك لأنه صرح للصحفيين، خلال فعالية في البيت الأبيض في حضور كارني: "لدينا عجز هائل مع كندا"، في حين أوضح أن العجز التجاري للولايات المتحدة مع كندا بلغ العام الماضي 63,3 مليار دولار وفقاً لمكتب الممثل التجاري الأمريكي. وقد أضاف ترامب في حديثه: "لا نريد سيارات من كندا، ونفرض رسوماً جمركية على السيارات المقبلة منها، وفي مرحلة ما لن يكون من المنطقي اقتصادياً أن تصنع كندا تلك السيارات"، وأضاف: "لا نريد الصلب الكندي، ولا الألومنيوم الكندي، ولا أشياء أخرى مختلفة؛ لأننا نريد أن نكون قادرين على إنتاج ذلك بأنفسنا".5– التركيز على التعاون الأمني بين البلدين: من المتوقع أن تركز العلاقات بين البلدين، بعد لقاء الرئيسين في البيت الأبيض، على تعزيز الشراكة البناءة بينهما فيما يخص المجال الأمني. والدليل على ذلك ما قاله كارني خلال حديثه مع ترامب من أن هذه الزيارة فرصة كبيرة لتعزيز الشراكة والتعاون البنَّاء بين كندا والولايات المتحدة فيما يخص القضايا الأمنية وأمن الحدود، بجانب تأكيده التزام دولته بإحداث الكثير من التغييرات الجذرية من أجل الاستثمار في الأمن الكندي، وأنه يتفق مع ترامب في هذه النقطة، في حين أشاد بجهود ترامب في إعادة تنشيط الأمن الدولي وحلف شمال الأطلسي، وقال: "إن كندا ستضع كامل ثقلها في التحالف العسكري الدولي العابر للحدود الوطنية".6– تعزيز سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين: من المرجح أن ترتكز العلاقات بين البلدين، عقب اجتماع الرئيسين، على تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما؛ نظراً إلى أهمية ذلك لهما؛ وذلك لأن أكثر من 36 ولاية أمريكية تَعتبِر كندا وجهة التصدير الرئيسية؛ حيث تعبر الحدودَ العديدُ من السلع والخدمات الأمريكية يومياً بما يقرب من 2,7 مليار دولار، بجانب أن الولايات المتحدة تعتمد على استيراد ما يقرب من ربع النفط الذي تستخدمه من كندا، فضلاً عن أن كندا تعتبر أكبر مورد للصلب والألومنيوم والمعادن الأساسية إلى الولايات المتحدة. وفي المقابل تحتاج كندا إلى الولايات المتحدة؛ لأنها تعتمد كلياً على تسويق منتجاتها في السوق الأمريكية؛ لذلك سيسعى رئيس الوزراء الكندي إلى تحسين العلاقات الاقتصادية مع واشنطن من أجل معالجة الضغوطات الاقتصادية التي تعاني منها بلاده، خاصةً بعد فرض ترامب الرسوم الباهظة عليها.7– إبرام كندا شراكات تجارية مع دول أخرى: من المحتمل أن يلجأ رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى إبرام الكثير من الشراكات التجارية مع العديد من الدول الحليفة لكندا؛ من أجل تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة؛ وذلك حتى لا يتأثر اقتصاد بلاده. وقد يلجأ إلى ذلك نتيجة إحباط توقعاته التي ذهب من أجلها لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري بين البلدين، بما يعود بالنفع على الشعبين الكندي والأمريكي، إلا أن هذا لم يحدث؛ لذلك قد يفكر في البحث عن دول أخرى بدلاً من الولايات المتحدة من أجل توطيد العلاقات التجارية معها؛ وذلك لأنه شخص يهمه في المقام الأول تحقيق تقدم واضح في الاقتصاد، ورفع مستوى المعيشة للكنديين؛ لكي ينفذ وعوده التي تعهد بها للشعب الكندي أثناء حملته الانتخابية.8– التعاون لتنفيذ خطة ترامب لترحيل المهاجرين غير الشرعيين: من المتوقع أن يسعى رئيس وزراء كندا إلى التعاون مع الإدارة الأمريكية من أجل تنفيذ خطة ترامب التي تبنَّاها منذ توليه المنصب بشأن ترحيل المهاجرين غير القانونين من الولايات المتحدة، وخاصةً أن هذا الملف هو الذي تسبَّب في قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض الكثير من الرسوم الجمركية على كندا منذ توليه منصبه في البيت الأبيض؛ لأنه يرى أنها تسببت في إحداث الأزمة التي تعاني منها الولايات المتحدة حتى الآن من خلال سماحها بتدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدودهما الشمالية، بجانب تسبُّبها في ادخال المخدرات، وخاصةً مخدر الفنتانيل الذي اجتاح كل الولايات الأمريكية؛ لذلك قد يلجأ رئيس الوزراء الجديد إلى استيعاب الأمر واحتوائه مع الرئيس الأمريكي من أجل توطيد العلاقات بين البلدين.9– مواصلة ترامب العلاقات الاستراتيجية مع كندا: وفي مقابل احتمالات التصعيد في العلاقات الأمريكية–الكندية، من المرجح أن يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تعزيز العلاقات الاستراتيجية والودية مع كندا؛ وذلك نظراً إلى ما تمثله كندا من أهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة؛ حيث إنها تعد ثاني أكبر شريك تجاري منفرد للولايات المتحدة بعد المكسيك؛ لذلك قد يُبقِي ترامب على العلاقات الودية مع كندا القائمة على المنفعة البحتة التي هي أساس سياسة ترامب مع أي دولة؛ وذلك من أجل مواجهة الهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات التي تعاني منها الولايات المتحدة، بجانب احتياج الولايات المتحدة إلى النفط الكندي والكثير من السلع والخدمات التي يحتاجها المستهلكون الأمريكيون.وختاماً، يمكن القول إن زيارة رئيس الوزراء الكندي إلى البيت الأبيض لم تستطع تذويب كل الخلافات بين البلدين في الكثير من القضايا الخلافية التي تشغلهما، وخاصةً فيما يخص ضم كندا إلى الولايات المتحدة، وإلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على كندا، بل إنها تستطيع الإبقاء على العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين مستمرةً؛ وذلك نظراً إلى وجود مصالح مشتركة بين الدولتين؛ حيث إن كندا لديها منفعة في أن تُبقِي علاقاتها جيدة مع الولايات المتحدة بهدف التعاون في مختلف المجالات، كما أن الولايات المتحدة ليس من مصلحتها تدهور العلاقات مع كندا؛ نظراً إلى أهميتها لها في الحصول على النفط وعلى الكثير من السلع والخدمات التي يحتاجها المستهلك الأمريكي.

تداعيات زيارة رئيس الوزراء الكندي إلى الولايات المتحدة على القضايا الخلافية