د. أحمد عبدالعليم حسن

لم يكن الجدل المُثار عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير 2025 تغيير تسمية "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا"، سوى أحد مظاهر النزاعات المرتبطة بين بعض الدول بالتسميات الجغرافية؛ إذ يتباين توظيف تلك الأسماء من جانب الدول للمناطق الجغرافية سواء البرية أو حتى البحرية في العلاقات الدولية في إطار تسييس التسميات الجغرافية (Toponymy)، وإقرارها في الخرائط التابعة لها. فالتسمية الجغرافية ليست مجرد تعبير عن مكان، وإنما هي تعبير عن القوة والسيطرة في التفاعلات الدولية، وبما قد يدعم المطالبات الإقليمية، أو يؤكد سيادة دولة في مواجهة دولة أخرى.

كيف تُؤجّج "التسميات الجغرافية" الصراعات الدولية؟

حروب الخرائط:

أوصت هيئة العلوم الدفاعية (DSB)، وهي لجنة استشارية اتحادية تقدم المشورة المستقلة إلى وزارة الدفاع الأمريكية، في مطلع سبتمبر 2024، بضرورة أن يعمل البنتاجون على التعامل بشكل استباقي مع الأزمات العالمية والصراعات المحتملة الناجمة عن التغيُّرات المناخية. ووفق التقرير الصادر عن الهيئة فإن التغُّيرات المناخية من شأنها إعادة تشكيل شؤون الدفاع والأمن عبر أقاليم العالم المختلفة، وبما يتطلب وجود استراتيجيات مرنة وفعّالة من جانب الدول للتعاطي معها من أجل تقليل الخسائر وتحجيم التحديات المحتملة.

كيف تؤثر التغيُّرات المناخية على الشؤون الدفاعية في العالم؟

تهديد الجيوش:

يطرح المشهد الدولي الراهن تساؤلاً جوهرياً حول قدرة النظام العالمي الذي تَشكّل عقب الحرب العالمية الثانية على الصمود والتماسك أمام موجات كُبرى وغير تقليدية من عدم الاستقرار، وصعود قوى تعديلية (Revisionist powers) تسعى إلى تغيير سمة النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب، وهذه القوى في خضم سعيها للتغيير لا تتوانى عن توظيف كل الأدوات المتاحة بما في ذلك العدوانية منها، وهو ما يمكن فهمه من منظور "الواقعية الهجومية" (Offensive Realism) الذي جادل من خلالها عالم السياسة الأمريكي الشهير "جون ميرشايمر" بأن فوضوية النظام الدولي تُولّد سلوكاً عدوانياً لدى بعض الدول في السياسة الدولية.

كيف يُعيد "الإرث التاريخي" تشكيل التفاعلات الدولية؟

Legacy Dilemma:

يُعيد تطوير تقنيات "أسراب المُسيّرات" المدعومة بالذكاء الاصطناعي تشكيل المفهوم الحالي للحروب في ضوء انخفاض تكلفتها وقدرة مئات منها على تشكيل تهديد وجودي للجيوش النظامية للدول، حيث إن الجيوش المتقدمة قادرة إلى حد كبير على صد مُسيّرات تعمل بشكل فردي، ولكن أسراب المُسيّرات التي يتم نشرها من أجل هدف معين في خضم المعارك العسكرية أو الصراعات القائمة تمثل تحدياً كبيراً للجيوش ولمفهوم الردع العسكري.

كيف تُغيّر أسراب المُسيّرات استراتيجيات الحروب الحديثة؟

Drone Swarms:

تمثل الدعوة الأوكرانية إلى انخراط مقاتلين أجانب في الحرب ضد روسيا، أمراً خطيراً، ولا تقتصر خطورته على كييف فحسب، بل تمتد إلى باقي القارة الأوروبية، خاصةً في ظل التوظيف المزدوج للمقاتلين الأجانب ووجود خبرة روسية في هذا الإطار، وبما يعكس تحوُّل أوكرانيا إلى ساحة للحرب الهجينة في المرحلة المقبلة. ومن جانب آخر، فإن استدعاء المقاتلين الأجانب للصراع قد فتح الباب واسعاً أمام تنامي أنشطة اليمين المتطرف في أوروبا، ومحاولة تجنيد الموالين لهم في الحرب، وما يرتبط بذلك من إمكانية تحول أوكرانيا إلى ساحة لنقل الأيديولوجيات المتطرفة والأكثر تطرفاً، جنباً إلى جنب مع احتمالية ارتفاع تكلفة الصراع بقدر كبير في المستقبل القريب.

تداعيات الانخراط المتزايد للمقاتلين الأجانب في الحرب الأوكرانية

الميليشيات الأوروبية:

ترتبط التطورات المتعلقة بالأزمة الأوكرانية ارتباطاً وثيقاً بمنطقة الشرق الأوسط، خاصةً على المستوى الجيواستراتيجي، في ظل ترقُّب دول المنطقة لمدى جدوى السياسات الأمريكية في احتواء خطر وجودي متعلق بحليف مهم مثل كييف، وما يمكن أن يرتبط بذلك من استنساخ لتجارب مماثلة في منطقة الشرق الأوسط؛ إذ يمثل النموذج الأوكراني اختباراً حقيقيّاً لمدى كفاءة الولايات المتحدة في قيادة النظام العالمي الحالي، وفي إمكانية الحفاظ على تحالفاتها في منطقة الشرق الأوسط، في خضم حالة من التشكُّك من جانب بعض الدول في الرهان الكامل على الحليف الأمريكي في المستقبل القريب.

ما التداعيات الجيواستراتيجية للأزمة الأوكرانية على الشرق الأوسط؟

مساومة الخصوم:

بعد مرور ما يزيد عن عقد كامل، تبدو عملية الانتقال السياسي في ليبيا بعيدةً عن الحسم واستعادة الاستقرار والأمن في عام 2022، رغم تتابع جولات التفاوض والوساطات الدولية والإقليمية، ووضع ترتيبات لعودة المؤسسات الرئيسية في الدولة. وتظل الملفات الرئيسية عصيةً على التسوية في ظل التباينات حول ترتيبات السلطة وشرعية الفاعلين، واستمرار الاضطرابات الداخلية والاحتقان بين مختلف الأطراف، بالإضافة إلى تفكك المشهد السياسي الليبي على أسس محلية وقبَلية تزيد من تعثر التفاوض حول مستقبل ليبيا وعودة الدولة الليبية الموحدة.

التوقعات المحتملة للمشهد الليبي خلال عام 2022

الحسم المؤجل:

تزايدت حدة التصعيد بين كلٍّ من إسرائيل وإيران في الآونة الأخيرة؛ إذ انتقلت المواجهة بين البلدين من "معركة السفن" عبر تصعيد كل منهما ضد الأخرى في المناطق البحرية، إلى "الاستهداف عن بُعد" عبر قيام كل منهما باستهداف الأخرى في أراضي دولة ثالثة، وهو أمر إن كان شائعاً على الأراضي السورية باعتبارها ساحةً ملتهبةً تجمع الدولتين، وتتعامل فيها تل أبيب بقلقٍ بالغٍ مع أي تموضعٍ إيرانيٍّ قرب حدودها، إلا أن هناك مؤشراتٍ متعددةً على امتداد استراتيجية "الاستهداف عن بُعد" إلى أقاليم العالم المختلفة، وعدم اقتصار ذلك على منطقة الشرق الأوسط فحسب.

كيف تنقل إيران وإسرائيل المواجهات العسكرية لـ "دول ثالثة"؟

الاستهداف عن بُعد:

فرضت الطائرات المُسيَّرة نفسَها بوضوح على مسارح العمليات العسكرية حول العالم خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت واسعة الانتشار بقدر كبير، سواء بين الدول أو حتى بين الفاعلين المسلحين من غير الدول، خاصةً في ظل ما توفره تلك الطائرات من مزايا عسكرية متعددة، سواء من خلال جمع المعلومات الاستخبارية والاستطلاع، أو حتى من خلال توظيفها في عمليات عسكرية هجومية، وهو ما حدا بالعديد من الدول إلى تعزيز الاهتمام بالتقنيات المتعلقة بمكافحة هذا النوع من الطائرات؛ لتحقيق الردع الكافي في أي حروب مستقبلية، وهو ما قد ينعكس بنسبة كبيرة على الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً في ظل توظيف الطائرات المُسيَّرة من جانب بعض الميليشيات والتنظيمات الإرهابية.

د. أحمد عبدالعليم حسن

د. أحمد عبدالعليم حسن

متجر MIR

الأكثر مشاهدة